الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

"الثقافة" تحتفل بمئوية الزعيم: ماذا لو عاش جمال عبدالناصر؟

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
وسط اهتمام كبير على الصعيدين الثقافي والإعلامي، تحتفل مصر بعد غدٍ الاثنين بالذكرى المئوية الأولى لمولد الزعيم الراحل جمال عبدالناصر، قائد ثورة 23 يوليو 1952، بوجهها الثقافي المضيء الذي أثرى التاريخ الثقافي العربي.
ووسط اهتمام كبير في الصحف ووسائل الإعلام المختلفة بذكرى مرور 100 عام على ميلاد جمال عبد الناصر وطروحات متعددة ورؤى جديدة ولقطات وصور نادرة في مراحل حياته، ثمة اتفاق عام بين المثقفين على اختلاف اتجاهاتهم السياسية على أن الزعيم الراحل الذي ولد يوم 15 يناير 1918، وقضى يوم 28 سبتمبر 1970 كان صاحب اهتمامات ثقافية عميقة، بقدر ما ترك منجزات ثقافية شاهقة لمصر والأمة العربية.
وتحتفل وزارة الثقافة بكل قطاعاتها بمئوية جمال عبدالناصر طوال شهر يناير الحالي وعبر أنشطة وفعاليات متعددة، من بينها ملتقيات ينظمها المجلس الأعلى للثقافة، تبدأ بعد غد بمؤتمر في "المسرح الكبير بدار الأوبرا" وندوة فكرية يوم الثلاثاء المقبل تقام في القاعة الرئيسية بمركز الإبداع بعنوان: "مشروع جمال عبدالناصر- رؤية مستقبلية".
ولئن تضمنت هذه الاحتفالات عرض فيلم تسجيلي بعد غد في دار الأوبرا للمخرج أحمد فؤاد درويش بعنوان دال هو "ماذا لو عاش عبدالناصر؟" لقد استمر الجدل السياسي والفكري حول تجربته التاريخية وإنجازاته وإخفاقاته وإمكانية استلهام بعض الدروس من هذه التجربة المحفورة بوشم الإخلاص في الذاكرة الثقافية المصرية والعربية.
ويقول مدير مكتبة الإسكندرية الدكتور مصطفى الفقي: "مهما احتدم الجدل حول شخصية عبدالناصر فإنه يبقى أكثر الشخصيات تأثيرًا في العالم العربي خلال القرن العشرين، وهو القائد الذي وصل تأثيره إلى قاع القرية وحارات المدينة".
وكشف مصطفى الفقي أن مكتبة الإسكندرية اختارت يوم 26 يوليو هذا العام كقمة الاحتفال "بمئوية قادة ثورة 23 يوليو حيث ولد جمال عبدالناصر في 15 يناير 1918 وارتبط ميلاد خليفته أنور السادات بيوم 25 ديسمبر من نفس العام، ولذلك فإن عام 2018 هو عام قادة ثورة يوليو بامتياز، أما يوم 26 يوليو فهو العيد القومي للإسكندرية التي تشرف المكتبة بحمل اسمها".
وثورة 23 يوليو 1952 التي قادها جمال عبدالناصر مع رفاقه الأحرار، ومن بينهم أنور السادات، حلقة في سلسلة متصلة من كفاح المصريين من أجل الحياة الحرة الكريمة بقدر ما عبّرت عن أصالة إرادة المواجهة في لحظة التحدي، حتى لحسابات ومصالح قوى كبرى في العالم وهو ما تجلى أيضًا في ثورة 30 يونيو 2013 والتي جاءت ردًّا على تحديات وجودية كانت تهدد بفداحة مصر والمصريين وهويتهم ومنظومة قيمهم ودولتهم الوطنية التي هي دولة كل المواطنين تحت سماء الوطن الواحد.
وإذ تستمر عملية التحليل والتقييم الموضوعي لثورة 23 يوليو، شأن أي حدث تاريخي كبير، تؤكد هذه الثورة المصرية الخالدة مكانتها العالية في التاريخ الثقافي العربي وأصالة مواريثها الثقافية، سواء على مستوى القضايا الفكرية التي ما زالت تلهم كبار المثقفين العرب وتحفزهم على مزيد من البحث والإبداع، أو على مستوى الإنجازات الثقافية المضيئة حتى الآن على امتداد الوطن.
ويتفق العديد من المثقفين على أهمية قراءة "التجربة الناصرية في سياقاتها التاريخية والتحديات الهائلة التي واجهت التجربة وصولًا لتقييم موضوعي يخدم المستقبل، فيما تتيح احتفالات وزارة الثقافة للأجيال الشابة التي لم تعاصر التجربة الناصرية إمكانية التعرف على الكثير من تفاصيل وملامح هذه التجربة الثرية في التاريخ المصري والعربي والإنساني.
