الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بوابة العرب

2017.. شاهد على عودة علاقات مصر الإقليمية

 الرئيس عبد الفتاح
الرئيس عبد الفتاح السيسي
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
نجحت القاهرة خلال العام ٢٠١٧، فى إعادة ترتيب علاقاتها الإقليمية، بما يعزز دورها الريادى فى المنطقة العربية والإفريقية، فالمتغيرات التى تشهدها المنطقة العربية من تنامى حدة الصراعات فى اليمن وليبيا وسوريا والعراق، دفع العلاقة بين مصر ودول الخليج العربى إلى مستوى التحالف فى مواجهة المخاطر التى تهدد أمن الإقليم فى ظل الاحتقانات السياسية فى المنطقة وتفشى الإرهاب، ومخاطر النفوذ الإيرانى وتوسعته عبر أذرعه الشيعية فى المنطقة العربية، والنفوذ التركى عبر أذرعه الإرهابية المنتشرة فى دول المنطقة وفى منطقة الساحل الأفريقي.
على المستوى الأفريقي، نجحت القاهرة فى تضميد جراح العلاقة مع السودان المتقلب، بفعل تحالف الرئيس السوداني، عمر البشير، مع جماعة الإخوان، ورضوخه للإملاءات القطرية والتركية على حساب العلاقات التاريخية التى تربط القاهرة بالخرطوم، لتتفجر الجراح مجددا بقبول السودان بوجود قاعدة عسكرية تركية بمنطقة سواكن، بالإضافة لتعثر المفاوضات حول سد النهضة الإثيوبي، وهى أبرز التحديات التى تواجه السياسة الخارجية لمصر أفريقيًا عام ٢٠١٨.

عربيًا 
من المتوقع أن تشهد العلاقات المصرية العربية، تحسنا كبيرا خلال عام ٢٠١٨، وسيبقى الدور المصرى نشط على المستوى الإقليمى وبنفس القوة، وسيكون هناك حاجة لتعاون عربى أكثر لإنهاء الأزمات فى سوريا واليمن وليبيا، فبقاء هذه الدول فى حالة صراع يخدم الإرهاب والدول الإقليمية التى تسعى إلى التوسع وتحقيق نفوذ إقليمى عبر تلك الجماعات المتشددة، وسيبقى الملف السودانى على ضوء التحركات الأخيرة للخرطوم هو الأصعب والأكثر تعقيدا. 
ويرى السفير رخا أحمد حسن، أن عام ٢٠١٨، سيشهد تحركات عربية لحل أزمات المنطقة، وتحرير جامعة الدول العربية، لتلعب دورها المنوطة به بعيدا عن الرضوخ لبعض الدول التى تشتت جهد الجامعة من أجل تسوية العديد من الأزمات.
وتوقع تعاون عربى - روسى لإنهاء الأزمة السورية والأزمة الليبية، بالتنسيق مع تونس والجزائر، وأن مصر ستكون مطلوبة للمساهمة فى إعادة الإعمار فى العراق أواسط العام ٢٠١٨، وفى سوريا بالتنسيق مع روسيا وكذلك فى ليبيا، إذا ما نجحت مبادرة المبعوث الأممى الدكتور غسان سلامة، فى تسوية الأزمة.

أفريقيًا 
عمل الرئيس المصرى عبدالفتاح السيسي، على تعميق علاقات مصر بمحيطها الأفريقي، وقام بعدة زيارات للدول الأفريقية لإعادة الدور النشط للقاهرة فى القارة السمراء، فقد ظلت مصر ولسنوات طويلة وبالتحديد منذ تسعينيات القرن الماضى بعيدة عن أفريقيا، عقب محاولة اغتيال الرئيس المصرى السابق محمد حسنى مبارك بأديس أبابا عام ١٩٩٦. 
وعمل الرئيس السيسى، على تعزيز الشراكة البينية بين مصر والدول الأفريقية، وعززت مصر وجودها فى جميع المنظمات الأفريقية بما يعكس اهتمامها الكبير بالقارة السمراء، وعلى مدى عامى ٢٠١٦ و٢٠١٧، بلغ عدد الزيارات المتبادلة بين مصر والدول الأفريقية حوالى ٢٠٠ زيارة.
ويؤكد السفير رخا أحمد حسن، أهمية استمرار العلاقات بين مصر وأفريقيا حتى تصل إلى المستوى المتبادل الذى يخدم كل دول القارة، وتوقع عودة شركة «مصر للطيران» للعمل فى دول «الكوميسا» خلال العام ٢٠١٨، وأن يضع البنك المركزى خطة لتمويل المشاريع التجارية فى أفريقيا، وإعادة فتح القنصلية المصرية فى «كادونا» شمال نيجيريا. 
وأشار إلى أن مصر تقيم علاقات متوازنة مع دول حوض النيل، لكنه يجب تعزيز هذه العلاقات وخلق قاعدة عادلة لتقاسم مياه حوض النيل التى لا تحصل مصر منها إلا على ٥٥ مليار متر مكعب فقط، فى حين أنها تبلغ ١٦٠٠ مليار متر مكعب.
وألمح إلى أن سياستنا فى أفريقيا قد تشهد إعادة تقييم خلال العام ٢٠١٨، وسوف يكون هناك تحرك على جميع الأصعدة والمستويات، خاصة أن إسرائيل تسعى لتكون عضوا مراقبا بالاتحاد الأفريقي، فأفريقيا بحاجة إلى العلاقات التجارية، وعندما تنمو لغة المصالح يختفى صوت السياسة. 

