الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

ترامب الأرعن

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
مخطئ من يظن أن قرار الرئيس الأمريكى دونالد ترامب بشأن الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأمريكية إليها بعد الانتهاء من تشييدها أنه قرار مفاجئ صدر من شخص أرعن غريب الأطوار، فالواقع يقول إن التخطيط لهذا القرار قد بدأ منذ أكثر من ١٠ سنوات.
بدأ التخطيط لإحداث إنقسام بين الفصائل الفلسطينية والإيعاز لحركة حماس بالانقلاب على السلطة الفلسطينية فى غزة تحت ستار الانتخابات، حيث كانت أولى حلقات تفتيت القضية الفلسطينية داخل إطار المخطط الأكبر للمنطقة بإدخالها فى حالة من الفوضى والدمار تحت مسمى الفوضى الخلاقة.
هذا المصطلح الذى أطلقته كونداليزا رايس، وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة، ووفقا للمخطط الأصلى كان من المنتظر بحلول هذا العام ألا تكون هناك أى دولة عربية فى محيط الشرق الأوسط محافظة على كيانها ووحدتها، وكان من المفترض أن يكون الجميع غارقا فى مستنقع الحروب الأهلية والقضاء على الجيوش النظامية وتحويلها لميليشيات متناحرة، لتصبح إسرائيل وجيشها هى القوة الوحيدة المنظمة والباقية فى المنطقة، ولكن مع قيام ثورة ٣٠ يونيو فى مصر وما صاحبها من بدء الإنهيار الكبير للمخطط الأمريكى فى محاور متعددة منه ونجاح الإدارة المصرية فى بدء تحقيق مصالحة بين الفصائل الفلسطينية واقتراب عودة سيطرة السلطة الفلسطينية على قطاع غزة، وكذا نجاح فرض السياسة المصرية ورؤيتها فى القضية السورية وقرب حل الأزمة الليبية، وجدت الإدارة الأمريكية نفسها على وشك إعلان خسارتها لجهودها المستمرة منذ ١٠ سنوات، فكان لا بد من التعجيل باتخاذ هذا القرار استغلالا لحالة عدم الاتزان العربى وانشغال الدول العربية فى محاولة لملمة شتاتها، وعليه كان أى تأخير فى اتخاذ هذا القرار فى غير صالح الإدارة الأمريكية وإسرائيل.
وهنا نصل إلى نقطة مهمة، هل من الممكن أن تقوم الدول العربية الفاعلة فى المنطقة باتخاذ قرار من شأنه إجبار الإدارة الأمريكية على التراجع عن قرارها؟ كافة الشواهد تدل على عدم احتمالية حدوث هذه الفرضية، فالمملكة السعودية منشغلة بمشاكلها الداخلية وحربها فى اليمن والتوتر الدائم مع إيران، والأردن لم يذكر لها التاريخ مطلقا وقوفها ضد السياسية الأمريكية لصالح القضية الفلسطينية، وهنا تبقى مصر العروبة التى تحاول جاهدة التصدى لسياسة تدمير المنطقة ولمحاولة تكبيلها بالحرب على الإرهاب على حدودها المختلفة مع تأكيدنا على رفضنا التام تحمل الدولة المصرية مسئولية التصدى بمفردها لهذا القرار أو الزج بالنظام المصرى فى أزمة جديدة بمنأى عن تحرك جماعى لكل الدول العربية، كفى بمصر ما قدمته على مدار تاريخها للقضية الفلسطينية، والتى كانت من أسباب الحالة الاقتصادية السيئة على مدار سنوات ومن أسباب معايرتنا بفقرنا من بعض الأشقاء، إما تحرك جماعى عربى تحت مظلة جامعة الدول العربية وإما استكمال البكاء على الأطلال.
حفظ الله مصر وشعبها وجيشها