الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بوابة العرب

مقتل صالح يدشن مرحلة مفصلية جديدة فى تاريخ اليمن

الرئيس اليمني الراحل
الرئيس اليمني الراحل علي عبد الله صالح
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
باغتيال الرئيس اليمني الراحل علي عبد الله صالح أمس (فى الرابع من ديسمبر الحالى)، على يد ميليشيات الحوثي، دخلت اليمن مرحلة مفصلية جديدة من تاريخها السياسي، وباتت سيناريوهات المشهد السياسي اليمني مفتوحة على كل الاحتمالات، وأصبح الغموض سيد الموقف سياسيا وعسكريا وأمنيا؛ الأمر الذي يلقي بظلاله القاتمة على المشهد السياسي العربي برمته.
الأمر الذي لا شك فيه، أن السيناريوهات المطروحة بعد مقتل صالح تتجاوز بكثير مسالة الحاكم الذي يخلفه ومصير حزب المؤتمر الشعبي العام، وتتعمق أكثر إلى التساؤلات حول مصير اليمن ومستقبل وحدته السياسية، بعد أن أصبح اليمن الشمالي بالكامل في قبضة جماعة الحوثي، الموالية لإيران، وهذا يعني قلب معادلة الصراع في المنطقة.
وتتعقد الأمور في اليمن بصورة أكثر مع اشتداد حرب المواجهات بين ميليشيا الحوثي وقوات الحرس الجمهوري التابعة لعلي صالح، خاصة أن مقتل صالح سيفتح الباب واسعًا أمام صراعٍ لا نهاية له في اليمن، الذي يعيش في أتّون حرب منذ عدة سنوات.

وفي هذا السياق يمكن طرح عدة سيناريوهات يتمحور حولها المشهد السياسي اليمني بصورة درامية ومتشابكة وهي:
السيناريو الأول: إطالة زمن الحرب وتحولها إلى ثورة لطرد الحوثيين: تكشف تطورات المشهد السياسي الراهن في اليمن، وما يشهد من حروب على كل المحاور وفي مناطق مختلفة، أن أمد الحرب ستطول، خاصة بعدما دعا قيادات حزب المؤتمر الشعبي العام، الشعب اليمني بمواصلة قتال الحوثيين، وأعلن الرئيس اليمنى عبدربه منصور هادي، انطلاق عمليات "صنعاء العروبة" العسكرية ضد الحوثيين لتطهير كامل التراب اليمنى من العناصر الإيرانية وتلك المدعومة من طهران.
يدعم هذا السيناريو، ثلاثة على جانب كبير من الأهمية، الأمر الأول: قوة الحوثيين التي لا يُستهان بها في معادلة الصراع داخل اليمن والمنطقة، لذا كان في البداية تحالفهم مع علي عبد الله صالح خلال 4 اعوام، تحالفا سياسيا وعسكريا لكنه انفرط قبل أيام، وانتهى بمقتل صالح، فأصبحت الغلبة للحوثيين على الأرض.
إن مقتل صالح يشكل نقطة تحول في الحرب الجارية في اليمن، وسيطول أمدها وستحرق كل اليمنيين، خاصة أنها تؤدي إلى انهاء التحالف بين حزبه، المؤتمر الشعبي العام، والحوثيين، بعد أن سيطروا على الدولة قبل أكثر من ثلاثة أعوام، ويرى محللون أن انتهاء التحالف بين حزب صالح والحوثيين سيصعب على الأطراف الداخلة في المفاوضات لإنهاء الصراع، المهمة، خاصة مع تجدد القتال في العاصمة صنعاء، ما يؤشر إلى تفاقم متوقع للأزمة الإنسانية التي تعصف باليمن، التي وصفتها الأمم المتحدة بأنها الأسوأ في العالم.
وقبل أيام من مقتله، دعا صالح أنصاره إلى شن حرب على مليشيا الحوثي، حلفائه السابقين، قبل أن يقوم عناصر من تلك المليشيات بقطع الطريق أمام صالح، وأعدموه رميا بالرصاص، إثر توقيف موكبه قرب صنعاء بينما كان في طريقه إلى مسقط رأسه في مديرية سنحان جنوب العاصمة صنعاء.
وطوال حياته السياسية، التي استمرت لأكثر من 33 عامًا، نجح صالح في اللعب على الحبال في بلد تتنافس فيه القبيلة مع الدولة، كما أنه ضمن دعم حلفاء كبار، من بينهم الولايات المتحدة الأمريكية، قبل أن تأتي ثورات الربيع العربي التي أطاحت به عام 2011.
الأمر الثاني الذي يدعم سيناريو إطالة أمد الحرب، أن حزب المؤتمر الشعبي العام الذى أسسه صالح ويتزعمه منذ عام 1982 يمتلك أغلبية في مجلس النواب تمكنه من اتخاذ خطوات لرفع الغطاء السياسي عن جماعة الحوثي وإجراء اتصالات عاجلة مع مكونات الحزب المنقسمة على نفسها سواء في الرياض أو صنعاء لتشكيل كتلة سياسية واصطفاف وطني وعدم ترك الساحة للحوثيين، كما أن نجل الرئيس أحمد الذي يقوم بزيارة حاليًا للسعودية، سيعود سريعا إلى اليمن ليتم اختياره خلفا لوالده في قيادة الحزب، ويقود الحرب من جديد ضد الحوثيين، في ظل قيادته لقوات الحرس الجمهوري وألوية القوات الخاصة التي تدين له بالولاء في المعركة الكبرى المنتظرة للثأر من قتلة والده وطرد الحوثيين من العاصمة.
الأمر الثالث الذي يدعم سيناريو إطالة زمن الحرب: أن قوات التحالف العربي سوف تتحرك بالسرعة والأسلوب المناسبين لإنقاذ صنعاء من خطة الحوثيين المدعومة من إيران، وسوف يتم التنسيق بين حزب المؤتمر الشعبي العام وقوات التحالف العربي، بما يحدد هوية اليمن، الذى تحاول طهران اختطافه واستخدامه خنجرا في خاصرة دول الخليج، كما أن هذا التنسيق والدعم الممنوح من قبل قوات التحالف العربي للشعب اليمني وحكومته الشرعية وحزب نجل صالح المرتقب، سيحمى المصالح الإقليمية والدولية ومسارات الملاحة التي هددتها جماعة الحوثيين أكثر من مرة بضرب السفن التجارية وناقلات النفط.
السيناريو الثاني: حل الأزمة بعد توسط أطراف عربية للحل: وهو سيناريو قد يطول الوقت حتى يتحقق، خاصة بعد أن دعت إيران لحوار سياسي وشامل بين الحوثيين والقبائل اليمنية وقوات الرئيس الراحل على عبدالله صالح.
كما أن بعض دول الخليج قد تحاول طرح وساطتها من أجل تقريب وجهات النظر بين المتقاتلين؛ الأمر الذي ربما ينتج عنه التوصل لتفاهمات سياسية في إطار من مرحلة انتقالية تمهد الطريق للوصول إلى انتخابات يمنية تشارك فيها ميليشيا الحوثي وفق صيغة شراكة معينة، تضمن لها وجودًا سياسيًا بضوابط معينة بشرط أن تكون محكومة بقوانين من الأمم المتحدة وفي إطار من الشرعية الدولية.
يبقى القول أن المشهد السياسي اليمني سيبقى مفتوحًا على كل السيناريوهات المعقدة والمتشابكة في ظل خليط من الأوراق السياسية الداخلية والإقليمية والدولية، وهو ما يؤشر لدخول اليمن مرحلة جديدة في تاريخها السياسي.