الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

نصر عبده يكتب : يا سادة.. لا تلوموا ترامب

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
أعتقد أن ما فعله الرئيس الأمريكى "دونالد ترامب" من إعلانه نقل مقر السفارة الأمريكية من تل أبيب للقدس لم يكن مفاجأة، وأعتقد أيضًا أن ما سيحدث بعد ذلك لن يكون مفاجأة، فلا داعى للتعجب والدهشة، ورسم ملامح التساؤل المصحوبة بجحوظ العينين أو ما شابه، فقط يجب أن تبحث الدول العربية، مدعومة ببعض دول العالم المؤيدة للقضية الفلسطينية عما ستفعله خلال الفترة المقبلة؛ ردًا على ما تم فى القدس.
أما عن السؤال: لماذا فعلها ترامب فى هذا التوقيت؟ فهناك عدة إجابات، منها ما أكدته صحيفة «ديلى ميل» البريطانية؛ حيث قالت: إن قرار الرئيس الأمريكى دونالد ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، ليس نتاجًا لحسابات دبلوماسية، بل جاء للوفاء بوعود قطعها على نفسه، إبان حملته الرئاسية، التى حصل إثرها على منح بملايين الدولارات، وأيضًا من أجل إنقاذ شعبيته المنخفضة حاليًا؛ حيث تعهد إبان حملته الرئاسية بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس، وهو ما نال استحسانًا لدى ناخبيه، ومن بينهم الملياردير شيلدون أديلسون أحد كبار داعمى الحزب الجمهورى، الذى منح حملته الانتخابية 25 مليون دولار.
وأنا أرى أن قفز ترامب وتسرعه فى إصداره قرارا يخص وضعية القدس، وهو قرار ينحاز إلى جانب إسرائيل، يجلب مخاوف من أن ذلك سيقوّض فرص التوصل إلى اتفاق سلام، وسيدمر وضع أمريكا كراعٍ أمين للسلام بين الجانبين.
أما عن الإجابات الأخرى، فيجب أن نعرف أن هذا القرار مرتبط ارتباطًا وثيقًا بما تشهده المنطقة العربية من أحداث، فحالة الانقسام التى تشهدها الدول العربية وتآمر بعض الدول العربية على بعضها البعض، له علاقة قوية بصدور هذا القرار فى هذا التوقيت، الذى يأتى استكمالًا لسيناريو تقسيم تفتيت الدول العربية بعد ما حدث فى سوريا والعراق وليبيا واليمن.
هذا فضلًا عما يحدث داخل الساحة الفلسطينية ذاتها، من انقسام وتشرذم داخل الفصائل الفلسطينية والسعى بدأب من أجل إتمام المصالحة، التى ترعاها مصر وتبذل جهدًا خارقًا من الانتهاء منها، ومن أجل وحدة الصف الفلسطينى، وهنا يجب أن يعرف الفلسطينيون جيدًا أن مقاومة العدو الإسرائيلى تحتاج إلى وحدة الصف الفلسطينى وإتمام عملية المصالحة.
مصر كانت ولا تزال لها الدور الأول والأهم والأقوى من أجل تحقيق المصالحة الفلسطينية الحقيقية، والبعد عن الانقسامات وصد المؤامرات، التى تحاك ضد الوطن العربى حتى لو كانت من دول عربية، فالقضية الفلسطينية هى القضية الأولى للدولة المصرية، خاضت من أجلها الحروب، وضحت من أجلها بالشهداء والغالى والنفيس للحفاظ على وحدة الدولة الفلسطينية، والوقوف إلى جوار الأشقاء الفلسطينيين، وهذا ما لا يغفله المتآمرون، الذين يعرفون جيدًا أن جيش مصر هو الوحيد الباقى فى المنطقة بأسرها بعد انهيار جيوش العراق واليمن وليبيا، وبعد ما يحدث فى سوريا، فلم يتبق إلا مصر وجيشها، ولذلك يتم حصارها بالعديد من القضايا حتى تنصرف عن موقفها العروبى الثابت، وهو ما لن يحدث مهما فعلوا، فما حدث حتى الآن فى قضية سد النهضة، وبعض الإجراءات التى اتخذت ضد مصر ما هى إلا وسيلة لإنهاك وتفتيت وتشتيت الدول العربية عن قرار نقل السفارة الأمريكية للقدس.
وماذا بعد، ماذا يمكن أن نفعله لنصرة زهرة المدائن؟ والدفاع عن عروبتها والوقوف أمام قرار قد يجرف المنطقة بأسرها إلى هوة سحيقة، ويتسبب فى اشتعال الوضع الداخلى وزيادة حالة الغضب لدى الكثيرين من أبناء الوطن العربى.
من المفترض أن تجتمع الجامعة العربية، غدًا السبت، بعد دعوة الأردن لاجتماع عاجل لمناقشة تداعيات قرار ترامب، ولكن ماذا سيقولون؟ وماذا سيفعلون؟ فالحدث لا يحتمل التنديد والشجب والإدانة وصدور البيانات النارية، التى لا تسمن ولا تغنى من جوع، الحدث جلل ويحتاج إلى إجراءات تصعيدية للرد على هذا القرار، وحتى يعرف الجميع أن تلك الأرض لها من يدافع عنها، أو على الأقل -وهذا أضعف الإيمان- لحفظ ماء الوجه أمام العالم بصفة عامة وأمام الشعوب العربية بصفة خاصة، ماذا ستفعلون؟ نحن فى محنة وامتحان، والجميع ينتظر منكم النتائج لا تعميق الجروح، ينتظر القرارات لا البيانات.
أعتقد أنه يجب على الدول العربية مجتمعة تأكيد قرارات الشرعية الدولية بأن القدس عاصمة لدولة فلسطين، وأن تعلن عن نقل سفارتها وبعثاتها الدبلوماسية من «رام الله» إلى «القدس» فورًا ودون سابق إنذار، وأعتقد أيضًا أنه إذا أقدمت الدول العربية على تلك الخطوة، فهناك الكثير من دول العالم ستحذو حذوها وستنقل سفاراتها إلى القدس الشرقية؛ اعترافًا بأنها عاصمة فلسطين.
يا سادة يوجد 22 قرارًا أمميًا، تؤكد جميعها عروبة «زهرة المدائن» صدرت من 29 نوفمبر 1947، وحتى 23 ديسمبر 2016، استدعوا تلك القرارات، حاولوا تفعيلها، حاربوا من أجل ألا تكون حبرًا على ورق.. وإلى لقاء.