الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

الحرب على الفساد

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
عندما خرج علينا الرئيس السيسى بتصريحاته حول القضاء على الفساد ومكافحته والضرب بيد من حديد ضد قوى الشر، نظرتُ نظرة اندهاش واعتبرتُ تصريحاته تلك هدفها الاستهلاك الإعلامى، وكيف أن الرئيس لم يتوصل بعد إلى الحقيقة المرة، وهى أن الفساد استشرى فى مصرنا كالسرطان، لكن الأيام أثبتت لى العكس، فيوما تلو الآخر تنجح الرقابة الإدارية وعلى مدار السنوات الأربع المنصرمة فى توجيه ضربات موجعة لمعسكر الفساد، واستطاعت أن تخلع الأقنعة الزائفة عن مدعى النزاهة..
ومن المثير للسخرية وللسخط أيضا أن محافظ المنوفية الذى تم القبض عليه مؤخرا واثنين من رجال الأعمال فى قضية الفساد الأخيرة، قد صرح منذ أقل من الشهر بأنه من الضرورى مكافحة الفساد الإدارى بكافة الصور، والضرب بيد من حديد على أيدى الفاسدين، وكل من تسول له نفسه العبث بحقوق المواطنين، وأحال حينها مسئول الحيازات الزراعية بالجمعية التعاونية بقرية البتانون التابعة لمركز شبين الكوم للنيابة العامة بتهم تتعلق بالفساد!!!
كما أن توقيت القبض على محافظ المنوفية المتهم بقضية الفساد الحالية وجه صفعات شديدة الإيلام للفاسدين، ووجه أيضا العديد من الرسائل للجميع، أهمها أن مواجهة الفساد فى مصر تتم دون انحياز لأى مواءمات سياسية. فقط عندما تكتمل عناصر وأدلة الاتهام فى كل قضية يتم اتخاذ الإجراء دون أى مواربة أو تراخ، مهما كانت الظروف، ومهما استدعى هذا القرار من مواجهات لاحقة.
فبالتأكيد أن أمر القبض على المحافظ كان قد عُرض سابقا على سيادة الرئيس، وذلك لأسباب عديدة، منها أن توقيت زيارة الرئيس لمحافظة المنوفية كان محددا سلفا، فكان لزاما على الأجهزة المسئولة الاتفاق والتنسيق فى توقيت القبض على المحافظ.
وبالتأكيد كان قرار السيسى فى هذا الشأن هو التحرك الفورى للقبض على المحافظ دون النظر إلى أية شكليات متعلقة بالزيارة التى سوف تتم بعد ساعات قليلة.
وبعيدا عن واقعة المحافظ، تمكنت الأجهزة الرقابية خلال عام ٢٠١٨ الذى لم يمر منه سوى أسبوعين فقط من ضبط ١٥ قضية فساد، أى بواقع قضية فساد يوميا، وهو أمر يضيء للجميع مصابيح الأمل، ويعطى لنا معالم الطريق الجديد، الذى سوف ننهجه مع السنة الحالية.. فقد ألقت هيئة الرقابة الإدارية القبض على رئيس مجلس إدارة شركة النصر للتعدين وآخرين عقب وصوله مطار القاهرة.
وضبطت أيضا المستشار التجارى السابق للشركة بمحل إقامته فى القاهرة الجديدة فى قضية فساد تتعلق بصرف المستخلصات الخاصة بمشروعات الشركة لصالح أحد المقاولين، وقبلها ضبطت مأمور ضرائب بمأمورية قصر النيل لاتهامه بتقاضى رشوة ٥٠ ألف جنيه.
من أحد الموظفين لإحدى الشركات الكبرى مقابل تسهيل بعض الإجراءات وغيرها من القضايا التى أعلنت عنها الرقابة الإدارية فى عامنا الحالى ٢٠١٨.
فلم يعد مستغربا أن تحتل مصر المرتبة ١٠٨ من بين ١٧٩ دولة فى مستويات الفساد عالميًا وفق تقرير منظمة الشفافية الدولية السنوى الصادر العام الماضى.
وإذا كانت مصر عانت فى السابق من فساد وصل إلى الركب، كما قال زكريا عزمى فى عهد الرئيس مبارك عن فساد المحليات، فاليوم وصل الفساد إلى العنق، بعد أن استشرى فى أوصال الدولة عبر عشرات السنين، ممتدا إلى قطاعات واسعة، حتى إلى عالم خفى، بدأت ملامحه تظهر فى عام ١٩٧٤ مع تطبيق سياسة الانفتاح الاقتصادى فى عهد الرئيس السادات.
ومع نمو قطاع المقاولات والبناء والتشييد وتخصيص أراضى الدولة بالأمر المباشر، أو من خلال المناقصات وفتح المظاريف، وما ارتبط بها من عمولات تذهب لكبار الموظفين، تكونت عصابات أو شبكات مصالح تدير هذا النوع من الفساد، وذلك بخلاف التلاعب فى أسعار أراضى الدولة ومشروعات محدودى الدخل، سواء من خلال بعض المقاولين، بالاتفاق مع موظفين حكوميين، أو بتخصيص الأراضى بأسعار تقل كثيرا عن قيمتها السوقية الحقيقية، وما يترتب على ذلك من ضياع المليارات على الدولة لصالح كبار رجال الأعمال