الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

قطر تدعم 242 جمعية إخوانية في فرنسا للسيطرة على "المنظمات الإسلامية"

فى مؤتمر بإيطاليا: الإخوان بأوروبا فى «قفص الاتهام»

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
"نجمة البحر خماسية الأذرع" فى القارة العجوز.. بديل الهرمية العنكبوتية لحسن البنا

أجمع المشاركون فى المؤتمر العلمى الدولى حول «الإسلام فى أوروبا»، بمدينة البندقية الإيطالية، على أن جماعة الإخوان الإرهابية تعتبر الحاضنة الأولى للفكر المتطرف فى أوروبا ومنطقة الشرق الأوسط. وتطرق الباحثون لدور الإخوان وقطر فى استغلال الإسلام السياسى للنفوذ والتمدد فى أوروبا.
تناول المؤتمر خلال جلساته على مدار يومين بالرصد والتحليل قراءة واقع المسلمين فى أوروبا، وواقع تيار الإسلام السياسى فى الساحة الأوروبية، بمختلف تنوعاته من جماعة الإخوان والتيار السلفى إلى التنظيمات الإرهابية المسلحة، كما تناولت جلسات المؤتمر «الإسلام الأوروبي» وإشكالية الاندماج فى المجتمعات الأوروبية.
شارك فى المؤتمر نخبة من الأكاديميين والباحثين المختصين من دول حول العالم بمبادرة من معهد غرناطة للبحوث والدراسات العليا، وجامعة بادوفا، وجامعة بيومنتى أورينتالي، ومؤسسة «مؤمنون بلا حدود» للدراسات والأبحاث، إضافة إلى مؤسسة تشيني، والمركز الجامعى للثقافة والقانون والأديان فى إيطاليا. 
أوروبا.. والإسلام فوبيا
تناول المشاركون، فى إطار المحور الأول، تحت عنوان «الإسلام والإسلام السياسى فى أوروبا: التاريخ والتحولات»، التحولات الجديدة فى المجال الإسلامى الأوروبى عقب التطورات الدولية الأخيرة، وتصاعد موجات التطرف العنيف فى أوروبا وخارجها، وتنامى ظاهرة الإسلاموفوبيا، وأثر ذلك على المسلمين فى أوروبا، وعلى مسارات التحول والتكيف لدى جماعات الإسلام السياسى تنظيميًا وسياسيًا. وشددوا على ضرورة إنقاذ النصوص الدينية من التأويل الخاطئ الذى تقوم به جماعات الإسلام السياسي، لتحقيق مصالحها الضيقة ما يضر بالدين الإسلامى والمسلمين فى أوروبا.
استراتيجية الإخوان وقطر
تشكل جماعات الإسلام السياسى وعلى رأسها جماعة الإخوان الإرهابية، حاضنة مُثلى للإرهابيين كونها تستغل الحريات المتاحة فى البلدان الأوروبية والتعدد الثقافى الذى تتسم به هذه الدول، عبر الترويج لأفكار تغذى الشعور بالاضطهاد وتقوية الميل إلى العزلة عن المجتمع، تمهيدًا لعملية غسل الدماغ التى تتم للضحايا لتجنيدهم لصالح المنظومات المتطرفة.
وتشير الأرقام إلى أن هناك مئات الجماعات التى مولتها الدوحة على امتداد القارة الأوروبية، عبر توفير الدعم المالى الكامل فهناك نحو٢٤٢ جمعية إخوانية فى فرنسا، لتسيطر على اتحاد المنظمات الإسلامية «لواف»، كما تؤكد الإحصاءات كذلك أن النظام القطرى ضخ ٢٥٧ ألف يورو حسب سجلات بنكية، لتمويل الجماعات الإرهابية داخل الأراضى الهولندية تحت ستار المدارس الدينية والجمعيات الخيرية.
ويرتكز الخطاب الإخوانى -القطرى لمسلمى أوروبا على أن الغرب يمثل عدوًا للمسلمين، وهو الأمر الذى يخالف الواقع، حيث يعيش المسلمون فى هذه البلدان كمواطنين من الدرجة الأولى لهم ما للمجتمع وعليهم ما عليه، بيد أن المدارس الإخوانية القطرية تعمل على اختراق المجتمعات الأوروبية المسلمة بمثل هذا الخطاب.
لغة مزدوجة
كما تعمدت جماعات الإسلام السياسى إلى استخدام لغة مزدوجة، تظهر للحكومات الأوروبية أن جماعة الإخوان والإسلام السياسى ليسا المشكلة التى يجب أن يتعاملوا معها، ولا تكتفى بالتلون والالتفاف لتتبنى خطابات تعمق الفرقة فى المجتمعات وتؤدى إلى الاستقطاب وتغذية التطرف والعنف ما يؤدى لتضرر المجتمعات وانهيار الدول. وهو ما أثارها محمد العاني، مدير مؤسسة مؤمنون بلا حدود، فى بحثه، أشار إلى أن التطرف الدينى يمثل أبرز التحديات التى يواجهها العالم الإسلامي، وأن المجتمعات المسلمة اكتوت بناره مثلما أصابت المجتمعات الأوروبية.
وأكد محمد بن صالح، مدير معهد غرناطة للبحوث والدراسات العليا بإسبانيا، أن تيارات الإسلام السياسى تمثل كارثة فى أوروبا، لكونها تصور نفسها على أساس أنها المدافع عن هوية الأمة الإسلامية ضد العولمة.
استراتيجية الإخوان
فى أوروبا
وتطرقت فاميتا فينر، باحثة فى العلوم السياسية بفرنسا، فى مداخلة لها خلال الجلسة الثالثة إلى استراتيجية الإخوان فى أوروبا، والتى تطورت كثيرًا، خاصة فى العقد الأخير، بمقتضى الدعم المالى الذى تدفق على فروع الجماعة فى الدول الأوروبية، وبالدرجة الأولى الدعم القادم من قطر، بحكم علاقتها مع الجماعة.
ودللت على ذلك بقولها: عندما تم إسقاط حسنى مبارك من الحكم بمصر، تم رصد الحضور الإخوانى الكبير فى المنابر الإعلامية المدافعة عن الثورة، بخلاف مرحلة ما قبل إسقاط مبارك، وكان هذا سببًا وراء إطلاق منصة إلكترونية تهم الساحة الفرنسية باسم «إخوان أنفو». وأضافت، لدينا متابعة كبيرة لموقع «إخوان أنفو»، ونشتغل على المشهد الإخوانى فى فرنسا على الخصوص، وفى أوروبا وأمريكا والمنطقة العربية، مع مشاركة باحثين وإعلاميين.
وأشارت إلى أنه إضافة إلى الحضور الإخوانى النوعى والبارز فى فرنسا، هناك حضور نوعى أيضًا فى ألمانيا، على اعتبار أن ما يقوم به طارق رمضان اليوم، يصب فى تحقيق ما سعى إليه حسن البنا، وبعده المودودي، من خلال استحضار تجربة تأسيس دولة إسلامية من الهند.


