الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

إخوان المغرب.. بداية النهاية (ملف)

قيادات حزب العدالة
قيادات حزب العدالة والتنمية المغربي
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
هل سينجح «العثمانى» فى فرض أفكاره على الإخوان أم سيبقى التأثير الأصولى هو الأقوى والحاضر؟

يعد حزب العدالة والتنمية الحزب الإخوانى الوحيد بل والمحسوب على تيار الإسلام السياسى بشكل عام الذى ما زال يقود حكومة فى دولة عربية منذ 2011، ففى تونس تراجع فيها فرع الإخوان بقيادة راشد الغنوشى، المعروف بزعيم حركة النهضة، كما أن الجزائر التى سبقت المنطقة بعشرين سنة فى إفساح المجال أمام الإسلاميين، فشلت فى الانتخابات الأخيرة. 
وفى مصر تم سقوطهم بثورة شعبية جارفة فى 30 يونيو 2013، وبعد خسارة الأمين العام السابق لحزب العدالة والتنمية المغربى، عبد الإله ابن كيران، معركة الولاية الثالثة، بعد قضائه ولايتين متتاليتين دامتا 8 سنوات، وانتخاب سعد الدين العثمانى أمينا عاما جديدا لحزب العدالة والتنمية، أدخل فرع جماعة «الإخوان» فى بلاد المغرب إلى منعطف جديد ومختلف، قد يؤدى إلى تغييرات هائلة بالداخل المغربى بسقوط سلمى لإخوان المغرب.

زيارة الدوحة.. سر عزل «بن كيران» من الحزب وإقالته من الحكومة

القرار جاء بعد حالة من السخط سادت الدوائر السياسية بالمغرب

عزل «بن كيران» القيادى بالتنظيم الدولى للإخوان، من الحكومة فى مارس الماضى بقرار من الملك محمد السادس، ومن أمانة الحزب فى ديسمبر الجارى، له أسبابه ودوافعه، خاصة أنه فشل فى تحقيق إنجازات حقيقية تضمن له بقاءه داخل الحزب، الذى يعانى كثيرًا من الاحتقان والصراعات والتناحر، نتيجة الفشل المتتالى للتنظيم الدولى للإخوان، الذى انكشفت مخططاته الشيطانية.

بداية سقوط بن كيران من رئاسة الحكومة المغربية جاءت بقرار من الملك المغربى، فى مارس الماضى بعد فشله فى تشكيل الحكومة منذ انتخابات أكتوبر ٢٠١٦، ليدخل الذراع السياسية للتنظيم الدولى للإخوان بالمغرب، مرحلة سوداوية جديدة، حيث أربك القصر الملكى حسابات الحزب حينذاك، بعد أيام قليلة من زيارة ابن كيران للعاصمة القطرية الدوحة لحضور اجتماع مع قادة التنظيم الدولى لجماعة الإخوان، والتى تزامنت مع وجود عدد من قيادات التنظيم، وفى مقدمتهم راشد الغنوشى زعيم حركة النهضة التونسية.

وأثارت زيارة بن كيران الذى ترأس الحكومة المغربية فى انتخابات ٢٠١١ و٢٠١٦، للدوحة علامات استفهام حولها لأسباب عدة، أولها أن الأمين العام السابق لحزب العدالة والتنمية، منذ أن كلفه ملك المغرب محمد السادس فى أكتوبر ٢٠١٦ بتشكيل الحكومة لم يغادر الرباط لأى زيارة خارجية إلا للضرورة القصوى، حيث قام بزيارة وحيدة لدولة موريتانيا لاحتواء أزمة دبلوماسية كادت تقع بين البلدين، كما أن الزيارة جاءت لحضور مؤتمر التكنولوجيات والاتصالات بقَطَر، وهى فعالية لا ترتقى إلى الحضور على مستوى رئيس الحكومة بنفسه.

