الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

دعارة الكذب الإعلامي.. "نيويورك تايمز" والـ"bbc" نموذجان

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يكفى المرأة أن تبيع جسدها لمرة واحدة، لكى توصم بالعهر، والشرف سيظل بعيد المنال إذا أدركتها لحظة إفاقة تعى فيها قيمة جسدها، سيكلفها الأمر وقتًا وجهدًا قد لا تطيقهما، حتى يصدق الناس أنها استعادت إيمانها بآدميتها.
بالنسبة للإعلام المصداقية- ولا أقول الحياد- شرفه الذى تدنسه سقطة واحدة، وإذا غفر الجمهور الخطيئة الأولى والتمس الأعذار، فالمؤكد أنه لن يكون غفورًا رحيمًا حال اعتاد تكرار الكذب والتدليس.
من الشروط الأساسية لاكتمال أركان جريمة الدعارة أن يكون هناك من يدفع الثمن لقاء فوزه بلحظة غريزية تخلو من أى مشاعر، وفى حالة الإعلام يثبت ارتكاب جريمة الدعارة بتكرار تخصيص مساحات لنشر أكاذيب تستهدف النيل من شخص أو مؤسسة أو دولة بعينها.
ليس من المفهوم أن تتعمد صحيفة تكرار نشر أكاذيب ضد كيان ما دون أن يكون هناك المقابل الذى تحصل عليه، المال دائما هو المقابل، غير أن أشكاله تتعدد بين الشراء المباشر لمساحات، والتبعية لأجهزة الاستخبارات.
لا مشكلة فى الانحياز وعدم التزام الحياد الصحفي، لكنها تكمن فى انتقال الانحياز من دائرة الرأى والتحليل إلى دوائر المعلومة والخبر.
الـ«نيويورك تايمز» والـ«bbc»، وصحف غربية أخرى، دخلت فى السنوات الأخيرة- على ما يبدو- سباقا للمنافسة على سوق الدعارة الإعلامية، وبدأ كل منها يعرض زينته الصحفية على الراغبين فى تدنيس شرفه، وقد اتضح ذلك فى كل مناسبة تعلقت بالدولة المصرية وسمعتها، بعد نجاح ثورة الـ٣٠ من يوليو والإطاحة بالجاسوس مرسي. ما نشرته النيويورك تايمز مطلع الأسبوع الحالى بشأن موافقة النظام المصرى سرًا على قرار ترامب باعتبار القدس عاصمة إسرائيل نموذج حى على هذا النوع من الدعارة، إذ بالغت الصحيفة فى تأكيد خبرها بالقول، بأن ضابط مخابرات يدعى أشرف الخولى أعطى تعليمات لإعلاميين وفنانين بالترويج إلى رام الله كعاصمة لدولة فلسطين بدلا من القدس لما ستسببه الانتفاضة الفلسطينية من ضرر على الأمن القومى المصري. الإعلاميون الأربعة المشار إليهم، من بينهم ثلاثة لا يقدمون أى برامج حوارية، وهم مفيد فوزى وسعيد حساسين والفنانة يسرا، وبالطبع نفى عزمى مجاهد علمه بالأمر كليا.
ولو أن النيويورك تايمز اكتفت بنشر ادعائها بشأن الموافقة السرية التى منحتها مصر لترامب، لقلنا أن الأمر يحتاج من النظام المصرى لتقديم دليل يثبت العكس، لكن الثمن الذى دفع جعل الصحيفة تنشر أكذوبتها بسذاجة فضحت هدفها الرئيس. النيل من سمعة مصر أمر بات مطلوبا، بعد أن نجحت جهود الدبلوماسية المصرية فى تنحية الولايات المتحدة عن مقعد الراعى الحصرى لعملية السلام فى الشرق الأوسط، وضرورة لإضعاف صورة الرئيس السيسى، بينما يستعد لخوض الانتخابات الرئاسية المقبلة.
قبل أكثر من شهر قبضت الشرطة المصرية على وزير الداخلية الأسبق حبيب العادلى، لتكذب ادعاءات النيويورك تايمز بأن العادلى أشرف على عملية القبض على عدد من المسئولين السعوديين المتهمين فى قضايا فساد، فى إطار عمله كمستشار لولى العهد الأمير محمد بن سلمان.
هيئة الإذاعة البريطانية الـ«bbc»، التى كنا نستمع إليها لكى نتعلم من حرفية صحفييها الرواد الأول، تخلت هى الأخرى عن شرفها فى عدة مناسبات.
وآخر فضائحها الإعلامية نشرها معلومات كاذبة بشأن قانون مبارك بتوطين سكان قطاع غزة فى أجزاء من شمال سيناء، الأمر الذى نفاه مبارك وتنفيه ممارسات الدولة المصرية فى حربها على الإرهاب وفلوله من معاونى الموساد على أرض الفيروز، وقد واكب نشر تلك الأكذوبة تصريح وزيرة المرأة الإسرائيلية بضرورة نقل سكان قطاع غزة إلى شمال سيناء بعد وقوع مذبحة مسجد الروضة بأقل من ٤٨ ساعة.
وإمعانا فى تنازلها عن الشرف الإعلامى أفرد برنامج بتوقيت القاهرة الذى كان يقدمه أكرم شعبان، مدير مكتبها فى القاهرة مساحات لإعطاء انطباع كاذب، بوجود فتنة طائفية بين الصوفيين والسلفيين من المسلمين السنة، واستضاف أحد شيوخ الطرق الصوفية وأحد رموز التيارات السلفية وراح يسألهما، كيف يمكن رأب الصدع بين الصوفيين والسلفيين؟! هل سيرد شباب الطرق الصوفية بتفجير أحد مساجد التيار السلفي؟!!. لا ينبغى الاكتفاء بتصحيح أكاذيب الإعلام الغربى، وعلينا الكف عن تقديسه واعتباره الرائد والمعلم.