الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

"حضانة الدواعش".. قنابل موقوتة "ملف"

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
«أشبال الخلافة».. أطفال يستخدمهم التنظيم الإرهابى فى هجماته الانتحارية
60 % أعمارهم بين 12 و16 عامًا.. و6% بين 8 و12 عامًا

منذ سيطرة تنظيم «داعش» الإرهابى على مساحات شاسعة فى العراق وسوريا أواخر عام 2014، حرص على استخدام الأطفال فى دعاياته، فأصدر التنظيم 3 فيديوهات قصيرة لأطفال تتراوح أعمارهم ما بين 10 و15 سنة، وهم يقومون بأعمال إجرامية تحت إشراف قادة التنظيم، فضلًا عن استعراض عسكرى لبعض التمرينات، التى يخضعون لها، مثل تمرين الرماية واستخدام الذخيرة الحية وكيفية التعامل والدخول إلى عقار والانتقال من غرفة إلى غرفة، وكيفية السيطرة على الرهائن واستخدامهم للمساومة عليهم. 
وبدأ التنظيم فى الإعلان عن العمليات الإرهابية، التى يقوم بها ما أطلق عليهم «أشبال الخلافة» فى أواخر عام 2014، فى ديسمبر 2015، نشر التنظيم فيديوهات لـ6 أطفال يعدمون عناصر من قوات الأمن السورية، محتجزين لدى التنظيم المتطرف، ورغم عدم إعلان التنظيم عن أسماء هؤلاء الأطفال، ولا أعمارهم، إلا أن باحثين قدروا أعمارهم، فـ 60% منهم تتراوح أعمارهم ما بين 12 و16 عامًا، بينما 6% تتراوح أعمارهم بين 8 و12 عامًا.
وفى هذا الملف، يتم تسليط الضوء على الأطفال الدواعش ومصيرهم، وكيف كان يجندهم التنظيم الإرهابى وخطورتهم على الدول، التى ينتمون إليها، أو التى من الممكن استهدافها.

التعليم فى داعش.. «قواعد التطرف» برامج للتشجيع على السمع والطاعة

الكتب المدرسية ترفض الديمقراطيات الغربية وتبرر العنف والقتل على الهوية

بعد اندلاع الثورات العربية عام ٢٠١١، ونشوب الحروب الأهلية فى عدة دول عربية، كان الأطفال والنساء أكثر الفئات المتضررة، خاصة بعد انتشار العديد من التنظيمات الإرهابية، فى كل من سوريا والعراق.

ووثق مركز توثيق الانتهاكات السورى ١٩٤ حالة وفاة لأطفال ذكور بين سبتمبر ٢٠١١ ويونيه ٢٠١٤، وبحسب بيانات الأمم المتحدة، فقد تم تجنيد حوالى ٢٧١ صبيا وفتاة من قبل التنظيمات الإرهابية، حوالى ٧٧٪ منهم تم تجنيده بواسطة تنظيم داعش لاستخدامهم فى القتال، وتضاعفت أعداد هؤلاء الأطفال بعد عام ٢٠١٤ بنحو ثلاث مرات.

وحوالى ١٨٪ من الصبية، الذين جندهم داعش لقوا حتفهم فى هجمات، حيث يطلق على الطفل «انغماسى» ويتم دفعه نحو العدو ليلقى عليه النار، ما قد يسفر فى بعض الأحيان عن مقتل الصبى المقاتل، وذكرت بعض الإحصائيات أنه من يناير ٢٠١٥ وحتى يناير ٢٠١٦، لقى ٣٩ ٪ من الصبية حتفهم فى تفجيرات بسيارات ملغومة و٣٣ ٪ فى معارك.

