الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

مفتاح الحياة للفراعنة والأقباط.. رئيس الآثار بـ"الأعلى للثقافة": التراث القبطي الوريث الشرعي للتراث المصري القديم.. والعثور على 3 صلبان ترجع للقرن الخامس

 المهندس ماجد الراهب،
المهندس ماجد الراهب، رئيس لجنة الآثار بالمجلس الأعلى للثقاف
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
قبل وصول الديانات السماوية إلى الدولة المصرية القديمة، والذين استخدموا رموزًا وإشارات قديمة فى توجهات أفكارهم وتعاليمهم، واتخذوا من مفتاح عنخ أو ما يعرف بـ«مفتاح الحياة»، رمزًا لما بعد الموت والحياة الجديدة.
جاءت المسيحية ومعتقدها الحياة الأبدية، ورمز الصليب يمثل محورًا رئيسيا لها، قيمتَه كرمز دينيٍّ مقدس من المسيح، وتحوَّل الصليبُ إلى أداة خلاص، تشابه كلاهما فى الأشكال عنخ وشكل الصليب المعروف لدى الأقباط. ولتضافر الحضارة المصرية واحتفاظها بهويتها، أخذ شكل مفتاح الحياة رمزا ودلالة للفنان القبطى، ليقوم برسامته على المقابر وبعض الأديرة والكنائس، وأسموه صليب بعروه. كما حافظت الكنيسة المصرية على الشواهد الفرعونية بالمعابد وغيرها، وإقامة عبادتها وصلواتها وطقوسها وسط مناخ فرعونى من الرموز القديمة.
ولعل بعض الكنائس القديمة التى أقيمت داخل بهو معبد الأقصر استمر المعبد خلال العصور الوسطى، حيث شيدت العديد من الكنائس داخل المعبد وحوله، مثل كنيسة القديس تكلا أمام الصرح الشرقى وغيرها.
يقول المهندس ماجد الراهب، رئيس لجنة الآثار بالمجلس الأعلى للثقافة، أن التراث القبطى هو الوريث الشرعى للتراث المصرى القديم، وهو الرقيقة الثانية من رقائق الحضارة المصرية، والفنان القبطى استطاع أن يطوع الفنون المصرية القديمة فى خدمة الدين الجديد، وحافظ على كثير من التيمات الفنية المصرية القديمة فى أعماله، ولكن مع بعض التطوير والتحوير.
وأضاف لـ «البوابة» أن مفتاح عنخ من أهم الرموز والوحدات الزخرفية المصرية التى استخدمت فى التراث والفنون القبطية، ولم يجد الفنان القبطى غضاضة فى استعمال مفتاح الحياة كصليب، وسمى صليب ذو عروة، وتم استخدامه بتوسع فى شواهد القبور، حيث يشير إلى البعث والقيامة، وكذلك فى الجداريات فى الأديرة والكنائس.
ودلل المهندس ماجد على كلماته بقوله: هناك شرقية بإحدى الكنائس الأثرية فى جبانة البجوات فى الواحات الخارجة- بمصر ترجع إلى القرن الخامس، نرى من بقايا الرسومات ثلاثة صلبان على شكل علامة عنخ المصرية، والتى تعنى (حياة) فى اللغة والحضارة المصرية، وهذه الكنيسة تقع وسط مقابر أى أنها كنيسة جنائزية تهتم بإظهار معنى الحياة بعد الموت، وميز الفنان الصليب الأوسط بحرفى الألفا والأوميجا، والتى تعنى البداية والنهاية.
وعن تفسيرات «مفتاح عنخ» قال: له العديد من التفسيرات، فعند الفراعنة كان يمثل رمزَ الحياة والبعث بعد الموت وخلود الروح، وآخرون فسروه بأنه يعتبر رمـز الحياة والولادة لتمثيله الرحم، والشكل البيضاوى بنقطتين متعاكستين يمثل (الرحم) المؤنث والجزء الرأسى يمثل المذكر أساس وجود الحياة على الأرض، يمثل الاجتماع الروحانى لـ إيزيس وأوزوريس.
وهناك تفسيرات حديثة وفق رؤية باحثين بجامعة القاهرة، تقول إن مفتاح الحياة يمثل الدور المحورى لنهر النيل فى مصر، فالرأس البيضاوى يمثل منطقة دلتا النيل، والجزء الرأسى يمثل مسار النهر، الجزء الأفقى يمثل شرق البلاد وغربها.
وأضاف رئيس لجنة الآثار بالمجلس الأعلى للثقافة أن الصليب عند المسيحيين استمد قيمتَه كرمز دينيٍّ مقدس من المسيح، فقد تحوَّل الصليبُ إلى أداة خلاص وانعتاق، ولم يعدْ أداةَ تعذيب، الصليب بهذا المعنى، ليس رمزًا إلى المسيح الذى مات عليه وحسب، بل رمز إلى المسيح المنتصر على الموت.
وعن فترة الانتقال من الوثنية إلى المسيحية وكيف كان مفتاح «عنخ» نقطة الوصل، قال ماجد الراهب، إنه من القرن الرابع الميلادى إلى بداية الخامس الميلادى بعدما أصبحت الديانة المسيحية الديانة الرسمية لكل الإمبراطورية الرومانية عام ٣٩٥ ميلادية تحت حكم الإمبراطور ثيودوسيوس، أن انتقل الإنسان من دياناته البدائية القديمة إلى ديانات سماوية جديدة لم يضعف من همته تجاه إبداع فنون خاصة به، تلبى احتياجاته الروحية والدينية والحياتية، وكان مفتاح الحياة همزة الوصل بالنسبة للمصرى القديم، والذى كان يعتمد على الرموز بشكل كبير بين الوثنية والمسيحية، وذلك لتشابه الرمز.
وأضاف أنه منذ البداية اتخذت المسيحية المبكرة موقفًا سلبيًا من ذلك الفن ومن المبادئ الجمالية التى يمثلها، غير أنها طوعت نفسها بعد ذلك للانتقال من مرحلة الرفض والنقد لمقاييس الفن والجمال آنذاك، إلى فن جديد اعتبر إفرازًا للمرحلة الروحية الجديدة وتجلياتها المتمثلة فى المبادئ الجمالية المنبثقة من دين سماوى يرفض الآلهة المتعددة ويحاربها.
وقال إن المسيحية الجديدة كان عليها أن تتعامل مع ذلك الإرث الفنى العظيم، سواء من حيث الأطر والتنظير أو من ناحية وجوده المادى الذى يعد فى كافة أحواله خير تجل لإبداعات الفنانين السابقين على المسيحية.
ويمكن القول: إن خطى الفن المسيحى قد تعثرت لهذا السبب فى القرون المسيحية الأولى، غير أنها وبداية من القرن الخامس الميلادي، وعبر رعاية وحضانة الإمبراطورية الرومانية بعد اعترافها بالمسيحية، تمكنت من تجاوز ذلك، لتشكل المسيحية فنًا خاصًا بها، لامس مرحلة النضج حين بدأت تتضح قسمات الفن المسيحى الجديد. على أن المسحة الروحانية للمسيحية- وبدفعة من الظاهرة الرهبانية التى تنامت فى مصر والشام القديم، قد تجنبت تقديس الطبيعة، بل دفعت إلى التسامى بالحقائق الروحية عن طريق الفن، وتم النظر على سبيل المثال إلى الجسد المادى بوصفه أداة للشر، بينما تم تبجيل النظرة إلى الروح بوصفها أداة الخلاص.