الثلاثاء 16 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

أول مصور كفيف بالعالم: مصر لا يصلح لها إلا "السيسي"

الفنان نزيه رزق،
الفنان نزيه رزق، أول مصور كفيف فى العالم
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
فنان مصرى أصيل يتحدى الظلام، ويثابر ليصل للنجاح والتفوق، رغم ما وقع عليه من ضغوط، ولكنه تصالح مع نفسه ومع كل من أساء إليه، ونظر إلى الله ليعطيه القوة والمقدرة على الاستمرارية، وإلى التفوق وتحقيق أحلامه وطموحاته. 
قدم الكثير من اللوحات الفنية، وحصل على أكثر من رسالة دكتوراه من جامعات عالمية، ولم تنته حياته عند إصابته بفقد البصر، ولكنه تعلم التصوير الفوتوغرافى واحترفه وأصبح أول فنان فوتوغرافى كفيف فى العالم، وأجرت معه «البوابة» حوارًا حول حياته وأوضاع كثير من متحدى الإعاقة، والتعرف على تفاصيل مهنته.
فإلى نص الحوار.. 
■ من هو الفنان نزيه رزق، أول مصور كفيف فى العالم؟
ولدت سنة ١٩٦٠ فى حى شبرا بمدينة القاهرة، وفقدت بصرى ١٩٧٦، وحصلت على الثانوية العامة ١٩٧٩، وعلى ليسانس آداب قسم الاجتماع من جامعة عين شمس فى عام ١٩٨٣.
ثم بدأ الإعلام المحلى والدولى بالتعرف عليّ سنة ١٩٨٥، وأول معرض افتتحته برعاية جريدة الأهرام وكاريتاس مصر فى المركز الثقافى الفرنسى عام ١٩٨٧، ثم سافرت إلى الولايات المتحدة الأمريكية، سفيرًا لمصر فى فن التصوير الفوتغرافى، لأعرض أعمالى سنة ١٩٨٨ فى شهر أبريل ممثلا مصر فى مهرجانات «الفيرى سبيشيال آرت» باعتبارى أول فنان كفيف فى فن التصوير الفوتوغرافى فى العالم.
وفى عام ٢٠٠٥ حصلت على الدكتوراه فى تكنولوجيا الحواس، وأكملت دراستى لأقوم برسالة الدكتوراه الثانية فى الأنثروبولوجيا «علم دراسة الإنسان».
وبعدما طفت فى الولايات المتحدة الأمريكية فى أكثر من ٤٥ ولاية لعرض أعمالي، واستقر بى المقام فى ولاية نبراسكا.
■ هل تحتاج إلى من يساعدك، وهل تستعين بأحد فى عملية التصوير واختيار اللقطات؟
عندما أتوجه إلى أى مكان لتصويره، فقد يلفت المرافق نظرى إلى ما يواجهه من خلال ما يراه، أما بالنسبة لي، فهذا التوجيه سيصبح بالتأكيد عديم الفائدة لأنه يجب علىّ أن استخدم تلك الحواس التى أملكها بالفعل، ولكن ذلك الوصف قد يساعدنى فى تخيل المكان، ولكن لكى أدركه فلابد بالفعل أن أستخدم الحواس الأربع الأخرى.
والوسيلة هنا تختلف تمامًا عن المبصرين، وأعطيك مثلًا، ففى منظر ما، قد يقول لى مرافق إن هناك شجرة على اليمين، وأطفالًا يلعبون فى الوسط، ومبنى على الشمال، وبحرًا فى الخلف، والسماء صافية، فإننى فى هذه الحالة استمتع بما قاله، وبعد ذلك عند التصوير أعيد قياس كل هذه الأشياء من جديد.
حقيقة إننى قد أستمتع بما وصف، ولكن من خلال عينيه وليس من خلال حواسى التى أعمل بها، والتى أرى بها، بديلًا من العين وقد لا يناسبنى اختياره، لأعيد ترتيب الأمور وفق تصورى الخاص من خلال الحواس الأربع.
من ناحية أخرى قد يكون السمع هو الفاعل الرئيسي، والشم أقل واللمس أقل من الاثنين، وقد تكون الوسيلة الأولى عكس ذلك الترتيب، ما يحدد ذلك هى البرمجة التى يفرزها العقل قبل التصوير باستخدام الحواس فى البداية.