رغم أعداد الضحايا من الأطفال الدواعش، إلا أنه يوجد المئات مثلهم، ما زالوا أحياء ويعيشون فى كنف التنظيم، حيث يقسم هؤلاء «الأشبال» إلى خمس فئات، الفئة الأولى (أولئك الذين ولدوا لمقاتلين أجانب أو مهاجرين)، الفئة الثانية (أولئك الذين ولدوا لمقاتلين محليين)، الفئة الثالثة (الأيتام الذين ليس لهم مآوى فوجدوا طريقهم إلى دور أيتام يسيطر عليها داعش)، الفئة الرابعة (أولئك الذين أخذهم داعش قسرًا من آبائهم وبعضهم تم خطفهم وبيعهم للتنظيم، حيث تم بيع أطفال بلوشستان مقابل ٥٠٠ و٦٠٠ ألف روبية)، أما الفئة الخامسة والأخيرة (أولئك الذين انضموا طواعية لداعش).

واعتمد داعش فى تدريس الأطفال على كتب لتعليم «قواعد التطرف» وبرامج للتشجيع على السمع والطاعة للتنظيم والانضمام إليه، وفى دراسة أعدها الدكتور جايكوب أوليدورت من «معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى»، قسم منهج «داعش» إلى شقين:

الشق الأول، يتناول كيف يتطرق التنظيم إلى الموضوعات التقليدية المرتبطة بدراسة العلوم الدينية، كالقرآن والحديث والعقيدة والقانون، والفقه، حيث تقوم جميعها بتحديد مزايا الإيمان والممارسة فى الإسلام.

أما الشق الثاني، فله علاقة بموضوعات أخرى كالاستعداد الجسدي، والتاريخ، والجغرافيا، والرياضيات، التى تشكل موضوعات ثانوية بالنسبة للهوية الإسلامية للتنظيم، بيد أنها أساسية لتدريب «مواطني» مشروع «دولته».

وتدين الكتب المدرسية لداعش الديمقراطيات الغربية وتشرح الفارق بين «غير المؤمنين»، أو «غير المسلمين»، و«المنافقين»، أو المسلمين الذين يتعاونون مع الغرب أو الذين لا يدعمون «داعش»، وفقا لأوليدورت، وفيها يبرر التنظيم المنهج العنفي، ويزعم أن «القتل ضرورى لأغراض دينية.

ويستخدم «داعش» هذه الكتب، بهدف «تشويه نظرة الأطفال إلى العالم بشكل كلي»، كذلك تؤكد الكتب على «واجب فرض السلطة الدينية، ومحاربة المسلمين الذين يعصون الشريعة الإسلامية»، كما تحظر أى شكل من أشكال الحكم القائم على «المنطق البشرى ويختلف عن شريعة الله»، يفصّل مختلف الألقاب والوظائف الإدارية فى الدولة الإسلامية (المزعومة) كما يأمر بطاعة «الخليفة»، معلنا أن ««أى شخص يعصى أوامر الحاكم يُعتبر كافرا».

ويتم تدريب الطلاب الأصغر سنا فى البداية ليصبحوا جواسيس، ومن ثم يجرى تشجيعهم على الإبلاغ عن أفراد أسرتهم أو الجيران الذين ينتهكون قوانين «داعش الإرهابي» أو الذين ينتقدون «دولته» المزعومة، كما يتم تدريبهم على ألا يتأثروا أبدا بالموت، وذلك عبر مشاهدتهم بشكل روتينى لأعمال الصلب والرجم وقطع الرءوس. وفى المرحلة الأخيرة من التدريب، يؤمر الأطفال بقتل السجناء.


فيديوهات قطع الرءوس والحديث عن الجنة... طرق جذب الأطفال

يعتمد «داعش» على دروس عن الحديث عن الجنة، ونعيمها ومشاهدة مقاطع فيديوهات مربعة، لجذب الأطفال وتعليمهم فنون القتال الوحشية التى يطبقها التنظيم، وظهر ذلك فى الاعترافات التى أقر بها الطفل الانتحارى الداعشى «محمد أحمد» البالغ من العمر ١٥ عامًا الذى أرسله داعش إلى كركوك فى شهر أغسطس عام ٢٠١٦ وهو يرتدى حزامًا ناسفًا، ولكن تم القبض عليه.

