الثلاثاء 07 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

جند الله "السنية".. صداع في رأس "الولي الفقيه"

احتجاجات ايران
احتجاجات ايران
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
شهدت إيران خلال الأيام الماضية تظاهرات واسعة شملت الغالبية العظمى من مدن البلاد، تلك المظاهرات العارمة شهدت مشاركة واضحة من السكان المنتمين لأعراق غير فارسية، خاصة أهل السنة فى كردستان إيران وإقليم سيستان بلوشيستان فى شرق البلاد، الذى يضم قومية البلوش السنية، والتى تشهد حالة من الفقر والتهميش.
وخرج أهالى سيستان وبلوشيستان فى تظاهرات واسعة ضد نظام خامنئى فى عدة مدن فى مقدمتها زاهدان و«خاش» و«إيرانشهر» و«تشابهار» و«سروان» و«زابل».
ورفعت التظاهرات شعار: «الموت للغلاء» و«الحرية بلوشيستان» و«الموت للديكتاتور» وخلالها أحرق المتظاهرون البلوش تمثال خامنئى فى مدينة «إيرنشهر».
وتعد محافظة «سيستان وبلوشستان» ثالث أكبر محافظة فى إيران، وعاصمتها مدینة «زاهدان»، وتقطنها أغلبية من الطائفة السنية، وهى تقع جنوبى شرق إيران على الحدود مع باكستان وأفغانستان، وتضم ٧ مدن كبرى يقطنها أكثر من ٣ ملايين نسمة غالبيتهم من قومية البلوش السنية.
والشعب البلوشى مقسم بين ثلاث دول، هى: باكستان وأفغانستان وإيران، ولهم امتدادات أخرى فى إقليمى السند والبشتون الباكستانيين، كما ينتمى إلى البلوش الراهوئيين الذين يتكلمون اللغة الراهوئية، وهاجرت أعداد كبيرة من البلوش إلى منطقة الخليج العربي: عمان، الإمارات، الكويت، السعودية، والعراق، ويقدر عدد البلوش اليوم بحوالى ١٠ ملايين نسمة.
ونشأت للبلوش إمارات وممالك مستقلة «خانيات يرأسها خان» بدءًا من القرن الـ١٤ الميلادي، وفى مرحلة الاستعمار الحديث أصبحت بلوشستان جزءًا من الإمبراطورية البريطانية فى الهند، وأُلحق قسم كبير من الأراضى البلوشية بأفغانستان التى استقلت منذ عام ١٧٤٧، وأصبحت أقاليم مكران وسيستان جزءًا من إيران منذ العام ١٩٢٨، وأُلحقت خانية كلات البلوشية- كويتا- بدولة باكستان عام ١٩٤٨.
وخاض البلوش منذ ذلك التاريخ كفاحًا طويلًا ومريرًا؛ من أجل استقلالهم، أو لأجل حكم ذاتي، وللحفاظ على هويتهم وثقافتهم التى تعرضت- خاصة فى إيران- للإلغاء والدمج فى القومية والثقافة الفارسية، ودخل البلوش فى سلسلة من الثورات المسلحة ضد إيران وباكستان، كان أشدها ضراوة الثورة التى وقعت بين عامى ١٩٧٣ – ١٩٧٧.
ورأى المعارض الإيراني، المتحدث باسم حركة بلوشستان الحرة، عبدالله البلوشي، أن البلوش يثورون ضد نظام قمعى مذهبي، وأنهم مستعدون لنقل الصراع من المناطق الحدودية مع قوات الأمن الإيرانية والنظام إلى قلب العاصمة طهران.
وأضاف البلوشي، على صفحته بموقع التواصل الاجتماعى «فيسبوك»، أن البلوش يسعون إلى الاستقلال عن إيران وإعادة الدولة البلوشية المقسمة بين إيران وأفغانستان وباكستان، مشيرا إلى أن البلوش يعانون التهميش والاضطهاد على يد الفرس لاختلافهم عن حكام إيران فى العرق والمذهب.
