الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

إحسان عبدالقدوس.. صاحب النظارة السوداء

الكاتب والروائي إحسان
الكاتب والروائي إحسان عبد القدوس
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
أثرت بيئته المتناقضة في شخصيته، فالجلسات الدينية التي حضرها بمنزل جده الأزهري كانت تختلف تماما مع الندوات الفنية والثقافية التي تعقدها والدته اللبنانية وتركية الأصل روز اليوسف، وقال عن هذا الاختلاف: "كان الانتقال بين هذين المكانين المتناقضين يصيبني في البداية بما يشبه الدوار الذهني، حتى اعتدت عليه بالتدريج واستطعت أن أعد نفسي لتقبله كأمر واقع في حياتي لا مفر منه"، إنه الكاتب والروائي إحسان عبدالقدوس.
وُلد إحسان عبدالقدوس لأب من عائلة منغلقة على العادات والتقاليد من محافظة الغربية وأم لبنانية مثقفة ومتفتحة، فنشأ إحسان وترعرع في منزل جده الأزهري ورئيس الكتاب بالمحاكم الشرعية في 1 يناير منذ عام 1919، وكان لمنزل جده المُفعم ببعض التقاليد والتي تتناقض مع الندوات الفنية والثقافية التي كانت تُنظمها والدته أثرا كبيرا في نفسه، ولكن بسبب هذا التناقض.
وبسبب حب والده المهندس محمد عبد القدوس لمجال الفن والمونولوج والسينما وتركه العادات والتقاليد الأسرية بزواجه من الممثلة اللبنانية المتفتحة روز اليوسف، مما نتج عنه أن تبرأ الجد الأكبر من والده فترك وظيفته كمهندس بالطرق والكباري وتفرغ للفن والتأليف والتمثيل. 
إلتحق إحسان عبد القدوس وهو في التاسعة عشر من عمره بكلية الحقوق جامعة القاهرة، ولكنه لم يجد نفسه في هذا المجال ففشل فشلا زريعا به حيث قال في ذلك "كنت محاميًا فاشلًا لا أجيد المناقشة والحوار، وكنت أداري فشلي في المحكمة إما بالصراخ والمشاجرة مع القضاه، وإما بالمزاح والنكت وهو أمر أفقدني تعاطف القضاه، بحيث ودعت أحلامي في أن أكون محاميًا لامعًا"، فإستمر عبد القدوس في محاولاته حتى بائت بالفشل وترك المحاماه.
تولى إحسان عبدالقدوس رئاسة تحرير مجلة روز اليوسف التي أسستها والدته وهو في السادسة عشر من عمره، ولكنه أيضا لم يستمر كثيرا في هذا الوضع فتركها وقدم إستقالته وتولى بعد ذلك رئاسة تحرير جريدة أخبار اليوم لمدة أربع سنوات منذ 1966، وتوالت تعيناته الصحافية بعد ذلك ولكنه تعرض كثيرا للسجن بسبب مقالاته السياسية، ومن أشهرها قضية الأسلحة الفاسدة التي نبهت الرأي العام إلى خطورة الوضع، كما تعرض كثيرا لمحاولات إغتيال متعددة، إلى جانب حبسه بالسجن الحربي.
أحب الروائي إحسان عبد القدوس الكتابة كثيرا، ولكنه تعرض كثيرا للنقض بسبب إنتقاده الدائم للمجتمع المصري والفساد به إلى جانب إسقاطاته السياسية التي إعترض عليها السياسيين والرؤساء مثل روايته البنات والصيف التي وصف فيها حالات الجنس بين الرجال والنساء في فترة إجازات الصيف، إلى جانب قصصه في صانع الحب، بائع الحب، والنظارة السوداء.
شارك عبد القدوس أيضا في كتابه سيناريو العديد من الأفلام السينمائية مثل لا تطفيء الشمس، إمبراطورية ميم، أبي فوق الشجرة، وذلك إلى جانب رواياته الخاصة التي تحولت إلى أفلام ومسلسلات حتى وصلت إلى 70 فيلم ومسلسل تلفزيوني فأصبح بذلك من أكثر الكتاب والروائيين له أعمال سينمائية.
من الأعمال التي شارك إحسان عبد القدوس في كتابتها أو صياغة السيناريو الخاص بها بئر الحرمان، هي والرجال، عريس لأختي، لا تطفيء الشمس، ثقوب في الثوب الأسود، أنف وثلاث عيون، حتى لا يطير الدخان، النظارة السوداء، ونسيت إني إمرأة إلى جانب مجموعة أخرى من الأعمال ذات القيمة الفنية والأدبية والتي تحول الكثير منها إلى لغات أجنبية متعددة.
فارق الروائي والسيناريست إحسان عبدالقدوس الحياة في مثل غدٍ 12 يناير من عام 1990 بالقاهرة تاركا بصمته الأدبية الفريدة بأعمال لا تزال موضع اهتمام لدى القراء والمشاهدين، وذلك عن عمر ناهز 71 عاما.