الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

سياسة

"السكينة" و"المناصحة" و"التحالف الدولي".. استراتيجيات المملكة لمواجهة الإرهابيين

الملك سلمان بن عبد
الملك سلمان بن عبد العزيز أل سعود
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
بدأت المملكة العربية السعودية تجربتها فى مكافحة الإرهاب بداية التسعينيات، بعد تعرضها لعدد من الهجمات الإرهابية التى وصلت ذروتها فى ٢٠٠٣، مما دفعها لتبنى منهجًا خاصًا لمواجهة التهديدات الإرهابية، على أساس اجتثاث الإرهاب من جذوره الفكرية، ونشر الفكر المعتدل إلى جانب المواجهات الأمنية.
وبدأت التجربة السعودية فى محاربة تنظيم القاعدة والعديد من التنظيمات الإرهابية قبل صعود تنظيم «داعش» بإطلاق عدة برامج كان أهمها: 
أولا: برنامج «السكينة» عام ٢٠٠٣، وهو عبارة عن حملة إلكترونية تطوعية تحت إشراف حكومى، مهمتها تعزيز الفكر الوسطى وإزالة الشبهات، والحوار عبر شبكة الإنترنت.
ثانيا: برنامج «المناصحة» ويخضع لإشراف وزارة الداخلية، مهمته التعامل مع المتورطين فى القضايا الإرهابية من خلال تصحيح المفاهيم، وإعادة دمجهم فى المجتمع، وقد وصفها أحد مراكز الأبحاث الأمريكية بـ«الاستراتيجية اللينة».
كما تبنت السعودية منذ ٢٠٠٤، نهجًا جديدًا للتعامل مع التهديدات الإرهابية، اعتمد على التوفيق بين الأساليب الأمنية المعتادة، وأساليب اجتثاث جذور الفكر المتطرف، من خلال مواجهة هذا الفكر ونشر الفكر المعتدل، وارتكزت هذه الاستراتيجية بشكل رئيسى على إعادة تأهيل المعتقلين فى السجون، من خلال برامج لفهم الدين بصورة صحيحة، والتأهيل النفسى، فضلًا على تقديم الدعم المادى للمعتقلين بعد إطلاق سراحهم، ما أسهم فى إعادة اندماجهم فى المجتمع مجددًا، وأبرزت هذه الاستراتيجية درجة كبيرة من النجاح، إذ تمكنت من إعادة دمج بعض المعتقلين بالفعل فى المجتمع.
ويعد الجانب الدينى أحد الجوانب الرئيسية فى التجربة السعودية، بحسب دراسة أمريكية بعنوان: «جبهة القاعدة الثالثة: السعودية» أوضحت أن الفتاوى الدينية مثلت جانبًا مهمًا من جوانب الاستراتيجية السعودية لمواجهة الإرهاب، استنادًا لفتوى المفتى العام بالمملكة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ، التى أصدرها أول أكتوبر عام ٢٠٠٧، وتحظر على الشباب السعوديين الانضمام إلى الحركات الجهادية فى الخارج.
وتتلخص السياسة السعودية لمكافحة التطرف والراديكالية، فى خطة أُطلق عليها «استراتيجية الوقاية وإعادة التأهيل والنقاهة»، وهي استراتيجية ترتكز على اقتناع المسئولين فى المملكة بأن مواجهة التطرف والإرهاب لا يمكن أن تتم بالوسائل الأمنية التقليدية بمفردها، ولكنه يتطلب وسائل أخرى أقرب ما تكون إلى المواجهة والحرب الفكرية، بجانب عدم الاقتصار على إعادة تأهيل المعتقلين وتبنى نهج وقائى يحاول اقتلاع التطرف من جذوره ونشر الفكر المعتدل، ما فرض مشاركة مؤسسات الدولة جميعا فى هذه التجربة، وهو ما يحسب لوزارة الداخلية فى المملكة، بحسب ما طرحته دراسة مفصلة صادرة عن مؤسسة «كارنيجى للسلام الدولى»
كما اعتمدت السلطات السعودية على معدل الارتداد أو «النكوص»، وهى أداة لتأكيد مدى نجاح التجربة، خاصة أن المؤشرات الأولية أوضحت نجاح برامج إعادة التأهيل، ولكن المؤشر ذاته كشف فيما بعد عن المشكلات التى تواجه هذه التجربة، بعدما أعلنت السلطات بعد شهر يناير ٢٠٠٩.
وبعد ظهور تنظيم «داعش» فى سوريا والعراق، وميليشيات الحوثيين فى اليمن منذ عام ٢٠١٣، دعت السعودية لتشكيل التحالف الإسلامى لمكافحة الإرهاب، وتم الإعلان عنه من قبل الأمير محمد بن سلمان آل سعود، ولى العهد فى ديسمبر عام ٢٠١٥، بهدف توحيد جهود الدول الإسلامية فى مواجهة الإرهاب.
وتشكل التحالف الإسلامى، الذى انطلقت أعماله يوم الأحد فى الرياض، من ٤١ دولة عربية وإسلامية، ويتخذ من العاصمة السعودية الرياض مقرا له، ويركز التحالف على المساعدة فى تنسيق تأمين الموارد والتخطيط للعمليات العسكرية لمحاربة الإرهاب فى الدول الأعضاء، وتيسير عمليات تبادل المعلومات العسكرية بصورة آمنة، ويشمل أيضا تشجيع الدول الأعضاء على بناء القدرات العسكرية لمحاربة الإرهاب من أجل ردع العنف والاعتداءات الإرهابية.
كما يؤكد على أهمية المحافظة على عالمية رسالة الإسلام الخالدة، والتصدى لنظريات وأطروحات الفكر الإرهابى، تطوير وإنتاج ونشر محتوى تحريرى واقعى، بهدف فضح وهزيمة الدعاية الإعلامية للجماعات المتطرفة، ومحاربة تمويل الإرهاب بالتعاون والتنسيق مع الجهات المعنية فى مجال محاربة تمويل الإرهاب فى الدول الأعضاء.
السعودية كانت من أوائل الدول التى عانت من الإرهاب والتطرف، وللمملكة تجربة رائدة فى مجال مكافحة الإرهاب على كل المستويات الأمنية والفكرية