الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

الربيع والتطبيع «3»

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تستمر إسرائيل فى استقطابها ليس فقط للساسة العرب.. ولكن للشعوب العربية أيضًا لتحقيق التطبيع الذى تسعى إليه منذ تأسيسها، مستغلة حالة الضعف التى أصابت المنطقة نتيجة فوضى ما سمى بالربيع العربي، فنراها تعزف على هوان العرب تارة.. وعلى تخويف الحكام والشعوب من الاجتياح الإيرانى تارة أخرى، معولة على رئيس أمريكى وجد فى مساندته لها الخلاص من شبح يهدد بإزاحته من البيت الأبيض، عمليات ابتزار إسرائيلية لا تتوقف، وهو ما دفع العرب لفتح قنوات اتصال معها بعد أن أدرك الجميع أن رضا نتنياهو من رضا ترامب. 
لم تقم الدنيا فى البحرين بعد زيارة وفد قوامه ٢٣ شخصًا لإسرائيل، بل إن الأمر بدا طبيعيًا اللهم إلا قلة أسكتها بيان يوضح أن الزيارة لم تكن رسمية، استمرت زيارة الوفد ثلاثة أيام تجول خلالها فى العديد من الأماكن بصحبة أيوب القرا وزير الاتصالات وعراب الجانب الأكبر من عمليات التطبيع غير الرسمية، والذى صرح للقناة الثانية الإسرائيلية التى عرضت بعض فعاليات الزيارة أنه مدعو لزيارة البحرين قريبًا. أما بعض أعضاء الوفد فلم يخفوا سعادتهم بالزيارة رغم تزامنها مع غضب عربى إسلامى أعقب قرار ترامب بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس بعد الاعتراف بها عاصمة لإسرائيل، ولأن تل أبيب فاض الكيل بها من حرص العرب على سرية مثل هذه العلاقات.. رأينا الإعلام الإسرائيلى يضعها ضمن عناوينه الرئيسية ومشيدًا بتحرك البحرين مؤخرًا لترميم كنيس يهودى ورعايتها للجالية اليهودية التى لا يزيد عددها على الأربعين شخصًا، وهو ما يؤكد ما قاله وفد البحرين من أن حكومتهم تسعى إلى التعايش السلمى بين كل الديانات.
هذا هو ما أسمته إسرائيل ربيعًا عربيًا، وهو فى الحقيقة لم يكن سوى ربيعها الذى خططت له.. وخريفنا الذى انتظرته ليصيبنا بالهشاشة والضعف فتفرض هى نفسها على الواقع العربي، الغريب أن تعاطى قطر مع زيارة وفد البحرين لإسرائيل كان من المفترض أن يكون طبيعيًا، لأن قطر كانت الأسرع والأحرص على التطبيع مع إسرائيل، لكن وسائل إعلامها وخاصة الجزيرة بدت وكأنها تعاير البحرين، وهو ما يستدعى إلى الذهن ذلك المثل القديم مع تحريف تقتضيه الحاجة..لا تعايرنى ولا أعايرك..التطبيع طايلنى وطايلك.
فالمساعى القطرية للتطبيع مع إسرائيل سبقت كل الدول، وإذا كانت الأحداث التى عصفت بالمنطقة اضطرت بعض الدول لفتح قنوات اتصال مع تل أبيب.. فقطر لم تكن مضطرة لذلك عام ١٩٩٦ عندما عرض ساستها تطبيعًا غير مشروط مع ساسة إسرائيل، وكانت قناة الجزيرة منذ تأسيسها النافذة الإعلامية الوحيدة التى يطل منها إسرائيليون وكان وزير خارجية قطر السابق حمد بن جاسم هو عراب كل عمليات التطبيع مع الكيان الإسرائيلي، حيث التقى تسيبى ليفنى وزيرة خارجية إسرائيل آنذاك أكثر من مرة بدأت بلقاءات على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة وانتهت بزيارة أمير قطر حمد بن خليفة لتل أبيب، وعلى الرغم من إصرار حمد على عدم تصوير الزيارة.. إلا أن الكاميرات لاحقته، وجملته الشهيرة (لا تصورواحتى لا تنقلب الدنيا علينا) لا تزال عالقة فى الأذهان، أما تفاصيل اللقاء الأشهر الذى جمع بين حمد بن جاسم وتسيبى ليفنى فهو الذى عرض فيه تطبيعًا كاملا غير مشروط مع إسرائيل، حتى قضية القدس عاصمة لفلسطين.. رآها حمد بن جاسم غير ضرورية، تطبيع قطر مع إسرائيل يجرى منذ سنوات على قدم وساق، وهو ما سنعرض له تفصيلًا الأسبوع المقبل.