وتوقع الدكتور أيمن شبانة، مدرس العلاقات الدولية، بمعهد الدراسات الأفريقية بجامعة القاهرة، أن ينشط تحالف عربى مكون من الدول العربية الأربع الداعية لمكافحة الإرهاب، بالإضافة إلى الجزائر داخل القارة الأفريقية نظرا للأهمية التى تمثلها القارة بالنسبة للمنطقة العربية، والخليج العربى القريب من الصومال والسودان حيث تنشط الجماعات الإرهابية.
وتوقع استمرار أزمة سد النهضة دون حل خلال العام ٢٠١٨، فإثيوبيا وعلى الرغم من وقوف مصر معها ودعمها لمجهودها الحربى ضد المستعمر الإيطالى لكنها تتنكر لمصر ولا تعتبرها دولة أفريقية، كما أن دولة السودان الآن تتعاون مع إثيوبيا ضد مصر وتعارض المصالح المصرية بشكل يفوق عداء إسرائيل للقاهرة، فالمتوقع لأزمة سد النهضة المزيد من التوتر وإن تعددت البدائل.
وتوقع تشكيل حلف أفريقى يتكون من مصر، والجزائر، وإريتريا والكونغو فى مواجهة المخاطر التى تهدد القارة الأفريقية وللوقوف لمنع إسرائيل من عضوية مراقب بالاتحاد الأفريقى.
ويقول «شبانة»، إن تركيا التى فشلت فى أن تصبح ذيلا للاتحاد الأوروبي، تريد أن تصبح رأسا للدول الأفريقية، وتتحرك فى محيط مصر الاستراتيجى بدءا من السودان وحتى تونس ودول الساحل الأفريقي.
وأشار إلى أن التحرك التركى مدعوم بالجماعات الإرهابية المتواجدة فى المنطقة من موريتانيا على المحيط الأطلنطى شرقا وحتى «بوكو حرام» فى نيجيريا غربا، بالإضافة لوجود تركيا العسكرى فى قطر والموجه لدول الخليج العربى، تحاول التواجد عسكريا على البحر الأحمر بمنطقة «سواكن» السودانية، بالإضافة إلى وجودها فى الصومال، ويجب أن يكون هناك تحرك عربى مواز فى منطقة الساحل الأفريقى فى مفهومه الأوسع من إرتيريا شرقا وحتى موريتانيا غربا، لأن التحرك التركى من شأنه أن ينعش الجماعات الإرهابية المنتشرة على طول هذا الساحل.
وثمة تغير حادث فى المفهوم الاستراتيجى لدول الخليج فى مكافحة الإرهاب، يعكسه قيام السعودية والإمارات بتمويل القوة الأفريقية لمحاربة الإرهاب بالساحل الأفريقى بـ١٣٠ مليون يورو، ١٠٠ من السعودية، و٣٠ من الإمارات من أجل تأمين المصالح السعودية والإماراتية فى المنطقة، والتى هى عرضة لعمليات إرهابية من قبل الجماعات الإرهابية المنشرة هناك والمدعومة من قطر وتركيا.
وهنا يتأكد ملامح تحالفات جديدة داخل القارة الأفريقية، فحاكم أنقرة يسعى إلى العمل على تحقيق وهم الخلافة العثمانية من جهة، ووجد ترحيبا من دولة أفريقية وزعامات تعمل كسمسار سياسى لمن يدفع أكثر، تعاونت مع القاعدة والإخوان وتتحالف الآن مع تركيا ضد المصالح العثمانية، ووجد فى الصومال حيث تنشط جماعة «شباب الصومال»، فرصة لتعزيز وجوده هناك بقاعدة عسكرية، ثم استثمار النشاط القطرى فى دول غرب أفريقيا ليتمدد باحثا عن زعامة يبنيها على أطلال الدول العربية والأفريقية التى عبثت بها يد الإرهاب.
من جهة أخرى تعمل الدول العربية الداعية لمكافحة الإرهاب وفق استراتيجية دفاعية بهدف الحفاظ على أمنها القومى من مخاطر الإرهاب التى تتعاظم فى ظل حالة الفوضى السياسية والأمنية التى تشهدها العديد من بلدان الساحل الأفريقى وشمال أفريقيا، وهو ما ينبئ بتحالف عربى قوى فى مواجهة المخاطر التى تشكلها الجماعات الإرهابية فى أفريقيا على أمن المنطقة العربية.