الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

كتاب فرنسي يكشف: الإرهاب.. الابن الشرعي للإخوان (ملف)

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
المؤلف: الجماعة بلا مستقبل وتحركاتها تعبر عن دموية قياداتها
عناصر الجماعة دائمًا في دائرة الشبهات.. ويقسمون على اعتدالهم وهم يدبرون للمؤامرات

مع تصاعد تهديدات ومخاطر جماعات الإرهاب المتأسلمة، والتي تحولت إلى ما يشبه «طاعون العصر»، وأصبح العالم بأسره واقعًا تحت تهديداتها، ظهرت الأسئلة الكبيرة التي شغلت العالم، شرقه وغربه، عن ماهية تلك الجماعات ومرجعياتها الفكرية والعقيدية، وتوالت الدراسات والأبحاث التي تتناول الظاهرة وتأصل لها.

ومن أبرز تلك الدراسات مؤخرٍا كتاب ضخم بالفرنسية بعنوان: «الإخوان المسلمون.. تحقيق في آخر الأيديولوجيات الشمولية» يروي قصتهم من البداية إلى النهاية، مؤلفه هو الباحث والصحفي الفرنسي «مايكل برازان».. الذي قضى سنوات طويلة يبحث تاريخ الإخوان، وزار الكثير من دول العالم العربي، وحرص على لقاء قيادات إخوانية وأجرى حوارات مطولة معهم، وكمحصلة لأبحاثه وحواراته كان هذا الكتاب.
ويشير «برازان» في مدخل كتابه لتجربة الإخوان الأخيرة في حكم أكبر بلد عربي «مصر» بعد الثورة التي أطاحت بالرئيس الأسبق «مبارك»، وتمكن الإخوان من السيطرة على مقاليد الأمور، وكيف أصبحوا الآن مطاردين في كل مكان، أو قابعين في السجون، أو نازلين تحت الأرض بعد أن عادوا إلى حياة السرية التي جربوها طويلا في الماضي.
ويسأل المؤلف: فمن الإخوان المسلمون يا ترى؟ ويجيب: أنهم جماعات منتشرة في شتى أنحاء العالم العربي، بل وحتى في أغلب البلدان الأوروبية وأمريكا.. إنهم مشكلون على هيئة روابط أو أحزاب سياسية أو «جمعيات خيرية»، ولكنهم مشتبه بهم دائمًا بأن لهم علاقة وثيقة بالحركات التكفيرية والجهادية الإرهابية، بالتأكيد هم ينكرون ذلك ويقسمون بأغلظ الأيمان أنهم معتدلون ولا علاقة لهم بالتطرف والمتطرفين الجهلة.. ولكن، من يصدقهم؟ على أية حال؛ فإن الباحثين مختلفون في شأنهم..  فالبعض يقول إنهم إسلاميون معتدلون، والبعض الآخر يقول إنهم ثيوقراطيون مقنّعون. وعلى أية حال؛ فإنهم يحيّرون بقدر ما يقلِقون.. فى الواقع، ربما لا يعلنون بصراحة دعمهم للإرهاب وهجماته، ولكنهم يجدون صعوبة كبيرة في إدانة أفعاله وتفجيراته، وبخاصة الإخوان القطبيين منهم (نسبة إلى سيد قطب)، وهم أكثر التيارات تشددًا داخل الإخوان. وهذا يعني أنهم إذا كانوا لا يدعمون الممارسات والهجمات الإرهابية ظاهريًا- لكيلا يفقدوا مصداقيتهم في نظر المجتمع الدولي- فإنهم يتعاطفون معها سرّيا أو باطنيا.
ويشير المؤلف، في هذا السياق، إلى أن مؤسسى تنظيم القاعدة والأفكار التي يروجون لها والشعارات التي يحملونها- كل ذلك آت مباشرة من جهة الإخوان.. ومن ثم، فلا يوجد أي شك في أن الإخوان هم الذين ولدوا تنظيم «القاعدة» ولكن، إذا كان الرجال والأهداف متطابقين في كلتا الجهتين، فإن الاستراتيجية تختلف.. فـالإخوان ما عادوا مقتنعين بأن استراتيجية بن لادن والظواهري والزرقاوي.. ستؤدي إلى أي نتيجة.. ولذا، فإن استراتيجية الإخوان تقول بأنه ينبغي أن ننتشر ونتوغل في المجتمع بشكل تدريجي قبل القفز على السلطة، وإذا ما وصلنا إليها في بلد ما فسوف تتساقط كل البلدان الأخرى في أحضاننا الواحد بعد الآخر كأحجار الدومينو.

