الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

مواقف "البشير".. خنجر في ظهر مصر "ملف"

البشير وأردوغان
البشير وأردوغان
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
وضع أقدام تركيا فى القارة الأفريقية بتسليم «سواكن».. وساند إثيوبيا فى «أزمة سد النهضة»
يواصل السودان، اتخاذ مواقف تضر بالمصلحة والأمن القومى المصري، فبعد مساندته لإثيوبيا فى مفاوضات أزمة سد النهضة الذى سيؤثر فى حصة مصر التاريخية من مياه النيل، جاءت موافقة الرئيس السودانى عمر البشير على تسليم تركيا إدارة جزيرة «سواكن» الواقعة فى البحر الأحمر، لفترة زمنية لم يحددها، ليمثل طعنة جديدة توجهها الخرطوم لمصر.

يقول علاء على الباحث فى الشئون الأفريقية، إن العلاقة بين السودان وتركيا بدأت تتطور بشكل واضح فى الفترة السابقة، فى وقت نمت فيه الخلافات المصرية التركية، بسبب دعم النظام التركى لجماعة الإخوان والرئيس المعزول محمد مرسى.
وأشار على، إلى أن مشكلات طفت على السطح مع الجانب السودانى على مثلث حلايب، كما أن هذه الخلافات زادت من تبادل المصالح والمكايدات السياسية لدرجة كبرى. وأضاف الباحث: «هناك ثمة تقارب بين الجانبين التركى والسودانى على خلفية الخلافات الواضحة مع مصر، خاصة بعد ما قام «البشير» بإغلاق كل المدارس والمؤسسات والجمعيات الخيرية التى أسسها المعارض فتح الله كولن، بعد محاولة الانقلاب التى شهدتها تركيا واتهم فيها الأخير، كما سلم البشير كل المعارضين الأتراك لأجهزة الاستخبارات التركية، ما فتح كل الخطوط للتقارب مع النظامين السودانى والتركي».
وأشار الباحث فى الشئون الأفريقية، إلى أن زيارة أردوغان للسودان تعد أول زيارة لرئيس تركى منذ ١٩٥٤، أى منذ تاريخ استقلال السودان نفسه، وأن أردوغان حاول إصباغ زيارته بصبغة تاريخية، باعتبار أن الدولة العثمانية كانت متواجدة فيه أيام الخلافة، وكان ميناء «سواكن» مقرًا للحاكم العثمانى فى القرن الـ ١٨. وتابع على: «تركيا سعت للتواجد فى سواكن تحديدا لتكون قريبة من منطقة الصراع فى الشرق الأوسط، من اليمن والسعودية، كما يسعى أردوغان لأن تكون الجزيرة ورقة ضغط على مصر فى الأيام القادمة». 
وتابع على: «من المرجح أن مسألة «سواكن» قد تكون نوعا من المكايدة السياسية، خاصة أن مصر نجحت فى ترسيم الحدود بالبحر المتوسط فى اليونان وقبرص، كما بدأت تركيا والسودان خطواتهما لتأسيس شركة مشتركة لتنفيذ المشروعات الزراعية برأسمال ١٠ ملايين دولار، يملك الجانب التركى ٨٠٪ منها والجانب السودانى ٢٠٪».
وبحسب ما ذكر فى منتدى الأعمال التركى السودانى الذى نظمه مجلس العلاقات الاقتصادية الخارجية التركي، وإن تركيا تهدف لضخ استثمارات تصل إلى ١٠ ملايين دولار؛ حيث ضمت الزيارة ٢٠٠ من رجال الأعمال الأتراك ووقع نحو ٩ اتفاقيات لإقامة مشروعات زراعية وصناعية تشمل إنشاء مسالخ لتصدير اللحوم ومصانع للحديد والصلب ومستحضرات التجميل، إضافة إلى بناء مطار فى العاصمة السودانية الخرطوم، وبذلك ارتفعت الاتفاقيات الموقعة بين البلدين خلال زيارة الرئيس التركى إلى ٢١ اتفاقية، ويذكر أنه فى يونيو الماضى وقعت تركيا والسودان عقود شراكة وتأسيس شركة للمشاريع الزراعية برأسمال ١٠ ملايين دولار.
وتسعى تركيا لتعزيز تواجدها فى الدول الأفريقية، خاصة أنها أسست قاعدة فى الصومال فى ٢٠١٢ وجيبوتى.

وحاليا يتقارب مع إثيوبيا. وقال خبير العلاقات الدولية الدكتور عمرو الشوبكي: «الأمر لا يخلو فى النهاية من المكايدة، وتركيا تتحرك فى إطار الدفاع عن مصالحها، وتسعى لأن تكون متعددة النفوذ خارج المناطق التركمانية، بل تحرص لأن يطال نفوذها فى منطقتين أساسيتين، هما إفريقيا والعالم العربى، وبالتالى هدفها أن يكون لها نفوذ إقليمى فى الأساس مناطق نفوذ سياسى مصري».
وتابع «الشوبكى»: علينا استعادة دورنا الأفريقى أكثر من تقييم الدور التركى المرفوض؛ حيث بدت الساحة الأفريقية مسرحا لعدد من النفوذ الاستخباراتية التركية و«الإسرائيلية» والإيرانية بشكل كبير».
وأشار الشوبكي، إلى أن البشير يسعى لتصفية حسابات سياسية، باعتباره منحازًا لجماعة الإخوان المسلمين بشكل واضح، كما أن موضوع حلايب وشلاتين يوظف سياسيا على حسب شكل علاقته فى مصر؛ حيث أثناء العلاقات الجيدة بمصر والإخوان على وجه التحديد لم يفتح الموضوع من الأساس، والآن يفتح بأغراض سياسية ليست لها أى علاقة. 

