الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

إيناس عبدالدايم.. قائمة مطالب لا تنتهى...!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
أكاد أجزم أن شبكة العنكبوت التى نسجها الروتين والبيروقراطية فى وزارة الثقافة، وشأنها فى ذلك شأن باقى مؤسسات وأجهزة الدولة، هى السبب الرئيسى فى عدم قدرة وزير الثقافة السابق حلمى النمنم على إنجاز كل ما كان يحلم به ويتمناه لواقع ومستقبل الثقافة فى مصر.
«النمنم» وبحكم تكوينه كصحفى دخل الوزارة ولديه رؤية نقدية لأوضاعها وأسلوب إدارتها للحياة الثقافية المصرية، لكن عدم خبرته بتفاصيل ودهاليز البيروقراطية، جعلته كمن دخل أرض التيه، لذلك لا يمكن لومه على تقصير أو عتابه على محدودية إنجاز، وهو مقدر لما واجهه من صعوابات وتحديات، أهمها على الإطلاق قيود الوظيفة وروتين الموظفين، وضعف الميزانية والإمكانيات.
إيناس عبدالدايم، أشهر عازفة فلوت ليس فى مصر وحدها وإنما فى الشرق الأوسط، وواحدة من الفنانين المعدودين فى العالم، ربما تكون أوفر حظا من سلفها الكاتب الصحفى والمثقف الكبير حلمى النمنم، كونها ابنة وزارة الثقافة، ولها خبرة كبيرة فى أسلوب إدارة شئونها، ومعرفة طبيعة البيروقراطية بها.
وقد عبر عن ذلك بوضوح الوزير الفنان فاروق حسنى فى أول تعليق له على اختيار «عبدالدايم» وزيرة للثقافة، حيث قال، إن اختيار ايناس عبدالدايم يؤكد سلامة آلية الانتقاء، لأنها تجمع بين الإبداع والمعرفة، وبين كونها ابنة الوزارة.
تلك الشهادة التى صدرت عن أهم وأنجح وزراء الثقافة، تضع إيناس عبدالدايم، أمام تحد كبير وصعب وتفرض عليها مهمة تفكيك شبكة العنكبوت التى قيدت سلفها، والبحث بجدية عن وسائل لدعم وتمويل أنشطة الوزارة، ووضع استراتيجية وطنية لإدارة واقعنا الثقافى ورسم ملامح مستقبله.
الجميع بات متأكدا أن تراجع الطلب على الثقافة، أحد الأسباب الرئيسية لشيوع التطرف والإرهاب وأنماط السلوك العنيف التى نعايشها فى الشارع المصرى، ومع ذلك مهمة الوزيرة الجديدة سهلة بقدر ما تواجهه من صعوبات.
أما السهل، فهو أن عودة المصريين لفضيلة القراءة والاطلاع وممارستهم لكل أشكال الثقافة والفنون، يخلصهم ولو تدريجيا من الفكر المتطرف الذى غذته ما تعرف بتيارات الإسلام السياسى بكل تنويعاتها، ويعيد للمجتمع قيم التسامح وقبول الآخر، بل ويؤهله لممارسة الديموقراطية الصحيحة، ويفتح آفاق عقولهم ووجدانهم على نحو يدعم قيم المشاركة السياسية والاجتماعية، إذ لا يمكن فصل ضعف الحياة السياسية وتدهور أوضاع المجتمع المدنى بعيدا عن الواقع الثقافى. قراءة كتاب والقدرة على الاستمتاع بالموسيقى والغناء والفن التشكيلى، هو الخطوة الأولى لدفع الإنسان للمشاركة سواء فى الكيانات السياسية أو المجتمعية بشكل فعال وواع.
وكى يتحقق كل ذلك، على الوزيرة أن تعيد النظر فى أسلوب عمل قصور الثقافة والمسارح التابعة للدولة ومنهج تعامل الوزارة مع الأشكال والأساليب والكيانات التى أبدعها الشباب فى السنوات الأخيرة لممارسة الثقافة والفنون، والتى تجسدت فيما عرف بفرق المسرح أو الغناء الحر والسينما المستقلة، وما إلى ذلك من أشكال وكيانات بعضها مؤطر داخل جمعيات ومؤسسات أهلية وبعضها الآخر لا يخضع لأى جهة إشرافية ويأخذ شكل مجموعات شبابية تعمل بشكل مستقل. وبالطبع يأتى الكتاب فى القلب من كل ذلك، وجميعنا لا يزال يحتفظ فى منزله بما أنتجه مشروع مكتبة الأسرة ومازلنا نتذكر مهرجان القراءة للجميع، ومطلوب من الوزيرة الفنانة إيناس عبدالدايم البحث عن آليات مماثلة لإتاحة الكتاب بأسعار زهيدة وبأسلوب يدفع الشباب إلى القراءة.
الوزيرة، مطالبة أيضا بألا تنسى المصريين من ذوى الإعاقة لينالوا حظهم مما تقدمه الوزارة من خدمات ثقافية بإتاحة بعض ما تصدره من كتب، مسجلا على أسطوانات ممغنطة «cd» للمكفوفين، وتوفير خدمات لغة الإشارة للصم فى مسارح الدولة وقصور الثقافة وما تنتجه من أفلام.
لكن هذا السهل يحتاج أولا لمكافحة فساد البيروقراطية، ومعالجة إصابة بعضها بالتطرف الدينى، ويتطلب ميزانية ضخمة قد لا تتوفر لوزارة الثقافة الآن، خاصة بعد أن حرمت من عوائد الآثار، لذلك على الوزيرة أن تبذل قصارى جهدها للضغط على رئاسة الجمهورية والحكومة ومجلس النواب، من أجل تعزيز ميزانيتها لدعم المنتج الثقافى إذ ينبغى أن يظل المنتج الوحيد المدعوم بشكل كامل فى هذا البلد.