الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

آسيا تخوض حربًا شاملة ضد "داعش"

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لم تستثن التهديدات الإرهابية دولة، ولا قارة، إذ تجد منطقة جنوب شرقى آسيا نفسها وجها لوجه على الخط الأمامى فى المعركة، التى يخوضها المجتمع الدولى فى محاربة الإرهاب
ورغم أن تنظيم «داعش» ظهر فى البداية فى سوريا والعراق، إلا أن دول جنوب شرقى آسيا لم تكن بعيدة عن مخططات هذا التنظيم الإرهابي، حيث غزت عناصره جزيرة ميندناو فى جنوب الفلبين أواخر مايو من العام الماضي، وتم القضاء عليها تماما، لكن بعد أشهر من القتال المتواصل، وبعد تدمير مناطق عديدة، وتشريد مئات الآلاف من سكانها، وتهديد أمن دول الإقليم برمتها.
واستمرت المعارك فى جزيرة ميندناو لمدة خمسة أشهر، وأدت إلى مقتل أكثر من ألف شخص، وتم اعتقال العديد من العناصر الداعشية الهاربة، فى جزيرة بورنيو، المقسمة بين ماليزيا وإندونيسيا، والتى تقع على الحدود مع الفلبين

إجراءات صينية 

وبالنسبة للصين، التى تقع فى شرق آسيا، فقد أدركت مبكرًا خطورة انتشار الإرهاب، فى محيطها الإقليمى والجغرافى، إذ استضاف المركز الثقافى الصينى فى القاهرة فى ١١ يناير، الدكتورة نادية حلمى خبيرة الشئون الصينية، وأستاذ العلوم السياسية بكلية الدراسات الاقتصادية والعلوم السياسية بجامعة بنى سويف، فى ندوة بعنوان: «كيف تحارب الصين الإرهاب؟»، للحديث حول كيفية الاستفادة من الآليات والبرامج الصينية لمكافحة الإرهاب، ودور طريق الحرير الصينى الجديد فى وضع إطار عالمى لمكافحة الإرهاب، المقرر أن يمر بعدد كبير من الدول حول العالم، ويساعد على تنشيط التجارة بينها، وتعزيز التعاون فى المجالات كافة بين بكين، وهذه الدول.
وحضر الندوة الدكتور شى يوه وين المستشار الثقافى الصينى الجديد بالقاهرة، ونخبة من أساتذة علم السياسة والاقتصاد، وعدد من الإعلاميين الصينيين.
وقد تحدثت «حلمي» عن الزيادة الكبيرة فى عدد الهجمات الإرهابية فى العالم، ومنها الصين، وهو الأمر الذى دفع الحكومة الصينية فى عام ٢٠١٧، لإدراج مهمة «الحفاظ على الاستقرار ومكافحة الإرهاب» ضمن مهام وأهداف الدفاع الوطنى فى تقرير عمل الحكومة الصينية، الذى قدمه رئيس مجلس الدولة الصينى «لى كه تشيانغ» أمام الدورة السنوية للمجلس الوطنى لنواب الشعب الصينى فى الخامس من مارس عام ٢٠١٧. وتناولت خلال الندوة موضوع التهديدات الإرهابية المتزايدة التى تواجهها الصين من قبل «الحركة الإسلامية لتركستان الشرقية»، فى إقليم شينجيانج فى شمال غربى الصين، ذى الأغلبية المسلمة، والتى تتهمها بكين بتدبير سلسلة من الهجمات الإرهابية.
وأوضحت أن هذه الحركة تدعو إلى الانفصال العرقي، وإسقاط السلطة السياسية الصينية، وتدبير التفجيرات الإرهابية لتهديد استقرار البلاد وسلامة حياة وممتلكات الشعب فحسب، وإنما أيضًا تخضع لتوجيه قوى أجنبية معادية للصين، وتقوم بتدبير سلسلة من الأنشطة الإرهابية داخل الصين، مشيرة إلى تبنى الصين أول قانون لمكافحة الارهاب فى البلاد، والذى صدقت عليه الهيئة التشريعية الصينية العليا فى ٢٧ ديسمبر ٢٠١٦ كأول قانون صينى لمحاربة الارهاب، فى محاولة لمواجهة الإرهاب فى الداخل الصينى والمساعدة فى تحقيق الأمن
وأشارت حلمى إلى أن «الجهاز الوطنى لمكافحة الإرهاب»، يعتبر من أهم الأجهزة المعنية المناط بها المشاركة فى مكافحة تلك التنظيمات الإرهابية فى الصين، لأنه مسئول عن تحديد الأنشطة الإرهابية والإرهابيين وتنسيق أعمال مكافحة الإرهاب على مستوى الدولة، مع إعطاء دور لنشر «القوات الخاصة والمحترفة لمكافحة الإرهاب من جانب سلطات الأمن العام والأمن الوطنى والقوات المسلحة»، كما تم تأسيس ما يعرف بـ«مركز الاستخبارات الوطني» لتنسيق الجهود الداخلية والخارجية بشأن المخابرات والمعلومات المتعلقة بمكافحة الإرهاب داخل الصين، واستعرضت أهم البنود الهامة فى قانون مكافحة الإرهاب الصينى الجديد.

