الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

العالم

بعد 120 يومًا.. مستقبل الاتفاق النووي في ظل المواقف الغربية والإيرانية والأمريكية

الرئيس الإيراني حسن
الرئيس الإيراني حسن روحاني
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
بات الاتفاق النووي المُبرم بين إيران والدول الست في العاصمة النمساوية فيينا في يوليو 2015، في مهب الريح بعد 4 أشهر مقبلة (١٢٠ يومًا)، خاصة بعد إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، تمديد تعليق العقوبات الاقتصادية المفروضة على إيران "للمرة الأخيرة" واعتزام ترامب التفاوض مع الأوروبيين على قائمة "محفزات" من شأنها إعادة فرض عقوبات متعددة الأطراف ضد إيران.
وبهذا المعنى فقد حدد ترامب لحلفائه الأوروبيين خيارين لا ثالث لهما، إما تعديل الاتفاق وضبطه كما يريد الرئيس الأمريكي، أو تنسحب الإدارة الأمريكية منه، وفي هذه الحالة ستعيد الولايات المتحدة فرض العقوبات المرتبطة ببرنامج إيران النووي، الأمر الذي يعني نهاية الاتفاق النووي الذي تم توقيعه قبل عامين ونصف العام في فيينا.
وترغب إدارة ترامب في أن تفرض الأطراف الأوروبية الموقعة على الاتفاق قيودًا دائمة على تخصيب إيران لليورانيوم، وبموجب الاتفاق الحالي، من المقرر أن ترفع القيود على التخصيب في عام 2025.
وكان ترامب، قد منح "فرصة أخيرة" للاتفاق النووي الإيراني، بالموافقة على استمرار تجميد العقوبات السابقة بموجب الاتفاق، لكنه قرر في الوقت نفسه فرض عقوبات ضد 14 شخصية وكيانًا إيرانيًا، بينهم رئيس السلطة القضائية في طهران صادق لاريجاني، لما اعتبرته وزارة الخزانة الأمريكية ردًا على "انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان والرقابة في إيران".
المشكلة التي تواجه إدارة ترامب تتمثل في أن الوكالة الدولية للطاقة الذرية التي تراقب برنامج إيران النووي، تعتبر أن إيران تفي بالتزاماتها بموجب خطة العمل المشتركة الشاملة، وبالتالي إذا لم تصادق إدارة ترامب على التزام إيران، فإن هذه الخطوة ستساهم في عزل الولايات المتحدة عن كل من الوكالة والدول الأخرى التي شاركت في المفاوضات النووية مع إيران.
مواقف غربية وإيرانية رافضة
جاءت مواقف الدول الخمس الدائمة في مجلس الأمن وألمانيا (مجموعة 5+1) رافضة للقرار الأمريكي، وبدا تحرك هذه الدول إما بشكل فردي من خلال تصريحات رافضة أو من خلال منسقة لجنة الإشراف المشتركة على الاتفاق النووي، وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيديريكا موجيريني، التي استأنفت مشاوراتها مع الدول الأوروبية الثلاث (فرنسا وألمانيا وبريطانيا)، ومع الصين وروسيا، للرد على الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بعدما هدد بوقف تجميد العقوبات المفروضة على طهران، في غضون 4 أشهر، إن لم يخضع الاتفاق لإصلاحات مما اعتبره ترامب عيوبًا جسيمة.
ووفقًا لخبراء في الشأن النووي، فإن موقف ترامب من الاتفاق النووي يبدو بمثابة شرط تعجيزي بالنسبة للدول الست الموقّعة عليه، والذي صادق عليه مجلس الأمن، ويُرجح المحللون والخبراء أن تبلغ الدول الست (الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن وألمانيا) الرئيس الأمريكي بأن الاتفاق يُطبّق في شكل كامل، بشهادة التقارير الدورية التي تعدها الوكالة الدولية للطاقة الذرية، بعد عمليات تفتيش ومعاينة للمنشآت النووية الإيرانية.
وقبلت طهران شروط تفتيش صارمة، تتجاوز مقتضيات البروتوكول الإضافي الملحق بمعاهدة حظر الانتشار النووي، لذلك من المتوقع أن ترفض الدول الست معاودة التفاوض في شأن الاتفاق.
ويرتكز موقف الدول الست على أن الاتفاق النووى الإيراني في صورته الراهنة يمثل للأوروبيين نجاحًا مهمًا في تحقيق الأمن الأوروبي، يرفض الأوربيون إعادة التفاوض حول بنود الاتفاق الذي يحقق مصالح الأوروبيين الأمنية، ويوسع دائرة مشاركاتهم في الاستثمارات الإيرانية، وإن كانوا لا يمانعون في مناقشة سلوك إيران الذي لا يتعلق بالاتفاق النووي بصورة منفصلة عن الاتفاق النووي، وأن المطالب الأمريكية التي لا يوافق عليها معظم الموقعين على اتفاق 2015 ربما تعزل أمريكا عن حلفائها وباقي العالم بأكثر من أن تعزل إيران.
ويشير المراقبون إلى أنه بات من الصعوبة بمكان أن توافق كل الأطراف التي وقعت على الاتفاق النووي على أى تغيير يطلبه أحد الأعضاء الموقعين، ولأن ديباجة الاتفاق الذي تم توقيعه تتضمن أن واحدًا من أهداف الاتفاق تحقيق سلام الشرق الأوسط واستقراره.
ويرى خبراء في الاتفاق أن الولايات المتحدة تحتاج إلى ضمانات إضافية تحول، بعد انتهاء فترة تطبيق الاتفاق بين عامي 2025 و2030، دون استئناف إيران نشاطات تخصيب اليورانيوم إلى مستوى مرتفع، وصنعها أجهزة طرد مركزي متطورة، لكن طهران سترد آنذاك بأن استخدام الطاقة الذرية لأغراض سلمية يشكل حقًا سياديًا، بعد تنفيذها البروتوكول الإضافي.
من جانبها، أكدت إيران رفضها لأي تعديل للاتفاق النووي الذي أبرمته مع القوى الكبرى، وأنها لن تتخذ أي إجراء بعيد عن التزاماتها في إطار الاتفاق النووي ولن تقبل بأي تعديل لهذا الاتفاق لا اليوم ولا في المستقبل، ولن تسمح بربط الاتفاق النووي بقضايا أخرى.
ويبقى القول أن مستقبل الاتفاق النووي الإيراني سيكون محكومًا بثبات موقف الدول الأوروبية الثلاث (فرنسا وألمانيا وبريطانيا)، علاوة على الصين وروسيا والتي ترى أن الاتفاق ضروري للأمن الدولي.
كما أن الإدارة الأمريكية ربما تدخل في مرحلة مراجعة تقتضي منها ضرورة البحث عن أُطر أخرى أكثر تقييدًا للنشاط النووي الإيراني، خاصة بعد انتهاء فترة تطبيق الاتفاق بين عامي 2025 و2030، وبالتالي يبقى واردًا كل الاحتمالات بشأن الاتفاق النووي الإيراني بعد 120 يومًا.