الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

قطر وأوهام القوة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
السياسة لا علاقة لها بالعنتريات والشعارات الرنانة، المفعمة بالبطولات المزعومة، وتقمص دور النضال والمناضلين، ولكنها- بمنتهى البساطة - هى الموضوعية والعقلانية والعمل على تحقيق المصالح العليا للدولة تدور معها حيث دارت واتجهت، حتى وإن عادت إلى حيث بدأت، وهذا ما تفتقده حكومة نظام الحمدين الحاكم فى قطر، فالموضوعية العقلانية تقول: إن مقاطعة الدول الأربع جميعها دون استثناء ليست لها (إطلاقًا)، أى انعكاسات سلبية عليها، سيما أن المملكة هى اليوم دولة حيوية وقوية، تواجه قضاياها ولا تتنازل عن حقوقها، وتحتل تحركاتها، ونشاطات دبلوماسييها، صدارة نشرات الأخبار، ومانشيتات كبرى الصحف، العربية والعالمية، ولديها قضايا إقليمية وعربية، وإسلامية استراتيجية كبرى، ما يجعل قطر، وأزمة قطر، تتراجع إلى قاع الأولويات بالنسبة لها، كما أن قناتها، وهى أهم ما تملكه قطر، تراجعت نسب مشاهدتها ومتابعتها، إلى الحضيض، بعد أن دخل منافسون آخرون جدد، بقوة ومهنية واحترافية، تفوق وبمراحل مهنية قناة الجزيرة، بعد أن كانت فى الماضى القريب تحتل الصدارة فى نسب المشاهدة.
كما أن قطر، وتنظيم الحمدين تحديدًا، يعيشان فى كل شئونهما ضربًا من ضروب مُكابرة (المنهزم)، الذى لا يريد أن يعترف بهزيمته، ما جعل تكلفة الهزيمة مع مرور الزمن أكثر مما كانت ستكلفه لو اعترف بها مبكرًا.
قطر صرفت مليارات الدولارات على ما كانت تسميه (الربيع العربى)، وهذا الربيع المزعوم فشل فشلًا ذريعًا، وانتهى إلى برك من الدماء، وقتلى وجرحى ومشوهين، وخسرت بسببه قطر سياسيًا إلى درجة مهولة، لكنها تأبى أن تعترف بالهزيمة والفشل، وتُغالط، وتصر على أن (الربيع العربى) لم ينته كما قال ذلك حمد بن جاسم بن جبر؛ على قناة الـ«بى بى سى»، ومعروف أن حمدًا هذا- كما يقولون- (أذكى) من حمد بن خليفة، أو هو بلغة أدق من يمسك بخيوط السلطة فى قطر، أما حمد الثانى الذى كان أميرًا، وتنحى لولده تميم، فهو مريض صحيًا، كما يغلب عليه الحُمق والغفلة، إضافة إلى أنه لا يستشرف المستقبل، ولا يُقدِر الأمور حق قدرها، وغنى عن القول- طبعًا- إن تميم المُنصّب كأمير بشكل صورى، هو لا يملك من السلطة، إلا ما يملكه (ساعى البريد) الذى ينحصر دوره فى إيصال الرسائل، والعودة بها، ليس إلا.
ولو أن فى قطر ساسة محترفين، واقعيين، لأدركوا أن السياسة الحقيقية لا علاقة لها بالتفكير الرغبوى قدر علاقتها بالواقع ومقتضياته، والواقع يقول بمنتهى الوضوح: (لا حل إلا الإذعان) والتسليم، لأنكم راهنتم على حسابات وقراءات وتوقعات، اتضح الآن أنها كانت خاطئة، والاعتراف بالخطأ، والتعامل مع متطلباته كما هى على الأرض، هو ما تفرضه الواقعية والموضوعية، وإلا فإن الأمور، داخليًا أولًا، وخارجيًا ثانيًا، لا يمكن التعويل عليها، خاصة أن إيران الفارسية، أو تركيا أردوغان العثمانية، ساسة انتهازيون، متى ما وجدوا أن قاربكم تعصف به الأمواج العاتية فى طريقه للغرق، تركوا قطر، وأهل قطر لشأنها، تواجه مصيرها الكارثى.
أما الإرهابيون الذين جعلتم من بلدكم ملاذًا آمنًا لهم، وعلى رأسهم جماعة الإخوان المسلمين، فهم كالثعالب الماكرة، سيكونون هم أول من يبيعونكم، لينجوا بأنفسهم، وينجو التنظيم الذى هو لهم بمثابة (هُبل) لكفار قريش.
نقلًا عن «العربية نت»