الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

جماعات التطرف.. حصان طروادة المؤامرات

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
جماعات التطرف.. حصان طروادة المؤامرات


«أمريكا» تدعم الجماعة.. و«المافيا الروسية» تمد «القاعدة» بالسلاح

كتبت- دعاء إمام
أعادت الاتهامات المتبادلة بين موسكو وواشنطن، على خلفية قصف قاعدتى طرطوس وحميميم، على الساحل السورى، اللتين توجد بهما قوات روسية، الحديث عن دعم البلدين لجماعات إسلامية متطرفة لخدمة مصالحهما.
كانت وزارة الدفاع الروسية، أعلنت فى بيان لها، أن «عشر طائرات دون طيار محملة متفجرات»، هاجمت قاعدة حميميم الجوية الروسية، ليل ٥ و٦ يناير الجارى، فيما هاجمت ثلاث طائرات أخرى، قاعدة الأسطول الروسى، فى طرطوس، دون أن يؤدى ذلك إلى سقوط ضحايا أو أضرار.
وجاء فى بيان الوزارة، الذى نشرته صحيفة «كراسنايا زفيزدا» الروسية، أن «الطائرات المسيرة أُطلِقَت من بلدة الموزرة، الواقعة جنوب غربى منطقة إدلب، شمال غربى سوريا، المشمولة باتفاق خفض التوتر، والخاضعة لسيطرة مجموعات مسلحة»، فيما يشن النظام السورى حاليًا هجومًا فى جنوب إدلب.
واتهمت روسيا دولة لم تسمها بتزويد مسلحى المعارضة السورية بقدرات تكنولوجية نوعية، فيما سارعت وزارة الدفاع الأمريكية، لنفى التهمة عن نفسها، وهو ما اعتبره وزير الدفاع الروسى سيرجى شويغو، تعزيزًا للشكوك الروسية، فى احتمال ضلوع الأمريكيين فى هذا الاعتداء.
ويبدو أن الجماعات الإسلامية المتشددة باتت كلمة السر فى توتر العلاقات الروسية الأمريكية، ففى مطلع العام المنصرم، اعترف الرئيس الروسى، فلاديمير بوتين، بأن المشكلات بين بلاده والولايات المتحدة لم تنته بعد، آملًا فى أن يحمل العام الجديد تحسنًا فى العلاقات بين البلدين، لا سيما أن كلتيهما اجتمعت على محاربة التنظيمات الإرهابية فى سوريا والعراق.
ولم تمض سوى عشرة أشهر فقط، حتى قال رئيس الوزراء الروسى، ديميترى ميدفيديف، إن روسيا والولايات المتحدة ليستا خصومًا فقط، بل إنهما أصبحتا «أعداء»، وذلك على خلفية ما وصفه بـ«الاستفزازات الدموية»، التى تقوم بها قوات التحالف ضد القوات الروسية فى سوريا.
وبعد ذلك، أقرت روسيا على لسان نائب وزير دفاعها، ألكسندر فومين، أن كل المنظمات الإرهابية لا تنشأ فى الواقع من تلقاء نفسها، بل هى ثمرة جهود سياسية ومالية وعسكرية وتنظيمية كبيرة، تأتى من الخارج كقاعدة عامة، وأنه يتم خلق المنظمات الإرهابية، لتنفيذ إرادة ما، هى فى الواقع مجرد دُمى، فى يد الدول الداعمة للإرهاب.
والحقيقة أن هذا الوصف ينطبق أيضًا على روسيا، حيث تحدث ضابط الاستخبارات الروسى السابق، ألكسندر ليتفيننكو، قبل اغتياله فى لندن عام ٢٠٠٦، عن صلة غامضة، طرفاها العصابات الروسية، والقيادى فى تنظيم القاعدة حينها أيمن الظوهرى، إذ قال إن المافيا الروسية متورطة فى تهريب أسلحة نووية لجماعات مجهولة، وصفها بـ«جماعات راديكالية إسلامية»، رغبت فى تزويد أنفسها بأسلحة حديثة.
ودعم أحمد سلامة، عضو مجلس شورى «تنظيم الجهاد» الإرهابى فى مصر، رواية ضابط الاستخبارات الروسية، حينما أفاد بأن «الظواهرى» أُلقِىّ القبضُ عليه فى دولة داغستان، وأمضى فترة اعتقال لمدة ستة أشهر، دون أن تكشف سلطات داغستان عن هويته، بعد أن تم توقيفه، بسبب حيازته جواز سفر مزورا، موضحًا أنه كان برفقة «الظواهرى»، الرجل الثانى فى تنظيم الجهاد، قبل انضمامه للقاعدة، وعضو مجلس شورى تنظيم الجهاد، المحامى ثروت صلاح شحاتة، المدرج على قائمة الإرهاب الدولية.
