فى حضرة الله، فإن «الخشوع» سيد الموقف، وبين أسوار كنيسة تابعة لأحد المستشفيات، تعكف الراهبات على خدمة الجميع، لتطييب الآلام وجراح المرضى مسلمين ومسيحيين، فى أجواء روحية وابتهالات ملائكية خلال عيد الميلاد المجيد.
ورفعت راهبة تجاوز عمرها السبعين، عينها للسماء، تدعو لسلام العالم بلغة بلادها الإيطالية، حديثها من القلب، تدعو ربها وتناجيه وفى يدها ورد أو سبحة يجمعها صليب، تشهد حباتها على سهرات وصلوات سيدة تركت العالم وأهلها، ورفضت متاع الحياة لتعيش حياة العبادة والصلاة.
وعلى الترانيم والألحان، تسبح الراهبة فى كوكب آخر، كالعائم فى فضاء السماء، لا تشعر بالوقوف حولها، أو بالمكان ومحيطها أمام جمال الترتيل، وسط سفراء وكبار، حيث تساوت الرؤوس فى حضرة الإله، والجميع يسبح فى كوكبه الخاص بالطلبات والصلوات والتبارك فى تذكار ميلاد المسيح.
وتتفحص الراهبة من خلف نظارتها تمثالا لـ«المسيح» أمامها فى هيكل الكنيسة الصغرى، وتجتاز خيالها لتحيا معه لحظات الترتيل، وكأنها طفلة تطير كالفراشة فى فضاء الكنيسة وقلبها، وتظهر منها قصات من الشعر الأبيض للسيدة المُسنة التى تركت بلادها وذويها محبة فى الله.
وتذخر الكنيسة الكاثوليكية براهبات عدة فى عمومها، تهدف للخدمة ما بين الكنائس والمستشفيات، وعموم المنشآت التى تخدم المصريين، بعد أن تخلّو عن ذويهم وأهاليهم ليكرسوا حياتهم لله، يقضون أوقاتهم ما بين الترنم والعمل وقراءة الكتب المقدسة، حياة خاصة اختاروها بإرادتهم دون إجبار أو توجيه؛ حيث يقول الكتاب المقدس: إن الرهبنة والكهنوت للمدعوين من الله والمختارين.
