السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

"العنف الأسري".. فيروس ينهش جسد الأسر المصرية.. أب يقتل طفلة لدفاعه عن والدته.. وآخر يحرق ابنه المتأخر عقليًا.. وأستاذ قانون جنائي: أفراد الأسر المضغوطة "قنابل موقوتة"

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
إيذاء، وظلم، وكبت، وقهر وأخيرًا قتل وتعذيب.. جميعها علامات لممارسة "العنف الاسري" ضد الابناء، والذين اعتادوا ألا يفصحوا عن العنف والاهانة اللفظية الذين يتعرضون لها، وهو ما شجع في النهاية علي تعرضهم لعنف جسدي، قد يتحمله البعض خوفًا من المتعدي عليه، والبعض الآخر يلجأ للهروب إلي المجهول، أما البعض الآخر ينتهي به المطاف ليكون ضحية لقتل أو تعذيب أو تشويه.. "البوابة" ترصد عدد من جرائم العنف الاسري التي ارتكبها الأباء والأمهات في حق أبنائهم.
أب يلقي بطفله من الطابق الخامس لدفاعه عن والدته أثناء ضربه لها وخنقها بـ "إيشارب"
"القتل".. كان عقاب تلقاه طفل من والده علي تدخله ومحاولة الدفاع عن والدته أثناء تعديه عليها بالضرب، حيث قام أثناء تعديه عليها بحمل طفله وإلقاءه من الشرفة بالطابق الخامس ليسقط قتيلًا بسبب حمايته لوالدته.
كان الطفل "عمر" البالغ من العمر 6 سنوات، أصيب بحالة نفسية سيئة، بسبب حالات الذعر والخوف التي يتعرض لها والتي تنتابه في كل مرة يرى فيها والدته وهو يقوم بتعنيف والدته والاعتداء عليها، وعدم مقدرته علي حمايتها ورفع عنها الاذي.
وفي أخر مشاجرة نشبت بينهما، تعدى الأب علي الأم بالضرب المبرح، وحاول خنقها بإيشارب خاص بها، لم يتحمل الطفل لمشاهدته لموت أمه علي يد أبيه، وأحضر عصا "المكنسة" وضرب والده بها ليلتهي به ويترك والدته قبل أن تلفظ أنفاسها خنقًا، فقام الأب بحمل طفله في الحال وألقى به من شرفة الطابق الخامس ليسقط قتيلًا في الحال.
تلقي قسم شرطة الخليفة، بلاغًا من "عليا.أ. 33 عام. ربة منزل" تفيد فيه بقتل نجلها "عمر" البالغ من العمر 6 سنوات، علي يد والده "حسن.م. 35 عام. عامل" حيث قام بحمله وإلقاءه من شرفة شقتهم بالطابق الخامس بسبب محاولة الطفل حماية والدته والدفاع عنها أثناء تعدي والده عليها بالضرب، وأكدت الأم أنها لم تكن المرة الاولي التي تعرضت فيها للعنف الفظي والجسدي علي يد زوجها، وبمواجهه الأب اعترف بارتكاب الواقعة وأنه لم يكن يقصد قتل طفله، وحرر عن ذلك محضر رقم 49199 لسنة 2017.
أم تعذب نجلتها بوحشية 
"تعذيب بأدوات حادة ومنع من الطعام واقتلاع الأظافر".. كل هذا تلقته الطفلة "سجدة" من والدتها، بعدما قررت أن تُفرغ طاقتها السلبية في تعذيبها وحرقها بعد مرورها بحالة نفسية لتعاقبها على هجر والدها لهم، دون التأثر ببكائها وتواسلاتها لها.
دخل الأب في علاقة عاطفية مع امرأة أخرى، وبعد أن اراد الزواج منها، اشترطت عليه بأن يترك زوجته وطفلته ويقطع علاقته بهم نهائيا، وافق الأب علي شرطها، وأخبر أم طفلته بأنه يريد الانفصال عنها ولكن دون طلاقها سيتركها علي ذمته حتي لا يتعرض لهم أحد.
توسلت الأم إليه بألا يفعل بهم ذلك ولكن دون جدوي، امتنعت فترة عن الطعام وحبست نفسها في المنزل حتى لا يراها أحد ويسألها عن زوجها، أصيبت بالاكتئاب ثم مرورها بحالة نفسية.
لم تجد أمامها سوى طفلتها "سجدة" لتفرغ غضبها وحدقها علي والدها بها، فقامت بعذيبها وكيها بأدوات حادة ومنعها من الطعام واقتلاع اظافرها، وبعد سماع الجيران صراخ الطفلة، اقتحموا الشقة وقاموا بانقاذها. 
تلقى قسم شرطة الوايلي، بلاغًا من سكان العقار محل اقامة الطفلة، يفيد أن ربة منزل تدعي "لمياء.س" قامت بتعذيب ابنتها "سجدة" البالغة من العمر 8 سنوات، بسبب مرورها بحالة نفسية ودخولها في الاكتئاب بعد هجر زوجها لها، فقامت بمنعها عن الطعام وقلع اظافرها وتعذيبها بأدوات حادة،وبعد ضبط المتهمة ومواجهتها اعترفت بارتكابها الواقعة، وأنها تمر بحالة نفسية، وتحرر عن ذلك محضر يحمل رقم 70221 لسنة 2017.