وتعبيرا عن طموحات وحقوق «البلوش السنة» ظهرت «جند الله» أو «حركة المقاومة الشعبية»، كحركة معارضة مسلحة بلوشية سنية إيرانية، تطالب بالحرية وبحقوق وحريات الشعب البلوشى فى بلوشستان، من النظام الحاكم فى طهران، وهى المنظمة التى ستتناول السطور التالية قصتها. 

تأسيس جماعة «جند الله»
خرج تنظيم «جند الله» السنى من مجتمع مهمل من قبل الدولة الإيرانية فى منطقة تعتنق المذهب السني، خلافًا لمذهب الدولة الرسمى الشيعي، وهذا التنظيم ينتمى إلى شعب البلوش، بينما من يتولى مقاليد الأمور فى إيران ينتمى إلى الفرس، وهى واحدة من أكثر الجماعات المسلحة غموضًا، فهى تنشط فى مثلث ساخن يربط الحدود الإيرانية الباكستانية الأفغانية. 

تأسست جماعة «جند الله» على يد الشيخ عبدالمالك ريجى فى العام ٢٠٠٢، الذى ينتمى إلى قبيلة «ريجي»، إحدى أكبر القبائل البلوشية، وهو أحد خمسة أشقاء، أحدهم معتقل حاليًا فى سجون طهران، بينما قتل الثالث فى عملية تفجير بسيارة مفخخة، وله شقيق آخر يقال إنه المنظر الحقيقى لجماعة «جند الله»؛ لأن ريجى مجرّد القائد الميدانى للتنظيم، وأما الشقيق الخامس فهو الذى يعود تاريخ مقتله إلى ٢٠٠٢، بداية الشرارة الأولى للمواجهات، التى انطلقت ضد السلطات الإيرانية فى إقليم «سيستان وبلوشستان»، عندما قتلته عناصر الحرس الثورى أمام عينى شقيقه عبدالمالك، الشاب الذى لم يتجاوز عمره آنذاك ٢٠ عامًا، فجمع عددًا من رفاقه للقيام بعمليات مسلّحة ضد القوات الحكومية؛ حتى ترفع يدها عن سكان الإقليم الذى يقطنه السُّنّة جنوب شرق إيران، ومنها تحوّل هذا الشاب إلى أكبر مناهض لنظام طهران.
وتعد جماعة «جند الله» تنظيما إسلاميا سنيا سلفيا، ذا ميول متطرفة، وتمتاز بروابطها المتشعبة مع نظيراتها من الحركات الأصولية السنيّة فى أفغانستان وباكستان، ذات نفس الميول والتوجهات السنيّة السلفية المتشدّدة، وهى تنظيم يقبل ويعتمد الأعضاء على أساس الاعتبارات الإثنية- العرقية، ومظلة التنظيم الشعبوية فى الداخل الإيرانى هم من السكّان المحليين، من البلوش السنّة وهم أغلبية محافظة سيستان وبلوشستان- الإيرانية، فى جنوب شرق إيران، ويرفع التنظيم شعار الدفاع عن أهل السنة فى إيران كلها و«حماية علمائنا ومساجدنا ردًّا على المظالم التى نتعرض لها من قبل السلطة الحاكمة فى إيران».
تقع محافظة سيستان وبلوشستان فى الجنوب الشرقى الإيراني، وتتكون من منطقتى سيستان وبلوجستان، فمنطقة سيستان تشمل مدينة زابول، وزهك، ومدينة هيرمند، أما منطقة بلوشستان تبدأ من مدينة زاهدان، وهى عاصمة المحافظة وتشمل مدن خاش، راوان، إيرانشهر، سرباز، نيكشهر، جابهار، وكنارك.