الإخوان والتمكين
الورقة البحثية لـمحمد لويزي، وهو باحث مختص فى الحركات الإسلامية بفرنسا، تناولت «مشروع الأخونة من التوطين إلى التمكين»، موضحًا بأن نظرية التمكين عرفت عصرنة وتحديثًا، وأدخلت إلى مختبر البحث الجامعي، لجعلها أكثر قدرة على الفاعلية، ومن ذلك أطروحة دكتوراه قدمها الإخوانى الليبى على الصلابى بعنوان: «نظرية فقه النصر والتمكين فى القرآن الكريم»، وأثنى عليها الشيخ يوسف القرضاوي.
يقول «لويزي» لقد اتضح أن «قضية التمكين» التى كُشف عنها فى حقبة الرئيس حسنى مبارك، وعرفت تورط «خيرت الشاطر» النائب الأول لمرشد الإخوان، أنكرتها الجماعة حينها، ولكن فى مرحلة الترشح للانتخابات الرئاسية بعد «الربيع المصري»، تأكدت مضامين الخطة عندما كان خيرت الشاطر، هو المرشح الأول للرئاسة باسم الإخوان قبل إزاحته بمعرفة القضاء.
فى مقابل التمكين الإخوانى فى المنطقة العربية، قال هناك اشتغال إخوانى على التوطين فى أوروبا، مشيرا إلى أنه بالنسبة للمشروع الإخواني، فأوروبا ليست وطنًا إسلاميًا، «وبالتالى ينبغى أن نجعل من الدين الإسلامى فى أوروبا جزءًا من الإسلام فى أوروبا، بشرط أن يكون مُجسدًا فى الإسلام الإخواني». وتحدث «محمد لويزي» عن مجالات الاستقطاب والتأثير، حيث يوجد عدد من الإسلاميين فى فرنسا، فى المؤسسات الأمنية، فى إطار التأطير والاستشارة، وبالتحديد فى مؤسسات الجيش، بل إن أغلب هؤلاء من الإخوان. أما فى مجال التربية والتعليم، فيؤكد الباحث أنه مجال يسعى الإسلاميون إلى الهيمنة عليه، مع حضور كبير للأدبيات الإخوانية، رغم أننا نتحدث عن السياق الفرنسي، وليس المصرى أو المغربى أو التونسي، ولكننا إزاء نفس الأدبيات. وأشار إلى أن الإسلاميين فى أوروبا يُعلمون الأتباع أن «أول الحرب، كراهية الآخر»، فى إطار تغذية القطيعة بين المسلم الأوروبى والمواطن الأوروبي، ولهذا يعملون على استغلال استثمار القضية الفلسطينية والملف السورى وقضايا الأقليات المسلمة، مثل قضية مسلمى بورما، وغيرها من القضايا.
ويقول الباحث إنه فى إطار الاشتغال على موضوع نزعة التشدد عند الإخوان وعند الجهاديين الراديكاليين، لا ننتبه إلا إلى الشخص الذى أصبح متشددًا، ولا ننتبه إلى الإمام الذى غرس فى فكره كراهية الآخر، لذلك من الصعب الحديث عن مراجعات عند جماعة الإخوان، وما حرره الشيخ يوسف القرضاوي، مؤخرًا، يؤكد غياب مراجعات فى التعامل مع مواضيع العنف والمرأة والردة وغيرها من القضايا. وخلص «لويزي» إلى أنه «مادام الإخوان لم يحسموا بعد مواقفهم من العنف، فإنهم جماعة راديكالية»، موضحًا استراتيجية «نجمة البحر خماسية الأذرع» التى يعمل بها الإخوان فى أوروبا، حيث تبقى استراتيجية أكثر ذكاء وأقوى فعالية، حيث لا وجود للرأس والقيادة إلا بشكل رمزى ومعنوي، كما أن كل ذراع مقطوعة تتحول بدورها إلى نجمة مستقلة بذاتها وبأذرعها وبقرارها واستقرارها.