أب يعاقب أبنه المتأخر عقليا بالحرق بسبب "غباؤه" 
فقد أب إحساسه ومشاعره نحو ابنه المتأخر عقليًا، وأخرج فيه طاقته السلبية الناتجة عن ضيق حاله وعدم تحمله مصاريف علاجه، وعذبه وكأنه ينتقم منه على خلقه بدون عقل.
"عمر" طفل يعاني من تأخر عقلي، لم يتجاوز عمره العشر سنوات، منذ ولادته وهو لم يحظ بالرضى من جانب والده الذي رآى أنه ابتلاء، طيلة العشر سنوات وهو ينفق على علاجه، وفي بعض اللحظات كان يحدث زوجته.. ماذا لو لم يكن "عمر" موجود؟، فكانت زوجته دائما تطلب منه أن يحسن معاملته ويقترب منه.
وذات يوم غادرت الأم المنزل لشراء بعض الاحتياجات، وتركت "عمر" برفقة والده، والذي لم يتحمل المكوث معه أكثر من نصف ساعة بسبب "غباؤه" على حد وصفه، كان الطفل كثير الكلام فهو يردد كل ما يسمعه ويراه في التليفزيون، لم يتحمل الأب "غباؤه وكلامه الكتير" كما وصف وفقد سيطرته وقيده بالحبال ولصق فمه وحرقه بمكواه الملابس، في محاولة منه لاسكاته، حتى فقد وعيه وعادت الأم لتجد ابنها مصاب بحروق متفرقة في أنحاء جسده.
تلقى قسم شرطة الوايلي، بلاغًا من سكان عقار بشارع محمد كامل، في دائرة القسم، يفيد أن عامل يدعى "إبراهيم.س" قام بتعذيب ابنه المتأخر عقليًا "عمر" 10 سنوات، بسبب غبائه وكثره كلامه، وتقييده بالحبال ولصق فمه ثم حرقه بالمكواه، وبعد ضبط المتهم ومواجهته اعترف بارتكابه الواقعة، وأنه لم يقصد تعذيبه بل كان يريد تربيته ومعاقبته على كثره كلامه، وتحرر عن ذلك محضر يحمل رقم 59228 لسنة 2017.
وقالت الدكتورة أسماء عبد العظيم، الخبير النفسي والاجتماعي، أن العنف الاسري موجود منذ الأزل لكن أنواعه وأساليب ممارسته هي التي أختلفت والسبب الرئيسي لجرائم العنف الاسري هو الظروف الاقتصادية، حيث نجد أن الأب واقعًا دائمًا تحت الضوط الحياتية وتضارب الادوار في المسئولية بين الأب والأم مما ينتج عنه حالة من الخلاف.
وتابعت، أن العنف الجسدي ليس أكثر أنواع العنف الممارس ضد الأبناء، بل إن هناك أنواعًا أكثر قسوة عليهم مثل العنف النفسي المتمثل في الإهمال، ولفتت إلي أن الضحية تعاني بعد العنف من مشاكل نفسية وتكون عرضه لاضطراب ما بعد الأزمة وهو أن تصطدم بالشخص المعنف في محاولة لقتله أو الأخذ بالثأر لها، وأحيانًا تلجأ للانتحار.
وأشارت، أن بعض الأباء والأمهات لا يعرفون سوى أسلوب التهديد والوعيد، والضرب الشديد، وهذا مخالف لأمر الله، فقال سبحانه وتعالى " والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إمامًا".
وأوضحت أن العنف الاسري قد يحدث من الأباء والأمهاب بسبب سوء تربية منذ صغرهم أو إصابتهم بأمراض نفسية وتعاطي المخدرات التي تفسد عقولهم.
ورأى الدكتور أحمد عبد الظاهر، أستاذ القانون الجنائي، أن زيادة معدل جرائم العنف الاسري بسبب طغيان المادة علي الحياة الأسرية والسعي وراء توفير الاحتياجات المادية علي حساب العلاقات الاسرية، وغياب التفاهم والتعاون بين الأب والأم، وتقتصر الجرائم علي فئه معينة أو طبقة أجتماعية بعينها ولا ترتبط بالفقر، ولكنها ترتفع بين الأسر ذات التعليم المنخفض.
وعن أسباب جرائم العنف الأسري، قال أن ضغوط الحياة في العمل والمواصلات والأعباء المنزلية والمصاريف الدراسية ومصروفات الدروس الخصوصية واحتياجات المعيشة، كل هذا يجعل أفراد الأسرة أشبه بالقنابل الموقوتة القابلة للانفجار في أي وقت، وقد يتمثل هذا الانفجار في ممارسة أشكال العنف اللفظي أو الجسدي أو النفسي.