الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

"سيدات داعش".. الغاية تبرر الوسيلة .. دراسة بريطانية: التنظيم الإرهابي يعيش أزمة بعد خسارته لأعضائه الرجال.. ويضطر لتجنيد النساء مجلس الأمن: ثلث عناصره نساء.. 550 منهن أوروبيات

سيدات داعش
سيدات داعش
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
بعد فشل تكتيكاته الإرهابية، فى إقامة دولة الخلافة المزعومة، لجأ تنظيم «داعش» إلى النساء، كأحد الخيارات، التى قد تساعده فى التمويه من جهة، وتعويض النقص الشديد فى مقاتليه الرجال، من جهة أخرى.
وكشفت دراسة نشرتها شركة «IHS Markit» البريطانية للأبحاث، فى سبتمبر الماضي، عن أن تنظيم داعش الإرهابي، بات يزج بالمرأة إلى معترك القتال، بعدما فقد كثيرا من عناصره الرجال فى المعارك الأخيرة بسوريا والعراق.
وأوضحت الدراسة أن ما يقوم به «داعش» يشكل تغييرا كبيرا، لا سيما أن للتنظيم الإرهابى نظرة متشددة وضيقة تجاه أدوار النساء، بالإضافة إلى أن هذا التطور يكشف أيضا مدى الأزمة، التى يعيشها التنظيم. وحسب المحلل «لودوفيكو كارلينو» فى قسم رصد النزاعات بشركة IHS Markit»، فإن الاستعانة بالنساء، جرى بعد مصرع الكثيرين من مقاتلى داعش، قائلا: «إن المتطرفين يحاولون تدارك ما تكبدوا من خسارة». وبجانب الدراسة التى تؤكد وجود استراتيجية جديدة لدى داعش تعتمد على المرأة بشكل كبير فى المرحلة المقبلة، فإن مجلة «رومية»، التابعة للتنظيم على الإنترنت، تحدثت أيضا عن دور المرأة فى الأوقات الحرجة، وأهمية مساهمتهن فى الحروب. 
وسبق لتنظيم «داعش» الإرهابي، أن استخدم النساء فى تنفيذ هجمات انتحارية، ففى معركة الموصل فى شمال العراق، نفذت النساء ٤٠ فى المائة من الهجمات الانتحارية هناك.
ويبقى التساؤل: لماذا تنضم الفتيات للتنظيمات الإرهابية، وما أدوارهن داخل التنظيمات، والمنطلقات الفكرية، التى يعتمدن عليها؟
تتوافر بعض الأرقام عن عدد النساء فى تنظيم داعش، باعتباره، التنظيم، الذى حظى باهتمام كبير على المستوى المحلى والدولي، فضلًا عن التطورات الأخيرة، التى طرأت على دور «المرأة» فى التنظيم، وانتقالها من صفوف ثانوية وأدوار تقليدية فى بعض التنظيمات، مثل القاعدة والإخوان، بوصفها ربة منزل ومربية أطفال إلى المرأة المهاجرة، وظاهرة «نفير النساء»، وصولا إلى المرأة الانتحارية.
وأصدرت لجنة مكافحة الإرهاب فى مجلس الأمن الدولى، تقريرًا فى ٢٠١٦، عن عدد النساء فى داعش، وأشارت إلى التحاق أكثر من ٥٥٠ امرأة من الدول الأوروبية، وأن حوالى ثلث أعضاء التنظيم، والذى يقدر عددهن بحوالى ٣٠ ألفًا من النساء. وأوضحت دراسة منفصلة نُشرت عام ٢٠١٦، أن النساء شكلن ما متوسطه ١٧ ٪ من ٤٢٩٤ مقاتلا أجنبيا قادما من ١١ دولة أوروبية، أى حوالى ألف امرأة، ولا يشمل ذلك القادمات من وسط وجنوب غرب آسيا وأفريقيا والخليج.
دور المرأة داخل التنظيمات الإرهابية 
تركزت أدوار المرأة داخل التنظيمات الإرهابية، فى البداية على القيام بدور الأمومة، وهى وظيفة نفسية لتعزيز الروح والأفكار المتطرفة، فى الجيل الصاعد من الإرهابيين. 
ومع الوقت، أصبحت المرأة عاملا مهما لدى التنظيمات الإرهابية، للترويج لنفسها، وجذب الانتباه، فاتبعت استراتيجية النساء الانتحاريات، وتصوير فيديوهات لهن، فى محاولة لكسر الصورة النمطية، لهذه التنظيمات، وكذلك لإعطاء صورة جديدة لها، وأنها لا تقوم باستعباد المرأة، بل تسعى لتعليمها، حسب ادعائها.
