الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

أزمة "البنسلين" العرض مستمر.. الصحة تطمئن المواطنين.. ومراقبون يدعون للاعتراف بالنقص.. وهذه أبرز الحلول

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لا تزال أزمة البنسلين متصاعدة، ووسط تطمينات من قبل الحكومة بتوفير المزيد من الدفعات من الدواء لإنهاء الأزمة، يعيش ملايين المصريين بين الحياة والموت.
وبالرغم من إعلان الدكتور أحمد عماد الدين راضي، وزير الصحة والسكان، انتهاء أزمة نقص البنسلين، وذلك بعد ضخ 100 ألف حقنة في الأسواق، مع بدء ضخ كميات جديدة في الأسواق خلال الأيام القليلة المقبلة، يرى مراقبون أن أزمة البنسلين لا تزال تهدد حياة المصريين. 


أبعاد الأزمة 
واستخدام البنسلين في علاج العديد من الأمراض المزمنة مثل الأطفال من مرضى روماتيزم القلب والحمي الروماتيزمية، كان الدافع الأول لزيادة الطلب على البنسلين حيث تحتاج مصر سنويا إلى حوالي 12 مليون حقنة بنسلين طويل المفعول، وكانت شركات مصرية تغطي احتياجات السوق، إنتاجا واستيرادا، إذ كانت شركة المهن الطبية تنتج حوالي 200 ألف حقنة سنويا، بالإضافة إلى 300 ألف حقنة أخرى من إنتاج شركه النيل للأدوية، و600 ألف حقنة يتم توريدها لمستشفيات الدولة وفقا لمناقصة وزارة الصحة، وتقوم الشركة العربية للصناعات الدوائية والمستلزمات الطبية "أكديما" باستيراد الجزء الأكبر من الصين بنحو 12 مليون حقنة سنويا.



أصل الحكاية 
وبدءا من شهر أغسطس الماضي بدأت أزمة البنسلين في الظهور على الساحة، حيث اختفت حقن البنسلين طويل المفعول "بنيستارد" من السوق المحلي لتظهر طوابير المواطنين في المستشفيات الكبرى والصيدليات المركزية ولكن دون جدوى فمعهد القلب القومي وهو المورد الأول للدواء خاوي على عروشه ولا يمتلك أية جرعات في وقت الأزمة فمع دخول فصل الشتاء تتعاظم الأزمة وتصبح الحاجة ماسة للبنسلين لعلاج "البكتيريا العنقودية" التي تسبب التهابات الحلق مما ينتج عنه الإصابة بالحمى الروماتيزيمة وأعراضها الخطيرة.
وفي رحلة البحث عن الأزمة، تكشف الدكتورة ألفت غراب، رئيسة مجلس إدارة شركة أكديما، في تصريحات سابقى لـ"البوابة" أن سبب نقص عقار البنسلين خلال الفترة الماضية هو استغلال رئيس مجلس إدارة شركة أكديما إنترناشيونال لمنصبه، وتنازله لصالح شركته الخاصة في حق استيراد العقار، مشيرة إلى أن شركة أكديما إنترناشيونال والتي كان يرأس مجلس إدارتها مدحت شعراوي، التابعة لشركة أكديما المملوكة للدولة، كانت تملك حق استيراد وتصدير البنسيلين طويل المفعول وكان المستحضر مسجل باسمها، حيث قام رئيس الشركة السابق بإنشاء شركة خاصة به تسمى "تكنو فارم" باسمه واسم أسرته، وقام بالتنازل عن النشاط التجاري والاستيرادي من شركة أكديما إنترناشيونال إلى شركته الخاصة، وأصبح بذلك المتحكم والمحتكر لعملية الاستيراد وتوفير البنسيلين في السوق المحلية.
واتهمت "غراب"، مدحت شعراوي بالضلوع في الأزمة وذلك بسبب توقف عن استيراد البنسيلين نهائيًا بعدما ترك الشركة في شهر إبريل الماضي، وأبلغ المستورد الصيني الذي تم التعاقد معه على 900 ألف عبوة كان متعاقد على شرائها من الصين، عن التوقف عن توريد الشحنة وإلا سيقاضيه وأبلغه ألا يتم شحن الكمية إلا بموافقته شخصيًا كنوع من الضغط على شركة أكديما والحصول على تعويضات مالية، مشددة على أن إلغاء الصفقة أدى إلى تعطش السوق وقلة البنسلين في جميع محافظات الجمهورية
وتقدمت وزارة الصحة والسكان ببلاغ لمباحث الأموال العامة ونيابة الأموال العامة والنائب العام، للتحقيق في الواقعة، وهو ما حققت فيه نيابة شمال الجيزة الكلية، اليوم، حيث باشرت التحقيق مع "شعراوي"، وقررت إخلاء سبيله موْقتًا، حيث ستحال أوراقه لنيابة الأموال العامة العليا للتصرف في القضية وتشكيل لجان فنية لبيان مدى صحة الاتهامات الموجهة إليه.