أنا أرسم الصورة فى ذهنى أولًا، وأحدد فكرة الكادر عن طريق الحواس، وأطلق مشاعرى تجاه المنظر لاختيار الزاوية التى أحب أن تكون عليها الصورة من خلال عدسة الكاميرا، التمرس على الإمساك بالكاميرا والتمرس على استخدام الحواس يجعلنى أصور بسرعة مثل أى مصور آخر. 
وفى التصوير الخاص بالأشخاص فإننى أتكلم مع الإنسان الذى أحب أن أصوره وأطلب منه الاقتراب أو الابتعاد عني، أو الجلوس حسبما أعطى من تعليمات له، بعد ذلك أصوره، فهناك تعديل أو تحريك، أما فى المنظر فأنا الذى أتحرك لاختيار الزاوية التى أطلبها.
■ ما التحديات التى واجهت الفنان المصرى القبطى نزيه رزق بسبب كف البصر؟
بسبب كف البصر واجهتنى عدة تحديات، ومنها أسلوب التعليم لفاقدى البصر فى مصر فى أواخر السبعينيات، وفى نفس الوقت تحديات بسبب الكاميرا التى كنت أحملها فى كل مكان. وطريقة تفكير المجتمع.
فعندما أردت أن أرتبط بزوجة طبيعية ليست بها إعاقة ومتعلمة، كانت أمامى فتتاتان منهما واحدة حبتنى لشخصى ولكفاحى وانتصارى على كف البصر، وكانت خريجة آداب قسم اللغة الفرنسية، ووالدتها كانت مديرة مدرسة إعدادية، ووالدها كان مفتش كيمياء فى التربية والتعليم، وأما الثانية فكانت تريد أن ترتبط بى من باب الشفقة، وكانت خريجة كلية الزراعة وفى نفس الوقت كانت تبحث عن المال وتريد السيطرة. 
وحينما تقدمت للأولى صدمت من تفكير الأسرة المتعلمة، وصدمت حينما سمعت والدة هذه الفتاة المديرة لإحدى المدارس الإعدادية فى قولها لابنتها: «يوم ما هقدم عريسك للأصدقاء هقولهم عريس بنتى الأعمى»، وحينما سمعت هذا بأذنى صدمت من المعلمة التى تعلمت فى مجانية التعليم التى حارب من أجلها طه حسين ليجعل كل إنسان فى مصر يتنفس العلم كالماء والهواء.
وحينما جلست مع هذه المرأة كان ردى عليها حينما تعرفنا بأننى نزيه رزق، أحد أبناء طه حسين، ومدين له بتعليمى بالمجانية، وأيضًا له الفضل على كل إنسان فى مصر تلقى العلم كالهواء والماء.
وبعدها اعتذرت واستأذنت وخرجت من المنزل وفى نفس الوقت فكرت فى الجهل المتفشى فى طريقة تفكير المجتمع بأن الإنسان صاحب الإعاقة الجسدية غير قادر على فعل أى شيء، بالرغم من أن كل صحف مصر وكل دول العالم كانوا يتحدثون عن الفنان المصرى القبطى الفاقد للبصر الذى انتصر على إعاقته من خلال عدسة الكاميرا.
وفى نفس الوقت عندما تعرضت للفتاة الثانية كانت تتعامل معى من باب الشفقة، ومع الأسف كانت تعتقد بأننى إنسان فاقد للبصر وهى التى تقود حياتي، وأنا أكون مسلوب الإرادة ونسيت أن عظماء كثيرين فى العالم من أول هيمروس ٢٠٠٠ سنة قبل الميلاد، والذى كتب «الإلياذة والأوديسة»، وأيضًا القديس تيديموس فى العصر الثالث الميلادي، وهو أول مدير كفيف لمدرسة اللاهوت بالإسكندرية، وأيضًا أبو العلاء المعرى وبشار بن برد من الشعراء، وأيضًا فى العصر الحديث طه حسين عميد الأدب العربى وعمار الشريعى وهيلين كلر.