وأشارت إلى أن بكين تتعاون مع المجتمع الدولى فى مجال مكافحة الإرهاب، فالصين، كدولة كبيرة مسئولة، لا تهتم فقط بمكافحة الإرهاب داخليًا، ولكنها أيضًا تعلق أهمية كبيرة على التعاون الدولى ضد الإرهاب. فضلًا عن التعاون الصينى الحالى مع عدة دول لإنشاء آلية تعاون فى مجال مكافحة الإرهاب، مثل: التعاون مع دول الجوار والتعاون الأمنى الإقليمي، والمشاركة الصينية الفعالة فى آليات التعاون المتعدد الأطراف لــ «الأمم المتحدة» و«منظمة شنغهاى للتعاون» و«المنتدى العالمى لمكافحة الإرهاب». وفى هذا الإطار تم التطرق إلى أهمية مبادرة «الحزام والطريق الصينية» فى وضع إطار عالمى لمكافحة الإرهاب، حيث شاركت الصين بقوة فى عهد الرئيس الحالى «شى جين بينغ» فى الجهود الدولية المبذولة لمكافحة الارهاب، خاصة مع الجانب المصرى والعربى، وذلك بعد دعوتها دوليًا فى سبتمبر عام ٢٠١٣ من خلال إعلان الرئيس الصينى «شى جين بينغ» لمبادرة «الحزام والطريق» والإعلان فى يناير ٢٠١٦ عن «وثيقة التعاون مع العالم العربى خاصة فى المجال الإستراتيجى والأمنى». ولفتت الباحثة خلال الندوة، إلى أن هذه الدعوة الصينية لمبادرة «الحزام والطريق» الذى يخترق عمق أكثر من ١٠٠ دولة حول العالم، تأتى فى الوقت الذى تحارب فيه الصين العناصر الإرهابية الانفصالية فى البلاد.
واعتبرت أن هذه الدعوة لهذه المبادرة فى هذا التوقيت بالذات إنما يعزز من القدرات الصينية حول العالم فى مجال «مكافحة الإرهاب»، وهو الأمر الذى عبرت عنه الصين «صراحة» بأن «تبادل المعلومات الاستخباراتية والتنسيق بين دول مبادرة الحرير والطريق وعلى رأسها الجانب المصرى والعربى وبلدان منطقة الشرق الأوسط فى مجال مكافحة الإرهاب إنما يقوض قدرة هذه الجماعات الإرهابية على شن المزيد من العمليات الإرهابية». 

صاروخ مكافحة الإرهاب
وسلطت الخبيرة فى الشئون الصينية مزيدًا من الضوء حول اعتزام الصين غزو الأسواق الخارجية بـ «صاروخ مكافحة الارهاب»، حيث نجحت الصين فى تطوير صاروخ جديد، للاستخدام فى عمليات مكافحة الإرهاب وفى النزاعات منخفضة الحدة، وتعتزم عرضه على عملائها بالأسواق الخارجية والذين قاموا من قبل بشراء طائراتها القتالية دون طيار، وذلك وفقًا لما أعلنته الأكاديمية الصينية للديناميكا الهوائية والطيران، والتى تعد أكبر مصدر للطائرات العسكرية بدون طيار فى الصين.
وأكدت الأكاديمية، أنها أجرت مؤخرًا اختبارات بالذخيرة الحية على صاروخ جو- أرض قصير المدى يسمى (AR-٢) «ايه ار-٢» فى شمال غربى البلاد، وأعلنت الحكومة الصينية «رسميًا» أن «صاروخ مكافحة الإرهاب» لديه من القوة بما يكفى للتعامل مع تلك الأهداف، كما أن وزنه الخفيف يجعل من السهل تزويد الطائرات دون طيار بعدد أكثر من الصواريخ
وتطرقت الباحثة كذلك إلى موضوع إنشاء الصين لتطبيقات ومواقع صينية نافست نظيرتها الأمريكية فى إطار الخطط الصينية لمكافحة الإرهاب داخليًا، والتى يعدها أشهرها موقع «الوى شات»، والذى تم إطلاقه فى عام ٢٠١١ وأصبح يضم ٨٩٠ مليون مستخدم نشط، كما أشارت الدكتورة نادية حلمى إلى أن الحكومة الصينية لجأت إلى اعتماد قانون ينص على المراقبة الصارمة للبيانات لمكافحة الإرهاب الإلكترونى والقرصنة المتزايدة وإنهاء عمل التطبيقات والخدمات الإلكترونية المشفرة، وهو القانون الذى يلاقى بعض الانتقادات الأمريكية والغربية.