ماذا بعد؟
ولتوفير المطلوب من البنسلين، أكد المتحدث الرسمي لوزارة الصحة خالد مجاهد، أنه تم ضخ 100 ألف عبوة بنسلين بمستشفيات الوزارة والصيدليات بجميع محافظات الجمهورية، كما أنه يتم الآن استلام 100 ألف فيال وصلت للمطار ليتم توريدها لمنافذ صيدليات الشركة المصرية بجميع الفروع بدءا من غد، كما سيتم ضخ مليون ومائتي عبوة إنتاج محلي بحلول 10 ديسمبر، وهو ما سينهي تماما، بالإضافة إلى كميات أخرى يتوافق استيرادها بنهاية ديسمبر تكفي لمدة 4 أشهر قادمة.
في السياق ذاته، قال الدكتور محيي عبيد، نقيب الصيادلة، خلال مؤتمر صحفي اليوم، إن هناك إنفراجة كبيرة في أزمة توفير حقن البنسلين للأطفال المصابين بالحمى الروماتيزمية، مشيرا إلى أن وزارة الصحة أعلنت عن ضخ 2 مليون و400 ألف "فيال" من مستحضر بنسيلين طويل المفعول، موضحا أنه في يوم 13 ديسمبر سيضخ مليون و200 ألف عبوة من شركة المهن الطبية، منوها بأن أزمة البنسلين تعد أزمة مفتعلة، حيث أن تخزين أحد أنواع البنسلين ومنع الاستيراد سبب الأزمة.



حلول وتناقضات 
وعلى صعيد متصل، لفت سهل الدمراوي عضو غرفة صناعة الأدوية باتحاد الصناعات، إلى أن سبب أزمة البنسلين يرجع إلى انخفاض سعره الرسمي الذي يصل لـ9 جنيهات وهو ما يحقق خسارة كبيرة للشركات والمصنعيين مما خلق سوق سوداء لقلة إنتاجه ودفع البعض إلى شرائه عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي الذي يصل سعر البنسلين فيها إلى 150 جنيهًا. 
وأكد الدمراوي في بيان صحفي اليوم السبت، أن سبب الأزمة هو عدم زيادة السعر ليتلاءم مع سعر الدولار بعد التعويم، بحجة مصلحة المريض، وكانت النتيحه لهذا الشعار الزائف، أن المريض يبحث عن الحقنة بأكثر من عشرة أضعاف سعرها، وقد يدفع ذلك إلى إنتاج في حقنة مغشوشة".
وأوضح الدمراوي، أنه يتم توفير هذا الدواء، اما بتصنيعه محليًا من أكثر من شركة، وبالتالي يصعب إنتاجه بهذا السعر المتدني او يتم استيراده عن طريق شركتين فقط مع الزامهم بنفس السعر الذي يحقق خسارة شديدة.
وأبدى الدمراوي دهشته من تصريحات إدارة الصيدلة، بنفي الأزمة وتوافر العقار في السوق، مشيرا إلى أن هذه التصريحات غير دقيقة، ومخالفة تماما للواقع.
وأكد، أن تأخر تناول حقنة البنسلين أكثر من 3 أسابيع، سيؤدي إلى تلف في صمامات القلب، ما يهدد حياة آلاف المرضى، كما يؤكد ذلك الاطباء المتخصصين.
وأضاف أن حل الأزمة في الاعتراف بأن هناك أزمة، وإصدار وزارة الصحة لبيانات دقيقة عن حجم المشكلة، والتخلى عن شعار عدم زيادة السعر لمصلحة المريض، وهو شعار غير واقعي والمتضرر الأول المريض نفسه، وتشجيع السوق السوداء، بالإضافة إلى كارثة البطء الشديد في تسعير الدواء.
وأشار الدمراوي، الي أن معظم مشاكل نقص الدواء المتسبب الأول بها هي لجنة التسعير بإدارة الصيدلة بوزارة الصحة، والصمت عنها كارثة تتفاقم يوما بعد يوم.
وناشد الدمراوي، وزير الصحة ولجنة الصحة بمجلس النواب، التحقيق في اداء واثار طريقه اداء لجنه التسعير وهي المتهم الأول وقد يكون الوحيد في معظم أزمات ومشاكل الدواء بمصر.
أما مدير المركز المصري للحق في الدواء، محمود فؤاد، فأكد أن فشل وزارة الصحة في التنبؤ بالأزمة تسبب في ارتفاع سعر حقن البنسلين، ونقص العديد من الأصناف الحيوية والاستراتيجية للأدوية، مشددا على أن تكرار الأزمة واختفاء أصناف دوائية من الأسواق، في الوقت الذي تنفي فيه الوزارة وجود نقص يفاقم الأزمة. 
وشدد فؤاد، الحل السريع للأزمة هو تدخل مؤسسة الرئاسة وتحويل الملف برمته إليها لمتابعة الأمر وإجراء الاتصالات مع الجانب الصيني الذي يرفض التوريد إلى مصر نتيجة وجود عقود بها غرامات ضد الشركة الصينية إذا وردت لشركة أخرى، وأن تشرف هيئة الرقابة الإدارية على توزيع الحقن لضمان عدم تسربها للأسواق السوداء ولعدالة التوزيع، مؤكدا أن قصة حقنة "البنسلين" تلخص ما يحدث في سوق الدواء المصري، والممارسات الاحتكارية التي تجري دون ضابط أو رابط.