الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

سياسة

"البنتاجون" يغسل سمعة القاعدة إعلاميًا

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
انتقد الباحث إريك زويس، بمركز «جلوبال» للأبحاث، الكندي، والمعنى بدراسة منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، سياسة الولايات المتحدة الأمريكية تجاه سوريا، وأيضًا سياسة مراكزها البحثية المتعمدة فى امتداح تنظيم القاعدة، وتصدير صورة بأنه «الجهاد المعتدل»، وذلك فى مقال بعنوان «مفكرو البنتاجون يمتدحون القاعدة كأصوليين معتدلين»، قائلًا: «إن الولايات المتحدة تهدف ومؤسساتها الإعلامية والبحثية فى ترسيخ صورة ذهنية مغايرة لتنظيم القاعدة وتحسين سمعته الإرهابية». 
فى ٢٤ أكتوبر من العام الماضى ٢٠١٧، كتب كولين ب. كلارك، الباحث فى مؤسسة «راند» المؤسسة الرئيسية لوزارة الدفاع الأمريكية البنتاجون ، تقريرًا مطولًا بعنوان «الوجه المعتدل لتنظيم القاعدة»، إذ يرى التقرير أن القاعدة تعد بديلًا معتدلًا لتنظيم داعش الإرهابي، وذلك على خلفية تعنيف الظواهرى لمؤسس داعش فى يوليو ٢٠٠٥، لذبح الأخير للمسلمين الشيعة فى العراق آنذاك، ومع ذلك، ولكن بتدقيق النظر فى فحوى الرسالة هو يقول فعلا «إنه يجب ذبح الشيعة، ولكن ليس الآن»، لأن معظم المسلمين لن يفهموا فى ذلك الوقت لماذا يستحق الشيعة الموت، ويعرض الظواهرى مشكلة أن ذبح الشيعة فى ذلك التوقيت سيضر بسمعة التنظيم فى هذه المرحلة، خاصة أن أحد أولوياتها بناء الحركة السنية الأصولية لإقامة خلافة إسلامية عالمية، وفيما يلى مقتطفات من رسالة الظواهرى إلى الزرقاوي: « لن يستوعب غالبية المسلمين ولن يتقبلوا هجومكم المتكرر على الشيعة، وفى رأيى أن هذا الأمر لن يكون مقبولا لدى الشعوب المسلمة، وحاولت مرارًا شرح حالة النفور التى ستلاقى التنظيم، كما أن أغلب المجاهدين لن يستطيعوا قتل كل الشيعة فى العراق، كما أن الرأى العام لحلفائنا – إيران – لن يتقبل ذلك».
يقول «كلارك» الباحث بمعهد «راند»، «إن جبهة النصرة التابعة لتنظيم القاعدة قامت خلال عام ٢٠١٦ بتغيير اسمها عدة مرات، واستحدثت أسماء أشبه بالعلامات التجارية، ليصبح من جبهة النصرة إلى جبهة فتح الشام إلى هيئة تحرير الشام، فى محاولة منه لتقديم نفسه كبديل معتدل للمجموعات الأكثر تطرفا العاملة والناشطة فى سوريا، بما فى ذلك تنظيم داعش الإرهابي، التقرير الذى ترجمته «بوابة الحركات الإسلامية» فى وقت سابق».
ورغم إعادة تسمية نفسها ورؤية خبراء الإرهاب لهذا التغيير باعتباره مجرد خدعة من التنظيم، وفى الوقت ذاته استطاع التنظيم إعادة تغيير صورة القاعدة ذهنيًا لدى المواطنين السوريين داخل سوريا، كان قرار جبهة النصرة فى الابتعاد عن التنظيم الأم، محسوباً بعناية، فى محاولة منه لتصوير نفسه كقوة شرعية قادرة ومستقلة فى الحرب الأهلية السورية الجارية، إلى جانب محاولة إثباته أن المسلحين الموجودين فى سوريا كرسوا أنفسهم لمساعدة السوريين فى نضالهم ضد نظام الأسد، وأخيرا، فإنه سيعطى التنظيم المركزى قدرة من الاستنكار لمجريات الأمور داخل الأراضى السورية مما يمهد الطريق له من الحصول على مساعدات عسكرية من الدول الخارجية الداعمة والمتحالفة معه.
