الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

ذكرى مئوية "ناصر" زعيم كل العصور.. ساعد الأفارقة على التحرر من الاحتلال.. فعشقوه وخلدوا اسمه على شوارعهم

جمال عبد الناصر
جمال عبد الناصر
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news


الزعيم الراحل جمال عبد الناصر أثناء حكمه لمصر رسم معالم سياستها الخارجية، عبر ثلاثة دوائر رئيسية، عربيًا، وأفريقيا، وإسلاميا، لاستعادة دورها ومكانتها في المنطقة والتي كانت مهمشة بسبب الاستعمار.
فى ضوء ذلك اتخذ العديد من القرارات على الصعيد الأفريقي ساعدت مصر وبقوة أن تعتلي عرش أفريقيا، وأن تكون لها الكمة العليا والدور الأبرز في حل مشاكل القارة السمراء، هذه المكانة التي لم يحافظ عليها أيا ممن تبعه في حكم مصر، لدرجة ترك المجال للمخابرات الاسرائلية والتركية تعبث وتجعل الملف الأفريقي قاس على مصر.


القارىء الجيد فى كتاب "فلسفة الثورة" والذى يعكس وبوضوح توجه عبد الناصر افريقيا حيث قال" "إننا لا نستطيع بأي حال أن نقف بمعزل عن الصراع الدامي المخيف الذى يدور اليوم في أفريقيا بين البيض والأفريقيين، وسوف تظل شعوب القارة تتطلع إلينا نحن الذين نحرس الباب الشمالي للقارة، الذى تعتبر صلتها بالعالم الخارجي كله لن نستطيع بحال من الأحوال أن نتخلى عن مسئولياتنا في المعاونة بكل ما نستطيع على نشر النور والحضارة حتى أعماق القارة العذراء".. عبارات حددت التوجه السياسي المصري الجديد تجاه أفريقيا.




مساندة حركات التحرر 
فبعد الحرب العالمية الثانية وانتشار أفكار التحرر، انطلقت العديد من الدول الأفريقية في البحث عن حريتها من الاستعمار، وبعده قامت ثورة 23 يوليو لتلعب مصر بعدها دورا هاما في مساندة هذه الدول، فتبنى عبد الناصر سياسة مساعدة وإمداد هذه الدول بالمال والسلاح، اللازم لمواجهة قوى الاستعمار، بالإضافة للدعم السياسي والدبلوماسي لهذه الدول، وقد تأسست" الجمعية الأفريقية" في الزمالك بالقاهرة والتي كانت حاضنة لحركات الاستقلال وعملت على إعداد وتدريب القيادات الإفريقية لتتحمل مسئولية الكفاح لتحرر بلادها.



ثورة الجزائر
ساندت مصر الثورة الجزائرية حتى حصولها على استقلالها عام 1962، فتحولت إذاعة صوت العرب لبوق دعائيا للثورة الجزائرية، كذلك إنشاء أول إذاعة سرية للجزائر عام 1955 تذيع بيانتها، بل وتأسسست أول حكومة للجزائر في المنفى على أرض مصر عام 1959.
كما ساعد وأيد حركات التحرر والاستقلال للشعب التونسي، والمغربي والليبي للحصول على استقلالهم، ووقف وبقوة ضد محاولة تقسيم ليبيا لثلاثة دويلات صغيرة.

ولم يتوقف الأمر على الدول العربية فحسب، ولكنه توجه لشرق أفريقيا حيث ساند الصومال وكينيا وأوغندا وتنزانيا، والصومال، وتوجه لمساعدة حركات التحرر في دول غرب وجنوب القارة مثل غانا والكونغو ونيجريا، ونتيجة لحركات التحرر ومساندة مصر للدول الأفريقية، لم يتوقف دور مصر على ذلك فحسب، لكنه قاوم حركات الانفصال بعد الاستقلال خصوصا في نيجريا والكونغو، وجنوب السودان وتوجه بريطانيا لفصله، واعتباره دولة تتوجه نحو المحيط الهندي حيث شرق افريقيا البريطانية.

ونتيجة لمجهودات عبد الناصر ومساندة الدول الأفريقية في عام 1960 حصلت 71 دولة أفريقية على استقلالها، حتى اطلق على هذا العام"عام التحرر"، لتعترف هذه الدول بفضل عبد الناصر حتى الأن، وخير دليل هو تمثال عبد الناصر"جوهانسبرج" بجنوب أفريقيا والذي أزاح عنه الستار" نيلسون مانديلا"بنفسه اعترافا منه بفضل هذا الرجل على تحرر شعوبه.





