الجمعة 17 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

مصر تُهدي العرب «المكنز»

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
كنا ثلة من الباحثين العرب فى الأدب الشعبى المادى واللامادى بالجزائر عام ٢٠٠٧، إذ جرى اختيارها كعاصمة للثقافة العربية وكان من ضمن الفعاليات المُقامة «لقاء الخيمة العربية» التى انتصبت بأهم ساحاتها حيث نصب الجندى المجهول، وما أتذكره جيدا أنه قدم فى تلك الفعالية د. مصطفى جاد، الاستاذ فى المعهد العالى للفنون الشعبية، ورقته البحثية المتعلقة بمقترح رصدى توثيقى نفتقده فى مجال توفير وحفظ الشواهد الشعبية للبحث والدراسة كما العلم والمعرفة بما نمتلكه، وظل «جاد» جادا ومهجوسا بالمشروع وجرى أن واصل حديثه عنه حتى ونحن نلتقى على هامش جلساتنا بالجزائر، ومنذ ذلك التاريخ وهو يعمل رغم انشغالاته وقتها كأستاذ ترأس المعهد كما يترأس قسما مهما فيه هو قسم مناهج الفولكلور وتقنيات الحفظ، وصار أن أنجز مشروعه المكنز المصرى وهو خبرة مضافة لزخم بحوثه وانشغالاته المنشورة مكنته من طرح إكمال المشروع ليصبح المكنز عربيا، وحين التقيته الأسبوع الماضى فى زيارتى للمعهد وإذ أتيح لى رأى العين لمجلدى المكنز العربى (نسخة مخطوطة) مع حديثه عما تحقق من اجتماع فى شكل ورشة عمل للفحص والمراجعة لمادة المكنز من مهتمين وباحثين وخبراء خليجيين فى أول لقاء يخص المكنز، وستتبعه ورش قادمة بإلامارة الشارقة – الإمارات العربية- الداعمة دوما لكل جهد معرفى عربى ولها فى ذلك صولات صفحاتها مثبتة كشواهد ستترسخ فى تاريخ مشهدنا العربى الثقافى الذى نفخر به، فالمشروع سوف يتم إطلاقه من خلال بوابة عربية ضخمة من خلال مركز التراث العربى التابع لمعهد الشارقة للتراث بدولة الإمارات العربية المتحدة.
وبعد فـ«المكنز Thesaurus» مصطلح تم اختياره كونه معروفا فى علم المعلومات على المستوى الدولى وحسب النسخة العربية (المخطوط) المعد للفحص والمراجعة فإن التعريف الإجرائى لـ«مكنز الفلكلور العربى» أنه: قائمة بالواصفات المرتبطة بالتراث والمأثور الشعبى وعلاقاتها التكافؤية والهرمية والترابطية، وعلى ذلك فإن المكنز هو أداة علمية منهجية ستتوفر كقاعدة بيانات موسعة مقدمة لكل باحث ما سيتصدى له وينفذ ورقيا ورقميا بإدارتهما الإدارة الأكاديمية لمعهد الشارقة للتراث بالتعاون مع مركز التراث العربى بالمعهد، والعناصر الفلكلورية الشارحة التى ستتوافر به هى: «الموضوعات العامة – المعتقدات والمعارف الشعبية – العادات والتقاليد الشعبية – الأدب الشعبى – فنون الأداء الشعبى – فنون التشكيل الشعبى»، كل هذه العناصر سيجرى إثباتها جغرافيا: «الخليج العربى – الشام – حوض النيل – شرق أفريقيا – المغرب العربى»، ومن مخرجات مكنز الفلكلور العربى مجلدان، المجلد الأول يحوى ٢٥ ألف واصفة، المجلد الثانى ويحوى ٤٠ ألف واصفة وكلاهما متاح باللغات الثلاث العربية والإنجليزية والفرنسية.
منتج ضخم سيتيح المادة الشعبية العربية (الميدانية والمنشورة) فى أول منجز عربى يوحد المتشابه والمختلف تنوعا وتناغما تحت عين المطالع، المهتم، الباحث مرفقة بجميع الوسائط الموضحة من: صور، فيديو، مادة صوتية، ما جرى تخزينه قديما كوثائق وشواهد أو ما تم التقاطه حديثا من عناصر فولكلورية ظلت حية تُمارس فى مجتمعاتنا العربية، وفى ظنى أن هذا المكنز تتوسع دائرة المستفيدين منه فى مجالات علمية إنسانية عدة وليس حكرا على مهتمى الفلكلور الشعبى، مختصى علم المكتبات مثلا يوفر لهم قاعدة بيانات بكل الإصدارات الفلكلورية مما يسهل البحث عنها، كما يؤسس للمعرفة والمرجعية التاريخية لرواد الآثار والجغرافيا السياحية، ولمجالات: الفنون والأدب، والفلك، والطب، والرياضة، وإدارة المؤسسات، وغيرها. 
وإذ نبارك قرب صدور هذا المنجز المهم ندعو لحملة إعلامية وقد تقدم معهد الشارقة للتراث بتبنى إنجاز العمل تتضافر فيها الجهود ليصل المكنز فى شكله الورقى إلى بلادنا العربية ومراكزها التراثية ومؤسساتها المعرفية الخدمية، وقد تقررت إتاحته تقنيا عبر البوابة المشرعة كقاعدة بيانات كبرى فى موقع خاص، تحية للجهد المُؤسس بالمُقترح، وتحية للخبراء والباحثين بدولة الإمارات العربية ولكل الخبراء العرب المنضمين فى لجنة الورش المراجعة والمتفحصة للمتن بكامله وفى مثل هذا فليتنافس المتنافسون.