الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

"إمارة بلجيكا".. مخطط قطر لنشر الإرهاب في أوروبا

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
برلمانى بلجيكى: الدوحة أنفقت أكثر من 160 مليون يورو على إخوان أوروبا
«الشباب المسلم» و«الإسلام» حزبان يستغلان التعددية فى المجتمع لنشر الفكر المتطرف

لا تتوانى دويلة قطر يوما عن ارتكاب الجرائم الدامية ضد الإنسانية ليس فى المنطقة العربية فحسب، لكن تمتد شرورها وتنتشر فى كل جزء من العالم، ويوما تلو الآخر يتأكد العالم أجمع أن قرار دول الرباعى العربى «مصر والسعودية والإمارات والبحرين»، بمقاطعة قطر ونظامها الدموى لم يأت من فراغ، وأن تلك الدول كانت محقة تماما فى الإجراءات التى اتخذتها ضد قطر، التى لم تتوان يوما عن دعم الجماعات المتطرفة، وكانت سببًا رئيسًيا فى نشاط هذه الجماعات، وتوسيع نشاطها الإرهابى فى جميع أنحاء العالم. ويبدو أن مخططات قطر الإرهابية لم تتوقف عند حدود الدول العربية والإفريقية، وإنما امتدت أيضا إلى عقر دار الغرب، وتحديدا أوروبا، وهذا ما ظهر بوضوح فى تصريحات جديدة لرئيس لجنة مكافحة الإرهاب فى البرلمان البلجيكى Queen Metsu، والذى أكد فيها تنامى دور الدوحة فى دعم المتطرفين.
وحذر Queen Metsu، من أن محاربة تمويل الجماعات المُتطرفة فى أوروبا، لن يكتمل دون التطرق إلى الأموال القطرية، ودورها فى دعم التنظيمات، التى تدور فى فلك جماعة الإخوان الإرهابية.
وكشف البرلمانى البلجيكى أيضا أن قطر ساهمت وتُساهم فى دعم الإخوان فى أوروبا ماليًا، عن طريق تمويل المساجد والمدارس والجمعيات والمؤسسات ذات الطابع الخيرى الظاهرى، والتى تُساهم جميعها فى نشر الفكر المتطرف داعيا الاتحاد الأوروبى للعمل على إيجاد آلية لمنع تمويل الجماعات المتطرفة فى مختلف دول القارة. ولم تكن هذه المرة الأولى التى يطلق فيها Queen Metsu تحذيرا من خطورة الإرهاب القطرى، إذ قال فى ندوة بالعاصمة الإسبانية مدريد فى أكتوبر الماضى، «إن قطر أنفقت أكثر من ١٦٠ مليون يورو على إخوان أوروبا، وأوكلت لهم مهمة عزل الجاليات المسلمة، وهو ما قاد إلى الإرهاب». وكانت جمعية الصحافة الأوروبية للعالم العربى، بالتعاون مع المعهد الدولى لمناهضة العنف، نظمت حينها ندوة بعنوان «تمويل الجماعات الإرهابية فى أوروبا: أسبابه، نتائجه، ومستقبله»، فى مقر ممثلية المفوضية الأوروبية فى مدريد، وشارك فيها Queen Metsu.