تمكين السودان من الحكم الذاتي
منذ عام 1882 وبعد احتلال بريطانيا لمصر وإبرام اتفاقية السودان عام 1899، والتي كانت بمثابة احتلال مشترك للسودان من قبل بريطانيا ومصر، وحتى ثورة 23يوليو ورئاسة عبد الناصر لمصر، والذي وضع هذه القضية كأهم أولوياته فحرص على منح السودان حقها في الحكم الذاتي، حيث رفض مبدأ احتلال مصر للسودان في الوقت الذي تبحث فيه مصر عن حريتها من الاحتلال الانجليزي كما ان تمسك مصر بالسودان سوف يشوه الثورة والتي طالبت بالحرية والاستقلال، لهذا قرر عبد الناصر تمكين السودان من ممارسة الحكم الذاتى، وأرسل مذكرة بذلك للحكومة البريطانية، تتضمن عدم تمسك حكومة الثورة بوحدة مصر والسودان، ومطالبة مصر بحق السودان في تقرير مصيرها بحرية تامة تحت إشراف دولي، ولم تستطع بريطانيا وقتها غير أن ترضخ للإرادة المصرية وتوقع على الاتفاق الذى يمنح السودانيين حق تقرير مصيرهم، وبالفعل تم فى 21 فبراير 1953 تم توقيع الاتفاقية المصرية البريطانية بشأن السودان، وتختار السودان الاستقلال التام عن مصر وبريطانيا معًا، فترحب مصر بالقرار.





الصندوق الفني المصري للتعاون الافريقي
وبعد حركات الاستقلال التي حظيت بها العديد من الدول الأفريقية، حرص عبد الناصر على تقديم الدعم الكامل لها من خلال إنشاء الصندوق الفنى المصرى للتعاون مع الدول الإفريقية، حيث كانت المعونة الفنية المتمثلة فى الخبراء والفنيين والأساتذة، خصوصًا من الأزهر، والأطباء، وأساتذة الجامعات والعمالة الفنية، وحرص كذلك على إقامة السدود وتوليد الكهرباء المائية وغيرها من المشروعات.

علاوة على وجود أكثر من 52 مكتبًا لثلاث شركات قطاع عام تعمل فى مجال التجارة الخارجية هم" شركة النصر للتصدير والاستيراد، ومصر للتجارة الخاريجية، ومصر للاستيراد التصدير" وكان لتلك الفروع المصرية دورًا هامًا فى الترويج للمنتجات المصرية.



مساندة أفريقيا علميا
ولم يتوقف دور مصر على الدعم السياسي والدبلوماسي والاقتصادي، ولكنها دعمت القارة السمراء علميا لتنشر الوعي بينهم، حيث حاربت حركات التبشير التى قام بها الغرب، وذلك من خلال الدور الإيجابى الذى لعبه الأزهر الشريف، والذي لعب دورا حيويا في مواجهتها، كما ساعدت الدول الأفريقية على مواجهة الغزو الثقافي الفرنسي، من خلال إرسال البعثات العلمية والدينية، والتي استطاعت أن تقاومه، وتمنع تأثيره على العديد من الدول الأفريقية خاصة السودان والصومال.

كما أنشأت مصر"إذاعات موجهة" لبلدان القارة الأفريقية، لمساعدة شعوبها وحركات تحريرها، ولنشر الوعي بينهم، باللغات الأفريقية المحلية السائدة فيها، وقد بلغ عدد اللغات الأفريقية المحلية التى يتم بث الإذاعات المصرية الموجهه بها 33 لغة.





منظمة الوحدة الأفريقية

تعتبر مصر من أبرز الدول المؤسسة لمنظمة الوحدة الأفريقية التى أنشئت عام1963، وتولت مصر رئاستها بقيادة الرئيس جمال عبد الناصر في دورتها الأولى، لتعلن بذلك تحملها للمسئولية الافريقية، وانعقدت الدورة الأولى للقمة الأفريقية بالقاهرة عام 1964، والتي كان لها مردود كبير على تغيير وضع الدول الأفريقية دوليا.
فقبل عام 1960 كان عدد الدول الأعضاء في الأمم المتحدة دولتين هما ليبريا وأثيوبيا، أما بعد هذا العام وحصول العديد من الدول على استقلالها أخذ العدد يتزايد حتى وصل في بداية السبعينات ل35 دولة، ونجح عبد الناصر في فرض القضية الفلسطينية على أفريقيا، حيث كان له دورا بارزا في ربط القارة الأفريقية بقضية فلسطين، وهو ماو ضح جليا في تأييد هذه الدول للموقف المصري وقضية فلسطين في دورات الجمعية العامة للأمم المتحدة.
كما نجحت مصر فى الحصول على موافقة "منظمة الوحدة الأفريقية" على منح "منظمة التحرير الفلسطينية"، صفة المراقب شأنها شأن حركات التحرير الأفريقية، كما نجحت فى إدراج قضية فلسطين، والشرق الأوسط على جدول أعمال اجتماعات مجلس الوزراء الأفريقى فى بندين دائمين وذلك بعد حرب عام 1967.