الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

مشروعات الزراعة "حرث في الماء".. الوزارة تعطل "البتلو".. وتوشكى "20 سنة خسائر".. خبير: "صغار العجول" هو الضامن الوحيد لإنقاذ الثروة الحيوانية

صغار العجول
صغار العجول
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
بين الحين والآخر، تعلن وزارة الزراعة عن مشروعات بمسميات رنانة تتصدر عناوين الصحف والقنوات، الوقت يمضي ولكن دون جدوى فالمشروعات "محلك سر" أو كما يرى بعض المراقبين أنها مشروعات مع إيقاف التنفيذ، فما بين تأخر التنفيذ والتعطيل تضيع هوية المشروعات وتختفي، ولعل آخر هذه المشروعات هو مشروع "البتلو"، فبالرغم من تأكيدات الخبراء على أهمية المشروع في سد الفجوة الغذائية في مصر إلا أن المشروع لا يزال معطلا.

وبعد موافقة وزارة الزراعة خلال اجتماع مجلس أمناء برنامج التنمية الزراعية على صرف 182 قرضًا لدعم برامج وأنشطة التنمية الزراعية المختلفة بقيمة إجمالية بلغت حوالي 230 مليونا و812 ألف جنيه، لصالح 4 آلاف و332 مستفيدًا من صغار المزارعين والمربيين والجمعيات التعاونية الزراعية.
وجاءت الموافقة ضمن صرف 10 قروض بإجمالي مبلغ 76 مليون جنيه، لتمويل عدد من مشروعات الإنتاج الحيواني والداجني والسمكي، وتصنيع الألبان، والنهوض بزراعات البساتين، وتطوير مشروعات الري والصرف الحقلي.
وهنا يبرز السؤال "متى يتم تركيز المسئولين في وزارة الزراعة على تنفيذ مشروع البتلو الذي قد يحقق الاكتفاء الذاتى؟"، فمشروع" البتلو أو "صغار العجول" يقلل من حجم الفجوة الغذائية التى وصلت لـ 60%، الأمر الذى يقف فى وجه مطامع المستوردين التي تستورد عجول مهرمنة وطاعنة.
ولكن الواقع أكثر غرابة حيث يتم تعطيل هذا المشروع لصالح كبار المستوردين بعدما تركت الدولة سوق الاستيراد فى بيزنس بترواح ما بين 15 إلى 20 مليار جنيه لصالح 20 مستوردًا فقط، حسبما قال حسن هيكل الخبير الاقتصادي.
وجاءت صيغة القرار رقم 517 لسنة 86 بعدم ذبح العجول البتلو حيث كان يذبح 400 ألف عجل سنويًا أوزانها كانت لا تتعدى 80كجم، وحتى الآن جار عمليات الذبح للبتلو الصغير "عجل الجاموس" وهذا النوع لا يوجد إلا في مصر والسودان وإثيوبيا، ما يمثل إهدار للثروة الحيوانية ليصدر القرار رقم 1930لسنة 2013 بعدم الذبح لذكور الجاموس التي تكون أوزانها 60 و70 كجم، إلا بعد الوصول لوزن 300 كجم حتى يتم إنقاذ الثروة الحيوانية وفقًا لما قاله "لطفي شاور" مدير مجازر السويس سابقا.
كما أن تنفيذ القرار سيكون رادعًا للتجار للاهتمام بصغار العجول ومنع ذبحها مبكرًا، للاستفادة منها في مجالات مختلفة من جهة والحفاظ على الثروة الحيوانية من جهة أخرى، والدولة غير قادرة في الوقت الراهن على تنفيذ ذلك القرار، نظرًا لعدم توافر السيولة الكافية لتوفير "العلف" الخاص بتربية الحيوانات، بالإضافة إلى أن 50% من عمليات الذبح تتم خارج المجازر الخاصة بالحكومة، خاصة في القرى الريفية، وبالتالي فلن يتم تنفيذ القرار في معظم المحافظات.
وأنه إذا قامت الدولة بتنفيذ القرار فإن ذلك سوف يساعد بنسبة كبيرة في الحفاظ على الثروة الحيوانية في مصر، خاصة إذا تم وضع قانون صارم للمخالفين عن التنفيذ.