«حزب الإسلام»
أعادت تصريحات البرلمان البلجيكى للأذهان ما حدث قبل أربع سنوات، عندما وجه، رضوان أحروش، أحد قادة «حزب الإسلام» الناشط فى بلجيكا، رسالة مفتوحة إلى ملك بلجيكا الأسبق «Albert II» يدعوه فيها إلى ترك المسيحية واعتناق الإسلام، وكان نص الرسالة «أسلم تسلم، أدعوك لعبادة الله الأوحد والخضوع لإرادته، فإن فعلت وجدت السلم ورضاء الله عنك مرتين وإن رفضت ستحمل على أكتافك عبء خطايا رعاياك».
ولم تعر وسائل الإعلام البلجيكية حينها اهتماما كبيرًا لتلك الرسالة، رغم خطورة ما جاء فيها، واعتبروها «نكتة سمجة»، ولئن كان سلوك كاتب الرسالة عاديا فى مجتمع ديمقراطى يؤمن بالتعدد والتسامح ويضمن حرية التعبير، فقد بيّن مدى جهل رجال الإعلام والسياسة فى أوروبا بنوايا الحركات الأصولية، وما تحضره من مشاريع قد تقوض أسس الديمقراطية فى ربوع القارة العجوز.
ويستغل حزبان إسلاميان التعددية بالمجتمع البلجيكى، للدعوة إلى أسلمة بلجيكا وتطبيق الشريعة؛ بهدف إقامة دولة إسلامية، ويجاهر «أحروش» قائد «حزب الإسلام» برغبته فى تحويل بلجيكا إلى دولة إسلامية تعتمد على القرآن فى كل شيء، وقائد «حزب الإسلام»، كان من مؤسسى أول مسجد شيعى فى العاصمة البلجيكية Brussels سنة ١٩٩٩.
وفى ٢٠١٢، نشّط حزب إسلامى فى بلجيكا، تحت مسمى «نور»، ولكنه لم يجد سوى قبول خجول جدا بين المسلمين هناك، الأمر الذى دفعه لتغيير اسمه إلى «حزب الإسلام »، فى محاولة لاستقطاب الجالية المسلمة فى Brussels وضواحيها بمناسبة الانتخابات البلدية لسنة ٢٠١٢ التى شارك فيها بتقديم قوائم تحت مسمى «إسلام» فى بلديات Brussels، Anderlecht وSint-Jans-Molenbeek، وحصلت على ٥١٥٠ صوتا وفازت بمقعدين: رضوان أحروش فى Anderlecht ١٣.٤٪، و«الحسين أيت جديج» فى Sint-Jans-Molenbeek ١٢.٤٪.
وفى ٢٠١٤، قدم الحزب قوائم فى الانتخابات الفيدرالية والجهوية فى Brussels، وحصل على ١٣٧١٩ صوتا، أى ٠.٢٪ من أصوات الناخبين، وذهب الحزب فى خداعه بعيدا حينما اصطنع لكل حرف من كلمة «إسلام» باللغة الفرنسية معنى ليقول إن شعار حزبه هو: «استقامة، تضامن، حرية، أصالة، أخلاق»، ليصوت له حوالى ١٤٠٠٠ ناخب، يؤمنون بأفكاره الأصولية الساعية إلى إقامة خلافة إسلامية ببلجيكا.
ركز الحزب فى البداية على ثلاثة مطالب: توزيع الأكل الحلال فى المطاعم المدرسية، السماح بارتداء التلميذات المسلمات للحجاب فى المدارس، اعتبار الأعياد الدينية الإسلامية أعيادا وطنية، وشيئا فشيئا بدأ الحزب يكشف عن توجهاته الأيديولوجية الأخرى وبدأ يتحدث عن وجوب الانتقال إلى اقتصاد نقى وإعادة النظر فى دوام العمل وتقليص مدته الأسبوعية والعودة إلى دوام الأربعة أيام فى المدرسة مع فرض يوم الجمعة كيوم عطلة. ولم يخف «أحروش» مبتغاه بالعودة إلى برنامج حزبه الأول «نور» المكون من ٤٠ نقطة من بينها: إعادة العمل بعقوبة الإعدام، تشجيع زواج القاصرات، وضع شروط صارمة أمام الطلاق، تجريم الإجهاض والموت الرحيم. وتلقى قادة «حزب الإسلام» برقيات تهنئة رسمية من منظمة أهل البيت العالمية الشيعية، التى تتخذ من طهران مقرا لها ووجهت لهم دعوة لزيارة إيران، ولا ينكر رئيس «حزب الإسلام» هويته الدينية، إذ يصرح قائلا «أنا شيعى، هذا صحيح، ولكن حزبنا حزب إسلامى ولا شيء آخر.. أنا مع تطبيق الشريعة ولو أن الأمر يتطلب عملا طويل المدى ولكن بدأت الحركة وإن استمرت العشرات من السنين فقد تصل إلى الهدف لا محالة». وقال أحروش فى مقابلة تليفزيونية لإحدى القنوات البلجيكية «نختار تكتيكا آخر، إذ يجب أن نتعامل فى بادئ الأمر مع البلجيكيين، ونوضح لهم بهدوء المنفعة من انتخاب المسئولين الإسلاميين وتبنى القوانين الإسلامية. فلم لا؟ ألا يمكن الانتقال إلى دولة إسلامية فى بلجيكا بطريقة طبيعية؟»، مضيفًا، «أنا من أنصار الشريعة، وسيستغرق هذا الصراع فترة طويلة قد تستمر عقودا، أو حتى قرنا، إلا أن تحريك الموضوع قد بدأ».