■ متى تعرفت على زوجتك وأين؟
طبعا أذكر التاريخ ١٥ مارس ١٩٩٢ تعرفت على زوجتى تريز، عند صديقة لنا اسمها تريز أيضًا، فى أمريكا، وقد أحببتها من أول نظرة كما يقول الشاعر «من أجل عينيك عشقت الهوى» التى تغنيها أم كلثوم، وتمت الخطوبة يوم ٢ مايو١٩٩٢ وتزوجنا ١٤ يونيو ١٩٩٢ بعد ثلاثة أشهر من ذلك التاريخ.
■ هل تقوم بعمل تدريبات خاصة لتقوية حواسك تساعدك فى التقاط الصورة؟
نعم، مثلًا تدريب حاسة السمع على المسافات أستخدم فيها ريكوردر صغير أضعه بعيدًا، وأسمع وأقيس المسافة، لأقربه وأقيس المسافة وهكذا، حتى أعرف ما المسافة بينى وبين صاحب الصوت، ولذلك تجدنى أتعرف على المسافات بين التجمعات البشرية من خلال الأصوات.
■ حدثنا عن مؤسسة «تكفيك نعمتي» لمتحدى الإعاقة، وعن المركز الإعلامى الخاص بها؟
كل ما سبق جعلنى أفكر فى تكوين مؤسسة تخدم كل متحدى الإعاقة بلا استثناء، من جميع أنواع الإعاقات ومن مختلف الأديان، وأيضًا إقامة مركز إعلامى يدافع عن حقوق متحدى الإعاقة.
فلابد للمعاق أن يبحث عن حقه بذاته نظرًا للمثل الشعبى الذى يقول« ما تمسح دمعتك إلا إيدك»، أى لابد أن الإنسان المعاق أن يبحث عن حقه فى المواصلات بدون مساعدة الآخر، وفى الصحة، وفى سكن كريم، ويبحث عن حقه فى التعليم وأن يدرس ما يرغبه، وما يستطيع أن يحققه وينجح فيه.
■ حدثنا عن علاقتك بالبابا الراحل شنودة الثالث؟
كانت هناك صداقة قوية بين أسرتى والبابا شنودة الثالث منذ عام ١٩٦٩، وكان عمرى فى ذلك الوقت ٩ سنوات، وكان يحتضنى فى الاجتماعات الخاصة، وصارت هذه العلاقة حتى آخر لحظة فى حياته، وخاصة حينما تقابلت معه أخر مرة فى المستشفى بأوهايو فى يناير ٢٠١٢، وكنت فى ذلك الوقت أعرض عليه فكرة مؤسسة «تكفيك نعمتي» لمتحدى الإعاقة، وطلبت منه مباركة هذا العمل فكان رده على أن هذا العمل مبارك، وخاصة بعدما علم الأهداف الأساسية للمؤسسة.
■ ما علاقتك بالبابا تواضروس الثانى؟
استضافنا البابا تواضروس داخل الكاتدرائية المرقسية بالعباسية منذ ٢٠١٣ كضيوف تحت رعايته مثل باقى شعب مصر، لحين وجود مكان آخر يتناسب مع المؤسسة والإمكانات المادية، والحقيقة أنا صاحب الفكرة والمؤسس الرسمى للمركز الإعلامى الخاص بخدمة متحدى الإعاقة « تكفيك نعمتي» وأنا الوحيد الذى ينفق على هذه المؤسسة.
وأتمنى من البابا تواضروس فى الفترة القادمة أن يبادر بزيارة مقر مؤسسة تكفيك نعمتى الجديد بعد خروجنا من الكاتدرائية، كما يزور المؤسسات الكبرى.
■ كيف ترى الرئيس عبدالفتاح السيسي؟ 
رجل المخابرات عبدالفتاح السيسي، استطاع بذكائه أن يصطاد شعبيته عن طريق المرأة واحتضان الشباب، وفتح طرق استثمارية للشباب، وفى نفس الوقت مشاريع كبرى، ليست لخدمة مصر فى الوقت الحالي، ولكن سيحصد المصريون ثمارها من عشر سنوات وحتى خمسين عامًا ليروا ثمار ما يفعله الرئيس.