وخلال محاكمة «سلامة»، فى قضية العائدين من ألبانيا، قال إن زعيم تنظيم القاعدة الراحل، أسامة بن لادن، تمكن من إخراج «الظواهرى» ورفيقه من محبسهما فى داغستان، دون أن يكشف أحد هويتهما الحقيقية، برشوة بعض المسئولين، مشيرًا إلى أنه خلال فترة السجن توطدت علاقة الظواهرى بالمافيا الروسية، وقيل إنه استطاع عبر علاقاته بهم شراء ثلاث قنابل نووية روسية، نُقلت إلى أفغانستان.
وظلت الرواية السابقة مشكوكا فى صحتها، إلا أنه فى يناير ١٩٩٦ تسلم معهد «مونتيرى» للدراسات الدولية معلومات من أحد كبار مستشارى الرئيس الروسى آنذاك، بوريس يلتسين، تفيد بأن عددًا غير محدود من القنابل النووية الصغيرة، كان قد تم صنعها للاستخبارات السوفيتية، لكنها اختفت من قائمة الأسلحة السوفيتية.
وفى مايو، اجتمع وفدُ الكونجرس الأمريكى، بسكرتير مجلس الأمن الروسى السابق، ألكسندر ليبيد فى مايو ١٩٩٧، وقال «ألكسندر»، إن أكثر من ٨٤ سلاحًا نوويًا صغيرًا اختفى من الترسانة الروسية، وقد تكون هذه الأسلحة فى يد مجموعة من الإسلاميين المتطرفين، وإن هذه القنابل الصغيرة طوِرَت، بحيث يمكن حمل إحداها فى حقيبة صغيرة، مضيفًا أنه كانت هناك تقارير تفيد بأن المسلحين الشيشان باعوا ٢٠ حقيبة نووية لأسامة بن لادن، مقابل ٣٠ مليون دولار.
على الجانب الآخر، نشرت مجلة «ذا ناشيونال» الأمريكية، دراسةً أعدها فريق من «معهد واطسون للشئون الدولية»، بجامعة براون الأمريكية، زعمت أن فاتورة الحرب الأمريكية على الإرهاب، التى بدأت منذ ٢٠١١، واستمرت حتى الآن، بلغت حوالى ٦.٥ تريليون دولار، أُنفقت فى الشرق الأوسط فقط.
وأكد الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، الشىء ذاته، فى تغريدة له، ذكر فيها أن بلاده تكبدت ٧ تريليون دولار، نتيجة الحرب على الإرهاب، إلا أن الولايات المتحدة تخلط الأوراق، إذ تبين أن خسائرها المالية كانت لحفظ الأمن فى العالم، بينما فى الواقع هى تستثمر فى الجماعات الإرهابية التى تدعم وجودها، وتمدها التمويلات والسلاح.
وخاضت الولايات المتحدة تدخلات عسكرية عديدة تحت ذريعة حربها الواسعة ضد الإرهاب وملاحقة رموز الحركات الجهادية حول العالم خصوصا فى أفغانستان والعراق، وبمرور السنوات، تيقنت فى النهاية أن القوة وحدها لن تحقق أهدافها فى القضاء على الإرهاب، ولذلك سعى الرئيس الأمريكى السابق، باراك أوباما، إلى استثمار أصوله الإسلامية والأفريقية فى بناء جسور مع الحركات والتنظيمات الإسلامية، التى وصفتها أجهزة المخابرات الأمريكية، بأنها تسلك مسلكًا فكريًا معتدلًا.
وعمل «أوباما» على الاتفاق مع جماعة الإخوان الإرهابية، بوصفها الجماعة الأكثر قدرة من وجهة نظر الولايات المتحدة وإسرائيل على الحفاظ على مصالحهما، من خلال استيعاب باقى الحركات الجهادية المتطرفة، واستخدامهم فيما بعد كحائط أمام النفوذ الشيعى الإيرانى، الذى يعتبر أحد أكبر عناصر التهديد للمصالح الأمريكية بمنطقة الخليج العربى.
كما أشارت مجلة «ذا ناشيونال»، إلى أن أحد المسئولين البريطانيين، المقربين من إدارة الرئيس الأمريكى الأسبق جورج بوش، قال إن الجميع يريد الذهاب إلى بغداد، لكن الرجال الحقيقيين يريدون الذهاب إلى طهران، مبينًا أن الغزو الأمريكى للعراق لم يكن الهدف منه مكافحة الإرهاب، بل ما يحمله باطن الأراضى العراقية من نفط، وكان الأولى بواشنطن أن تجعل وجهتها إيران، التى تحولت إلى دولة متطرفة، بعد ثورة «الخمينى»، التى اندلعت فى ١٩٧٨.