السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

"النحنحة" على القدس

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
عزيزي الاشتراكي الثوري والإخواني المتظاهر على سلالم نقابة الصحفيين، والمُوَلْوِل والهَتّيف والمُتَنَحْنِح والناشط على الفيسبوك وتويتر، نمى إلى علمي أنك غيرت صورة بروفيلك على "الفيس" واستبدلتها بالقدس عاصمة فلسطين، كما علمت بأنك "يا حرام" لم تنم وواصلت الليل بالنهار لاطما خدودك من حسرة قرار ترامب بنقل سفارته إلى القدس المحتلة، كما فهمت بأنك تدعو إلى الجهاد "شهداء بالملايين على القدس رايحين"، وناضلت من أجل القدس بالتصويت على الفيس وتويتر بأنها عاصمة فلسطين الأبدية، وأنشدت الأغاني وأعلنت الرفض والشجب والندب بكومنتاتك، وأنك هتفت ضد دور وموقف مصر وجيشها في مساندة القضية الفلسطينية بل واتهمتهما بالتقاعس عن مسئولياتهما التاريخية والقومية. 
بارك الله فيكم وبارك عليكم وجمع بينكم على السلالم والفيس بوك وتويتر!
ربما توهمتم أن ما فعلتموه خطوة مهمة ومؤثرة وحيوية لتحرير القدس، نحسدكم على أوهامكم، فمواقفكم الشجاعة من فتح باب الجهاد وخدودكم المزمهرة إحمرارا من كثرة اللطم، كيف لها أن عجزت عن توقيف المخطط الأمريكاني الإسرائيلي؟ ونثمن سرعة اتخاذ قرار الوَلْوَلَة ونرفع القبعة إنحناءً للشجب والنبيح ونشد على أيديكم الطاهرة وقلوبنا معكم إن كنتم بما تفعلونه قد يثني ترامب عن قراره . 
لكن يبقى لي سؤال مشروع لماذا لم تذهبوا بالملايين أو حتى العشرات لتحرير القدس؟ فالمعابر مفتوحة! وباب جهادكم يناديكم! ولماذا لم نسمع عنكم إلا في العالم الافتراضي الفضائي والوقفات والاحتجاجات والمؤتمرات؟ أم سيظل يتمخض جبل الثوريين الاشتراكيين والإخوان فيولد ظاهرة صوتية؟
"اللي ما بيشوفشي من الغربال يبقى أعمى" فدوافعكم براجماتية نفعية تستهدف نيل رضا الرأى العام ومجاراته دون النظر إلى الواقع المخيف والمرير، وأنتم تعلمون أن أفعالكم لا تقوى على ردع المعتدي أو الوقوف في وجة المغتصب، فقط كل ما تريدونه وضع الجيش المصري في معادلة صعبة أمام الشعب إما خوض الحرب بالإنابة عن الفلسطينيين والعرب وإما الاتهام بالتقصير، وبالتالي ينجح المخطط الغربي الذي تنفذونه باقتدار بالفرقة بين الشعب وجيشه. 
نود أن نحيطكم علمًا أيها الثوريين حلفاء الإخوانيين، بأن مخططاتكم لتشويه صورة الجيش المصري ووضعه في مرتبة المتخاذل في تحرير القدس لن تفلح، وأن تقزيم الدور المصري في المعركة لن يجدي فمخطط إسقاط الدولة يبدأ من عندكم ولن نسمح.
اليوم تطالبون الجيش المصري بالنزول إلى أرض المعركة بمعداته وأسلحته وضباطه وجنوده، وكنتم بالأمس تطلقون عليه النكات والسخرية، اليوم ترون الجيش المصري عتيّ قوي منقذ للقضية الفلسطينية وقدسها، وكنتم بالبارحة تضعونه على أفشات "أساحبي" وتصفونه بجيش الفنكوش. 
كنتم تروجون أن الجيش مشغول في مصانع المكرونة، وخطوط الإنتاج الجديدة للجمبري والشبار والإستاكوزا، وأن الجندي المصري مشغول في تسليك بلاعات المجاري تحسبا للسيول والأمطار، وأنه مشغول في توزيع الفراخ واللحوم والأرز في مجمعاته الاستهلاكية أو عرباته المتنقلة... إلخ 
بحيث كنتم تطلقون سخافات مع كل إنجاز للدولة يكون الجيش شريك رئيسي فيه، فتنهالون بالتريقة على الجيش العظيم الذي لولاه لما حيت مصر والدول العربية، ولا حدثت معجزات التنمية والبناء لتستعيد أم الدنيا دورها العربي والإقليمي والدولي.
هذا هو الجيش المصرى الذي سبتوه ونهرتوه واتريقتوا واتنقورتوا عليه وقلتوا عليه ما قال مالك في الخمر، وأنتم تعلمون أنه الجيش الذي ضحى بـ100 ألف شهيد في حرب فلسطين، وهو صاحب مبادرة القرن بمخابراته للصلح بين فتح وحماس، وهو من ترتوي سيناء بدماء أبنائه لوقف مخطط تهجير الفلسطنيين لتكون سيناء بديلا لدولتهم . 
كما أن دور الدولة المصرية لم يقف عند حدود الشجب والندب، بل تعدت ذلك كله إلى حدود الدعم المادى والمعنوى والعسكرى فى مختلف حلقات النضال الفلسطينى المستمر حتى الآن، كما أن مصر فى المرحلة الراهنة رغم ثقل أعبائها بعد الثلاثين من يونيو كانت ولا تزال ترى فى القضية الفلسطينية جزءا لا يتجزأ من الأمن القومى المصرى، والدفاع عنها دبلوماسيا وسياسيا وقانونيا وعسكريا واجب للزود عن أمنها، فحل القضية ورجوع الأرض ليست مسئولية مصروحدها، بل العرب كلهم، وأولهم الفلسطينيين أنفسهم الذين فرقتهم المصالح الضيقة على حساب دولتهم، ولكم في فتح وحماس عبرة! 
أما أنت عزيزي الثوري والإخواني فقد حاربت إسرائيل وأمريكا بضراوة على مواقع التواصل الاجتماعي، وتراشقت بالكومنتات والتويتات بشجاعة فائقة على قرار ترامب، ولم ينجو القدس من معاركك الكلامية الشرسة التي لا تثمن ولا تغني الفلسطنيين أو العرب من ضياع قدسهم.