وجاء قرار الملك بعد حالة من السخط سادت الدوائر السياسية المغربية من الزيارة التى أجراها ابن كيران للدوحة، خاصة أن الغالب من الخبراء والمراقبين أكدوا أن الحزب الأصولى ومريديه وأجنحته الدعوية وأذرعه الإعلامية تغلب ولاءها للتنظيم الدولى للإخوان على حساب ثوابت البلاد ومقدساته، واعتبر المراقبون أن زيارة ابن كيران للدوحة فى مارس الماضى كانت لجوءا إلى معقل الإخوان فى الوطن العربى، للبحث عن حلول ودعم خارجى له فى مواجهة الأزمة وعدم خسارة مركز ثقل آخر للتنظيم فى شمال أفريقيا، بعد أن خسروا مصر وتم تحجيمهم فى تونس، وأشاروا إلى أن التنظيم الدولى للاخوان كان يتدخل فى تشكيل الحكومة بالمغرب، مما لوح بخطر التدخل الأجنبى فى الشأن الداخلى.


«لادين فى السياسة».. شعار «العثمانى» لإنقاذ الجماعة

يعتبر اختيار سعد الدين العثمانى لرئاسة الأمانة العامة للحزب الحاكم بالمغرب الشهر الجارى، محاولة للإبعاد عما تعانيه جماعة «الإخوان» الإرهابية على المستويين العالمى والخاص، وحفاظًا على تمثليها الحالى فى المؤسسات الحكومية والسياسية داخل المملكة المغربية، عبر ذراعيها السياسية والدعوية، نظرًا لكون العثمانى من الداعين بشكل فردى داخل التنظيم الإخوانى لإجراء مراجعات فكرية شاملة لعقيدة ومبادئ الجماعة المحظورة فى العديد من الدول العربية والإسلامية، لمجاراة العصر ولحماية التنظيم من الهلاك الذى تعرض له فى مصر وتونس ودول الخليج العربى.

ويتزامن مع ذلك صدور كتاب حديث للعثمانى، تحت عنوان «التصرفات النبوية السياسية.. دراسة أصولية لتصرفات الرسول بالإمامة»، الذى توصل فيه إلى نتيجة أن السياسة بالنسبة للمسلم تدخل ضمن الاجتهاد البشرى، وليس ملزما بالبحث فى كل قضية جديدة عن تأصيلها فى النصوص الإسلامية، ويعتقد العثمانى أنه لا يمكن الحديث عن نظام سياسى، بقوله: «السياسة بالنسبة للمسلم تدخل ضمن منطقة الاجتهاد البشرى».

كما يؤمن «العثمانى» بحسب كتابه، أن الالتزام بسنة النبى لا يكفى فيه التمسك الحرفى بنصوصها، بل لا بد من تفهم المقامات التى تصدر عنها تلك التصرفات وأخذ سياقاتها وظروفها ومقاصدها بعين الاعتبار، وهذه ليست المرة الأولى التى يتطرق فيها زعيم إخوان المغرب الجديد إلى مثل تلك القضايا التى تتعلق بالسياسة والدين، فقد سبق أن كتب مثلًا عن «جهود المالكية فى تصنيف التصرفات النبوية»، و«المشاركة السياسية فى فقه ابن تيمية»، وبحث بعنوان «رأى فى العلمانية والإسلام» وغيرها، ورغم اجتهادات العثمانى إلا أنها بحسب الخبراء تتم بشكل فردى وشخصى منه، ولا تمثل السواد الأعظم من باقى أعضاء ومناصرى التنظيم، ليبقى السؤال الأخير هل سينجح العثمانى فى فرض أفكاره على إخوان المغرب أم سيبقى تأثير ابن كيران الأصولى هو الأقوى والحاضر.

وفى أول اجتماع عقدته الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية مساء الخميس ١٤ ديسمبر الجارى، بعد المؤتمر الوطنى الثامن، تحت رئاسة العثمانى، أكدت ضرورة العمل للمستقبل بحشد كل كفاءات وطاقات الحزب، وقرر العثمانى تكليف لجنة بإعداد مشروع منهجية لتدبير الحوار الوطنى، وتعزيز التواصل الداخلى والتأطير الخارجى، كما أشاد الحزب بدور الملك فى تعزيز مكانة المغرب فى إفريقيا، وغيرها من القرارات.


