الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

حوارات

مساعد وزير الخارجية الأسبق: سد النهضة أصبح أمرًا واقعًا.. أمننا المائي خط أحمر.. ولن ندخل حربًا بسببه.. نملك أوراق ضغط كثيرة.. و"حلايب" أرض مصرية خالصة لا يمكن التفريط فيها

السفيره منى عمر
السفيره منى عمر
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
أكدت أن علاقة مصر بالأشقاء الأفارقة قوية جدًا، وأنها لم تتخل عن وجودها فى أفريقيا فى أى وقت من الأوقات، وأن كل ما يقال فى هذا الشأن محض افتراءات، خاصة أن الإجراءات التى تمت فى هذا الملف منذ 2014 تؤكد أن الوجود قائم ولكنه لم يكن مفعلًا كما هو الآن.
كما كشفت السفيرة منى عمر، مساعد وزير الخارجية الأسبق للشئون الأفريقية فى حوارها لـ«البوابة»، أن ملفى سد النهضة والتوتر المصرى السوداني، من الملفات المهمة والشائكة والمعقدة لكنها لم تؤثر على علاقات الشعوب مع بعضها، ولكنها خلافات على مستوى الحكومات، مؤكدة أن مصر دولة ذات سيادة لم ولن تفرط فى شبر من أراضيها ولن تسمح بالإضرار بأمنها المائي، كذلك لن تسمح أبدًا بتشتت علاقاتها بالقارة السمراء تحت أى ظرف.. وإلى نص الحوار:

كيف وصلت مصر إلى العمق الأفريقى فى عهد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر ؟
- فترة الرئيس جمال عبدالناصر كانت مختلفة؛ وفقا للظروف المحيطة بالقارة الأفريقية وقتها؛ حيث إن معظم الدول كانت مستعمرة، وفى مرحلة التحرر من الاستعمار؛ وكان الدور المصرى فى دعم حركات التحرر بارزًا جدًا؛ ومن هنا تعمقت العلاقات المصرية الأفريقية.
■ هل فقدنا التواصل مع القارة السمراء؟
- نحن لم نفقد أبدًا التواصل مع القارة السمراء؛ وأنا ضد هذا الطرح تمامًا؛ وأرى أنه محض افتراء على السياسة الخارجية المصرية التى دائمًا ما تضع الدول الأفريقية ضمن أولوياتها. 
وأؤكد أننا ما زلنا حتى اليوم أصحاب علاقات متينة للغاية مع الدول الأفريقية كافة، كما أن حادثة أديس أبابا لم تؤثر على العلاقات المصرية الأفريقية؛ كل ما فى الأمر أن الرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك ابتعد وقتها عن المشاركة بنفسه فى أى فعاليات أفريقية مثل: «اجتماعات القمة والزيارات الثنائية»، لكن بشكل عام كانت العلاقات قائمة على المستويات كافة: «خارجية وتعاون دولى وزراعة وصناعة» وغيرها؛ فكل الجهات الرسمية فى الدولة المصرية استمرت فى تواصلها مع الدول الأفريقية؛ فقط كانت هناك مخاوف أمنية لدى الرئيس الأسبق مبارك. 

■ الرئيس السيسى أجرى ١١٢ لقاء أفريقيًا فى عام واحد منذ توليه حكم مصر؛ هل هذا يرسخ علاقات مصر مع أفريقيا؟
- أنا سعيدة بهذا الكم من اللقاءات؛ لأننا كشعوب أفريقية نحتاج لمثل ذلك التواصل على الصعيدين الشخصى والإنسانى لأن هذا سيسهم فى تغيير أشياء كثيرة للغاية. 
لكن ما يهمنى عمليًا؛ هو ضرورة عمل الجهات الحكومية كافة على متابعة نتائج مثل تلك اللقاءات وتكليلها بأفعال وآفاق تواصل حقيقية على أرض الواقع.
■ لكن ماذا عن دورنا فى منظمة الاتحاد الأفريقى؟
- مصر دولة لها دور مهم ومؤثر جدًا فى أى مجال تتواجد فيه؛ نحن دولة نمتلك كفاءات لا حصر لها؛ ولدينا خبرات دبلوماسية كبيرة؛ ساهمت وستسهم فى تنشيط العمل بالمنظمة.
■ الآن.. كيف ترين التوتر فى العلاقات مع الشقيقة السودان؟
- على المستوى الشعبي؛ العلاقات جيدة جدًا بين المصريين والسودانيين؛ ولا يوجد أى تأثر بأى أزمات مفتعلة حدثت خلال الفترة الماضية. 
وأرى أنه قد يكون هناك بعض الشوائب التى وترت العلاقات المصرية السودانية دبلوماسيًا؛ لكن مثل تلك الشوائب سيتم التغلب عليها خلال فترة قصيرة؛ حيث إن الشقيقتين لا يمكنهما أن يفترقا نهائيًا؛ وهذا أمر غير واقعى ولا يمكن أبدًا أن يحدث. 

