الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

نشاط مكثف وتحديات داخلية وخارجية عديدة تنتظر الرئيس الفرنسي في 2018

الرئيس الفرنسي إيمانويل
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
مع بداية العام الجديد 2018، يستعد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للقيام بنشاط مكثف والتعامل مع تحديات عديدة خارجيا وداخليا، وذلك بعد أن نجح في فرض نفسه على الساحة الدولية -منذ توليه منصبه- وفي التأكيد على مكانة فرنسا كمحاور رئيسي في قضايا أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا.

فبعد جهد دبلوماسي ملحوظ في 2017، يتطلع ماكرون في الفترة المقبلة لتعزيز علاقاته مع دول عديدة لا سيما مع الصين وروسيا اللتين سيزورهما في 2018، فضلا عن السعي لدفع المفاوضات بين الإسرائيليين والفلسطينيين، بحسب الإليزيه. 
وسيستهل ماكرون 2018 بزيارة الصين خلال الفترة من 7 الى 10 يناير لبحث قضايا المناخ والتجارة الدولية يعقبها المشاركة في قمة فرنسية بريطانية في يناير الجاري.
ومن أسيا وأوروبا إلى الشرق الأوسط وأفريقيا، حيث سيقوم ماكرون في أول فبراير بزيارة دولة إلى تونس ثم إلى السنغال في 2 فبراير للمشاركة في رئاسة الشراكة العالمية من أجل التعليم، حيث ترغب باريس في زيادة الموارد الدولية المخصصة لهذا البرنامج بنسبة 50%.
وسيقوم بجولة في الربيع المقبل للشرق الأوسط يشارك بعدها في قمة مجموعة الدول الصناعية السبع بكندا في يونيو المقبل على أن يقوم في النصف الثاني من العام بزيارة كل من إيران وروسيا وإسرائيل وفلسطين، كما ستستضيف باريس في أبريل المقبل مؤتمرا دوليا حول مكافحة تمويل الإرهاب. 

وقد تعهد ماكرون - في كلمته للفرنسيين بمناسبة العام الجديد- بدحر الإرهاب، مؤكدا أن فرنسا ستخوض في 2018 العديد من المعارك، لا سيما للقضاء على هذه الآفة في المشرق والساحل وعلى التراب الوطني.
فبالرغم أن فرنسا لم تشهد عام 2017 هجمات ارهابية واسعة النطاق على غرا ما حدث في عامي 2015 و2016، إلا أن العديد من المراقبين يخشون من حدوث هجمات لداعش داخل البلاد، في ظل تراجعه في سوريا والعراق. 
ومن المقرر أن يبت المجلس الدستوري الفرنسي في الأشهر الثلاثة القادمة في مصير تدابير رئيسية تم إدراجها في قانون مكافحة الإرهاب الجديد لتأمين الأماكن أو الفعاليات التي تمثل هدفا محتملا للارهابيين وإغلاق دور العبادة وإجراء المراقبة الفردية والمداهمات الإدارية. 
من ناحية أخرى، يأتي إصلاح الاتحاد الأوروبي على رأس أولويات الرئيس ماكرون، حيث أكد أن عام 2018 سيكون حاسما في هذا الشأن، معربا عن يقينه أن فرنسا لن تنجح بدون أوروبا أكثر قوة.
فبعد الخطاب المهم الذي ألقاه بجامعة "السوربون" الفرنسية للكشف عن رؤيته لإصلاح أوروبا، فسيتعين عليه العمل على تحقيق تلك الطموحات على أرض الواقع، لاسيما استحداث موازنة لمنطقة اليورو في الوقت الذي، لا يلقى فيه هذا الأمر قبولا خاصة من دول شمال أوروبا التي لا تتحمس لمشاركة مواردها مع دول الجنوب ليظل مصير المقترح الفرنسي في هذا الشأن مرهونا بالمفاوضات الجارية بين المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل وشريكها في التحالف الحكومي. 

كما سيتوجب على ماكرون مضاعفة جهوده لإحراز تقدم في ملف المواءمة الضريبية على المستوى الأوروبي في ظل تحفظ بعض البلدان إزاء مقترحاته ذات الصلة مثل إيرلندا ولكسمبورح، وذلك بالإضافة إلى تطلعه لتحقيق توافق بين أعضاء الاتحاد الـ 27 حول ملفات أخرى مثل التعاون الدفاعي والاتحاد المصرفي. 
وعلى الصعيد الداخلي، هناك ملفات ساخنة تنتظر ماكرون خاصة مشروع قانون حول الهجرة.. فقد أكد أن الواجب الأخلاقي يلزم فرنسا استقبال الرجال والنساء الفارين من تهديدات مختلفة في بلدانهم الأصلية، سواء كانت تتعلق بأصولهم أو دينهم أو بمعتقداتهم السياسية ولكنها، في الوقت ذاته، لن يمكنها استقبال الجميع وستطبق قواعد صارمة في هذا الأمر.
ويستهدف ماكرون أيضا تقليص عدد العاطلين الذي يعد من أهم التحديات أمامه، وقد وعد بتحقيق نتائج ملموسة خلال عامين على الأكثر في هذا الشأن، فضلا عن إصلاح نظام إعانة البطالة للتحقق من جدية العاطلين في البحث عن وظيفة. 
كما يسعى في الأشهر القادمة لإجراء إصلاحات مؤسسية متمثلة في تقليص عدد البرلمانيين وعدم الترشح لأكثر من عدد محدد من الولايات المتتالية، والعمل جزئيا بنظام القوائم النسبية، إلا أن إقرار هذه التعديلات يتطلب موافقة ثلاثة أخماس عدد نواب البرلمان.
وكان ماكرون تمكن في 2017 من تمرير حزمة من القوانين والإصلاحات المثيرة للجدل الخاصة بأخلاقيات العمل العام لزيادة الشفافية واستعادة ثقة الفرنسيين في الممثلين الحكوميين والبرلمانيين وكذلك المتصلة بالعمل والإصلاح الضريبي لتشجيع الاستثمارات وتحفيز الاقتصاد بفضل الأغلبية البرلمانية التي يحظى بها وضعف أحزاب المعارضة في اليمين واليسار وتفتتها بعد الانتخابات الرئاسية الأخيرة.

ويتفق المراقبون أن التراجع النسبي لشعبية ماكرون -أصغر رئيس في تاريخ فرنسا- في الصيف الماضي ثم معاودتها الارتفاع في نهاية العام المنصرم، يمثل حالة نادرة مقارنة بأسلافه خلال نفس الفترة، متوقعين أن يحافظ على هذه الشعبية، فبحسب استطلاع أخير أجراه معهد "أودوكسا" فإن الفرنسيين راضون عن أداء ماكرون بشكل عام، لا سيما فيما يتعلق بسياساته الخارجية والمتعلقة بالصحة والأمن. 
ويتوقع خلال عام 2018، أن يواصل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، دون عائق تطبيق خططه الإصلاحية لاسيما الخاصة بالبطالة والهجرة وملفات أخرى شائكة ستشكل اختبارا أخر لتأثيره ومكانته.