أعطت طبيعة المنطقة أفضلية للمنظمات السنية المختلفة التى تعمل ضد النظام الحاكم فى إيران، وفى مقدمتها جماعة جند الله الإيرانية، التى تتميز بتحركاتها العابرة للحدود الإيرانية الباكستانية، ومنطقة بلوشستان الباكستانية، منطقة «بلوشستان الإيرانية»، الحدود الإيرانية الأفغانية، والحدود الأفغانية الباكستانية.
والطبيعة الوعرة لمنطقة البلوش، مثّلت عائقًا أمام مهمة إيران فى ضبط الأمور لتقسم أراضى البلوش فى ٣ دول، هى: «إيران، باكستان، وأفغانستان»؛ ما جعل مهمة ضبط الأمن مستحيلة للدول الثلاث، فإجمالى مساحة بلوشستان تصل إلى ٨٠ ألف كيلو متر مربع، ولإيران ١٦٠٠ كيلو متر خط حدودى مع باكستان، و٣٠٠ منها تفتقر للمخافر والحواجز الحدودية، كما لا يوجد بها طريق من الأصل؛ الأمر الذى سهّل على «البلوش» التنقل من مكان إلى آخر، وبالتالى نقل الأسرى الإيرانيين؛ لذا لجأت إيران إلى شيوخ وعلماء السنة للوساطة بينها وبين المنظمات المسلحة فى إيران لضبط الأمن، أو الإفراج عن أسراها لدى هذه الحركات. ويبلغ عدد أعضاء تنظيم جماعة «جند الله» أكثر من ٢٠٠٠ مقاتل، حتى إعدام عبدالله ريجى عام ٢٠١٠، وعقب إعدامه تولى قيادة المنظمة حاج محمد ظهير البلوشي، وعبدالرءوف ريجى المتحدث الإعلامى للمنظمة.
وقام التنظيم منذ ٢٠٠٢، بتدريب جماعات صغيرة «٣٠- ٥٠ شخصًا» فى منطقة جبال البلوشي؛ حيث عجزت الأجهزة الأمنية الإيرانية عن الوصول إلى هذه المناطق مع حماية شعبية لهم.
وكثير من متشددى السنة البلوشيين، هم أعضاء فى هذه الجماعة ولا يقطنون الجبال، إنما هم جاهزون لمناصرة هذه الجماعة إن اقتضى الأمر، ما يعزز من نفوذ هذه الجماعة؛ لتطلق تهديدات جدية، وفى إمكانها تنفيذ عمليات نوعية داخل العاصمة الإيرانية «طهران»، وفى هذا التوجه قد نرى مغازلة من هذه الجماعة للممولين الغربيين غير الراضين عن السلوك الإيراني، وبخاصة تجاه الملف النووي؛ بهدف الحصول على تمويلات كبيرة تدعمهم.
وأغلب عمليات تنظيم جند الله كانت فى مناطق سيستان وبلوشستان فقط؛ لتستفيد من قدرتها على الاختباء والمناورة فى هذه المناطق ذات الطبيعة الجبلية.
المرتكزات الفكرية
أعضاء جند الله هم من قومية البلوش السنة، الذين اشتهر عنهم معارضة الحكومة الباكستانية والأفغانية والإيرانية المختلفة معهم فى المذهب، ويطالبون بإنصاف القوميات الأخرى فى إيران، مثل البلوش وعرب الأحواز وغيرها من الأقليات، ويطالبون بتقسيم الثروة تقسيمًا عادلًا.
وقال عبدالمالك ريجي: إن «جند الله» منظمة تدعو إلى الحرية، وهى نهضة شعبية ظهرت بين أحضان الشعب السني، وعلى وجه الخصوص الشعب البلوشي، وهى تدعو إلى الدفاع عن حقوق أهل السنة والشعب البلوشي، وتسعى للحصول على حقوقهم؛ وهى الآن تكافح وتناضل من أجل الحصول على أهدافها.