الغنوشى وحفيد البنا
أشار «عبدالله السيد ولد أباه»، أستاذ باحث فى الفلسفة بجامعة نواكشوط بموريتانيا، خلال الجلسة الثالثة التى شهدها المؤتمر الدولى بمدينة البندقية بإيطاليا حول موضوع «الإسلام والإسلام السياسى فى أوروبا مسارات التحول والتكيف»، إلى أن المقارنة بين راشد الغنوشى وطارق رمضان، حفيد مؤسس جماعة الاخوان حسن البنا، هى مقارنة بين شخصين لا يبدوان متشابهين من حيث الأفكار. ويضيف الباحث أن عبارة الإصلاح الجذرى تبدو عبارة جريئة، ولكن فى الواقع، الفكرة مجرد صياغة لخطاب برز فى الإسلام السياسي، وهو خطاب إسلامية المعرفة، الذى تبلور فى معهد الفكر الإسلامى فى واشنطن، عبر التوسع فى فكرة المقاصد الشرعية، باعتبار أن الصياغة الأصولية الجديدة للمقاصد قادرة على أن تأسس صيغة جديدة للإسلام. ويعتبر «ولد أباه» أن المقاصدية التى يقدمها طارق رمضان تقوم بتفريغ الإسلام من حوامله الثقافية، أى إنشاء إسلام خارج التاريخ وخارج الثقافة الإسلامية، مضيفا أن تأويلية رمضان بقيت تأويلية فقيرة، لأنها لا تصل إلى منابع الدلالة فى الدين الإسلامي، وذلك رغم قدرته البارعة على الجدل وعلى مخاطبة الشباب الأوروبى المسلم.
أما راشد الغنوشي، فينطلق،ـ حسب الباحث، من نفس مأزق الإسلام السياسي، عبر تحويل فكرة الإمامة (وهو مفهوم عقدى فقهي) إلى مبدأ تعاقد اجتماعي، والشورية إلى نمط من الصياغة التعددية، موضحا أن هذا الخطاب قد يبدو أنه متصالح مع الليبرالية والديمقراطية، ولكنه فى الواقع لم يخرج عن فكرة أسلمة الدولة، أى الانطلاق من التعارض بين الدولة السيادية الوطنية والنموذج الإسلامى البديل الذى يفترضه الإسلام السياسي. الأمر الذى يكشف بوضوح تهافت ما يسمى دعوات الإصلاح أو التجديد للمشروع الإسلامي، وأنها فى محصلتها الأخيرة مجرد مراوغات و«فوارق لفظية»، تتخفى وراءها أحلام السيطرة والهيمنة «سيادة العالم» بالمصطلح الإخوانى الشهير.