الأمر الأكثر خطورة أن «كلارك» كتب فى سياق لاحق بالمقال: «القاعدة البديل المعتدل»، ويرى الباحث إريك زويس، أن سياسة الولايات المتحدة فى سوريا خلال رئاسة باراك أوباما، كانت لحماية القاعدة هناك؛ وذلك حتى ٩ سبتمبر ٢٠١٦، كان أوباما ثابتا فى عدم السماح لوزير خارجيته جون كيرى بعقد اجتماع مع نظيره الروسي، سيرجى لافروف، وزير خارجية روسيا، للدخول فى مفاوضات لوقف إطلاق النار، وإنهاء الحرب الأمريكية – السعودية القطرية الإماراتية الكويتية التركية، ضد سوريا».
ورغم عدم رغبة «كيرى» فى حماية القاعدة، ولكن رئيسه أوباما طالبه بذلك، حتى سمح الأخير فى ٩ سبتمبر ٢٠١٦ لـ«كيرى» بالتوقيع مع «لافروف» على اتفاق لوقف إطلاق النار، وتم السماح لروسيا بمواصلة قصف كل من داعش والقاعدة، إذ كانت الولايات المتحدة وروسيا ضد داعش، ولكن روسيا وحلفاءها فقط كانوا ضد القاعدة أيضا، ليبدأ سريان وقف إطلاق النار فى ١٢ سبتمبر، وبعد خمسة أيام فقط، فى ١٧ سبتمبر توقف اتفاق السلام فجأة، عندما انتهكت الولايات المتحدة الاتفاق وقامت بقصف قوات الحكومة السورية فى دير الزور، أحد معاقل التنظيم فى سوريا، حيثما تقاتل الأخيرة قوات داعش لتقوم عمدًا بتخريب جهود «كيرى» التى استمرت عاما كاملا لتحقيق وقف إطلاق النار مع روسيا، ليبدأ بوتين على الفور، مع إيران، وتركيا فى عملية سلام خاصة بها من أجل سوريا، والمشاركة فى محادثات السلام التى تم عقدها فى أستانا، عاصمة كازاخستان.
ولكى ندرك حجم المشكلة فى توجه الإدارة الأمريكية تجاه سوريا، ما صرح به وزير الخارجية ريكس تيلرسون، وزير خارجية إدارة الرئيس دونالد ترامب خلال مؤتمر صحفى عقد فى ٢٦ أكتوبر ٢٠١٧: «لقد كررنا أكثر من مرة أن الولايات المتحدة تريد سوريا كلها دولة موحدة دون دور لبشار الأسد فى الحكومة».
ويتساءل زويس إذا كان هناك خصمان كبيران أحدهما إرهابى اشترك فى تفجيرات ١١ سبتمبر، والآخر هو نظام ورئيس دولة أيهما أكثر تهديدًا للولايات المتحدة القاعدة أم بشار؟، ويجيب الكاتب قائلًا: «من وجهة النظر الأمريكية نعم لوجود القاعدة؛ ولكن الأسد لا، تماما مثل داعش.
ويستنتج «زويس» أن هدف أمريكا الرئيسى فى سوريا هو غزو سوريا، وفى حال اختفاء القاعدة لن تتمكن الولايات المتحدة من غزو سوريا، ولذلك عليها مقاتلة بشار وداعش ولكنها تحمى باستماتة القاعدة وتماطل فى إعلان موقف ضدها.
وينتهى التقرير بأن عدو إسرائيل الأول هو إيران، أكبر تجمع للمسلمين الشيعة، ولذلك لا بأس من تجييش عدة جبهات لمحاربة الشيعة فى المنطقة لكسر شوكة إيران، ولذلك لا عجب إذن أن نجد السعودية أكبر حليف للولايات المتحدة هى أيضأ بدورها تحارب الشيعة فى اليمن، وترفض النظام السوري، وتدعم القاعدة وداعش اللذين يذبحان فى شيعة العراق وسوريا، المهم هو محاربة أعداء إسرائيل الحليف الاستراتيجى لأمريكا، حتى وإن كان ذلك باستخدام شرور الأصوليين السنة.