الملوك والأمراء لا تتم عملية ولادتهم مثل باقى خلق الله، هذه العملية التى يتساوى فيها البشر، لكن البروتوكول والمراسم ونظم توريث الحكم واختيار أولياء العهد والحكام تجعل هناك فرقا.
صحيح إن الزواج الملكى له طقوسه وهذا العقد لا يسجل فى الدوائر الحكومية، لكنه يسجل فى الديوان الملكى، وتعطى نسخة واحدة فقط للملكة من عقد قرانها الملكى وعلى ورق السراى وتوقيع مفتى الديار المصرية والأمراء الذى ينص عليه نظام الأسرة المالكة.
ومنذ سبعة عشر عامًا اتصل بى الفنان يحيى الفخرانى والمؤرخة النابغة المدققة النائبة الدكتورة لميس جابر وطلبا مقابلتى وزيارتى بدار أخبار اليوم بالإسكندرية، لكى أقوم بدور تعريفهما على الصديق النابغة الدولى أكرم أدهم النقيب، وقد تلقيت من الصديق العزيز كل معانى الترحاب، وقمت باصطحاب الفنان القدير يحيى الفخرانى والمؤرخة الدكتورة لميس جابر، وتركت لهما الجلسة وأخذت أتجول فى ما يشبه المتحف فى منزله، ولاحظت حرصه على وضع صورة لعقد قران والدته الملكة السابقة ناريمان آخر ملكات مصر إلى الملك فاروق، وعلى الفور طلبت إليه تصوير هذا العقد باعتباره آخر عقد ملكى فى تاريخ مصر، وكان الأخ أكرم رقيقًا، ووافق على الفور على التصوير، وسألته عن المأدبة الملكية للزفاف، فتم تصويرها، وسألته عن بطاقة الدعوة الملكية لحضور الحفل وقائمة المدعوين، وأرسلت هذه الصور إلى أخبار اليوم التى نشرتها فى عددها التذكارى بحلول القرن الحادى والعشرين، وسالت (اللعاب الصحفية) وطلبت إليه تصوير شهادة ميلاد آخر ملوك مصر على الورق، وهو الطفل أحمد فؤاد الثانى، فرد قائلًا، إن هذه الشهادة مودعة فى الديوان الملكى لسبب قانونى، وهو أنه موثق «كولى عهد مصر»، وأضاف أن والدتى الملكة ناريمان قامت بالولادة مرتين، الأولى لأخى الأكبر أحمد فؤاد، فعملية التوليد غريبة، فهى إذا وجد الطبيب المعالج والمتابع لحالة الملكة وحانت «لحظة المخاض»، فإن هناك لجنة من كبار الأطباء ورئيس الديوان وولى العهد بغير وجود الملك مع مفتى الديار المصرية، يحضرون عملية الولادة ونزول المولود، ويتأكد الجميع أن المولود ذكر أو أنثى، وفى حالة أخى أحمد فؤاد، فقد تأكدت هذه المجموعة فى وجود الأمير محمد على كبير العائلة مع شهادة المفتى واللجنة. وفى أواسط الستينيات حاولت أن أستخرج شهادة ميلاد الرئيس جمال عبد الناصر، وتصورت أنها عملية بسيطة، فالبيانات معروفة باسمه، جمال عبدالناصر حسين، وميلاده شارع قنواتى شياخة باكوس أول، ووالدته السيدة المرحومة فهيمة حماد، إلا أننى فوجئت بمكالمة تبلغنى أن هذا الطلب مستحيل ومرفوض، وعندما قلت لمحدثى يعنى لو طلبت شهادة ميلاد أى شخص قيادى آخر يمكن استخراجها، وكان الرد، هو أنت عاوز تنشر شهادة ميلاد الزعيم؟!
ولم يتسرب اليأس إلى حالتى الصحفية، فقد توجهت إلى مدرسة رأس التين الثانوية لأعرف حركته العملية من واقع سجلات وكشف بأسماء الفصل، ولكن أحد المدرسين القدامى أسر لى متسائلًا.. تعرف اللواء حسن صنديد، فقلت له رئيس هيئة الميناء، وكان الرد نعم دا صديقى، وقد تعرفت عليه فى حديقة إنطونيادس، حيث كان المشرف على احتفال دفعة الرئيس جمال عبدالناصر، فقال إذا لم تجد عنده الإجابة فهناك اللواء أحمد زكريا عبدالله، وهو يعمل مديرا عاما بشركة إصلاح السفن، وإذا لم يتحدق، فهناك الطيار عبده سليم، مدير الجمعية التعاونية بميدان المنشية.