كانوا يعتقدون أنهم سيحكمون العالم العربي كله من المحيط إلى الخليج، بل وحتى العالم الإسلامي بمجمله.. وهذا ما توهموه عندما وصل محمد مرسي إلى السلطة فى مصر.. ولكن عندما انفجرت ثورة ٣٠ يونيو ٢٠١٣ عليهم وأسقطت حكمهم، لجأوا إلى العنف من دون أي تردد.
ويورد «برازن» موقف الإخوان واستراتيجيتهم على النحو التالي: «نستخدم الأساليب السلمية إذا كانت هي الأنجح.. ولكن، إذا لم تفلح نلجأ إلى العصا الغليظة لإرهاب الناس وإخضاعهم لنا بالقوة» هذه هي فلسفة الإخوان المسلمين منذ نشأتهم.. ولذلك، كان هناك مكتب الإرشاد من جهة، والجهاز السري الخاص (كان أول تأسيس له بمعرفة حسن البنا، وهو جهاز سري شبه عسكري، عضويته تنتقي من داخل أعضاء الجماعة، ويتلقون تدريبات على الاغتيالات والتفجيرات) من جهة أخرى.. الأول ذو وجه دعوي سلمي رسمي محترم، والثاني يشتغل في الظل، مهمته تحريك الشارع واللجوء إلى التهديد وتنفيذ الاغتيالات والتفجيرات.
وحاول الإخوان تنفيذ مشروعهم وأحلامهم عقب الإطاحة بنظام مبارك في ٢٠١١، وهو ما رفضه غالبية المصريين، وكانت ثورة يونيو ٢٠١٣؛ حيث تم إزاحة حكمهم، لذلك كان من الطبيعي وقوع المواجهة بين الإخوان والرئيس المصري عبدالفتاح السيسي.
ويرى «برازان» أن هناك تشابها كبيرا في دوافع الصدام الإخواني - منذ ما يقارب العقود السبعة- مع عبدالناصر وصدامهم الأخير مع «السيسي»، فجمال عبدالناصر كان يريد أن يجعل من مصر أكبر قوة عظمى إقليمية، كان طموحه ضخما، وربما أكبر من إمكاناته، أو قل كانت التحديات والعقبات هائلة أمامه، وهي التي كسرت ظهره في نهاية المطاف. على أية حال، فضمن هذا المنظور التقدمي المستنير، لا مكانة لمشروع الإخوان المتخلف والرجعي بالمعنى الحرفي للكلمة.. لذلك، كان الصدام حتميا بينه وبينهم.. لقد حاول تحاشيه، ولكنه لم يستطع.. هذه نقطة نادرا ما يركز عليها المحللون والمراقبون.. والواقع أن عبدالناصر كان يعتبرهم بمثابة مخلفات لعصر الانحطاط، وسوف تنتهي ظاهرتهم عندما يتقدم المجتمع ويستنير.
والسيسي أيضًا يريد إنقاذ مصر وانتشالها من الفوضى العارمة التي وقعت فيها.. وهو أيضًا يجد الإخوان المسلمين على طريقة كحجر عثرة، يمنع تقدم مصر ونهضتها.

الإخوان والسلفيون.. تيار واحد
من الأسئلة الكبرى التي استحوذت على اهتمام المؤلف: ما الفرق بين التيار الإخواني والتيار السلفي في مصر؟
وبعد أن يشير إلى بعض الفوارق الشكلية في المظهر وبعض القضايا الفرعية في النهج والتفكير يقول- بوضوح وحسم- في الواقع، إنهم جميعا، من إخوان وسلفيين مصريين، ينتمون إلى فكر سيد قطب وأخيه محمد قطب. وهو التيار الذي كفّر المجتمع المصري في ستينيات القرن الماضي، وقال إنه يعيش حالة الجاهلية ومرتد عن الإسلام. ولكنهم ينتسبون إليه بدرجات متفاوتة من حيث الحدة والعنف..
 في الواقع، إنه يوجد تاريخيًا فرق واضح بين الإخوان والسلفيين، خاصة في الموقف من الاشتغال بالسياسة والتعاطي مع مفاهيم وأساليب الانتخابات والدستور والتشريعات المدنية.
هل لجماعة الإخوان مستقبل؟
آخر الأسئلة الكبرى التي يطرحها الكاتب والمؤرخ الفرنسي «مايكل برازان» في نهاية كتابه فيدور حول مستقبل جماعة الإخوان المسلمين، على ضوء ما تواجهه الجماعة من تحديات كبيرة على الصعيد الفكرى والسياسي، وعقب الهزائم والخيبات التي ألمت بها، وبعد سقوط الكثير من «أقنعتها» وحالة الانحسار الجماهيري التي يواجهها خطابها السياسي والفكري، والاتهامات المعلقة في رقبتها عن دورها ومسئولياتها في تنامي أفكار وممارسات العنف والإرهاب، وهي لا شك تحديات صعبة وأسئلة شائكة تحاصر ماضي وحاضر ومستقبل الإخوان المسلمين.
ومن خلال خبرات ومعرفة «برازان» بالجماعة وسلوكها التاريخى والحاضر، تأتي إجابته عن توقعه لمستقبلها: يمكن القول بأن أعداء الإخوان المسلمين هم بالدرجة الأولى الإخوان المسلمون أنفسهم. فما دام تفسيرهم للإسلام شموليا انغلاقيا، فلا يمكنهم أن يحصدوا إلا المفاجآت والخيبات. والدين الإسلامي لا يمكن اختزاله في ذلك الفهم المبتسر والقسري الذي يصيغه الإخوان عنه ويحاولون فرضه على الجميع.. الإسلام دين العقل والعلم والانفتاح، لا دين الكره والجهل والانغلاق.. لكل ذلك يرى المؤلف أن أيديولوجيتهم فاشلة لا محالة، وفي المحصلة الأخيرة؛ فإن المفاهيم المتعصبة الطائفية ما بقيت حاكمة ومتحكمة في النهج الإخواني ضد حركة التاريخ، وتعني سيطرتها على جماعة الإخوان أنها ببساطة جماعة بلا مستقبل.