الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بروفايل

كريستيان مالار.. محاور الزعماء

الإعلامي الفرنسي
الإعلامي الفرنسي كريستيان مالار
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يكاد الإعلامي الفرنسي كريستيان مالار يختزل، من خلال مساره المهني المخضرم، ذاكرة القرن العشرين. فهذا الكاتب والمحلل، الذي بات اليوم واحدا من أبرز الخبراء في مجال العلاقات الدولية، قابل وحاور أبرز زعامات العالم، خلال الخمسين سنة الماضية.
تخصص، بداية، في الولايات المتحدة الأمريكية، حيث حاور وعرف عن قرب سبعة رؤساء أمريكيين، من نيكسون وكارتر إلى ريجان ومنه إلى بوش الأب فكلينتون ثم بوش الإبن فأوباما. بموازاة ذلك، أُغرم بالرمال المتحركة لسياسات الشرق الأوسط، وارتبط بعلاقات وثيقة مع أشهر قادة المنطقة. فقد كان ضمن نخبة النخبة من الصحفيين العالمين الذين كانوا على متن الطائرة الفرنسية التي نقلت آية الله الخميني من منفاه الباريسي الى طهران، إثر قيام الثورة الإيرانية، عام 1979. 
فيما بعد، عايش كريستيان مالار عن كثب أحلام الثورة الاسلامية وخيباتها، حيث لم يلبث أن اكتشف وأدان الوجه البشع لنظام الملالي، وكان شاهدا على اغتيال الثورة الإيرانية لأبنائها، وتصفيتها لكل الأصوات المناهضة لولاية الفقيه. 
التفت بعد ذلك الى المنطقة العربية، فحاور وعرف عن قرب الزعيم السوري الراحل حافظ الأسد، والملك حسين، وابنه الملك عبد الله من بعده، والشيخ زايد، والملك المغربي الحسن الثاني، والعقيد القذافي، والرئيس التونسي زين العابدين بن علي. لكن الزعيمين الأقرب إلى قلبه كانا، بلا منازع، الرئيسين حسني مبارك وعبد العزيز بوتفليقة. 
خصص مالار للرئيس مبارك، عام 2007، فيلما توثيقية شهيرا تحدث فيه "مبارك" بحميمية غير مسبوقة عن تحديات الإصلاح في مصر، وعن رؤية القيادة المصرية وموقفها من أهم التحديات والقضايا الإقليمية والدولية. ولم يكن ذلك البورتريه الحميم للرئيس مبارك ليرى النور، لولا صلات الثقة الوطيدة التي ربطت الرئيس الأسبق بالصحفي الفرنسي المخضرم، حيث قبل الرئيس مبارك بالإجابة عن كل أسئلته، حتى الاكثر حساسية وحميمية منها، رغم تحفظ غالبية مستشاريه، بمن فيهم ابنيه جمال وعلاء. 
صلات الثقة ذاته ربطت كريستيان مالار بالرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، حيث أتيح لكريستيان مالار أن يحل ضيفا على قصر الرئاسة الجزائري، كلما رغب في لقاء الرئيس بوتفليقة، دون المرور عبر الإجراءات البروتوكولية المعتادة. 
ورغم ظروف مرض الرئيس الجزائري، التي حالت دون إدلائه بحوارات صحفية منذ إعادة انتخابه لولاية رئاسية رابعة، عام 2014، الا أنه أنه حرص قبل أيام قليلة على أن يوجه الى "صديقه" كريستيان مالار بطاقة معايدة مذيلة بتوقيعه الشخصي، بمناسبة أعياد نهاية السنة.
علاقات الصداقة الوثيقة التي اشتهر بها مع القادة العرب، لم تمنع كريسيان مالار من لقاء ومحاورة القادة الإسرائليين، سواء منهم اليمينيين كأرييل شارون وبنيامين نتنياهو، أو اليساريين كأسحق رابين وشيمون بيريز. وكان جميع هؤلاء يكنّون للصحفي الفرنسي المخضرم ثقة واحتراما كبيرين، بالرغم من أنه كان يجاهر على الدوام بقناعاته الديجولية المتمثّلة في الدفاع عن حل اقامة دولتين إسرائيلية وفلسطينية، وفق الحدود المعترف بها دوليا، مع الاعتراف بالقدس الشرقية عاصمة لفلسطين. 
خارج المنطقة العربية، ارتبط كريستيان مالار بعلاقات وثيقة مع القادة الروس، بداية بآخر قادة الاتحاد السوفيتي، ميخائيل جورباتشوف، ثم بوريس يلتيسن، وصولا الى فلاديمير بوتين، الذي حطم كريسيان مالار الرقم القياسي في عدد المقابلات التي اجراها معه، حيث يعد الصحفي الأجنبي الوحيد الذي حاور سيد الكرملين أربع مرات. حتى أن عددا من الصحف الغربية باتت تنتقد كريسيان مالار، وتصفه بـ " الناطق غير الرسمي باسم بوتين". لكن مالار لا يأبه بتلك الانتقادات، ويقول إن بوتين هو "الوحيد الذي يمتلك مفاتيح أزمات الشرق الآوسط، لأنه حافظ على صلات وثيقة مع كل الفرقاء المتنازعين في المنطقة". 
وبالرغم من كل الحوارات والامتيازات الصحفية التي انفرد بها، على مدى مسيرته المهنية الممتدة لأكثر من نصف قرن، إلا أن كريستيان مالار يقول أن هنالك حلما ما يزال يراوده، رغم تجربته المخضرمة، ويتمثل في رغبته في محاورة الرئيس عبد الفتاح السيسي. ويفسر ذلك بقوله: إن "الرئيس" المصري الجديد هو "الوحيد من بين قادة شعوب المنطقة الذي كانت له الجرأة لتزعم ثورة شعبية أطاحت بحكم الإخوان المسلمين، وكشفت الأكاذيب والألاعيب الإخوانية، ليس في مصر فحسب في كامل المنطقة العربية".