وأكد أنه يجوز لجند الله عقلًا وشرعًا أن تقاتل من أجل الحصول على حقوقها المذهبية والوطنية، ومن أجل الحفاظ على هويتها، فقد سمح لنا ديننا الحنيف وشرعنا المبين فى حالة انعدام كل السبل والطرق التى توصلك إلى حقوقك وتحمى دينك، أن تلجأ إلى الحرب والنضال كآخر الحلول، فآخر الدواء هو الكيّ.
ويتّضح من دعوة التنظيم، وتركيبته السياسية والعسكرية وبنيته الفكرية وأدبياته النضالية، أنه تنظيم ينطلق من الفلسفة الجهادية والحقل المعرفى للحركات الإسلامية الراديكالية، ويهتم بأدبياتها ويستفيد من خبراتها العسكرية.
أهداف التنظيم
إقامة حكم ذاتى واستقلال البلوش فى إدارة شئونهم، مواجهة التمييز بين الشيعة والسنة مع ضمان حرياتها الدينية ووقف اضطهادها، منح أبناء الأقليات الإيرانية تمثيلا ملائما فى مؤسسات الحكم، وقسطا ملائما من ثروات الدولة الإيرانية، الاعتراف بجند الله كتنظيم سياسى بصفته السنية والقومية، تأسيس قيام دولة ديمقراطية لا تعادى الدين.
السلطات الإيرانية
تصنف إيران تنظيم «جند الله» كجماعة إرهابية تقوم بتهريب المخدرات، وقتل المدنيين العزل فى إقليمى سيستان وبلوشستان الإيرانيين، فقد قام التنظيم بأكثر من ٣٥ عملية خطف رهائن، و٢٥ عملية ابتزاز، وأكثر من ٤٠ عملية مسلحة فى قطع الطرق؛ ما أسفر عن مصرع وإصابة ٤٧٤ شخصًا.
ولم تترك إيران جهة إلا واتهمتها بدعم وتدريب «جند الله» من تنظيم القاعدة، والعدو التاريخى لإيران هو المملكة العربية السعودية، والشيطان الأكبر الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل، ولكن كان توجيه اتهامات إلى دعم مصر للحركة أمرًا جديدًا فى السياسية الإيرانية وقتها.
ولكن الفترة التى شهدت العمليات المسلحة لـ«جند الله» من ٢٠٠٢ وحتى ٢٠١٠ كانت هناك العديد من الاتصالات بين السلطات الإيرانية والتنظيم من أجل الحوار حول إطلاق رهائن أو الوصول إلى تهدئة.
فيما اعتبرت إيران الجماعة إرهابية، ورفضت الحوار معها أو الاستماع لها، ودائما ما تصفها بالجماعة المارقة، وذهبت إلى التعاون الأمنى مع باكستان؛ بهدف السيطرة على الحركة، إلا أن تنظيم «جند الله» أبدى أكثر من مرة استعداده للحوار مع السلطات الإيرانية، رافعا شروطًا عدة.
هذا وقد تم اعتقال عبدالمالك ريجي، عقب سنوات من المطاردة من قبل السلطات الإيرانية، وانتهى التنظيم بسقوط «ريجي» فى يد الأجهزة الأمنية الباكستانية، خلال لقاء الرئيس الباكستانى «آصف على زرداري»، والرئيس الإيرانى «محمود أحمدى نجاد»، آنذاك، فى إسطنبول على هامش قمة منظمة التعاون الاقتصادي؛ حيث أكد زردارى لنجاد أن باكستان ستقدم كل المساعدات والتعاون بشأن حادث «جبهار»، وستواصل التعاون مع إيران للتعامل مع تهديد الإرهاب، وهو ما يوضح الدور القوى الذى لعبته إسلام آباد فى القضاء على «جند الله».
ومن جانبه أكد عبدالمالك ريجى استعداده للحوار مع السلطات الإيرانية، رغم أنه يرى عدم جديتها، وأن السلطات غير مخلصة فى حواراتها، وبخاصة مع التنظيمات الثورية فى المحافظات الإيرانية.
