الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

خطوات مصرية على طريق القدس..!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
أغلب الظن أن منافسة دونالد ترامب فى الانتخابات الرئاسية الأمريكية هيلارى كلينتون كانت ستتخذ القرار المجنون ذاته، بشأن إعلان القدس عاصمة لإسرائيل؛ ذلك أن تحولا استراتيجيا من هذا النوع للتعامل الأمريكى مع القضية الفلسطينية، لا يمكن أن يكون رهينا بشطحات أو مصالح شخصية للرئيس الأمريكى مهما كانت توجهاته السياسية، أو نظرته للأمور.
قد تختلف الملابسات والأسباب والمقدمات لقرار من هذا النوع بين رئيس وآخر، لكن النتيجة فى نهاية الأمر تحددها مراكز صنع القرار ومؤسسات الدولة الأمريكية التى تصوغ الاستراتيجيات والسياسات العامة للجالس فى البيت الأبيض.
البعض فسر قرار ترامب برغبته فى مغازلة اللوبى اليهودى داخل الكونجرس ليتجاوز أزمة اتصالاته السرية مع الروس أثناء الانتخابات الرئاسية، ولو كانت كلينتون مكان ترامب لفسرنا سلوكها بأنه امتداد لسياسات أوباما الدافعة بسيناريوهات الفوضى والعنف فى منطقة الشرق الأوسط. والواقع أن ترامب ماض على هذا الدرب، لكن بوجه جمهورى؛ والهدف فى التحليل النهائى إشعال المنطقة ومحاولة تفجيرها بإعطاء قبلة الحياة لكل التنظيمات الإسلامية الإرهابية التى ترعاها وتحميها واشنطن وتل أبيب، بدءا من الإخوان ومرورا بالقاعدة ووصولا إلى داعش، بغرض تعقيد الوضع فى سوريا بعد أن أوشكت على التوصل لصيغ سياسية ولبنان وليبيا، وكل ذلك لحصار مصر وممارسة المزيد من الضغوط عليها ربما لتقبل بمشروع تبادل الأراضى مع إسرائيل وتوطين فلسطينى قطاع غزة فى جزء من شمال سيناء.
ظنى أن إعلان ترامب ليس منفصلا بأى حال من الأحوال عن تفجير مسجد الروضة ببئر العبد، ومطالبة وزيرة شئون المرأة الإسرائيلية بضرورة توطين سكان قطاع غزة فى شمال سيناء، وأكاذيب البى بى سى حول قبول مبارك لمشروع تبادل الأراضى مطلع الثمانينيات من القرن الماضى.
ويأتى فى ذات السياق الدعوات الإخوانية بأن تحرير القدس يبدأ من القاهرة، والتى رأيناها تتجسد فى تظاهرات بعض عناصر الجماعة الإرهابية وأعوانها من الاشتراكيين الثوريين على سلم نقابة الصحفيين الجمعة الماضى، والتى وصفت نظام الحكم فى مصر بالصهيونى فى دعوة صريحة ووقحة لارتكاب عمليات إرهابية ضد الدولة المصرية ومؤسساتها، وهو ما عبرت عنه هتافاتهم المعادية للجيش والشرطة.
يفرض هذا الوضع وتعقيداته على الدولة المصرية عدة خطوات أتصور أن أولها الضرب بكل مفردات القوة الغاشمة، التى تحدث عنها الرئيس على يد فلول الإرهاب فى كل مدن وقرى شمال سيناء ولا تفتح باب الصفح أو الشفقة أمام كل من أمد أو يمد العناصر الإرهابية بأشكال الدعم اللوجستى المختلفة، بدءا من توفير البيئة الحاضنة ووصولا إلى الدعم المعلوماتى وتبادل المصالح فى تجارة المخدرات والسلاح.
يد القوة الغاشمة يجب أن تمتد أيضا إلى كل أنحاء الصحراء الغربية وعلى مسافة ١٢٠٠ كيلو هى؛ طول حدودنا الغربية مع ليبيا، وكذلك داخل باقى محافظات الوادى مع كل من يشترك فى تقديم يد العون للعناصر الإرهابية مهما صغر، ولو كان بكتابة منشور تحريضى على مواقع التواصل الاجتماعى. تحرير القدس يبدأ بقوة غاشمة تؤمن حدود مصر، ويمتد إلى قوة ناعمة لا ينتهى مداها، الخطوة الأولى فيها إعادة النظر فى تعريف مصطلح التطبيع الشعبى، الذي يبدو أن الزمن قد بال عليه؛ فأكثر ما يزعج اليهود أن يُسمح للمسيحيين المصريين والعرب شد الترحال للحج إلى القدس، وأن تُنظم رحلات سياحية تحت إشراف الأجهزة السيادية للمصريين المسلمين والمسيحيين على حد سواء لزيارة المعالم الدينية فى الأراضى المقدسة الفلسطينية وأملاك مصر الدينية هناك، ومنها كنيسة القيامة فى البلدة القديمة وديرا مار جرجس والعذراء علاوة على المسجد الأقصى، وأن تبدأ الكنيسة الأرثوذكسية بمعاونة مؤسسات الدولة نضالا قانونيا لاستعادة دير السلطان المصرى الذى منحته السلطات الإسرائيلية لإثيوبيا وترفض إعادته رغم حكم المحكمة الإسرائيلية العليا القاضى بملكية مصر له.
ومن القوة الناعمة أيضا التى من شأنها دعم المقدسيين فى الدفاع عن مدينتهم أن تتوجه وفود من الفنانين والصحفيين والكتاب والمثقفين إلى المدينة المقدسة.