الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

المئوية.. وأنسنة الزعيم! "2"

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
توجهت إلى اللواء حسن صنديد، رئيس هيئة الميناء، للحصول على شهادة ميلاد الزعيم الراحل جمال عبدالناصر وقد تفضل رغم مشاغله باستقبالى وتصور أننى سأطلب منه تفاصيل آلية العمل بالميناء، وفوجئ بطلبى هذا فرد قائلًا.. أنت عاوز تودينى فى داهية؟! أنا صفتى إيه أتكلم عن رئيس الدولة، وطرح هذا السؤال وأخذ يتفرس ويقرأ على وجهى رد الفعل، فقلت له هو لما تقول إنك «زميل تخته» هو عيب أو جريمة فى حق الرئيس، هو أنت لما تقول إنك دفعته فى الكلية الحربية.. دا سر حربي.. هو لما تقول إنك حاربت كأحد نجوم سلاح الإشارة.. إيه المحاذير فيها.. فرد قائلًا أنا معلوماتى أن الجوانب الشخصية غير مسموح لأحد الحديث عنها، وقال إن المعلومات الأسرية يختص بالحديث عنها الأستاذ الليثى عبدالناصر، حتى إن والد الرئيس الحاج عبدالناصر حينما حاول عدد كبير من الصحفيين الحصول منه على أحاديث كان رده.. روح لليثي! وقلت له إننى بحثت عن إجابة على سؤال هل هناك فعلًا تعليمات رسمية بذلك فوجدت أنها أقوال مرسلة ليس لها أصل رسمى سيادى أو رسمي.. وقد تحالف أصحاب مثل هذه التوجيهات مع الرغبة فى فرض السلطة وكونوا هذه السبيكة التى تعزل الحاكم عن شعبه.. وهذا يجعلنى أن أقول كلمة فى حقه لإنصاف البيروقراطية التى حفظت لنا أوراق الملتزمين ومشايخ البلد فى زمن المماليك وهى معرفة تاريخية لاتقدر بثمن، لذلك أعترف بفشلى فى الحصول على مستخرج من شهادة ميلاد الإنسان جمال عبدالناصر، وعندما عاتبت فى مناسبة لاحقة تلك الشخصية الأمنية التى أبلغتنى الرفض رد قائلًا.. اليوم تحصل على شهادة الميلاد.. بكرة تدور على صورة رسمية لعقد قرانه وشهادة من المرور ببيانات العربة (الأوستن) وصورة رسمية لعقد إيجار مسكنه وصورة عقد تركيب التليفون وعقد النور والمياه وبيان بأجرة البواب؟! قلت له ما هو الجرم الذى سأرتكبه لاستكمال تفاصيل حياة هذه الشخصية.. فرد قائلًا بجد.. ورينى شطارتك؟! وتركت هذا الموضوع، وجاءت تباشير المئوية فسألت أخى الأصغر عادل عبدالناصر حسين بحكم ثقافته التاريخية عن إمكانية الحصول على هذه الوثيقة فرد بهدوء قائلًا.. ليس هذا قرارى فهو حق أصيل أولًا للأسرة مجتمعة وعميدها الحالى اللواء بحرى رفيق عبدالناصر الذى حل محل الأستاذ شوقى عبدالناصر، وبصفة أصلية للدكتورة هدى جمال عبدالناصر فهى أستاذة وباحثة ونشرت وثائق حول خطابات الرئيس والخطابات المتبادلة مع الوالد فى أدق الأسرار العائلية ولايمكن، باعتبارها باحثة ومنهجية لها قدرها فى المحافل العلمية بجهدها وتحقيقها لأى مخطوط، هذا الاعتذار اللبق جعلنى أصرف النظر عن هذه الرؤية فى تناول جوانب حياة الزعيم عبدالناصر الخصبة على قصرها.. الثرية فى أحداثها، ومواقفه وصلابته، وتنوعها، وبداية دخول مدرسة العطارين الإبتدائية، وزامل فيها الدكتور محمد عبدالقادر حاتم أبوالإعلام المصرى، وتفرق الاثنان فى المرحلة الثانوية.. التحق الدكتور حاتم بمدرسة العباسية الثانوية بمحرم بك، والتى تحولت إلى مبنى كلية العلوم ،والتى شهدت افتتاح جامعة «فاروق»، وقد تخرج فى هذه المدرسة العريقة ثلاثة من رؤساء وزراء مصر، وهم: محمد عبدالقادر حاتم والدكتور عبدالعزيز حجازى وممدوح سالم، ومن رموز القلم أستاذى الكبير محسن محمد والغريب أن مدرسة العباسية كانت قريبة من مسكن جمال عبدالناصر