وأوضح «ريجي» أنه كان هناك حوار مع السلطات الإيرانية، لكن بشكل غير رسمى، وإنما لقاءات مع بضعة أشخاص من وزارة المخابرات ورئاسة الجمهورية، لافتًا إلى أن السلطات الإيرانية دائما تغدر بمن يتحاور معها.
وأوضح أن المنظمة كانت ترغب فى وضع السلاح إذا سمحت لها السلطات الإيرانية بالعمل السياسي، وفى نوفمبر ٢٠٠٩ أعلن ريجى عن شروط لجماعته لوقف عملياتها ضد السلطات الإيرانية، منها: إزالة قواعد الحرس الثورى وباقى القواعد العسكرية من سيستان وبلوشستان، والإفراج عن السجناء السياسيين دون قيد أو شرط، وإقامة نظام فيدرالى فى الإقليم.
وأكد أنه متمسك بهويته الإيرانية، مضيفا أن غاية مطالبهم تحقيق العدالة والمساواة ضمن دولة فيدرالية مكونة من بلوشستان ذات سيادة، كما وجه «ريجي» إلى قائد الثورة الإسلامية فى إيران، آية الله على خامنئي، رسالة حول رؤيته السياسية.
علاقتها بـ«القاعدة وطالبان»
اتهمت السلطات الإيرانية حركة «جند الله»، بارتباطها الوثيق بتنظيم القاعدة وحركة طالبان فى أفغانستان، وتلقى الأموال والدعم من خلالهما، وتدريب أفرادها هناك على أيدى متخصصين من جانب تنظيم «القاعدة» وحركة «طالبان».
وقالت إيران: إن لجماعة «جند الله» علاقة بتنظيم القاعدة وبنشاطاته المتعلقة بتهريب مواد مخدرة، وإنه يتلقى منها بالمقابل مساعدات مالية ولوجيستية، وإرشادا إيديولوجيا.
ورد «ريجي»: «أن «جند الله» حركة إسلامية، لكن هذا لا يعنى أن لكل جماعة أو حركة إسلامية صلة بالقاعدة أو طالبان، ولم تكن لنا فى السابق أى صلات، ولا ننوى كذلك أن نتصل بهم فى المستقبل».
وقال: «إن هذه شائعات تبثها حكومة طهران، تشوّه سمعة الحركة على المستوى العالمي، فالإعلام العالمى زرع فى أذهان العالم أن القاعدة حركة إرهابية، وتسعى حكومة طهران لارتكاب هذه الموجة، فتشيع عنا أننا من القاعدة؛ لنظهر فى وجه العالم أننا حركة إرهابية».
اتهامات بالعمالة لأمريكا
وجهت السلطات الرسمية الإيرانية اتهامات إلى «جند الله» بالعمالة لصالح الغرب، وأنها عميلة المخابرات الأمريكية «CIA» والموساد الإسرائيلي؛ من أجل زعزعة أمن إيران.
فقد اتهمها رئيس البرلمان الإيرانى بأنها تحاول إثارة حرب أهلية فى إيران، فيما اتهمت وكالة الأنباء الرسمية الإيرانية «فارس» الإدارة الأمريكية، بالضلوع فى نشاطات «جند الله» الإرهابية.
أما وزير الداخلية الإيراني، فقال: إن عناصر المخابرات الأمريكية، «CIA» يدربون وينسقون نشاطات التنظيمات المسلحة المعادية للنظام الإيراني.