وكشف الطفل خلال استجوابه عن تفاصيل قصته مع مسلحى تنظيم داعش، قائلًا: «لقد كنا حوالى ٦٠ طفلًا، وكنا نتلقى تعليمنا من «داعش» الذى كان يحدثنا يوميًا عن الجنة وجمالها، وقالوا لنا إننا إذا مُتنا فسنذهب إلى الجنة، كما كانوا يجبروننا على مشاهدة مقاطع فيديو مرعبة».

وتابع: «كانوا يعلموننا على كيفية استخدام الأسلحة والمتفجرات، ومن ثم أرسلونا إلى الحويجة حيث كان ٤ رجال كبار يحدثوننا عن الجنة، وكانوا يكررون هذه الكلمة فى كل يوم ولحظة، كما كانوا يعرضون علينا مشاهد فيديو لقطع رءوس البشر وأنه شَعَرَ بالندم لانضمامه إلى داعش عندما كان فى معسكر التدريب بالحويجة، ولم يكن يرغب فى تنفيذ عملية انتحارية، ولكنهم أرسلوه بالقوة إلى كركوك».


باحث عراقى: الفقر والإغراءات المالية وسيلة التنظيم

«العبيدى»: دروس وعظ فى السجون للدواعش الصغار

قال الدكتور مثنى العبيدى الباحث فى شئون الحركات المتطرفة بالعراق: «داعش اعتمد على عدة وسائل قسرية لإجبار الأطفال على الالتحاق به، منها استغلاله للحالة الاقتصادية وتقديمه الإغراءات المالية، مشيرًا إلى أن هؤلاء الأطفال يشكلون خطرًا على الدول التى سوف يعودون لها، ولا بد من اعتماد استراتيجية شاملة للجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتربوية والثقافية والأمنية والإعلامية، بغية مواجهة خطر التنظيمات الإرهابية». . وإلى نص الحوار:

كيف جند «داعش» الأطفال فى العراق؟

- تم تجنيد الأطفال من خلال عدة وسائل منها، «قسرية» تتمثل فى إجبار الأطفال على الالتحاق بمعسكرات التدريب فى المناطق التى كان يسيطر عليها داعش واحتجازهم فيها وتهديدهم فى حال محاولة الهرب وعدم البقاء فى صفوف التنظيم، ومنها استغلال داعش للحاجة المادية والاقتصادية التى يمر بها السكان المحليون فى مناطق سيطرتهم، مما يجعل الأطفال ينضمون للتنظيم تحت ضغط العوز والحاجة، ووسائل أخرى أيضًا مادية، تتمثل بالإغراء المادى ومنحهم رواتب شهرية والتغذية الفكرية التى تجعل هؤلاء الأطفال يقعون فى شرك الانضمام إلى صفوف التنظيم والقتال معه، مثلما يتم تجنيد الكثير من الأطفال من خلال الإنترنت والمواقع الإلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعى التابعة لداعش، وهؤلاء الأطفال يقعون فريسة التطرف نتيجة عدم النضج ومحدودية التفكير وعدم إدراك خطورته.

ما طبيعة المهام التى كان يقوم بها هؤلاء الأطفال؟

- تتعدد المهام التى يُكلف بها الأطفال المنتمين إلى صفوف تنظيم داعش، منها مهام استخبارية وحراسة، ومهام قتالية عبر المشاركة فى معارك التنظيم، وأخرى ينفذون مهام انتحارية ضد الأهداف التى يحددونها لهم.

كم عددهم، وهل بينهم أطفال من مصر تم تجنيدهم أو ولدوا لدواعش مصريين بالعراق؟

- لا توجد إحصائيات دقيقة حول أعداد الأطفال المنتمين لداعش، أو الذين ولدوا لآباء من عناصر داعش، إذ تؤكد المفوضية العليا لحقوق الإنسان أنه تم العثور على العديد من الأطفال فى الموصل بدون أب أو أم، تم نقلهم إلى دور الأيتام فى بغداد، وفيما يخص وجود أطفال لعناصر من داعش مصريين، لم يتم الكشف عن ذلك إلى الآن من قبل الجهات المعنية فى العراق.

