الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

البابا كيرلس.. رجل الصلاة.. وزاهد الحياة

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
ترك العالم رغبة فى العبادة والصلاة، فاختارته إرادة الله ليكون بابا وبطريرك وقائد الكنيسة ورجل الصلاح والصلاة، وضع اللبنة الأولى وحجر أساس الكاتدرائية الكبرى بالعباسية مع صديقه الرئيس جمال عبدالناصر، قبل خمسين عامًا، هو البابا كيرلس السادس.
ولد البابا كيرلس السادس، بقرية طوخ النصارى بمدينة دمنهور بمحافظة البحيرة، فى ٢ أغسطس عام ١٩٠٢، باسم عازر يوسف عطا، من أسرة أرثوذكسية، ارتبط منذ صباه برجال الكهنوت والرهبان الذين عرفهم عبر زيارتهم لوالده.
وعقب إنهاء دراسته الثانوية العامة «البكالوريا»، عمل بإحدى شركات الملاحة بمحافظة الإسكندرية عام ١٩٢١، واتسم بالأمانة والإخلاص، ولم يؤثر عمله على انضباطه فى العمل الخدمى بالكنيسة. عاش حالة من الزهد قبل أن يترك بيت عائلته، فكان دائم الصوم والصلاة، وكان يترك فراشه لينام على الأرض، واعتزم (البابا كيرلس ـ عازر سابقا) الرهبنة والتوحد، فقدم استقالته فى يوليو عام ١٩٢٧.
رغم محاولات صاحب الشركة الإبقاء عليه، وحاول شقيقه الأكبر إثناءه عن الرهبنة، إلا أن بطريرك الكنيسة آنذاك الأنبا يؤانس البابا الـ ١١٣ ساعده، وأوفد معه الراهب القس بشارة البرموسى (الأنبا مرقس مطران أبو تيج المتنيح)، ليصطحب عازر إلى دير البراموس بوادى النطرون. 
وحال وصوله الدير استقبلوه بأجراس الكنائس وفتح قصر الضيافة، وكان أول مستقبليه القمص شنودة البرموسي، أمين الدير، لاعتقادهم أنه من كبار الزوار ومرتادى الدير، وبعد معرفة نيته فى الرهبنة نال أول درجات السلك الرهباني.
وكان «البابا كيرلس» يتعلم على يد القمص عبدالمسيح صليب، والقمص يعقوب الصامت، أحد شيوخ الرهبنة بالدير، ولم يمض سوى عام ليتم رسامته راهبًا بدير البرموس فى ٢٥ فبراير ١٩٢٨. ووقت رسامته سمع دعًاء من القمص الصامت يقول: «سِر على بركة الله بهذه الروح الوديعة الهادئة، وهذا التواضع والانسحاق، وسيقيمك الله أمينًا على أسراره المقدسة، وروحه القدس يرشدك ويعلمك»، وكأنها تنبؤات ليصبح بابا الكنيسة ورأسها.
كما التحق عازر- والذى صار اسمة البابا كيرلس- بالمدرسة اللاهوتية، ورسمه الأنبا يؤانس قسًا فى يوليو سنة ١٩٣١، وحينما سمع بنبأ ترشيح الأنبا يؤانس البطريرك وقتها له، ليكون أسقفًا هرب إلى دير القديس الأنبا شنودة رئيس المتوحدين بسوهاج.
ولما عاد كأمر البطريرك أعلن رغبته فى الوحدة، فصرح له بتحقيق رغبته تحت إرشاد شيخ الرهبان عبدالمسيح المسعودي، فتوحد فى مغارة تبعد عن الدير مسافة ساعة سيرًا على الأقدام. ولا سيما أن اشتياقه للتوحد كان شغله الشاغل، راح يزور إحدى مغائر المتوحدين بالجبال، وهو القمص صرابامون المتوحد ليتتلمذ على يده مبادئ التوحد، وطلب من الأنبا يؤانس البطريرك وقتها أن يأذن له بالوحدة فى إحدى المغارات، وحينما قام البطريرك بزيارته عام ٣٤ أعجب بفكره وروحانياته.
وقدر له أن ينزل المدينة بعد موته بالرهبنة والتوحد، فإذا برئيس دير البراموس وقتئذ طرد سبعة رهبان من الدير، وحينما علم البابا كيرلس الراهب مينا البراموس بعد الرهبنة، خرج مع الرهبان السبعة وعاد معهم للقاهرة، وظل يخدمهم حتى التقوا البطريرك الأنبا يؤانس الذى أمر بعودتهم إلى الدير، ولكن الراهب مينا البراموسى (البابا كيرلس فيما بعد) أراد أن يقطن بإحدى طواحين الهواء فى منطقة مصر القديمة (وهى كنيسة الطاحونة بمصر القديمة)، واستاجر الراهب مينا الطاحونة من الحكومة مقابل ستة قروش سنويًا، وذلك فى ٢٣ يونيو عام ١٩٣٦. وحال قيام الحرب العالمية الثانية، طالبه الإنجليز بمغادرة الطاحونة، خشية أن يكون جاسوسًا عليهم، وراح ليسكن فرنا بكنيسة العذراء مريم فى بابلون الدرج، وبعدها كلف برئاسة دير الأنبا صموئيل بجبل القلمون فى مغاغة بمحافظة المنيا عام ١٩٤٤. واستطاع إعادة إعمار الكثير فيه، والتف حوله شعب المنطقة كلها، مما أدى إلى زيادة الرهبان وازدهار الدير، ودشن كنيسة الدير ببلدة الزورة التابعة لمركز مغاغة، مما دفع الأنبا أثناسيوس مطران بنى سويف وقتها منحه درجة القمصية.
ومن حبه الشديد للقديس مارمينا، شيد قلاية وكنيسة باسم مارمينا بمصر القديمة عام ١٩٤٩، ورسم شقيقه القمص ميخائيل يوسف على كنيسة مارمينا، واختير للباباوية، فكان ترتيبه بين المرشحين السادس، وكان على لجنة الترشيح حسب لائحة السبت ٢ نوفمبر ١٩٥٧ أن تقدم الخمسة رهبان المرشحين الأوائل للشعب، وفى اللحظات الأخيرة للتقدم بالخمسة الأوائل، أجمع الرأى على تنحى الخامس، وتقدم السادس ليصبح الخامس هو البابا كيرلس.
وجاء بالقرعة الهيكلية التى تمت خلال صلاة قداس القرعة يوم الأحد ١٩ إبريل ١٩٥٩ اختارته كبطريرك للكنيسة.. وخدم الكنيسة القبطية من إبريل ١٩٥٩ وحتى مارس ١٩٧١، أعادة خلالها رفات مارمرقس من الخارج، ووضع أساس الكاتدرائية المرقسية بالعباسية المتواجدة حتى الآن.