الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

التمزق العربي يحقق الحلم الصهيوني (ملف)

القدس
القدس
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
خبراء: أمريكا نشرت الفوضى ودعمت الجماعات المتطرفة وهددت سيادة الدول العربية
واقع عربى ملتهب متفجر بالأزمات، فلم تسلم أى دولة عربية على مدى السنوات الأخيرة من تداعيات الفوضى والإرهاب والجماعات الإرهابية، التى أنهكت الأقطار العربية، ومنذ عام ٢٠١١ أصبح واقع العرب ضعيفًا ومهلهلًا لدرجة جعلت أعداءه يتطاولون عليه من كل حدب وصوب.
عانت البلاد العربية من موجات من الإرهاب أربكت كل الحسابات وأنهكت الجسد العربي، حيث ضربته الانقسامات والحروب والفوضى المسلحة، الأمر الذى استغلته أطراف أخرى لتنفذ أجنداتها الخاصة. فالواقع العربى المتداعي، أفسح المجال أمام رئيس أمريكى عُرف بالعنصرية على طول الخط، على اتخاذ قرار هو الأخطر باعتراف غير شرعى مكن دولة الاحتلال من القدس العربية الإسلامية، واعترف بالقدس عاصمة للاحتلال الإسرائيلي. نقل السفارة الأمريكية للقدس، قرار تَهرب منه ٣ رؤساء أمريكيين سابقين «بيل كلينتون – جورج بوش – باراك أوباما»، ولكن الفرصة السانحة التى وجدها ترامب فى ظل الواقع العربى المنهك بالفوضى، والملتهب بالحروب أوجد الثغرة التى استغلها ترامب فى إعلان اعترافه المشئوم.
ويرى المحللون والخبراء، أن الفوضى التى أعقبت الربيع العربى وموجات التطرف والإرهاب تسبب فى انقسام البلاد العربية وإضعاف إمكانياتها سواء السياسية أو الاقتصادية، كان السبب الرئيسى وراء قرار ترامب بنقل سفارة إسرائيل للقدس، باعتبارها عاصمة للدولة الصهيونية.

أوضاع ملتهبة
علق العميد خالد عكاشة، الخبير الاستراتيجى والأمني، بأن الوضع العربى الملتهب خلال السنوات الماضية كان له الأثر الأكبر، وبالتأكيد ساهم الوضع الملتهب فى النهاية، فى إصدار مثل هذا القرار الصعب والخاص بالقدس. وأضاف، أن الوضع المتأزم، وكل الأزمات فى المنطقة قادت إلى هذا الوضع «المزري»، وهو الأمر الذى يبدو ممنهجًا ومدروسًا بشكل متقن، مشيرًا إلى أن الرئيس الأمريكى اختار التوقيت الأمثل، فالمنطقة تمر بأسوأ فتراتها. وتابع: «قضية الإرهاب تضرب المنطقة بعنف، وهذا تشتيت كبير للكثير من الدول العربية، فاليمن غارق فى مشكلاته التى لا تنتهي، وأزمة العراق بلا أفق، ولبنان منقسم، ومصر منهكة من تداعيات الحرب ضد الإرهاب، وسوريا دكتها الحرب الأهلية بعنف». وقال عكاشة: «من منطقة لأخرى تندلع المشكلات الداخلية، مهددة السلام الداخلى والتماسك السياسى للدول العربية، وذلك مقارنة بالأعوام الفائتة، حيث كان الوضع العربى أكثر استقرارًا بدلًا من الوضع الملتهب الذى نحيا فيه».

الفوضى الخلاقة
وحول الدور الأمريكى فى نشر الفوضى فى الشرق الأوسط، أوضح عكاشة، أن مشروع الفوضى الخّلاقة الذى ابتدعته الولايات المتحدة فى عهد الرئيس الأسبق جورج بوش الابن، ووزيرة خارجيته كوندوليزا رايس، هو ما تسبب فى شرذمة العرب على هذا النحو، متهمًا باراك أوباما بأنه راعى الإرهاب والتطرف والاضطرابات على مدى الـ ٨ سنوات الماضية، فخلال فترة حكم أوباما ظهر فى المجتمع العربى والعالم أجمع أخطر التنظيمات على الإطلاق، وتسبب الموقف الأمريكى فى نمو هذه الجماعات حيث أصبحت أكثر شراسة، وبعثت فى الأرض فسادا كبيرة ساهم فى إثارة التوتر.
ولفت عكاشة إلى أن الإدارة الأمريكية مسئولة عن أدوار كبيرة فى نشر الفوضى، سواء بدعم الجماعات المتطرفة التى مزقت اليمن وليبيا، ناهيك عن السماح لإيران بالتوغل فى المنطقة إلى هذا الحد.

