الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

الأخبار

«خضار الدمار الشامل».. زُرع فى الدلتا.. والرى من مجارينا

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
حتى الخضار.. طاله الدمار، يا ساتر المرض يطارد المصرى فى الدلتا، زراعات مصر تُروى بمياه الصرف الصحى الهالكة والمسببة للسرطان القاتل، أراضى أكثر من ٣ محافظات بؤرة خطرة، رى آلاف الأفدنة بها يعتمد على هذا النوع من المياه الملوثة، حجة الفلاح «نقص المياه»، فى حين يؤكد خبراء أن المبرر غير مقبول، وأن الرى للزراعات والمحاصيل باستخدام مياه الصرف الصحى غير المعالجة خطر بالغ ويسبب مشاكل فى الكلى، ويضرب الجسم بالأمراض القاتلة...
الأزمة بحسب المعلومات قديمة وتمتد إلى زمن مبارك، وبحسب تقرير رسمى صدر عن وزارة البيئة عام ٢٠١٦، ذكر أن تركيز المواد العضوية قد تجاوز الحد المسموح به (٦ ملجم/لتر) فى جميع قنوات الرى.
ورصدت التقارير أن متوسط تركيزات الأمونيا فى معظم نقاط الرصد فى قنوات الدلتا قد تجاوز الحدود المسموح بها، وأن عدد خلايا البكتيريا القولونية يتجاوز الحدود الآمنة (١.٠٠٠ خلية لكل ١٠٠ ملليمتر) التى تحددها منظمة الصحة العالمية.
العام قبل الماضى ٢٠١٦ وفى محافظة الغربية لجأ الفلاحون لرى الأراضى بمياه «الصرف الصحي» بعد عجزهم عن توفير المياه، خاصة فى مراكز السنطة وسمنود وزفتى وقطور، وفى القليوبية نجد قيام عدد كبير من المزارعين باستخدام مياه الصرف الصحى فى عمليات رى أراضيهم الزراعية من خضراوات ومحاصيل زراعية وحدائق موالح، حيث لم تسلم هذه القرى من مخاطر مكامير الفحم الواقعة على هذه المصارف، بل وزاد الطين بلة قيام سيارات الكسح بإلقاء حمولتها فى المصرف، ويقوم المزارعون برى أراضيهم منه ما يعرض ملايين المواطنين للإصابة بالفيروسات الكبدية والفشل الكبدى وغيرها من الأمراض الفتاكة، والصورة تتكرر وتتزايد فى الشرقية والمنوفية والدقهلية دون رقابة.
هنا يحذر الدكتور هشام المتولى أستاذ الاقتصاد الزراعى، من خطورة تزايد الظاهرة واستخدام مياه الصرف الصحى غير المعالج فى رى بعض المحاصيل الزراعية، لافتا إلى أنه نتيجة أزمة نقص المياه العزبة بسبب دورة الجفاف فى الهضبة الإثيوبية تأتى المياه إلينا دون المعدل، وهو ما يعنى اللجوء إلى سحب مياه من بحيرة السد العالى من أجل الكفاية، مؤكدا أن الفلاحين لا تصلهم المياه بصورة جيدة، وهناك مناطق عديدة تروى بالصرف، وبخاصة خلال فصل الصيف وهو ما برز فى محصول الأرز العام الماضى وداخل العديد من الأماكن الزراعية.
ورجح المتولى أنه قد يكون لاستخدام مياه الصرف الصحى فى الزراعة دور وعامل من أسباب إرجاع منتجاتنا الزراعية إلينا مرة أخرى خوفا من جودتها، كما فعلت الولايات المتحدة الأمريكية مع الفراولة وتلاها ٦ دول أخرى أعادت منتجاتنا.
ولفت إلى أن استخدم مياه الصرف فى الزراعة يسهم فى إحداث سمعة سيئة على الصادرات الزراعية المصرية، لافتا إلى أن تلك الزراعات التى تستخدم مياه الصرف يكون لها أضرار خطيرة لوجود مواد سمية ومعادن ثقيلة داخلها، كما أن التربة تحتفظ بالمعادن الثقيلة وتصبح غير صالحة فى المدى البعيد للزراعة وتكون ملوثة للثمار وتسبب أضرار صحية كبيرة، لافتا إلى أن هناك أضرارا أخرى على الفلاحين.
وتوقع أن تزيد الظاهرة مع تشغيل سد النهضة خلال الأيام المقبلة، وهو ما يعنى أن الفلاح سيلجأ لمياه الصرف لرى زراعته، أكد المتولى أن الحلول تتمثل فى أن تتجه الدولة إلى ضخ استثمارات فى مجال معالجة مياه الصرف الصحى وتحلية مياه البحر، وهو أمر صعب فى ظل ارتفاع تكاليف تحلية مياه البحر وتحلية مياه الصرف؛ حيث تبلغ تكلفة مياه الصرف الصحى حوالى ١٥٠ قرشا للمتر، بينما تحلية مياه البحر يصل سعر المتر ما يصل إلى جنيهات إلى جنيهين ونصف، ولفت إلى ضرورة الشروع فى وضع خطط عاجلة وسريعة من أجل احتواء الأزمة والمساهمة فى تنقية مياه الصرف وبناء محطات تحلية المياه.
وقالت الدكتورة حسناء المنصورى، أستاذ المبيدات بكلية الزراعة، أن الأراضى التى تروى بالصرف الصحى بها عناصر ثقيلة مثل الكادميوم والزئبق، وهى عناصر موجودة بمستويات عالية، ويكون لها تأثير كبير على الإنسان، مشيرا إلى أن مياه الصرف تدخل إلى التربة وتتوقف على الثمار.
وأضافت أن تلك العناصر الثقيلة تسبب مشاكل صحية كبيرة جدا على صحة الإنسان لتأثيرها على الكلى والكبد؛ لأنه يمتص السموم وتُختزن به حيث يصاب الفرد بالميكروبات والبكتيريا الخطيرة، لافتا إلى أن الأمر يرجع إلى إرادة الفلاح وضميره، فهو الذى يكون مسئولاً عن استخدام تلك المياه ورى المحاصيل الزراعية بها رغم خطورتها، مؤكدا أن الفلاح يخاف على عدم رى المحصول الخاص به نتيجة شح المياه وعدم توفرها بصورة مناسبة ما يجعله يلجأ إلى ذلك الأسلوب الخبيث.