فى السياق ذاته يقول الدكتور عادل عامر الخبير الاقتصادي، أن مشروع البتلو يعد من أهم المشاريع التي نهدف وتحقق نجاحات يظهر تأثيرها بعد فتره قريبة خاصة للدوائر المحيطة، موضحًا إلى أن مشروع البتلو يساعد علي دخول نسبة كبيرة من المواليد في منظومة تسمين البتلو.
وأضاف، أن المشروع يهدف إلى سد الفجوة الغذائية من اللحوم الحمراء والحد من استيراد اللحوم، وتقليل كمية الاستيراد التي زادت في الفترة الخيرة بشكل ملحوظ فيه، لافتًا إلى قرار وزير الزراعة بإحياء ودعم مشروع عجول التسمين بالقروض الميسرة التي لا تتجاوز فائدة 5% للمربين والفلاحين بالتنسيق مع البنك الزراعي المصري بهدف دعم المربين، والمساهمة في النهوض بالثروة الحيوانية للحد من ذبح 550 ألف رأس ماشية سنويًا من البتلو قبل وصولها إلى سن الذبح.
ولم يكن مشروع البتلو هو الوحيد ضمن سلسلة من مشروعات الوهم، فقبل أشهر معدودة، كشف الدكتور سعيد خليل، رئيس قسم التحول الوراثي للنباتات بمعهد بحوث الهندسة الوراثية الزراعية التابع لوزارة الزراعة واستصلاح الأراضي، عن قضية فساد أخرى داخل أروقة وزارة الزراعة عنوانها إهدار ٣٥ مليارًا خسائر بهيئة التعمير، حيث تقدم ببلاغ للنائب العام حمل رقم ٩٧٣٠ ضد مجموعة من مسؤولي وزارة الزراعة، واتهم البلاغ، المسؤولين ببيع الوهم للفلاحين والإهدار والاستيلاء على المال العام في مكون الاستشعار عن بعد ونظم المعلومات الجغرافية بمعهد الأراضي والبحوث الزراعية.
وقال البلاغ إن إهدار ٣٥ مليارًا خسائر بهيئة التعمير جاء بسبب إدارتها الفاشلة والتقارير «المضروبة» حسب نص البلاغ من مكون الاستشعار عن بعد، من معهد الأراضى بمركز البحوث الزراعية، وذكر أنه رغم وجود هيئة متخصصة «للاستشعار عن بعد» في مصر إلا أن مركز بحوث الأراضي والمياه ابتدع إنشاء مكون الاستشعار عن بعد ونظم المعلومات الجغرافية آخر مع العلم أنه لم يعين متخصصا واحدا فقط في هذا المجال داخل المعهد، وعمل بروتوكول تعاون مع هيئة التعمير باستخدام التقارير التي سوف يتم تنفيذها، إضافة إلى إرسال شيكات إلى رئيس الهيئة السابق في صورة حوافز، بمبالغ تصل إلى مئات الآلاف من الجنيهات دون وجود بنود لها.
وقدم خليل مستندات ودعاوى قضائية بالنصب والتعدي على أراضي الغير تفيد بتورط بعض العاملين في الهيئة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية، بالتواطؤ مع مسجل خطر بالتعدي على هذه الأراضي، وهو حسن إبراهيم حسن علام، محل الإقامة شبرا خيت محافظة البحيرة مسجل خطر تحت رقم ٤٦٨ سرقات متنوعة، وقد تم حبسه في عشر قضايا متنوعة.

فنكوش توشكى
ويعد مشروع توشكى من أبرز علامات الفشل في القطاع الزراعي، وتسببت منظومة من الفشل والفساد، فبعد أن أثيرت ضجة كبيرة في أعقاب الثورة المصرية 2011، بعدما قرر النائب العام المصري في 11 أبريل 2011، التحفظ على أراض تابعة لرجل الأعمال الأمير الوليد بن طلال بمنطقة "توشكى"، بعدما تبين أن عملية البيع تمت بالمخالفة للقانون، وتسلط هذه القضية الضوء على ما يسمى ظاهرة نهب أراضي الدولة إبان عهد الرئيس السابق حسني مبارك، حيث إن الأرض هي جزء من مشروع لاستصلاح الصحراء باستخدام مياه يجري ضخها عبر قناة من خزان بحيرة ناصر الموجودة وراء السد العالي، وحصل عليها الأمير السعودي عام 1998، وكشفت مصادر قضائية إن النيابة العامة ذكرت أن الوليد تعاقد على ضعف الحد الأقصى المقرر قانونا بالمشروع، وأنه حصل على تسهيلات وإعفاء من الرسوم المقررة على تخصيص الأرض التي تبلغ مساحتها مائة ألف "فدان".
وفي عهد حكومة الدكتور عصام شرف، أعقاب ثورة يناير، أجبرت الوليد على التنازل عن 90 ألف فدان للدولة تبلغ قيمتها وفقًا لسعر شرائها 5.4 مليون جنيه، بواقع 50 جنيهًا للفدان، عادت الشركة بعدها للتقدم للحصول على 15 ألف فدان منها، وتم اعتبار المبلغ السابق كمقدم لثمنها حال تم استصلاحها في 3 سنوات.
وبعد نحو 20 عامًا من العمل في توشكى قرر رجل الأعمال السعودي "الوليد بن طلال"، بيع بيع أسهم شركة المملكة للتنمية الزراعية «كادكو»، والتي تستثمر في توشكى لجهاز مشروعات الخدمة الوطنية، مقابل 25.1 مليون جنيه مصري، تعادل نحو 70 ألف دولار فقط لا غير.
وشملت الصفقة 10 آلاف فدان جرت تنميتها بالفعل مسدد ثمنها بالكامل، و15 ألف فدان تحت الاستصلاح، تم دفع 4،5 مليون جنيه، كمقدم لثمنها الذي لم يتم تحديده بعد من الحكومة، إضافة إلى أعمال البنية الأساسية، ومن أبرزها محطات رفع المياه الخاصة بأرض الوليد.
وباع الوليد بن طلال أسهمه في توشكى لإيقاف نزيف الخسائر، والتي بلغت 89 مليون دولار منذ بداية المشروع، تمثل فقط إجمالي رأس المال المدفوع وقروض المساهمين، يضاف إليها عوائد بيع وتصدير منتجاته، -غير معروفة القيمة - والتي جرى إعادة ضخها بطبيعة الحال في الشركة.