الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

الأخبار

تأميم القناة.. وغروب شمس بريطانيا

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
فى ٢٦ يوليو ١٩٥٦، أعلن الرئيس جمال عبدالناصر، فى خطابه الشهير وسط الجماهير الغفيرة بميدان المنشية فى الإسكندرية عن تأميم قناة السويس، قائلًا: «قرر رئيس الجمهورية تأميم الشركة العالمية لقناة السويس، شركة مُساهمة مصرية»، وهى الكلمات التى استقبلها المصريون باحتفالات كبيرة فى جميع ميادين الجمهورية، وهى أيضًا الكلمات التى كانت بمثابة رصاصة الرحمة للدول الاستعمارية وقتها.
وجاء قرار التأميم من أجل استعادة حق مصر فى إدارة القناة وايراداتها، وحرصت مصر وهى تسترد هذا الحق على المحافظة على المواثيق الدولية وعلى كل الاتفاقيات الخاصة بحرية الملاحة فى القناة. ويُعد قرار التأميم من أخطر القرارات السياسية التى اتخذها «عبدالناصر»، حيث كان بمثابة الشرارة الأولى فى تحدى ثورة ٢٣ يوليو للإمبراطوريات الاستعمارية، خاصة البريطانية والفرنسية، فى وقت كانت تسيطر فيه هذه الإمبراطوريات على معظم الدول الأفريقية والآسيوية، ولم تنبع خطورة القرار من توقيت اتخاذه فقط وإنما من الصمود فى تحمل ومواجهة ردود أفعاله.
ولما كان قرار «عبدالناصر» بتأميم قناة السويس بمثابة الطلقة النارية التى قتلت دول الغرب، خرج فى اليوم التالى الكثير من زعماء وسياسيي الدول الغربية ليعلنوا غضبهم من هذا القرار، وكان فى مقدمتهم أنتونى إيدن رئيس الوزراء البريطانى قائلًا عن عبدالناصر: «لقد فقد صوابه ولا بد أن نعيده إليه».
ولم يكتف بذلك بل قال «إيدن» فى اجتماع مجلس الوزراء الذى عُقد لمناقشة ما حدث: «أيها السادة، إنكم علمتم ما حدث فى مصر، إن المصرى قد وضع إصبعه على قصبتنا الهوائية، ويجب ألا نكتفى برفع إصبعه عن رقبتنا، ولكن يتعين علينا أن نقطع يده».
كما شنت وسائل الإعلام البريطانية هجومًا مُكثفًا على عبدالناصر بعد قرار تأميم القناة لدرجة تشبيهه بـ«هتلر» و«ستالين»، كما اعتاد أن يشبهه رئيس الوزراء البريطانى فى ذلك الوقت، وطالبت بضرورة التصدى له وتحجيمه قبل أن يزداد خطره.
وبدأت بريطانيا فى التفكير لإسقاط جمال عبدالناصر على خلفية قرار التأمين، بحُكم أنها كانت أكثر المتضررين من قرار تأميم القناة؛ حيث إنها كانت تمتلك ٤٥٪ من أسهم القناة، بالإضافة إلى أن ثلاثة أرباع النفط البريطانى يمر بالقناة، وكانت السفن البريطانية المستخدمة للقناة تمثل ثلث السفن العابرة.
وكانت خطة إسقاط عبدالناصر البريطانية ترتكز على فرض العقوبات الاقتصادية على مصر، وتجميد الأرصدة المصرية لديها، والتى كانت تبلغ فى ذلك الوقت ١١٣ مليون جنيه أسترليني، كما منعت شحن البضائع لمصر، وفرضت الرقابة على جميع حسابات البنوك المصرية فيها. وتضامنت فرنسا مع بريطانيا فى رفضها لقرار تأميم قناة السويس، من خلال رفضها دفع رسوم عبور القناة، وحاولت الضغط على مصر وتهديدها باستخدام القوة، بالإضافة إلى ضغطها اقتصاديًا على مصر، ثم وجهت بريطانيا الدعوة إلى ٢٣ دولة لحضور مؤتمر لندن فى ١٦ أغسطس ١٩٥٦، وأعلنت فرنسا وبريطانيا تعبئة الاحتياطي، وأذيع رسميًا تحرك قواتهما وأساطيلهما، إلى أن انتهى الأمر بإعلان بريطانيا وفرنسا بمشاركة إسرائيل الحرب على مصر ضمن العدوان الثلاثى ٣١ أكتوبر ١٩٥٦ والذى انتهى بانسحابهم تحت ضغوط دولية ومقاومة شعبية. على الجهة الأخرى، كان موقف الاتحاد السوفيتى من التأميم يُقابل بالتأييد والترحيب، وأكد «خروشوف» زعيم الاتحاد السوفيتى وقتها، أن مصر لم تخالف القانون الدولي، وإذا كان الغرب يطالب بإدارة دولية لقناة السويس لأن دولًا كثيرة تستخدمها، فلماذا لا ينطبق هذا على قناة «بنما» وقناة «كييل» ومضيق «الدردنيل»، كما وعدت إيطاليا بتأييد مصر، واعترفت ألمانيا الغربية فى بداية الأمر بمشروعية التأميم إلا أنها عدلت عن ذلك بعد ضغط أوروبي.