وفى نفس الوقت استطاع أن يكسب الشعب بعدة طرق، بعد أن جعل سنة ٢٠١٨ التى سيتم انتخابه فيها للمرة الثانية، هى سنة المعاق، ففى مصر ١٧ مليون معاق.
واحترم فى السيسى طريقة إدارته، من ناحية الجيش وتطويره وتدعيمه، لأنه من المؤسسة العسكرية، ويستطيع أن يحسب أعداءه من الشرق والغرب والجنوب، وفى نفس الوقت يدير الملف الاقتصادى ليس لليوم ولكن للمستقبل، وهذا يعود إلى عقليته العسكرية، ومحاولاته المستمرة باستمرار لتجديد الخطاب الدينى جعل المجتمع المصرى كله أو معظمه يفكر فى طريقة أسلوب الخطاب الديني.
وبالنسبة للتعليم، فإن إصراره على تجديد التعليم فى مصر، وتنقيته من الشوائب، سيجعل مصر فى المقدمة، ومصر لا يصلح لها شخص أخر غير الرئيس عبدالفتاح السيسي.
■ حدثنا عما تسمعه عن وضع مصر فى الوقت الحالى؟ 
بالنسبة لمصر وما نسمعه عنها، فبالرغم من أن مصر تعيش فى قلوبنا بالفعل، وبالرغم من غربتنا الطويلة فى المهجر، فأنا سأنقل لكم إحساس الشعب الأمريكى وليس الحكومة الأمريكية أو إعلامهم.
فالشعب الأمريكى يعشق مصر، وهناك دلائل كثيرة بالنسبة لي، فأنا المصرى الوحيد الذى يعيش فى مدينة صغيرة فى ولاية نبراسكا، ودائمًا يتحدثون معى عن حضارة مصر وأقباط مصر المؤسسين لمصر بالفعل منذ الميلاد حتى القرن السادس الميلادي.
وأنا عندما أسمع من الأمريكان عشقهم لمصر والحضارة القبطية، ومدى التاريخ القبطى المؤثر فى قلوبهم من الشهداء والقديسين، مما يجعلنى فخورًا ببلدى مصر وجعلنى أبحث عن التاريخ القبطى بالفعل والوثائق القبطية التى تحكى ٦٠٠ سنة منذ الميلاد، ومع الأسف وجدت معظم الكتب كلها بلغات مختلفة، وعددًا قليلًا جدًا مكتوبًا باللغة العربية، وفقر المعلومات الموجودة داخل هذه الكتب بالرغم من أن كل الكتب الأجنبية مليئة بالمعلومات والوثائق، وأيضًا بحقائق لم نعلم عنها شيئا فهناك قصور فى التعليم عن حقبة تاريخية، وأعتقد آن الأوان أن التعليم يتحدث عن هذه الحقبة. 
ولكن بالنسبة للسياسة، فالشعب الأمريكى يعشق الشعب المصري، ودائمًا يقول من باع مصر للإرهاب أوباما، البقعة السوداء فى جبين الولايات المتحدة الأمريكية وأيضًا ما سبقه من رؤساء مثل بوش الصغير، ومع الأسف الشعب الأمريكى كل ما يهمه فى حياته الآن أن يبحث عن الرزق الذى أفسده أوباما وبوش الصغير، ودائمًا ما يقولون إن مصر الله يحميها طبقًا لما أتى فى الإصحاص ١٩ بالعهد القديم «مبارك شعبى مصر» ويتمنون أن يروا مصر بخير دائمًا. ولا يتفقون مع حكومتهم فى سياستهم أو أفكارهم أما عن المصريين فى أمريكا فمنهم من يريد إفادة أنفسهم على حساب وطنهم، وتوجد مجموعة أخرى تعشق مصر وتخاف عليها أكثر من أنفسهم ويتحاكون مع أولادهم عن عظمة مصر وعلى حثهم للحنين إلى بلدهم الأصل.
البابا شنودة بارك فكرة إنشاء «تكفيك نعمتى» و«تواضروس» استضاف المؤسسة بالكاتدرائية، الإرهاب فشل فى زرع الفتنة الطائفية فتحول لاستهداف المساجد.. ومصر تعيش فى قلوبنا رغم الغربة.