ومن الأدوار، التى تلعبها المرأة داخل التنظيمات الإرهابية، حفظ الأمن، أو «الشرطة النسائية»، عند خروج الرجال للقتال، والتمريض، والطب، والتعليم، الذى تتولى فيه تقديم ما يسمى «التعليم الشرعي» للمرأة، وأن المرأة تقوم بالتدريس لأخرى، وذلك لمنع الاختلاط.
وظلت قضية استخدام المرأة فى الأعمال العسكرية، مثار جدل داخل التنظيمات الإرهابية بين فتاوى مؤيدة، وفتاوى مضادة، إلا أن بعض التنظيمات، مثل القاعدة، تخلت عن أفكارها، فى تحريم وجود المرأة كمقاتل، ودفع الصراع داخل سوريا «جبهة النصرة» المنتمية للقاعدة، إلى تكوين كتائب نسائية عسكرية خاصة، وفى عام ٢٠٠٥، أباح تنظيم القاعدة استخدام النساء كانتحاريات، من قبل أبو مصعب الزرقاوي، زعيم التنظيم فى العراق.
وتلعب نساء القاعدة دورا بارزا فى التنظيم، بل يعتبر هذا الدور، سمة أساسية للقاعدة، وقد سلط «يوسف آلـ إيري»، أول أمير للقاعدة فى جزيرة العرب، الضوء على أهمية دور المرأة فى التنظيم وكتب رسالة مفتوحة بعنوان «دور المرأة فى الجهاد ضد العدو»، وقال فيها: «إن المرأة إذا كانت مقتنعة بشيء فلا بد أن تقتنع بأنها أكبر مصدر للقوة للرجل، وقد أصبحت نساء القاعدة أكبر قوة رئيسية فى التجنيد عبر الإنترنت، بل، وتخطين هذا الدور إلى تنفيذ عمليات فعلية، وظهر ذلك بوضوح فى سوريا».
وخالف «آلـ إيرى» بذلك، فتاوى بعض رجال التنظيم، مثل يوسف العييري، الذى أصدر بيانا، قال فيه: «نحن لا نريد منك أن تدخلى أرض المعركة، لما فيه من تبذل وفتنة»، إلا أن مجموعة من النسوة خرجن ببيان، تحت اسم «رفيقات الجنان»، لمساندة موقف الإرهابية «ندى القحطاني» من السعودية، التى قررت السفر للقتال فى سوريا، وقلن: «إن نفير المرأة المسلمة إلى الشام، إنما هو شأن خاص، ولها الحرية فى الإقبال على ذلك طالما كان دون معصية».
كتيبة الخنساء
مع صعود تنظيم «داعش» فى العراق وسوريا، برز الدور العسكرى لنساء «القاعدة» و«داعش»، وارتفعت أعداد الانتحاريات، اللاتى يقمن بعمليات إرهابية، إذ أظهرت البيانات، أنه فى عام ٢٠١٦، قامت ٢٩ امرأة على الأقل بتفجير انتحاري.
وتطورت ممارسات الكتائب النسائية «الداعشية»، مثل كتيبة «الخنساء»، التى تقودها امرأة تونسية تدعى «أم ريان»، وتأسست عام ٢٠١٤ وتتكون عناصرها من الجنسيات التونسية والأوروبية والشيشانية، وغيرها، وبدأت كمجموعة، مهمتها الانتشار فى شوارع وأسواق مدينة الرقة فى شمال سوريا، ثم تطورت إلى إقامة الحدود والعقاب، كالجلد والسجن، وكذلك التعذيب، ثم أصبحت جزءا من الكتائب المشاركة فى القتال والعمليات العسكرية وتدريب المجموعات النسائية على حمل السلاح، بجانب أن للكتيبة مشاركات فاعلة ضمن منصات الإنترنت. وعقب سيطرة داعش على الموصل فى يونيو ٢٠١٤، انضم إلى كتيبة «الخنساء»، نسبة كبيرة من النساء، تم قبولهن للعمل، بعد تهيئة المؤسسات لمنع الاختلاط وتوفر الشروط الشرعية فى مكان العمل. وتراوحت الرواتب، التى تتقاضاها عناصرها ما بين ٢٠٠ و٦٠٠ دولار. 
وورد فى وثائق التنظيم، الصادرة عن ديوان الدعوة والمساجد، المخصصة لسرد قصص ما يسمى «الجهاديات»، أن إحدى بنات أم خالد الوهاجى المغربية، التى تعمل فى جهاز الحسبة فى الرقة، نفذت عملية استشهادية ضد قوات حماية الشعب الكردية فى مدينة كوبانى فى شمال سوريا، ومن بين إحدى مهام «كتيبة الخنساء»، العمل الاستخبارى لتتبع الجواسيس، والكشف عنهم.