الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

قرار الأمم المتحدة.. الرسالة والمعنى

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة بجلستها الطارئة الخميس الماضى ٢١ ديسمبر برفض تغيير وضع وهوية القدس يثير فى مضمونه العديد من المعانى كما يحمل فى طياته الكثير من الرسائل.. القرار يعد رفضا قاطعا من المجتمع الدولى لقرار ترامب الذى اتخذه فى السادس من ديسمبر بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل سفارة الولايات المتحدة إليها، جاء القرار بأغلبية ١٢٨ دولة مقابل امتناع ٣٥ دولة عن التصويت ورفض تسع دول فقط من بينها الولايات المتحدة وإسرائيل.. القرار يعد صفعة حقيقية على وجه السياسة الأمريكية وموقفا قويا صادما ضد من انحاز بشكل سافر للباطل وتحدى المبادئ والقرارات والقوانين الدولية.. القرار يعد أيضا انتصارا للسياسة والدبلوماسية المصرية المعبرة عن إرادة شعبية ورسمية مساندة للحق الفلسطينى والشرعية الدولية، انتصارا لجهد وتحرك دبلوماسى مصرى مؤثر على المستوى الدولي.. القرار يعنى دعما دوليا للحق والشرعية ومواجهة فاعلة من المجتمع الدولى ضد الظلم والانحياز.. موقف أخلاقى ورسالة دولية قوية ضد شريعة الغاب واللاأخلاقية التى تحكم قرارات تؤدى إلى تأجيج واشتعال الصراع وتراجع عملية السلام وربما القضاء عليها.
قرار الأمم المتحدة أثر بالتأكيد على مكانة ودور الولايات المتحدة فى المجتمع الدولي، ومكانتها ودورها كشريك فى عملية السلام، كما أثر على مكانة ومصداقية رئيسها رقم ٤٥ دونالد ترامب الذى أراد انحيازا أعمى ودعما غير شرعى لإسرائيل فوجد من حيث لم يكن يتوقع انتفاضة عربية شعبية ورسمية ضد قراره، ودعما من المجتمع الدولى للقانون والشرعية، وإحياء لقضية فلسطين وحقوقها التاريخية.
قرار الأمم المتحدة يعد هزيمة سياسية للولايات المتحدة فى مواجهة المجتمع الدولى وتأكيدا على أن قرار ترامب باطل معدوم الأثر، حيث ينص القرار الأممى على أن أى قرارات أو إجراءات تهدف إلى تغيير طابع مدينة القدس أو مركزها أو تركيبتها الديمغرافية ليس لها أى أثر قانونى وتعد لاغية وباطلة ويجب إلغاؤها وهو ما يدعو إلى الامتناع عن إنشاء بعثات دبلوماسية فى مدينة القدس استنادا لقرار مجلس الأمن رقم ٤٧٨ لعام ١٩٨٠ كما يدعو أيضا إلى رفض كل الإجراءات السلبية التى تهدد إمكانية تطبيق حل الدولتين.. ورغم أن قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة تفتقد لآلية القوة الملزمة لتنفيذها على أرض الواقع، إلا أن قوة قراراتها هى قوة معنوية تمثل إرادة غالبية دول العالم التى يجب احترامها والانصياع لها، وهو ما يعنى عزل الولايات المتحدة الأمريكية فى قرارها الأحادى وعدم وجود من يقدم على دعمه وتنفيذه وبالتالى فهو قرار بلا أثر. 
لم تنجح تهديدات الولايات المتحدة الأمريكية بقطع المعونة عن الدول التى تؤيد قرار الأمم المتحدة فى إثنائها أو تراجعها عن مواقفها، كما لم تنجح تهديداتها بأن أسماء هذه الدول سيتم تسجيلها ولن يتم نسيان مواقفها المعادية! وهو ما يعد تهديدا مباشرا لأمن ومصالح هذه الدول وتدخلا سافرا فى سيادة قراراتها.. وهو ما أدى إلى إصابة مندوبة الولايات المتحدة نيكى هيلى بحالة من الغضب جعلها تهدد الأمم المتحدة بوقف تمويل بلادها لأنشطتها حيث قالت «إننا حينما ننفق بهذا السخاء فإننا ننتظر المقابل !»، كما هاجمت الدول التى تؤيد قرار الأمم المتحدة بأنها دول لا تحترم الولايات المتحدة الأمريكية.. أيضا لم تنجح الدبلوماسية الإسرائيلية فى إقناع وإثناء الدول عن مواقفها وهو ما دعا مندوبها فى الأمم المتحدة دانى دانون إلى الهجوم على كافة الدول التى تؤيد وتدعم القرار الأممى ووصفهم بأنهم مجرد «دمى»، كما هاجم الأمم المتحدة واتهمها بالكيل بمكيالين! وفى تحد واضح للإرادة والشرعية الدولية قال إن قرارها لن يقدم أو يؤخر وأنه لا شيء سيبعد إسرائيل عن القدس!.. هذا الصلف والغرور والتعالى لكل من مندوبة الولايات المتحدة ومندوب إسرائيل أدى إلى عكس النتائج التى سعيا إليها، وأدى إلى توحد المجتمع الدولى ضد منطق القوة وشريعة الغاب. 
فى النهاية يجب أن نضع فى الاعتبار بعض الملاحظات المهمة التى أسفرت عنها عملية التصويت لقرار الأمم المتحدة، أهمها وجود سبع دول من الكتلة الشرقية فى أوروبا امتنعت عن التصويت وهذا يقتضى مزيدا من الجهد الدبلوماسى العربى والإسلامى للتواصل والإقناع بعدالة القضية.. أيضا وجود سبع دول أفريقية امتنعت عن التصويت نتيجة الاختراق الإسرائيلى لهذه الدول، وترك الساحة الأفريقية ملعبا متاحا لإسرائيل مما يقتضى أيضا مزيدا من الجهد والتواصل وتقوية العلاقات وأوجه التعاون مع الدول الأفريقية.
هذا القرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة يمثل علامة فارقة وانتصارا للحق وإعلاء لقيم العدل والسلام وسيادة القانون الدولي، ومؤشرا مهما على أن بذل الجهد والتعاون والاتحاد فى المواقف والرؤى عربيا واسلاميا يمثل قوة لا يستهان بها على المستوى الدولي.تغريدة: قرار الأمم المتحدة يعد هزيمة سياسية للولايات المتحدة فى مواجهة المجتمع الدولى وتأكيدا على أن قرار ترامب باطل معدوم الأثر، حيث ينص القرار الأممى على أن أى قرارات أو إجراءات تهدف إلى تغيير طابع مدينة القدس أو مركزها أو تركيبتها الديمغرافية ليس لها أى أثر قانوني