ماذا فعل العراق حيال هؤلاء الأطفال، وهل يشكلون تهديدًا فى المستقبل، وما طبيعة هذا التهديد؟

- هناك العشرات لم يبلغوا السن القانونية والمنتمين لداعش يتم احتجازهم فى السجون، ويتلقون الوعظ عبر برامج يخضعون لها ويشارك فيها مختصين من الوقفين الشيعى والسني، وذكرت تقارير بأن هناك أطفال وأُسر لعناصر داعش من الشيشان وكازاخستان وروسيا تم إعادتهم إلى بلدانهم بعد تحرير القوات العراقية للمناطق التى كانوا متواجدين فيها عندما كان تنظيم داعش يسيطر عليها، وقد قتل هؤلاء الأجانب وبقيت أسرهم


مدير مركز الإرشاد والخدمات النفسية بالعراق: 900 طفل تم اختطافهم تحت تهديد السلاح

«عبدالرحيم»: داعش يسعى لتربية جيل على الولاء والطاعة

قال على عبدالرحيم صالح، مدير مركز الإرشاد والخدمات النفسية والاجتماعية بجامعة القادسية فى العراق: «إن داعش يهدف من وراء تجنيد الأطفال إلى خلق جيل قادر على التضحية من أجل بقاء الدولة، مشيرًا إلى أن التنظيم اختطف حوالى 900 طفل من أهاليهم تحت تهديد السلاح، وتتراوح اعمارهم بين 10 و16 سنة، مؤكدًا أنهم يشكلون قنبلة موقوتة يمكن أن تشكل فيما بعد أجندة إرهابية تهدف إلى تدمير بُنى وأُسس الدولة».

ما هدف داعش من تجنيد الأطفال، وكيف تم تجنيدهم؟

- الهدف هو تنشئة جيل جديد قائم على الولاء والطاعة لدولة الخلافة داعش، وتنفيذ أوامرهم بدافع داخلى ورغبة كبيرة فى التضحية من أجل بقاء الدولة، أما تجنيد الأطفال فيتم بعد خطفهم من أهاليهم، وإغرائهم بالهدايا، وتغيير مدركاتهم المعرفية بوصفهم أبطال وأقوياء، وأن لهم قوى خارقة، وبما أن الطفل يمكن خداعه بسهولة، فإنه سهل التجنيد وطاعة الأوامر فى المعارك.

كم عدد هؤلاء الأطفال، وكيف تم تدريبهم،

- تشير التقارير الدولية والعراقية إلى أن عدد الأطفال المجندين بلغ أكثر من ٩٠٠ طفل، تم اختطافهم من أهاليهم تحت تهديد السلاح، وتتراوح أعمارهم بين ١٠ و١٦ سنة.

أما عمليات التدريب كما تظهرها مقاطع الفيديو التى عرضها داعش سابقا تتم وفق منهجين، الأول تربوى قائم على إدخال مفاهيم العنف والقتل والنحر والاغتيال فى المناهج الدراسية، والثانى عملى يتضمن تدريب الأطفال على القتل وقطع الرءوس، وتبدأ هذه الممارسات من تدريب الطفل على قتل نماذج من الألعاب حتى يتم تأهيله لقتل البشر، وتكون جميع عمليات التدريب مصحوبة بمناهج منظمة واستعمال عمليات الترغيب والتهديد.

ما طبيعة المهام التى كان يقوم بها هؤلاء الأطفال، وهل قاموا بعمليات انتحارية؟

- هذا واضح، إذ تفيد تقارير الجيش العراقى أن عصابات داعش زجت الأطفال فى المعارك، وبعض الأطفال كانوا قناصين، والبعض الآخر كانوا من فئة الانتحاريين.

أين هؤلاء الأطفال فى الوقت الحالى؟

- بعض الأطفال قُتل فى المعارك، وبعضهم موجودين كرهائن لدى التنظيمات المتطرفة، ومنهم من يقاتل مع التنظيم، فى حين يتم تأهيل الأطفال الذين تم الإمساك بهم فى معسكرات ومواقع بالتعاون مع ذويهم.