الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

مبادرة لتشكيل مجمع عام يضم كنائس مصر

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
رغم مساعى الوحدة بين الطوائف المسيحية وتأسيس «مجلس كنائس مصر»، فإنها لم تصل لإجراءات فعلية على الأرض بين الكنائس وبعضها، وبين الحين والآخر يهب التمييز أو التفريق بين الطوائف وبعضها، وتصل الأمور للتراشق بالتصريحات بين بعض رجال الكنائس المختلفة.
وتزداد الخلافات على خلفية رفض الصلاة على موتى الطوائف المختلفة، أو منع إتمام مراسم الزفاف لأصحاب الطوائف المغايرة، أو منع التناول (الأسرار المقدسة) ما بين الكنائس.
وشهدت الساحة القبطية صدامات عدة، وما زالت آثارها قائمة، ويحاول قيادات الكنائس اجتيازها تجنبًا للشقاق بين القساوسة أو الكهنة من الطوائف المختلفة، والذى ينتقل بالتبعية للرعايا وعموم الأقباط البسطاء.
ووسط موجات الخلاف، تظهر دعوات الوحدة والاتفاق، مثل اقتراح الأب الدكتور أغوسطينوس موريس، راعى كنيسة العائلة المقدسة للأقباط الكاثوليك بالزيتون، بتنظيم مجمع عام، يضم كنائس مصر للحوار والتفاهم بينهما، وعمل بروتوكول ينظم العلاقة بين الطوائف الثلاث، بما يحقق احترام الاختلاف وتثمين ما هو مشترك.
واقترح راعى كنيسة العائلة المقدسة للأقباط الكاثوليك بالزيتون، فى مبادرته، أن يمثل بالمجمع كل كنائس مصر، بقياداتها ومفكريها، اللاهوتيين والعلمانيين، مع دعوة بعض السياسيين للانضمام، كمراقبين.
وأكد الأب أغوسطينوس، أن المؤرخين الكنسيين أجمعوا على أن اختلاف الكنيسة الخلقدونية والكنيسة السريانيّة- القبطيّة، لم يكن فى الأصل اختلافًا عقائديًا جوهريًا، بل كان اختلافًا فى التعبير الفلسفى لا غير، مشيرًا إلى أن انفصال الفئتين لم يكن ليمزق ثوب الكنيسة، لولا أهواء البشر والسياسة العمياء وتنازع المدارس اللاهوتيّة.
وأضاف راعى كنيسة الزيتون: ألا يمكن أن نطبق المبادئ نفسها فى ما يخص رئاسة البابا وعصمته، وأن نعتبر بالماضى ونعبّر عن معتقداتنا بطريقة لا تجرح عقليّة الإخوة المتباعدين؟ وإذا كان هناك اختلاف فى التعبير فقط، ألا يمكننا أن نطلب من اللاهوتيين الكاثوليكيين والأرثوذكسيين، على حدّ سواء، أن تتغلَّب عليهم المحبة المسيحيّة فى إرضاء السيد المسيح؟
وقال راعى كنيسة الكاثوليك بالزيتون، إن الاتفاقيات السابقة واللاحقة، بالإضافة إلى البيان المعلن مؤخرًا، بين البابا فرنسيس والبابا تواضروس الثاني، يجعلنا نتجاوز مرحلة الانفصال المتعصّب العنيف، ولكن للأسف الشديد؛ فإن الذى نراه اليوم ونشاهده من أحداث، يجعلنا نكتشف بأننا لم نبلغ حقبة الوحدة المنشودة والتى نتمناها، مضيفا: «أخشى أن أقول إن مسيرة الوحدة تتعثر وتتراجع إلى المربع صفر، وفى مثل هذا الواقع يصبح شرّ الانقسام أمرًا لا يُطاق، والتمزق من جرّاء التعصب الطائفى والذى يُطلق عليه بعضهم «الأمانة للطائفة» أو «الانتماء للطائفة».
وأوضح أن المسكونيّة بطبيعتها تيار هامشى وانفلاتي، وتضييع للوقت، فهى لم تؤخذ بمحمل الجديّة من القائمين على الكنائس، وإن أخذها بعضهم على محمل الجد كرسالة له، نجد بعضهم يحاول أن يجعل منها مادة تجارية واستهلاكية تقاس بالمنافع والمكاسب والمتاجرة بما يطلق عليها بالمسكونيّة. 
واستطرد الأب أغوسطينوس: «إننا نجد أن المبادرات للعمل المسكونى تأتى من القاعدة الناشطة، وكثيرًا ما اضطُرّت إلى العمل فى الخفاء فكان روّادها فى بادئ الأمر من المغامرين والمشبوهين، ندرك اليوم أن المسكونيّة صارت من صلب النشاط الكنسى العاديّ، وهدفًا ينبغى أن يسعى إلى بلوغه الرؤساء أنفسهم، ويخطّطون له بأناة وفطنة، تلميذ المسيح الحقيقى لا يستطيع أن يستريح إلى الانقسام والخصومة، مهما كانت الأسباب والدواعي».