تأسست عام 2002 وتضم أكثر من 2000 مقاتل.. وأهدافها إقامة حكم ذاتى لـ«البلوش» وتمثيل الأقليات فى دوائر الحكم الإيرانية
عبدالمالك ريجى.. المؤسس 
ولد عبدالمالك ريجى عام ١٩٨٢م بمدينة «زاهدان» الإيرانية، حصل على شهادة الابتدائية والتحق ببعض المدارس الدينية بباكستان، ثم بدأ يتدرب على حمل السلاح وعمره ١٢ عامًا، مع منظمة «مولا بخش درخشان» وعندما بلغ التاسعة عشرة أسس حركة المقاومة الشعبية «جند الله» ضد النظام الحاكم فى إيران، من أجل استرداد حقوق البلوش وأهل السنة فى سيستان وبلوشستان والمناطق السنية المختلفة.
وريجى كان طالبا بسيطا فى مدرسة دينية، وفى عمر السابعة عشرة كتب مقالا تحت عنوان «عفة عائشة أم المؤمنين رضى الله عنها»، ونشره فى مجلة بلوشية محلية، فتعرض بعدها للاعتقال والتعذيب الشديد من قبل الأجهزة الأمنية الإيرانية، فخرج وهو لا يرى إلا المقاومة المسلحة سبيلا لتخليص البلوش من هذا القمع الطائفي.
قضى عبدالمالك آخر ٧ سنوات من حياته، مكافحًا فى جبال بلوشستان، وتعد العملية التى حدثت فى ١٩ أكتوبر ٢٠٠٩ فى جنوب شرق إيران من أعنف العمليات التى نفذتها جماعة «جند الله» بقيادة ريجى ضد الحكومة الإيرانية؛ حيث أسفرت عن سقوط قتلى بينهم أكثر من ١٥ من أعضاء وقياديى الحرس الثوري؛ مما جعل إيران تطلب رأس ريجى بأى ثمن.. وبدأت الجماعة نشاطها بعد أشهر من إعدام عبدالمالك ريجى زعيم حركة «جند الله» البلوشية، بعد اعتقاله خلال المحاولة للسفر إلى قرغيزستان عن طريق إرغام الطائرة، التى كانت تقله، على الهبوط فى «بندر عباس» جنوب إيران.
وبعد مطاردة استمرت سنوات، تمكنت إيران من اعتقال زعيم جماعة «جند الله» السنية المتمردة عبدالمالك ريجى الذى تتهمه طهران بتدبير عدد كبير من الهجمات الدامية فى البلاد بدعم من باكستان والولايات المتحدة. وقال وزير الاستخبارات الإيرانى محمد مصلحي، آنذاك، لوسائل الإعلام الإيرانية فى مؤتمر صحفى: إن الرجل الأول الذى تطارده إيران منذ سنوات اعتقل بعد اعتراض طائرة كانت تقله من دبى إلى قرغيزستان. من جهته، أوضح عضو مجلس الشورى الإيرانى محمد دهقان لوكالة الأنباء الرسمية، أن ريجى أوقف بينما كان مسافرا على متن رحلة متوجهة من باكستان إلى دولة عربية. وأضاف، أن الطائرة تلقت فوق مياه الخليج أمرا بالهبوط فى إيران، وأوقف ريجى بعد تفتيش الطائرة، مؤكدًا أن توقيف ريجى جاء نتيجة «عملية استخبارات استمرت خمسة أشهر».
مؤسس المنظمة: ندعو إلى الحرية ونهضة شعبية تُغير أحوال الشعب السنى
عمليات مسلحة كبيرة نفذها التنظيم 
نفّذ تنظيم «جند الله» العديد من العمليات المسلحة ضد أفراد الحرس الثورى والمسئولين الإيرانيين، منها خطف الشيخ جواد طاهرى ممثل مرشد الثورة الإيرانية على خامنئى فى مدينة فهرج، بمحافظة كرمان المحاذية لإقليم بلوشستان. أول العمليات التى قام بها تنظيم جند الله كانت اختطاف تسعة من حرس الحدود الإيرانيين بمدينة «سرباز» على الحدود الإيرانية– الباكستانية، رهائن فى ال‍ثامن والعشرين من ديسمبر لعام ٢٠٠٤، فى مدينة «سرباز»، وطلب التنظيم إطلاق سراح أحد علماء أهل السنة. وتم الإفراج عنهم فى فبراير عام ٢٠٠٥، وأعلن النائب السياسى لوزير الدولة آنذاك «على جنتي» أن السلطات الإيرانية تسلمت سبعة من حرس الحدود الرهائن على يد المختطفين فى مدينة «سرباز».