الباحث المغربى أكد أن الحركات الجهادية مرت بالتجربة الإخوانية

منتصر حمادة: التنظيم فى المغرب غير موثوق به

«داعش» يمر بمرحلة انكماش الآن... واجتهادات «العثمانى» حالة خاصة فى المشروع الإخوانى

أفكار سيد قطب والمودودى وسعيد حوى والقرضاوى تسيطر على التنظيم بالمغرب

أداء أغلب المؤسسات الدينية فى المنطقة ضعيف فى مواجهة الفكر المتطرف

 حملت الأيام الماضية تغييرات جديدة داخل المملكة المغربية بسقوط عبدالإله ابن كيران فى انتخابات رئاسة الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية، الذى يعتبر أحد أفرع التنظيم الدولى للإخوان، واختيار الدكتور سعد الدين العثمانى، رئيس الحكومة الحالى أمينًا عامًا للحزب، وللوقوف على طبيعة المشهد الجديد فى المغرب، أجرينا هذا الحوار مع الباحث المغربى منتصر حمادة، المتخصص فى شئون الحركات الإسلامية بمركز المغرب الأقصى للدراسات والأبحاث.. وإلى نص الحوار.

 

كيف تقيم أداء «الإخوان» فى الحكومة؟.. وما توقعاتك لمستقبل حزب الإخوان فى بلادكم فى ظل الأوضاع الجديدة؟

- مصير الإسلاميين فى المغرب وتونس، مرتبط بعدة عوامل، منها ما هو مرتبط بالمشروع الإسلامى الحركى (طبيعة التنظيم، وزنه فى مؤسسات الدولة ومنظمات المجتمع المدنى، طبيعة مراجعاته، نقاط قواه، ونقاط ضعفه)، ومنها ما هو مرتبط بأداء الدولة نفسها، وأداء باقى الفاعلين السياسيين والحزبيين.

ما هو مؤكد فى الحالة المغربية، أن الإسلاميين المعترف بهم رسميًا، يوجدون فى موقف سياسى حرج، بمقتضى تراجع شعبيتهم من جهة، وبروز خلافات تنظيمية، وظهور حالات فساد إدارى ومالى وأخلاقى، إضافة إلى صدور ما يُشبه تصدعات تنظيمية، ولكن فى المقابل، نعاين أن حضور نفس الإسلاميين، لا زال نوعيًا فى أغلب مؤسسات الدولة، ما فى المؤسسات الدينية، بل فى المؤسسات التعليمية، ومن باب تحصيل حاصل الحضور الكبير فى عمل المنظمات الأهلية.

هذا عن تنظيم واحد فقط، معترف به رسميًا (ونواته حركة «التوحيد والإصلاح» الإخوانية)، إضافة إلى وجود تنظيم آخر، غير معترف به رسميًا، ويتعلق الأمر بجماعة «العدل والإحسان» المحظورة، التى لا تحتفظ بأى علاقات تنظيمية مع ما يُصطلح عليه بالتنظيم الدولى للإخوان.

هل تعتقد أن رئيس الحكومة بعد انتخابه أمينًا عامًا للحزب خلفًا لـ«ابن كيران» بصفته من أنصار المراجعات الفكرية سينجح فى بسط أفكاره وشعاره «لا دين فى السياسة» على إخوان المغرب؟

- لـ«إخوان المغرب» تنظيمان أساسيان: الأول معترف به وهو الذى يقود بوابته السياسية - الحزبية، الحكومة المغربية منذ اندلاع أحداث «الربيع العربى»، وهو تنظيم متعاطف مع المشروع الإخوانى فى المنطقة، بدليل حضور أعضاء هذا التيار فى لقاءات ما يُصطلح عليه إعلاميًا بالتنظيم الدولى للإخوان، وهؤلاء قاموا بمراجعات بخصوص الابتعاد عن العنف، ولكنهم لم يراجعوا موضوع فك الارتباط مع مشاريع إخوان الخارج، بينما التيار الثانى، غير معترف به، وتقوده جماعة العدل والإحسان، وغير مرتبط تنظيميًا بإخوان الخارج، بخلاف حركة التوحيد والإصلاح وذراعها السياسية حزب العدالة والتنمية الحاكم.

اجتهادات العثمانى تبقى نوعية وحالة خاصة وفريدة فى المشروع الإخوانى، ولكنها اجتهاد غير معمول به لدى السواد الأعظم داخل التنظيم، لأن الغلبة لتأثيرات الأدبيات السابقة، كأدبيات سيد قطب والمودودى وسعيد حوى والقرضاوى وما إلى ذلك.