إلا أنه التحق بمدرسة رأس التين القريبة من مسكن عبدالقادر حاتم ،والتحق حسن إبراهيم نائب الرئيس الطيار بمدرسة العزيزية بمحرم بك.. وأكمل الرئيس رحلته العلمية بالقاهرة، واندمج فى مجتمع العاصمة، وكان يزور والده بشارع الإسكندرانى، والذى يبعد خطوات عن المقر الرئيسى الأول للإخوان المسلمين.. ومجموعة أصدقائه فى الإسكندرية من الثوريين أبرزهم الأستاذ النائب إبراهيم طلعت، الذى كان قبل الجناح الثورى داخل حزب الوفد، واتهم بإلقاء القنابل على معسكرات الإنجليز، وداخل قفص الاتهام نبض قلبه بالحب مع إحدى المتهمات فى القضية، فاختارها رفيقة عمره وتزوجها، وأنجب ابنه مصطفى، المحامى الشهير بالإسكندرية فى ساحة حقوق الإنسان، وكان صديقًا للرئيس الذى كان يدعمه فى المعركة الانتخابية، وبعد نجاح الثورة ألقى القبض على إبراهيم طلعت بالخطأ وتعريفًا لهذه القيمة أصدر الرئيس جمال عبدالناصر بيانًا ثوريًا رسميًا من مجلس قيادة الثورة يعتذر فيه عن هذا الإجراء ضد الأستاذ إبراهيم طلعت ،وهى المرة الأولى والأخيرة التى اعتذر فيها جمال عبدالناصر لشخص، ومن أصدقائه أيضًا الدكتور رشوان فهمى، أول رئيس لنادى أعضاء هيئة التدريس بجامعة فاروق، وصاحب أول برقية تأييد (للحكومة المباركة) ،والغريب أن جمال عبدالناصر زاره فى أوائل يوليو كزيارة توديع ربما لا يلتقيان إذا فشلت الثورة، واستضافه رشوان فهمى وعدد من الأصدقاء من بينهم الدكتور محيى الدين الخرادلى، والد الزميلة الراحلة أفكار الخرادلى ، وتحدث الجميع عن الأوضاع السيئة فى البلاد، وكانت هذه الجلسة فى غرفة فى منزل رشوان فهمى، والتى كان يطلق عليها (غرفة مص القصب) حيث كان يجهز (لبشة) من القصب الصعيدى لإصدقائه، حيث إن ثقافة دعوات الطعام العشاء أو الغداء لم تكن قد انتشرت، خاصة أن رشوان فهمى أعزب.
أما الصداقة الحميمة فكانت مع أخيه الروحى المستشار حسن النشار وشقيق الرضاعة الدكتور على سامى النشار، المفكر والفيلسوف الشهير، وكان الرئيس ينادى والدته بلقب (ياماما) والدكتور النشار، وهو الطالب النجيب للشيخ على عبدالرازق والأمام الأكبر الشيخ مصطفى عبدالرازق وهو من أوائل الذين نبهوا الثورة لأهمية الأزهر، وهو الذى وضع الخطوط العريضة للكتاب (فلسفة الثورة) وليس الأستاذ محمد حسنين هيكل، وهذا العمل أثار عند الدكتور النشار زوابع من الدسائس ضده، مما أضطر الرئيس عبدالناصر أن يطلب إليه السفر إلى إسبانيا، واستطاع هناك أن يؤسس المركز الإسلامى المصرى الحضارى فى مدريد، وعاونه على هذه المهمة الأستاذ أحمد هيكل الذى أصبح وزيرًا للثقافة فى أوائل الثمانينيات وبدأ المقربون من جمال عبدالناصر يتعرضون لمثل هذه الفتن، وقد روى لى الأستاذ الليثى عبدالناصر إن مجلس قيادة الثورة برئاسة اللواء محمد نجيب عقد جلسة خاصة لبحث ما سمى وقتها تجاوزات الليثى عبدالناصر فى الإسكندرية، رغم أن جميع أعضاء مجلس الثورة يعلمون أن الرئيس جمال عبدالناصر قد استدعاه هو والأستاذ شوقى عبدالناصر للإقامة عنده فى منزله قبل قيام الثورة بساعات، وفاتحهما فى الأمر وأوصاهما بزوجته السيدة الجليلة تحية كاظم وأبنائه الأطفال، وأعطاهما مبلغًا من المال، وأبلغهما أنه إذا شوهد قرب منتصف الليل تحرك المدرعات (سلاح الفرسان وقتها) بقيادة البكباشى ثروت عكاشة فهذه إشارة نجاح الحركة وإذا تأخر التحرك أو لم يحدث، ويجب على الفور اللجوء إلى محامى ومن بين المرشحين إبراهيم طلعت الذى كان نائبًا عن منطقة كرموز فى ذلك الوقت.