■ وماذا عن سياسة السودان تجاه مصر؛ هل بالفعل هناك افتعال أزمات؟
- الواقع يشير إلى افتعال أزمات من قبل الطرف السوداني؛ خاصة أن كل المشكلات المطروحة ـ عفي عليها الزمن ـ كأزمة حلايب وشلاتين على سبيل المثال؛ وهى أزمة قديمة تم الفصل فيها نهائيًا منذ أعوام كثيرة.
وأجد أنه من المحتمل أن تكون هناك أسباب خارجية تدفع السودان لفتح تلك الملفات مرة أخرى؛ لكننى على يقين من أن السودان ستعى أن العلاقة مع مصر هى الأساس وستنتهى مثل تلك الأزمات فى أقرب وقت؛ خاصة أن مصر حريصة للغاية على ألا تستجيب لمثل تلك الافتعالات. 
■ هل دولة السودان تخلت عن مصر؟
- السودان لا يمكن أن تتخلى عن مصر؛ وفى المقابل مصر لا يمكنها أبدًا التخلى عن الشقيقة السودان؛ العلاقات المصرية السودانية أكبر وأعمق من أى أزمات. 
■ هل من الممكن أن نخسر «حلايب»؟
- حلايب أرض مصرية خالصة؛ مستحيل أن يتم خسارتها فى يوم من الأيام.
■ وماذا عن تنازل السودان عن جزيرة «سواكن» لتركيا؟
- لا أستوعب على الإطلاق فكرة أن تقوم دولة السودان وهى دولة ذات سيادة؛ بالتنازل عن جزءٍ من سيادتها لدولة أجنبية؛ بمبرر التنمية. 
■ كيف نرسخ فكرة أن مصر لم تفكر فى الاعتداء على الأشقاء؟
- مصر لم ولن تكن أبدًا دولة معتدية؛ والرئيس السيسى كرر مرارًا وتكرارًا أن مصر لن تتعامل مع الأشقاء إلا عن طريق التعاون والتفاهم والتفاوض؛ ولا أى سبيل لأى عداوة أيا كان حجم الأزمات. 

■ كيف نرد على مزاعم دعم مصر للجبهات المعارضة فى الدول الأفريقية ؟
- هذا الكلام غير حقيقى بالمرة، فنحن لا نتدخل فى الشئون الخارجية للدول الأخرى نهائيًا، لم ولن يحدث، والسياسة المصرية لا تدعم أى جبهات معارضة ضد حكومات.
■ هل يمكننا أن نتوقع أن تقوم حرب مياه؟
- لا أتوقع أن تدخل مصر خلال الفترة القادمة، حيث إن السياسة المصرية المتبعة حاليًا قائمة على حسن الجوار والتفاهم والتعاون، كما أننا لا نتمنى أن يحدث هذا أبدًا، وهو أمر مستبعد.
■ كيف يمكن التعامل مع ملف سد النهضة فى الفترة الحالية؟
- سد النهضة أصبح أمرًا واقعًا، لذا يجب علينا البدء فى النظر إلى الأمر بشكل عملي، ونهر النيل مياهه تكفى الدول كافة، ومن هنا يجب على الجميع التعاون من أجل حسن استغلاله.
وبالنسبة لمصر، الحل يكمن فى البحث عن موارد مياه أخرى واستغلالها الاستغلال الأمثل، وعدم الوقوف عند ملف السد فقط، نحن لابد أن نخطط وننسق ونعمل على استغلال مواردنا المائية كافة، نهر النيل ليس المورد الوحيد للمياه فى مصر، وواقعيًا نحن تحت خط الفقر المائى حتى بوجود حصتنا كاملة من مياه النيل.
■ وزير الرى أعلن فشل المفاوضات الفنية بخصوص السد، والخارجية صدقت، هل حاليًا التفاوض على سنوات الملء كافية؟
- نحن لم نتطرق حتى تلك اللحظة إلى نقطة التفاوض على سنوات الملء، وصدر التقرير الاستهلالى من المكتب الاستشارى المنوط به إجراء الدراسات الفنية، وحدث الخلاف عليه، لذا اقترحت مصر دخول البنك الدولى كطرف محايد ولديه خبرة كبيرة، وحال قبول المقترح، أتمنى أن تستأنف المفاوضات الفنية مرة أخرى، ويستأنف المكتب الاستشارى إعداد تقريره، وحال تأكيد الضرر على مصر هنا الأمر سيختلف تمامًا.
■ وماذا لو لم تلتزم إثيوبيا حال ثبوت الضرر على مصر؟
- هناك إعلان مبادئ بين مصر وإثيوبيا والسودان حول مشروع سد النهضة تم توقيعه رسميًا من قبل الدول الثلاث، ويتضمن ١٠ مبادئ تلتزم بها الدول التزامًا تامًا وإلا ستتعرض لطائلة القانون الدولي.
وأوكد أننا نملك وثائق ومستندات تكفى تمامًا لإثبات كل حقوقنا أمام العالم.

