السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

الراهب القس يسطس الأورشليمي يكتب.. كنيسة المهد (2-2)

الراهب القس يسطس
الراهب القس يسطس الأورشليمى
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تعد كنيسة المهد من أقدم الكنائس فى العالم، ولو أنها ليست الأجمل. دمرت الكنيسة الأولى التى بنتها هيلانة أول مرة بسبب الزلزال، ثم دمرت مرة أخرى فى ثورة السامريين، ولكنها نجت من الهدم على يد الفرس الذين غزوا فلسطين عام ٦١٤ م ودمروا الكثير من الأديرة والكنائس.
يعتقد أن الفرس لم يدمروا المهد بسبب الرسوم على جدرانها، والتى صورت حكماء الشرق الذين جاءوا لرؤية الطفل يسوع وتقديم الهدايا له فى قصة الميلاد بالزى الفارسي، هذه الرسوم الفسيفسائية لم تكتشف إلا عام ١٩٣٣ م، ولكنها تلاشت، مع الأيام أعاد الصليبيون ترميم الكنيسة بين سنتى ١١١٦٥ ٠ ١١٦٩ م. 
وتدل الرسوم الفسيسفائية الموجودة على الجدران، والتى تعود لهذه الفترة، على عظمة وجمال الكنيسة فى ذلك الوقت. أعيد ترميم الكنيسة مرة أخرى فى القرن الخامس عشر، ولكنها أهملت بعد ذلك، وانتزع العثمانيون بعض رخام الكنيسة المهجورة فى القرن السابع عشر، وانتزعوا الرصاص منها فى القرن التاسع عشر.
أدت الخلافات حول إدارة أمور الكنيسة وملكيتها إلى خلافات وحروب عدة بين القوى الدولية المختلفة، ومن هذه الحروب، حرب القرم بين روسيا القيصرية وفرنسا عام ١٨٥٢ م، عندما أعلن نابليون الثالث، الذى اعتبر نفسه وريثًا للملك الصليبى لويس التاسع، أن الكنيسة وما حولها ملك لفرنسا. وتنازع فى ذلك مع روسيا القيصرية التى كانت أيدت حقوق الكنيسة الأرثوذكسية الشرقية فى المهد. واليوم يسيطر الروم الأرثوذكس على الجزء الأكبر من المهد، فى حين يسيطر الأرمن على الجهة الشمالية، التى لهم فيها هيكلان، والكاثوليك (اللاتين) لهم السيطرة على كنيسة القديسة كاترين ومغارة جيروم. أما مغارة الميلاد فهى مشتركة للجميع. 
زيارة الكنيسة 
تحتل الساحة المبلطة أمام الكنيسة جزءا من الرواق القديم الذى تحيط به العمدان. 
الواجهة التى تدعمها عدة عقود معمارية بنيت على مدار القرون، كان فيها ثلاثة أبواب للدخول. أما اليوم فلم يتبق منها سوى باب واحد وقد أضحى بدوره بالغ الصغر، عبارة عن مدخل ضيّق منخفض. بالإمكان ملاحظة آثار الأبواب التى تعود إلى مختلف الحقب فوق المدخل. فنلاحظ أسلوب الزخرفة البيزنطية فالأقواس الصليبية. 
يقودنا المدخل الضيق إلى دهليز مظلم بسبب إغلاق جميع نوافذ الواجهة. ثم نجد بابا خشبيا نحته فنانون أرمنيون عام ١٢٢٧ م. يؤدى بنا إلى البازيليك. 
فور دخولنا نجد إلى اليسار بابا صغيرا يقودنا إلى أروقة القديس هيرونيموس فكنيسة القديسة كاترينا. 
تنقسم البازيليك إلى خمسة أروقة تفصل بينها أربع مجموعات من الأعمدة الحمراء مازالت تظهر عليها آثار الرسومات القديمة. السقف عبارة عن ألواح من الخشب المكشوف يعود تاريخها إلى القرن السادس عشر، وقد تم ترميمه فى القرن الماضي. 
لم يبق من الموازاييك الذى كان يغطى الجدران سوى آثار قليلة. فى الأصل (القرن الثانى عشر) كانت الرسوم تمثل شجرة عائلة يسوع بحسب رواية متى ١: ١ - ١٧ ولوقا ٣: ٢٣ - ٣٨ (الجزء الجنوبى). وعلى الجزء الشمالى نجد المجامع الكنسية المتعلقة بسر التجسد ومشهد حياة يسوع. تحت مستوى الأرضية الحالية التى تعود إلى الحقبة الجوستنيانية يمكننا مشاهدة فسيفساء قسطنطين، وهى عبارة عن أشكال هندسية. 
على جانبى الهيكل الرئيسى فى صدر البازيليك نجد المدخلين اللذين يؤديان إلى مغارة الميلاد. الأبواب البرونزية والمداخل المرمرية الضخمة تعود للحقبة الصليبية. 
مغارة الميلاد عبارة عن شكل قائم الزاوية تغطيه الأقمشة الاسبستية الحريرية الناعمة لحمايتها من الحرائق. تحت الهيكل الرئيسى نجد نجمة فضية تشير إلى موضع ميلاد يسوع، وعليها عبارة باللاتينية تقول: «هنا ولد يسوع المسيح من مريم العذراء». 
على يمين الناظر إلى الهيكل الرئيسى نجد المغارة التى تُدعى «مغارة المجوس»، حيث كان المذود الذى وضع فيه الطفل يسوع. 
فى آخر المغارة نجد بابا يؤدى بنا إلى مغارات عديدة تحت الأرض. ويفتح هذا الباب خلال الاحتفالات الدينية اللاتينية فقط. فى ظلام هذه المغارة التى تضيئها الشموع وبعض المصابيح يذكر التقليد المسيحى سر ولادة كلمة الله المتجسد.
كاتب وباحث فى التاريخ المسيحى والتراث المصرى