إرهابيون فى ماليزيا
وبجانب جهود الصين في محاربة الإرهاب، أوقفت الشرطة الماليزية ٢٠ متهمًا يشتبه بأن بعضهم قاتل فى جنوب الفلبين، وقال وزير الخارجية الماليزي، حنيفة أمان، إن بلاده تشن حاليا حربا شاملة ضد تنظيم «داعش» الإرهابى، وغيره من المتطرفين من أجل مكافحة أيديولوجياتهم، إلى جانب مواجهة تهديداتهم.
وأشار إلى أن ماليزيا تواجه التهديد الإرهابى من خلال نشر المعلومات الصحيحة عن الإسلام لمكافحة المعلومات ذات السموم الإرهابية، موضحا أن هذه الجهود يقودها حاليًا مركزان رقميان لمحاربة الإرهابيين، عبر وسائل التواصل الاجتماعي، تحت قيادة وزارة الخارجية الماليزية، والشرطة الملكية الماليزية.

أما سنغافورة، ورغم بعدها عن دائرة استهداف الجماعات الإرهابية حتى الآن، فإن وزارة الداخلية السنغافورية، أعلنت فى أول تقرير لها حول تقييم تهديد الإرهاب للبلاد، والذى نشر فى يونيو من العام الماضى أن البلاد «تعد هدفًا رئيسًا للإرهاب، فقد شاركت فى تحالفات دولية ضد الإرهاب، ويوجد بها العديد من الأشياء، التى يعتبرها داعش بغيضة»، حسب تعبيرها.
ووصف التقرير، التهديدات التى تواجه سنغافورة، بأنها «خطيرة جدًا»، لاسيما بعدما أصبحت هدفا محتملا لهجوم داعش، بسبب استضافتها مصالح اقتصادية وتجارية أمريكية وغربية على أراضيها، مشيرًا إلى العثور على نشرة إرهابية باللغة العربية، أدرجت موقعين داخل حدود البلاد، هما مبنى البورصة والميناء البحري، على قائمة الأهداف المرشحة للاستهداف، وقد ردت السلطات فى سنغافورة بتصعيد الإجراءات الأمنية فى المنطقتين. وحسب التقرير، تعتقد السلطات السنغافورية بأن الخطر الأكثر جدية، يأتى من «داعش»، بعد أن حاصر لخمسة أشهر مدينة ماراوى فى ميندناو، ثانى أكبر جزيرة فى الفلبين.

مخطط إرهابى
يشار إلى أن السلطات فى سنغافورة أحبطت فى أغسطس الماضى مخططًا إرهابيًا يقوم على إطلاق صواريخ من جزيرة باتام الإندونيسية، التى تبعد حوالى ١٠ أميال عن سواحل سنغافورة، لاستهداف خليج مارينا، المتنزه السياحى الشهير فى سنغافورة، وعندما تم إخطار السلطات الإندونيسية بالأمر، هاجمت المشتبه بهم، وأفشلت الهجوم المزمع.
وقد حذر وزير الخارجية السنغافورى فيفيان بالاكريشنان، من أن دول جنوب شرقى آسيا، يجب أن تكثف حربها ضد التشدد الذى تتمدد جذوره فى منطقتها، إذ أن ضعف تنظيم داعش فى الشرق الأوسط واحتلال مسلحين مدعومين من التنظيم مدينة ماراوى الفلبينية العام الماضي، يجدد المخاوف بأن المنطقة قد تصبح مصدر جذب للمتشددين، مضيفا «رصدنا عودة بعض المقاتلين إلى ماراوى فى جنوب الفلبين وبؤر أخرى محتملة للإرهاب فى المنطقة».
وبدورها، أنشأت الحكومة الإندونيسية أيضا وكالة خاصة بالأمن الإلكترونى مطلع يناير لمكافحة التطرف والإرهاب عبر الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي، وقد عين الرئيس الإندونيسى جوكو ويدودو لرئاسة الهيئة، الرئيس السابق لوكالة التشفير فى البلاد، الجنرال دجوكو ستيادي، وستكون مهمة الهيئة ملاحقة الشبكات الإرهابية عبر الإنترنت، ووعد رئيس الهيئة الجديدة بالسيطرة على الفضاء الإلكتروني، ورصد الشبكات الإرهابية واختراقها، فى البلد، الذى يزيد فيه مستخدمو الإنترنت على ١٥٠ مليون نسمة، فيما تتزايد التهديدات الإرهابية العالمية، من قبل تنظيم داعش، والتنظيمات الإرهابية العابرة للحدود، والتى تحاول تجنيد واستقطاب عناصر جديدة، عبر شبكة الإنترنت.