■ البنك الدولى كان قد رفض تمويل مشروع سد النهضة لعدم توافر سبل الأمان، هل لدينا وثائق؟
- البنك الدولى لم يتدخل فى مشروع سد النهضة، نتيجة للجهود الدبلوماسية المصرية المبذولة وقتها، نحن اقنعنا المسئولين وقتها أن التدخل فى نزاع على مياه النيل لن يكن مناسبًا، ونملك كل أدواتنا لتأكيد ذلك.
* وماذا عن زيارة رئيس إريتريا الأخيرة للقاهرة والقلق السودانى والإثيوبي؟
- نحن من حقنا كدولة أن نتعاون مع الدول الأفريقية كافة، وإرتيريا علاقتنا بها تاريخية، ليست وليدة هذا الوقت، وأى قلق سواء من الطرف السودانى أو الطرف الإثيوبى لا داعي منه.
■ ماذا عن أوراق الضغط التى تملكها مصر ومن الممكن استخدامها فى عرقلة مشروع سد النهضة؟
- لدينا أوراق ضغط كثيرة جدًا جدًا، يمكن استخدامها لصالحنا فى أى وقت، لكن نحن لن نستخدمها إلا إذا استدعى الأمر، حيث إن مصر مصرة تمامًا على أن يتم الحل بشكل تفاوضى وتراضٍ بين كل الأطراف.
■ تحدثتِ سابقًا عن أن هناك عقبات فى تمويل سد النهضة، ونجاح مصر فى عرقلة تمويل بعض الدول الصديقة للمشروع.. ما صحة ذلك؟ 
- انتشرت أخبار كثيرة عن قيام عدد من الدول العربية الصديقة بتمويل سد النهضة، لكن هذا غير حقيقي، وما أعلمه أن تمويل السد إثيوبى ولا علاقة لأى دولة عربية بتمويله.
وعاصرت بنفسى قيام الإثيوبيين بجولات فى كل أنحاء العالم، لمخاطبة الجاليات الإثيوبية هناك للتعاون من أجل تمويل بناء سد النهضة، بالإضافة إلى العديد من المساعي، المشابهة لتمويل خالص لبناء السد.
■ هناك مخطط إسرائيلى للإضرار بالأمن المائى بـ«القارة الأفريقية».. سبق وان صرحت بذلك.. هل تملكين أدلة على ذلك؟
- لم أقل هذا التصريح نهائيًا، هو عارٍ تمامًا من الصحة، حتى ما يتردد بشأن وجود وثائق تؤكد أن إسرائيل تمول سد النهضة، غير حقيقي، حيث أنه لا توجد وثيقة واحدة حتى الآن تثبت ذلك.

■ البعض يقول إن مصر لو كانت اتبعت مسارًا سياسيًا خالصًا فى أزمة سد النهضة كان من الممكن ايقاف البناء.. فماذا عن رأيك؟
- رأى الشخصى أن المفاوضات «حرفة ومهارة» وأن الموضوع كان من الضرورى أن يتم بشكل سياسى مدعوم بمسار فني، بمعنى أن وزارة الرى تكون أهم جزء فى المفاوضات، ولكن من يتولى عملية المفاوضات نفسها دبلوماسيون «مختصين».
■ هل المسار الفنى حقق المرجو؟
- المسار الفنى من الممكن أن يكون داعمًا، لكن لا يمكن أن يكون القائد.
■ هل البنك الدولى ملزم لكل أطراف القضية؟
- البنك الدولى ليس طرفًا ملزمًا لأى دولة من الدول الثلاث، ورأيه فنى «رأى خبير» ليس أكثر، لكنه ليس إلزاميًا لأى طرف.
■ ماذا عن المقترح الخاص بإنشاء «تحالف دول البحر الأحمر» وما مصيره؟
-هذا المقترح من أهم المقترحات الحالية، حيث إن أمن البحر الأحمر أصبح موضوعًا حيويًا جدًا جدًا خاصة بعد تواجد بعض القوى الأجنبية بالدول العربية، وهذا يجعل أمن البحر الأحمر مهددًا، لذا نحتاج إلى نوع من التحالف يساعد على التنمية والتعاون والتنسيق بين الدول.
نملك أوراق ضغط كثيرة.. لكننا مصرون على التفاوض.. و«حلايب» أرض مصرية خالصة لا يمكن التفريط فيها.