الثلاثاء 21 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

«حكومة إسماعيل.. العيشة واللي عايشينها» (2)

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
طارق شوقى.. من كوكب آخر

من الوهلة الأولى، بدا طارق شوقي وزير التربية والتعليم، مختلفًا عن سابقيه، استخدم مفردات غير معتادة، كلمات جديدة على السمع، جُملًا لم تعتد الآذن سماعها من وزراء مروا مرور الكرام على المنصب، تشعر عند سماعك حديثه أنه شخص جاء من بيئة تعليمية مختلفة، رجل يبعث على التفاؤل والأمل، رجل خاطب أولياء الأمور بشفافية شديدة، خاطب المعلمين بحدة وشراسة، خاطب الطلاب بلغة يفهمونها جيدًا.
تعاقب على منصب وزير التربية والتعليم، منذ يناير ٢٠١٠ وحتى الآن ٨ وزراء، بمعدل فترة بقاء في المنصب سنة واحدة، وهو أمر كفيل بتدمير العملية التعليمية بالكامل، فلا توجد خطة واضحة يعمل على تنفيذها الجميع، كل وزير يأتي ليدخل تعديلات على من سبقه، فلا القديمة نفعت ولا الجديدة استمرت.
لن أتحدث عن وزراء سابقين نالوا شرف المحاولة، رغم إقالتهم جميعًا لظروف أو لأسباب أخرى، لكن حتى ما قبل يناير ٢٠١١، كان متوسط مكوث وزراء التربية والتعليم فى مناصبهم لا يتجاوز الخمس سنوات، بداية من الدكتور فتحي سرور (١٩٨٦ - ١٩٩٠)، مرورًا بالدكتور حسين كامل بهاء الدين (١٩٩١ - ٢٠٠٥)، ويسرى الجمل (٢٠١٠ - ٢٠٠٥) انتهاء بالدكتور أحمد زكي بدر (٢٠١٠ - ٢٠١١)، رغم بقاء وزراء عهد مبارك لسنوات طوال، بلغت أكثر من ١٥ سنة، لكنها للأسف فى وزارات مثل التأمينات الاجتماعية (آمال عثمان) والكهرباء والنقل.
لم يدرك رؤساء الحكومات المتعاقبة، أن منصب وزير التربية والتعليم، هو الأهم على الإطلاق، هو مستقبل وحاضر وتاريخ الأمة، هو من يحدد مستوى الأجيال من ثقافة وتربية وتعليم وفنون وغيرها، ومثلما قلنا فى مقالنا الافتتاحى، فإن هذا المنصب يتعامل بشكل مباشر مع المواطن، يتعامل مع ١٠٠ مليون مصرى، يتعامل مع منظومة فساد متكاملة، إذا أعلن الحرب على الدروس الخصوصية، بدأ اللوبي في توجيه الطعنات له، لوبي لا يشمل فقط المعلمين، بل يشارك به، أصحاب البيزنس ومراكز الدروس الخصوصية، وبعض ممن يشغل مناصب مهمة فى المحافظات المختلفة.
د. طارق شوقي، يظهر من حديثه أنه يملك رؤية متكاملة للتعليم، بل يملك القدرة على تنفيذها، ويملك الجرأة والقوة لمواجهة المنتقدين والمهاجمين، اختار الطريق الأصعب لتصحيح المسار، اختار أن يبدأ من المهد، اختار الحل الجذري، (انسف حمامك القديم)، لم يشغل باله بالانتقادات، وضع استراتيجيته على مستويين، الأولى المعالجة السريعة للأزمات الناتجة عن المناهج الحالية، والثانوية العامة، والثانية وهي الأهم، بدأ بها بالفعل، بدأ بمناهج حديثة وعلمية لتلاميذ التمهيدي، بدأ بالارتقاء بمستوى معلمي المرحلة الابتدائية، مرحلة التكوين، وعلى عكس ما يتوقع الجميع، أعتقد أن استمراره فى منصبه ضرورة لا غنى عنها، سيواجه حربًا لا يعلم مداها أحد، لكني أثق أن الرئيس عبدالفتاح السيسى، سيجدد الثقة فيه، لأن الاثنين يفكران بالطريقة ذاتها، وبالاستراتيجية نفسها، رغم قسوتها وألمها، رغم أن النتائج لن تظهر قريبًا، ولن يلمسها أحد إلا بعد مرور سنوات، لكنه قدر من يريد الإصلاح، ممن يعملون لهذا الوطن.