محاولة اغتيال أحمدى نجاد
حاول تنظيم «جند الله» اغتيال الرئيس الإيرانى أثناء زيارته بلوشستان سنة ٢٠٠٥، وأدت المحاولة إلى مصرع أحد حراسه وجرح آخر. وكشف مسئول بوزارة الداخلية الإيرانية أن الأجهزة الأمنية تمكنت من إحباط محاولة اغتيال تعرض لها الرئيس محمود أحمدى نجاد آنذاك، بمحافظة سيستان وبلوشستان جنوب شرقى البلاد. كما اتهمت وزارة الداخلية جماعة «جند الله» فى ٢٠٠٧، بمحاولة تنفيذ عملية باسم «جاه جمال» لاغتيال الرئيس الإيراني، أثناء زيارته للمحافظة.
إعدام ضابط مخابرات إيراني
فى أوائل ٢٠٠٦ نشرت جماعة جند الله شريطًا مصورًا لتنفيذ حكم الإعدام ضد شهاب منصورى «ضابط مخابرات إيراني»، بالإضافة إلى مقتل ٢٦ وإصابة ١٢ من الحرس الثورى الإيرانى فى مارس ٢٠٠٦ فى عملية للمجموعة نفسها، وفى إبريل ٢٠٠٦ أعلنت الحركة مقتل ١٢ من الحرس الثورى الإيرانى عند طريق «كرمان بام». من العمليات التى قامت بها «جند الله»، الهجوم على كمين للحرس الثورى فى يونيه ٢٠٠٧ بمنطقة «روستاى دومك» بمنطقة كورین التابعة لإقليم سيستان وبلوشستان، وأدت إلى مقتل ١١ ضابطا بالحرس الثورى الإيراني، وأصيب تسعة آخرون. قامت منظمة «جند الله» باختطاف ١٦ ضابطا إيرانيا من منطقة «سراوان»، واحتجزتهم كرهائن مقابل الإفراج عن أعضاء مقبوض عليهم من الحركة لدى السلطات الإيرانية فى ١٤ من يناير ٢٠٠٨. 
وفى أكتوبر ٢٠٠٩ قامت «جند الله» بأكبر عملياتها من خلال تفجير لقاء شعبي، بحضور قيادات الحرس الثورى فى مدينة زهدان عاصمة محافظة سيستان وبلوشستان، وأدت إلى مقتل ٢٩ شخصًا، وإصابة نحو ٣١ آخرين بجروح متفاوتة، عندما فجر انتحارى يرتدى حزامًا ناسفًا نفسه خلال لقاء لقادة وزعماء قبائل سنية وشيعية فى المنطقة بحضور قيادات فى الحرس الثورى الإيراني. وأدت إلى مقتل العميد نور على شوشتريو نائب وقائد سلاح البر فى قوات الحرس الثوري، والعميد محمد زاده قائد الحرس الثورى فى سيستان وبلوشستان، وقائد الحرس فى مدينة إيرانشهر، وقائد لواء أمير المؤمنين خلال هذه العملية الانتحارية.
وهددت الجماعة باستهداف «عملاء النظام» إذا لم يغادورا بلوشستان. 