تبرز بين الفينة والأخرى قضايا سيادية تعيد طرح نفس السؤال على الإخوان فى الحزب والحكومة والمؤسسة الدعوية فى كل البلاد، وهو: الوطن أم الجماعة؟.. وفى الغالب يختارون الجماعة.. فى رأيك هل إخوان المغرب يختارون الجماعة قبل الوطن؟

- تنظيم الإخوان فى المغرب تعرض نسبيًا لضغوطات الدولة، لأنه لا يمكن الثقة فى مشروع يعمل مع الخارج، أو يتعاطف مع قضايا الجماعة فى الخارج، وفيما يخص الشارع المغربى منهم، وأنه بالكاد أصاب الشعب وعيًا ما، ولو أنه متواضع، لكنه يكفى جزءا كبيرا من الجانب السياسى، لأن الأداء الحكومى متواضع جدًا، خاصة مع غياب الكفاءات فى التنظيم، بينما الوعى بالبعد الدينى للمشروع لا يزال متواضعًا فى الشارع، بسبب الأمية من جهة، وبسبب اشتغال المشروع على منظمات المجتمع المدنى واختراق كل ما هو قابل للاختراق.

ط ما رأيك فى الأوضاع الأخيرة التى يتعرض لها تنظيم داعش؟

- تنظيم داعش يمر من مرحلة انكماش وتراجع بمقتضى التطورات التى تمر منها المنطقة، فى الشرق الأوسط على الخصوص، وهى تطورات مؤثرة بشكل مباشر فى تقدمه أو تراجعه. لا ننسى أن صعود نجمه، تم بمساعدة العديد من الفاعلين الأمنيين، وتمت تغذية صعود الأسهم عبر الإعلام والدين والدراسات والقرارات السياسية والأمنية، وتكفى العودة إلى مسار أغلب الجهاديين الذين شدوا الرحال من العالم بأسره، بما فى ذلك من أستراليا، عددهم حوالى ١٥٠ «داعشيًا» فى غضون ٢٠١٥، لكى نأخذ فكرة عن حجم التسهيلات التى صاحبت التحاق هؤلاء بسوريا والعراق، فى حقبة زمنية، كان نظام بشار الأسد مستهدفًا، قبل تدخل روسيا لإعادة التوازن للوضع فى سوريا، وتمهد فى مرحلة ثانية إلى إعادة النظر فى حجم التنظيم.

وهل لديكم «روشتة» لعلاج هذه الظاهرة المأساوية؟

- هناك بالتأكيد ما يُشبه «روشتة» لتفكيك الظاهرة، وتتطلب استحضار مُجمل أسبابها: الدينية والسياسية والإعلامية والثقافية والتعليمية والاجتماعية، ولا يتطلب الأمر سوى شجاعة صناع القرار، وفتح عدة ورش إصلاحية، كما نُعاين فى الحالة المغربية مثلًا، والتى ما زالت فى بداية المشوار، رغم أن مشروع إعادة هيكلة الحقل الدينى انطلق منذ ربيع ٢٠٠٤، ولكن مع أننا اليوم فى نهاية ٢٠١٧ فلا زلنا فى بداية المشوار، لأن المغرب على غرار أغلب دول المنطقة يعرض لما نصطلح عليه بـ«غسيل دماغ دينى حقيقى» خلال العقود الأخيرة، بسبب تعرضه لرياح أنماط من التديّن الإسلامى الحركى، السلفى الوهابى تارة، أو الإخوانى أو الشيعى تارة أخرى، ومواجهة هذه الأنماط شبه الشاذة من التديّن، مقارنة مع تديّن شعوب المنطقة، لن يتم بين ليلة وضحاها.

ولكن، مما يزيد من صعوبة مواجهة الظاهرة، وهذا ما خلصنا إليه فى كتاب بعنوان: «فى نقد تنظيم القاعدة: مساهمة فى دحض أطروحات الحركات الإسلامية الجهادية»، أنه على فرط أننا حسمنا فى الأسباب الذاتية «المحلية والإقليمية، السياسية والدينية وغيرها»، هناك أسباب خارجية لا طاقة لنا بها، ونخص بالذكر السياسات الغربية فى التعامل مع بعض قضايا الساحة، ويكفى تأمل تعامل الشارع العربى مع القرار الأخير للرئيس الأمريكى دونالد ترامب بخصوص القدس الشريف، وهذا غيض من فيض.