واستشهد راعى كنيسة الكاثوليك بالزيتون، بأن الإنجيل والإيمان المسيحى يدعو بإلحاح للعمل على التصالح والتفاهم والسلام، ولا عجب بأن يكون منطلق الدعوة إلى عقد مجمع مسيحيّ عام، يتلاقى فيه كل ممثلى المؤمنين بالمسيح، على اختلاف المذاهب والطوائف والبلدان، وهذه الفكرة.
وكشف الأب أغوسطينوس، عن أن الفكرة سبق عرضها أكثر من مرة من هيئات ومنظمات دولية ومن كبار اللاهوتيين، وعلى سبيل المثال، ففى سنة ١٩٦٨، عرضت على مؤتمر الكنائس العالمى فى مدينة أوبسال.
وأشار راعى كنيسة الكاثوليك بالزيتون إلى أن المجمع المقترح، يعد حدثا ضخما، ومشروع كبيرا ومكلفا، لذلك لا بدّ من الإعداد الطويل الدقيق، والتأهب النفسيّ والروحى الملائم، حتى تتهيأ له أسباب الالتئام والنجاح.
ورحب عدد من المفكرين والعلمانيين بفكرة إنشاء مجمع بين الكنائس للتنسيق والتفاهم، وثمن إسحاق حنا، أمين عام الجمعية المصرية للتنوير، فكرة الدعوة لمجمع يمثل كل الطوائف المسيحية للتحاور والتفاهم لتحقيق الوحدة، التى يتضمنها المفهوم المسيحي، معربًا عن تمنيه تحقيق الفكر الوحدوى، لا سيما أن مقترح الدعوة لمجمع للكنائس سبق وطرح فى ظروف مشابهة ولم يحقق نتائج مرجوة.
وقال «حنا» إن عدم تمهيد الأرضية لإلقاء بذرة الوحدة، يعد سببًا رئيسيًا فى فشل النتائج، ولذا وجب تنظيم لقاءات مسكونية بين أبناء الكنائس وبعضها وعدم التقييد بالتناول لأبناء الطائفة من عدمه بكنائس أخرى، مؤكدا ضرورة الانفتاح بين الأجيال الحالية، وإقامة صلوات مشترك لإعداد جسرًا للتواصل بين أبناء الطوائف.
وأضاف أمين الجمعية المصرية للتنوير، أن عاتق إنجاح الفكرة يقع على قادة الكنائس، وأن عليهم أن يكونوا مقدمين لفكر المسيح «الوحدوي» على أنفسهم، بعيدا عن التخوفات على المراكز أو فقدان الهوية الخاصة بكل طائفة، والخوف على الكراسى والمناصب، مشيرًا إلى أن البعض يتخوف فقدان هويته أو الذوبان فى الآخر من الطوائف.
وأكد «حنا» أن تحقيق نتائج من دعوة وجود مجمع للكنائس للتفاهم والتحاور، يتطلب تمهيد الأرض والفكر والثقافة لاستقباله، ليتسنى لأجيال قادمة تحقيق الوحدة المنشودة والفكر، الذى يجعل الجميع واحدا فى جسد المسيح وتعاليمه.
وأكد «حنا» أن الأنبا صموئيل أول أسقف للخدمات تبنى الفكرة، وكان له نشاط ومساعٍ للوحدة ولم تكتمل، كما أن هناك عدة وثائق وقعها رؤساء الكنائس، ولكن دون جدوى والمحصلة غير مجدية تمامًا للهدف، ولكن ألا نيأس.
من جانبه، قال المهندس ماجد الراهب، رئيس لجنة الآثار بالمجلس الأعلى للثقافة، إن الفكرة مقبوله للغاية، ونشجعها؛ لأن نقاط الاتفاق والتلاقى بين الكنائس المسيحية عديدة، وعلينا استثمارها للوصول إلى الهدف السامى منها.
وأضاف «الراهب» أن الكنائس عليها الابتعاد عن إلقاء الاتهامات على بعضها، وما يفعله البعض بزعم دخول أو عدم دخول الآخرين للملكوت والجنة، أمرًا لا يصح نهائيًا؛ لأنه هناك إيمان مشترك يمكن من خلاله العمل على الوحدة، وأتوقع أن البابا تواضروس يشجع تلك الوحدة وفكرتها.
وعن الانفصال بين الكنائس، قال «الراهب» إن الخلاف لم يكن خلافا عقائديا نهائيا، وإنما خلاف سياسي، حاولت كل كنيسة إثبات وجودها، وبدراسة مجريات مجمع خلقودنية، نجد الاختلاف كان بسبب إصرار كل أسقف وبطريرك، على وصوله إلى الزعامة بديلا عن بابا الكرسى السكندري.
وناشد رئيس لجنة الآثار بالمجلس الأعلى للثقافة، قيادات الكنائس مباركة المبادرة والاتفاق معًا لتذليل العقبات التى تواجهها، وتجنب التعصب والعمل على ركائز الاتفاق التى تجمع الطوائف وهى عديدة وكثيرة.