ويقول الدكتور عمرو هاشم ربيع، رئيس مركز البحوث البرلمانية بمؤسسة «الأهرام»، إن مصادر عدة تهدد الدول العربية وهى لا تعد ولا تحصي، موضحا أن أى تدخل من الخارج يهدد الدول العربية بأكملها.
وأضاف هاشم: «سبق وحذرنا مرارا وتكرارا من الإستراتیجیات الإقليمية والدولية الخارجية التى تعمل بكل جهدها على الأمن العربي، وخير دليل على ذلك ما حدث فى تجزئة العراق، بالإضافة إلى احتماليات تقسيم سوريا وانهیار لیبیا والصومال، وانقسام السودان، ويمثل الدور القطرى أحد أهم مصادر التهديد للأمن القومى العربي».
تهريب السلاح
العميد خالد عكاشة عضو المجلس القومى لمكافحة الإرهاب والتطرف، قال إنه بدخول تركيا إلى السودان ستزداد كمية الأسلحة القادمة من السودان إلى الدول المجاورة مثل مصر وليبيا والسعودية، خاصة أن جزيرة «سواكن» التى استولت عليها تركيا فى شرق السودان تقترب من مصر بصورة كبيرة لقربها من الحدود المصرية.
وأضاف عكاشة، أن للسودان تاريخًا فى تهريب الأسلحة، وصل إلى أن الحكومة نفسها كانت تمارس شتى أنواع التهريب وعلى مستويات كبيرة، لجميع البلدان المجاورة لها، خاصة بعد انتفاضة ٢٥ يناير، حيث أرسلت الحكومة أسلحة على عربات (كنفوي)، ودخلت العربات داخل الحدود المصرية وبالتحديد فى مدينة أسوان، ولكن قامت القوات الجوية المصرية بتدمير هذه الأسلحة تماما.

ويقول اللواء محمد نور الدين، مساعد وزير الداخلية الأسبق، إن كل ما يحدث فى السودان حاليا من تدخل تركيا وتسليم جزيرة «سواكن» السودانية، يأتى لهدم الدول العربية خاصة السعودية ومصر؛ لأنهما حاليا أكبر دولتين عربيتين، ويحاولون بشتى الطرق أن يفعلوا بهما كما فعلوا بسوريا والعراق وليبيا وغيرها من الدول العربية، ولكن هذا لن يحدث. وطالب نور الدين بالتصدى لمخطط أردوغان الذى يسعى للنيل من مصر؛ لأنها الدولة الصامدة أمام مشروع حلم الخلافة العثمانى الذى يقوده. 

حلايب وشلاتين
قال الدكتور أحمد نور، خبير المياه، إن الحكومة السودانية تطالب بحلايب وشلاتين، رغم أنها ليست من حقها حسب الخرائط والتقسيمات الدولية القديمة، فى وقت أبرمت اتفاقية لتخصيص جزيرة «سواكن» للاستغلال التركي، مشيرًا، إلى أن موقف السودان فى المباحثات الفنية لسد النهضة معارض تماما للموقف المصرى ومؤيد للموقف الإثيوبي.

سد النهضة
وقال الدكتور نادر نور الدين الخبير المائى والزراعي، إن نظام الرئيس عمر البشير منذ زوال حكم الإخوان فى مصر مؤيد تماما لمشروع سد النهضة الإثيوبى، وهذا التأييد ليس حبا فى إثيوبيا، ولكنه يعتبر معارضة ومكايدة فى مصر، كما تثير السودان هذه الأيام موضوع حلايب وشلاتين وأنهما من حقها رغم احتلال إثيوبيا لأراض سودانية مثل إقليم الغضارف الواقع شرق السودان، ومع ذلك تغمض الحكومة السودانية عينيها عن هذا الإقليم، ويفتحها على الأراضى المصرية الموضوعة فى الحدود الدولية المصرية منذ قديم الزمن، كما يضحى السودان بـ ٦٥٠ ألف كيلو متر من أراضيه باستقلال جنوب السودان، ويتحدث عن ٢٠ ألف كيلو متر مساحة حلايب وشلاتين، والحقيقة المطلقة أنه فى خلال الأربع سنوات الماضية منذ سقوط حكم الإخوان فى مصر والبشير يدعم حملة كراهية من الشعب السودانى ضد المصريين، ويدعى أن مصالح السودان مع إثيوبيا وليست مع مصر.
وتابع «نور الدين»: «السودان أصبح يدعم إثيوبيا ويدافع عن سد النهضة وأصبحوا الآن يؤيدون ويدافعون عن سد النهضة أكثر من الإثيوبيين أنفسهم، وقدموا شكوى ضد مصر فى مجلس الأمن الأسبوع الماضى بشأن تبعية حلايب وشلاتين إليهم، رغم أنها موجودة ضمن الحدود الدولية بالنسبة لاتفاقية قسطنطينة، وبالتالى هو يبعدنا عن التركيز فى قضية سد النهضة.