قرار غبى
من جانبه، وصف العميد صفوت الزيات، الخبير الاستراتيجي، قرار ترامب بنقل سفارة دولته إلى القدس واعتبارها عاصمة للكيان الإسرائيلى بـ«الـقرار الغبي» مشيرًا إلى أن تداعياته ستكون خطيرة على المنطقة سواء سياسيًا أو اقتصاديًا، ولن تنج إسرائيل مما فعلته أو أمريكا.
وحول مسببات القرار الأمريكي، أوضح الزيات، أن هناك تواطؤا أمريكيًا واضحا للعيان، ساهم فى نشر الفوضى فى المنطقة، مشيرا إلى أن السياسة الأمريكية أدت إلى تفتيت سوريا وتدمير العراق، مما هيأ الأجواء للكيان الصهيونى لكى يستغل هذه الأوضاع للعبث بالقضية الفلسطينية.
وتابع، أنه بدلًا من أن تصبح القضية الفلسطينية هى الأولى على طاولة الدول العربية تراجعت حتى تكاد تختفى تمامًا بسبب الأوضاع الداخلية الملتهبة والمنقسمة على نفسها للدول العربية. وشدد على أن الإدارة الأمريكية السابقة هى من مهدت الطريق أمام ترامب لانتهاز هذه الظروف التى باتت مواتية تماما لاتخاذ مثل هذا القرار الخطير، فى زمن الانقسام الحاد الذى يشهده الوطن العربي.

توقيت حساس
ولفت الزيات إلى أن ترامب اتخذ القرار فى وقت حساس، وهو يعلم أن العديد من الدول العربية لن تواجه هذا القرار بقوة أو بعنف بسبب حاجتها للدعم الأمريكى ضد التغول الإيراني. مضيفًا أن إسرائيل دولة احتلال واستبداد، ولكن نحن فى الدول العربية لم نستطع خلق نظام عربى متكامل، ولم نعد نعول على اجتماعات جامعة الدول العربية، ولم نعد ننتظر ماذا ستخرج القمة من نتائج، فطوال السنوات الماضية لم تفلح الجامعة العربية فى اتخاذ قرار مصيرى من شأنه إنهاء أزمات الدول العربية.
فشل عربى
وتابع الزيات: «إننا كعرب فشلنا فى إقامة وقف التوغل الإسرائيلى عند حده، حيث ما زالت إسرائيل تبنى مستوطنات وتحاصر القدس». وقال الخبير الاستراتيجي، إن أمريكا تمثل النموذج الأول للانتهازية فى العالم، فنجحت على مدى السنوات الماضية فى زعزعة التماسك الداخلى للعرب، وتسببت فى إضعاف حركة فتح الفلسطينية بشكل كبير، فضلًا عن دعم جماعة الإخوان المدانة بالإرهاب خلال سنين كثيرة، مما مزق وحدة العرب.

«الصهيونية».. رأس الأفعى
وأكد الدكتور أسامة شعث، أستاذ العلاقات الدولية والخبير فى الشئون الفلسطينية، أن ما شهدته الدول العربية من دمار باسم ثورات، بداية من العراق وانتهاء باليمن، وما لحق بمصر من أحداث منذ ثورة ٢٠١١، هو مخطط لإلهاء مصر والدول العربية عن القضية الفلسطينية، والوصول إلى ما وصلنا إليه اليوم من إعلان القدس عاصمة لإسرائيل. وأضاف، أن الحركة الصهيونية وراء كل ما يحدث بالمنطقة العربية، من تدمير وتحويلاتها إلى دويلات صغيرة على أساس طائفي، فقد نجحت الحركة الصهيونية فى تمزيق لبنان، وإشعال الحرب الأهلية فى السودان، ونجحت فى تمزيق العراق كذلك أشعلت الحرب بين السنة والشيعة، وكذا الحرب الأهلية فى ليبيا، وأتت بعد ذلك اليمن وسوريا. ووصف شعث ما يحدث بأنه تنفيذ مشروع الشرق الأوسط الجديد الذى طرحته إسرائيل فى عام ٢٠٠٥، وطالبت كوندوليزا رايس بتطبيق الفوضى الخلاقة كبديل لتدمير المنطقة.

عجز عربى
ولخص محمد جمعة، الباحث بمركز الدراسات السياسية بالأهرام، النتيجة النهائية لما وصلت إليه الدول العربية اليوم بأن الربيع العربى الذى أفضى إلى هذا المشهد العربى البائس، العرب اليوم عاجزون عن مواجهة الإدارة الامريكية وخُمس الدول العربية فاشلون وأولوياتهم مختلفة، فبدلًا من التكاتف حول موقف واحد، ومواجهة إرهاب يحيط بالمنطقة من كل جانب، اليوم أصدرت جماعة حسم الإرهابية بيانا توجه فيه السهام إلى النيل من النظام المصرى بدلا من توجيه سهامها إلى إسرائيل التى تنتهك حرمة الأديان.

أمريكيون ضد ترامب
أجمع عدد من الخبراء الأمريكيين على معارضتهم لقرار ترامب بنقل السفارة الأمريكية للقدس واعتبارها عاصمة للدولة الصهيونية. حيث قال المحامى الأمريكى جون كيجلى، أستاذ القانون الدولى فى جامعة أوهايو، يمكن للمنظمات الإرهابية مثل «داعش» أن تستخدم قرار ترامب لتعزيز صفوفها، متابعًا أنه بالنسبة للولايات المتحدة، سيكون من الصعب الحفاظ على دور فى تسهيل المفاوضات. كما رأى فرانسيس بويل، أستاذ القانون الدولى فى جامعة إلينوي، أن قرار ترامب سيقوض العلاقات الأمريكية مع المجتمعات العربية والإسلامية فى جميع أنحاء العالم، مضيفًا أن ترامب مهتم بإشعال النار فهو يعرف بالضبط ما فعل.