وقرر وزير الثقافة حلمي النمنم فتح "متحف جمال عبدالناصر" مجانًا للجمهور ولمدة ثلاثة أيام اعتبارًا من 15 يناير وحتى 17 من الشهر نفسه، فيما تقيم دار الكتب والوثائق القومية احتفالية بعد غد بمناسبة المئوية الأولى لمولد جمال عبدالناصر، كما تصدر عدة كتب عن الزعيم الراحل، وبعضها يضم صورًا ووثائق نادرة، إلى جانب مشاركة المركز القومي للترجمة في هذه الاحتفالات الثقافية بكتاب "ناصر" من تأليف الروسي أناتولي أجاريشييف وترجمة سامي عمارة.
أما الهيئة العامة للكتاب فانتهزت فرصة الدورة الجديدة لمعرض القاهرة الدولي للكتاب التي تبدأ 27 يناير الحالي وتستمر حتى 10 فبراير المقبل للاحتفال بمئوية جمال عبدالناصر، سواء على مستوى الكتب والإصدارات، أو على مستوى الندوات واللقاءات الثقافية بالمعرض.
وفيما تشارك الهيئة العامة لقصور الثقافة بفعاليات وندوات متعددة في احتفالات مئوية جمال عبدالناصر عبر أفرعها بالأقاليم، فإن هذه الهيئة كانت في الواقع ثمرة من ثمار الاهتمام الكبير بالثقافة الجماهيرية في ستينيات القرن العشرين وفي ظل ما عرف "بالعصر الذهبي لوزارة الثقافة المصرية" بقيادة أحد رفاق جمال عبدالناصر وهو الدكتور ثروت عكاشة.
ولئن كانت ثورة 23 يوليو قد شكلت ثقافة وطنية ضد الهيمنة الأجنبية مرتكزة على حضارة شعب راسخ في أرضه عبر آلاف الأعوام، فإنها بما شكلته من مشروع وطني وما تبنّته من رؤى قومية للأمة العربية كان تأثيرها الثقافي عميقًا بكل المقاييس فيما منحت القاهرة المزيد من التألق كعاصمة ثقافية للمنطقة كلها وأحد أهم المراكز الثقافية على المستوى الكوني.
وفيما عرف بعشقه للقراءة والاطلاع في كل جديد في المعرفة والثقافات الإنسانية، تؤكد كتابات وشهادات متعددة ولع الزعيم الراحل جمال عبدالناصر بالمقطوعة الموسيقية "شهرزاد" التي استلهمها الموسيقار الروسي نيكولاي كورساكوف من العمل الخالد "أالف ليلة وليلة".
وإذا كانت الذكرى المئوية الأولى لمولد قائد ثورة 23 يوليو مناسبة لاستدعاء ذكرى "الضمير الثقافي لهذه الثورة كما تجسد في الراحل العظيم الدكتور ثروت عكاشة بإنجازاته الثقافية الخالدة كأبرز وزير ثقافة في الحقبة الناصرية" فإن من دواعي الإنصاف وطبائع الأمور القول إن هذا الوزير المفكر لم يكن لينجز كل ما أنجزه لولا دعم ومساندة جمال عبدالناصر قائد الثورة ورئيس الدولة.
وهكذا وفي ظل هذا الدعم والمؤازرة تسنَّى لثروت عكاشة "فارس السيف والقلم والوجه الثقافي المضيء لثورة 23 يوليو" أن ينقذ آثار النوبة ومعابد أبو سمبل وفيلة من الغرق أثناء تنفيذ مشروع السد العالي وأن يقيم صرحًا عملاقًا مثل أكاديمية الفنون بمعاهد الباليه والكونسرفتوار والسينما والفنون المسرحية وينشر قصور الثقافة لتقديم خدمة ثقافية لن ينساها التاريخ لجماهير شعبنا في كل مكان.
وتشارك دار الأوبرا في مئوية مولد ناصر بحفل موسيقي يقام يوم الثلاثاء المقبل لتقدم أوركسترا الموسيقى العربية على "المسرح الكبير" مجموعة من الأغاني التي تؤرخ لمرحلة حكم جمال عبدالناصر وهي المرحلة التي شهدت إقامة "قاعة سيد درويش للاستماع الموسيقي" وإعادة تكوين أوركسترا القاهرة السيمفوني وفريق أوبرا القاهرة، فضلًا عن عروض الصوت والضوء بالأهرام والقلعة ومعبد الكرنك.
كما أوفد ثروت عكاشة وزير الثقافة الشهير في عصر جمال عبدالناصر والعضو بالمجلس التنفيذي لليونسكو معارض الآثار المصرية للخارج لأول مرة ليحقق التواصل الحضاري والثقافي بأروع معانيه، وهو الذي أقام متحف مراكب الشمس ومتحف المثال محمود مختار ودار الكتب القومية ونظم احتفالية باقية في ذاكرة التاريخ الثقافي المصري والعالمي في العيد الألفي للقاهرة عام 1969.