حزب الشباب المسلم
وهناك أيضا، حزب الشباب المسلم الذى ظهر فى ٢٠٠٤، وهو منحدر من الحركة الشبابية الإسلامية المؤسسة سنة ٢٠٠٢. وأعلن الحزب فى برنامجه أنه يدافع عن القيم الإسلامية واندماج المسلمين فى المجتمع البلجيكى فى إطار احترام تقاليدهم الدينية، كما أنه يناضل ضد التمييز الذى ترتكبه الدولة البلجيكية تجاه المسلمين البلجيكيين، حسب ادعائه، مع ذلك لا يقوم الحزب بأى نشاطات منذ ٢٠١٠ بسبب اعتزال رئيسه الحياة السياسية ومغادرته Brussels منذ ٢٠١٢. أسس الحزب، بلجيكى مسلم مكنى بـ«عبدالله أبى عزيز باستان»، شارك فى انتخابات ٢٠٠٤ الخاصة بمجلس دائرة العاصمة، ولم يحصل سوى على نسبة ١.٠٨٪، وفى ٢٠٠٦ شارك فى الانتخابات البلدية فى دائرتى Anderlecht وSint-Jans-Molenbeek، وفى ٢٠٠٩ الانتخابات الجهوية بالعاصمة Brussels وكانت نتائجه هزيلة.
صعود نجم الأصوليين
وعلى الرغم من الضربات القاسية التى تلقاها المجتمع البلجيكى على يد الإرهاب التكفيرى، إلا أن حزب «الإسلام» شهد صعودا، إذ ظهر وسط تزايد كبير لأعداد المسلمين فى العاصمة البلجيكية، حيث يمثل المسلمون حوالى ربع سكانها، وحسب كتاب صدر مؤخرًا من جامعة «Leuven» الكاثوليكية، أكبر جامعة باللغة الهولندية فى بلجيكا، فإن Brussels هى أكثر المدن فى أوروبا من حيث عدد المسلمين.وتنبأ عالم الاجتماع البلجيكى «Phyllis Dasito» بأن المسلمين سيمثلون غالبية سكان Brussels بحلول عام ٢٠٣٠م، كما أن نسبة المسلمين فى بلجيكا كلها ستزيد إلى ١٠٪ بحلول عام ٢٠٢٠م فى حين أنها تمثل فى الوقت الراهن ٦٪، والتى تعتبر واحدة من أعلى المعدلات فى أوروبا.
وتتعدد الجنسيات فى العاصمة Brussels من المسلمين والعرب، إذ يمثل الأتراك ٢٠٪، و٧٠٪ من المغرب بالإضافة إلى نسبة ١٠٪ أخرى من ألبانيا ومصر وباكستان وشمال أفريقيا، وقد توافدوا على بلجيكا فى الستينيات من القرن الماضى، وتزايدت الأعداد فى المجتمع المسلم هناك بشكل مستمر سواء من خلال ارتفاع معدلات المواليد وتأثير الوازع الدينى فى تشجيع النسل أو من خلال الهجرة. كما أصبح «محمد» الأكثر شعبية منذ عام ٢٠٠٨م فى Brussels للأطفال الذكور، وهو أيضًا الأكثر شعبية للأطفال الذكور فى ثانى أكبر مدينة فى بلجيكا «Antwerp» حيث يقدر أن ٤٠٪ من أطفال المدارس الابتدائية مسلمون. وتشير الإحصاءات الرسمية إلى أن السكان الأصليين فى بلجيكا، يدخلون فى الإسلام بمعدل ١٠٠٠ فرد فى العام.

تحجيم الإسلاميين
أدركت بلجيكا مؤخرا خطورة الأصوليين، خاصة بعد الهجمات الدامية التى استهدفت أراضيها على يد تنظيم داعش الإرهابى، وفرضت السلطات هناك قيودا على إقامة أى شعائر إسلامية فى الشوارع والطرقات، خاصة تأدية صلاة الجمعة خارج بعض المساجد. وقال عمدة العاصمة البلجيكية Bernard Clerfayt، «إن العلاقات مع المساجد التابعة لرابطة المساجد جيدة وأساسها الحوار، وأن جميع المساجد على علم أن السلطات لا تريد نشاطا دينيًا فى الأماكن العامة مهما كانت الطائفة أو الانتماء، لذا لا يمكننا قبول الصلاة فى الأماكن العامة، وقد أعطينا إذنا مؤقتا لكى يتمكن المسلمون من أداء مناسكهم داخل مسجد شارع Vanderlindeلكن لم أوافق بأداء الصلاة فى الأماكن العامة».
وتتعامل الشرطة البلجيكية مع إقامة الصلوات بالشوارع على أنه احتلال للفضاء العام، ويمكن أن ينتج عنه اضطرابات بين الشرطة والمصلين.