الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

"البرنسيسة والأفندي".. عشق أفضى إلى القتل

البرنسيسة والأفندي
البرنسيسة والأفندي
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
"إلا أنني أعذرك، لو وجدته أقرب إلى فيلم سينمائي، أخرج حسن الإمام بعض مشاهده وأخرج يوسف شاهين مشاهد أخرى منه.. وليس ذلك على أي الأحوال نادرًا في فيلم - أو علم- التاريخ".
شحذ صلاح عيسى خيال قارئه عندما كتب عن حكاية حب تحولت إلى واحدة من أبشع جرائم القتل، وفي طريقها هزت عرش مصر الذي كان محمد علي باشا قد رسّخه لأحفاده، بعد أن تزوجت الأميرة فتحية شقيقة الملك فاروق من رياض غالي الذي كان يعمل في خدمة والدتها.. هذا الامتزاج بين حفيدة الباشا زرقاء الدماء والأفندي ذو الدم الأحمر، حمل قصة درامية استحق أن يرويها عيسى باسم "البرنسيسة والأفندي"، والتي انتهت فيما بعد إلى إطلاق رياض أفندي غالي ثلاث رصاصات على رأس زوجته البرنسيسة فتحية وأطلق الرصاصة الرابعة والأخيرة على رأسه.
يصف الكتاب الذي ضم أكثر من 200 صورة تاريخية نادرة لأطراف المأساة حالة الصدمة التي أصابت الملك فاروق في عام 1950 عندما تلقى خبر زواج شقيقته من رجل كل مؤهلاته أن والدته قد اختارته سكرتيرًا لها إبان إقامتها في الولايات المتحدة؛ وارتفعت نافورة غضبه التي كانت أصلاً تبلغ ذروتها على والدته الملكة نازلي، بينما كان الخبر كفيلاً بالتهييج على أكثر من وجه، فمن يكرهون الملك استخدموا القصة ضده، ومن يحبونه زادوا من أسنتهم ضد أمه الملكة نازلي، وبين هؤلاء ذهبت الصحف مذهبها في التناول طبقًا لمواقفها السياسية المسبقة، وبعضها تناول الأمر من زاوية طائفية على اعتبار أن الزوج مسيحي والزوجة مسلمة.
عرض عيسى في الكتاب مذكرة الملك التى عرضها على مجلس البلاط الملكي للمناقشة، ما زاد من اشتعال الموقف بين كل الأطراف، وتناول كذلك قرارات البلاط التي حرمت الملكة الأم من التصرف في ممتلكاتها أو الوصاية على بناتها، فيما قرر الملك فاروق حرمان شقيقته فتحية من لقب الإمارة وما يتبع ذلك من حقوق ومزايا، بالإضافة إلى شطب اسمها من كشف أسماء الأميرات المدرجات في الوقائع المصرية.
استعرض عيسى العناوين الرئيسية في الصحف التي تابعت الأزمة، بينما كان رد فعل الملكة أنها لن تمثل أمام مجلس البلاط ولن تعود إلى مصر إلا إذا أعيد لفتحية لقبها وأقر الملك والحكومة زواجها من رياض أفندي، وفي مواجهة استهانة الملكة حاولت القاهرة الضغوط على الحكومة الأمريكية بالتدخل وطرد الملكة ورياض وفتحية، لكن ذلك لم يفلح، وهو ما أدى إلى شن حملة صحفية فى مصر ضد أمريكا، وكان من بين الذين اتخذوا هذ النهج الكاتب الصحفي محمد التابعي الذي رفع الأمر إلى درجة الربط بين رفض أمريكا المطالب المصرية والاعتراف بإسرائيل قائلاً "إن الأيام القادمة ستكشف عن أن أعداء مصر والعرب من الصهيونيين لعبوا دورًا مهما في هذه المسألة، وعملوا على إحباط مساعي مصر، وعلى تسهيل وإتمام عقد قران الأميرة فتحية ورياض غالي".
ووصف عيسى ببراعة فائقة في الكتاب العامل الدينى الذي دخل في القضية منذ لحظتها الأولى، ووصل في الفصل الثامن إلى ذروة تأثيره بالشكل الذي طفت معه قضية الطائفية إلى السطح؛ ففيما كان تأكيد الاثنين -غالي وفتحية- ومعهما الملكة نازلى على أن رياض ترك المسيحية إلى الإسلام وأن الزواج سيتم طبقًا لتعاليم الإسلام، انتهت إلى تحول نازلي والأميرتين إلى المسيحية، واعتنقوا جميعا المذهب الكاثوليكي.
مع الرفض الشديد للمسلمين الممثلين في الأزهر، كان على الضفة المقابلة -كما يقول عيسى- وطبقاً ضرورات الموازنة السياسية والطائفية أن يستنكر الأقباط الزواج كما استنكره المسلمون، وأن يجددوا ولاءهم للعرش وتأييدهم لما اتخذه الملك من إجراءات، حتى والد رياض نفسه قال للصحف إن الإسلام والمسيحية لا يقران ما حدث ولا يباركانه؛ كما أن ما لفت النظر أن الرؤية الطائفية للحدث امتدت إلى مثقفين نشأوا في ظل ثورة 1919 التي صهرت عنصري الأمة في قومية واحدة.