رسالته لـ«خامئنى»: حرب بلوشستان لتحقيق العدل
بعث عبدالمالك ريجى برسالتين، إحداهما إلى قائد الثورة الإسلامية فى إيران، آية الله على خامئني، يدين فيها الظلم الواقع على أهله السنة وبخاصة البلوش فى سيستان وبلوشستان، ويؤكد أن حركته تهدف إلى مقاومة هذا الظلم. ومن أبرز ما جاء فى رسالة «ريجي» قبل إعدامه: «إن حرب بلوشستان حرب تحقق العدل وتعيد الحقوق إلى أصحابها التى لم يتذوقها الشعب البلوشى وأهل السنة حتى الآن؛ حيث كانوا يعيشون تحت مطارق النظام الدكتاتورى الظالم، وذلك بأمر سلف النظام أو خلفه. إن الشعب البلوشى المسلم يشكلون ٩٠٪ من سكان محافظة بلوشستان، ولكنهم لا يستحقون أن يختاروا مصيرهم ويسخر من دينهم ومذهبهم وثقافتهم، وإن أبسط جندى يحقر كبار القوم ويقلل من شأنهم، كما يرتكبون الجرائم الشنيعة بحق الشعب البلوشى مما جعلهم يثورون ضد هذا الظلم والاضطهاد. إنهم رأوا بأن الدفاع عن الدين والوطن والأعراض واجب دينى وإنسانى ويستمرون فى هذا الدرب حتى ترجع حقوق شعبهم المشروعة».
طهران تعدم زعيمه و14 من أعضائه شنقًا
فى ١٤ من يوليو عام ٢٠٠٩، أعدمت إيران ١٤ عضوًا من عناصر تنظيم «جند الله» أُدينوا بتهمة «تنفيذ هجمات إرهابية واحتجاز رهائن»، وكان من ضمن المحكوم عليهم عبدالحميد ريجي، شقيق عبدالمالك ريجى مؤسس التنظيم و١٣ عضوًا آخرين، وألقت القبض على عبدالحميد ريجي، عقب تسليم باكستان ريجى للسلطات الإيرانية فى مايو ٢٠٠٧ فى صفقة بين البلدين. وفى فبراير ٢٠١٠، ألقت إيران القبض أيضًا على عبدالمالك ريجي، زعيم جماعة «جند الله» وشقيق عبدالحميد، بعد بضعة أشهر من إعلان جماعته مسئوليتها عن عمليات انتحارية، أودت بحياة العشرات من قادة وأعضاء الحرس الثورى الإيراني. وأعدمت إيران زعيم جماعة «جند الله» السنية عبدالمالك ريجى شنقا بعد إدانته بالضلوع بهجمات «إرهابية» وتهم أخرى، وكان قد ألقى القبض على ريجى بعد أشهر من إعلان جماعته مسئوليتها عن مقتل ضباط وأفراد من الحرس الثوري. هذا ونفذت السلطات الإيرانية فجر الأحد ٢٠ يونيه ٢٠١٠ حكم الإعدام شنقًا فى عبدالمالك ريجي.
«البلوشى».. الرفيق الذى تولى المهمة 
هو رفيق عبدالمالك ريجي، وأحد المؤسسين لجند الله، تولى منصب أمير التنظيم عقب إعدام ريجى من قبل السلطات الإيرانية فى يوليو ٢٠١٠.
ولد فى بداية الثمانينيات من القرن الماضي، بإقليم محافظة سيستان وبلوشستان وينتمى إلى البلوش، وشارك وخطط لأغلب العمليات التى قام بها تنظيم «جند الله» ضد قوات الحرس الثورى الإيراني. ويعرف أن «البلوشي» تجنب الظهور الإعلامي، متعلما الدرس مما تعرض له الزعيم السابق الذى ظهر مرارا على مختلف الشاشات التليفزيونية الإيرانية المعارضة والأجنبية، حتى يكون بعيدًا عن أعين المخابرات الإيرانية. إلا أن عهده شهد تراجعًا فى معدلات العمليات المسلحة التى يقوم بها التنظيم ضد الدولة الإيرانية، وبدأت «جند الله» فى الأفول مع ظهور حركة «جيش العدل» التى أسسها عبدالرحیم ملازاده المعروف بـ«عبدالمالك ريجى الثاني».