الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

«المولد النبوى».. معركة «الحلال والحرام» بين السلفيين والصوفيين

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
المولد النبوي.. مناسبة إسلامية مقدسة تحتفل به مصر وجميع البلدان العربية والإسلامية والجاليات المسلمة فى العالم أجمع، وذلك من خلال إقامة الشعائر الدينية والاحتفال به بانتشار حلوى المولد فى الشوارع والطرقات العامة.
ومع اقتراب موعد احتفالات المولد كل عام، تبدأ حملات مشايخ التيار السلفى المعروفين بالتشدد بالظهور فى البرامج التليفزيونية ومواقع السوشيال ميديا والمواقع الإلكترونية المتواجدة على شبكات الإنترنت المختلفة، لإطلاق فتاوى تُحرم الاحتفال بالمولد، زاعمين أنه «بدعة أو فتنة» لا أصل لها بالشريعة الإسلامية، ومعها تبدأ المعارك بين السلفيين والأزهريين والصوفيين الذين يعتبرون الاحتفالات حلالا ولا غبار عليها، مدللين على ذلك بالأحاديث النبوية والآيات القرآنية ومستندين لما ذكر عن السلف الصلح، وموجهين كيل الاتهامات للسلفيين الذين يعتبرونهم مجموعة من الإرهابيين الذين يريدون فقط تعكير فرحة المصريين.


سلفيون لتعكير صفو المصريين

مع انطلاق الاحتفالات تبدأ الفتاوى النارية الصادرة عن مشايخ الدعوة السلفية المتواجدين على الساحة الدينية، الذين يتعمدون تعكير صفو المصريين فى احتفالات المولد النبوى بسبب فتاواهم الغريبة وتكفيرهم لكل من يحتفل بالمولد، ومن أبرز هؤلاء، ياسر برهامي، نائب رئيس مجلس إدارة الدعوة السلفية، والذى يعتبر من أكثر المعارضين لاحتفالات المولد النبوى الشريف بزعم أنها بدعة.
ومؤخرا أفتى «برهامي» عبر موقع «أنا سلفي»، بتحريم المولد وتحريم تناول الحلويات واللحوم والصيام فى هذا اليوم، زاعما أن الاحتفال بالمولد «بدعة»، وأن السلفيين يحتفلون بالرسول كل أسبوع عن طريق صيام يومى الإثنين والخميس.
وأشار نائب رئيس الدعوة السلفية، إلى أن من اخترع الاحتفال بالمولد النبوى هم الفاطميون، وأن الحلويات والعرائس والأحصنة والطبول «حرام».
ومن ضمن فتاوى « برهامي» الغريبة أن الخطب والدروس الدينية فى هذا اليوم «حرام».
يتوافق معه فى الرأى سامح عبدالحميد، الداعية السلفي، والذى أفتى بتحريم المولد وقال: الاحتفالات بمولد النبى بدعة لأن الصحابة كانوا يحبون النبى «محمد صلى الله عليه وسلم»، لكن بالرغم من ذلك لم يحتفلوا بيوم مولده.
وأشار «عبدالحميد « إلى أن كتب السنة فى الشريعة الإسلامية اختلفت حول تحديد يوم ميلاد النبى «محمد صلى الله عليه وسلم»، فهناك من يقول إنه يكون يوم الإثنين من ربيع الأول ولم يحددوا أى اثنين، والبعض الآخر يقول إنه يكون اليوم الثامن من شهر ربيع الأول وأحيانًا يكون فى اليوم العاشر من ربيع الأول، أو من الممكن أن يكون فى اليوم الثانى عشر من ربيع الأول، وهناك من يقول إن الرسول ولد فى شهر رمضان.
ينضم لقائمة الرافضين لاحتفالات المولد والمحسوب على التيار السلفى «مصطفى العدوي»، والذى يعتبر مولد النبى «بدعة» ويحرمه داعما موقفه بأنه اختراع فاطمي.
أما محمود لطفى عامر، الداعية السلفى، وهو أيضا من ضمن المنتقدين لاحتفالات المولد، بالأخص الاحتفالات التى تقوم بها الطرق الصوفية، وقال إن الأعياد الإسلامية اثنان فقط وهما «عيد الفطر وعيد الأضحى»، مشيرًا إلى أن كل من يحتفل بمولد النبى «كافر».


أما أبوإسحاق الحويني، الداعية السلفى فيرى أنه لا يجوز الاحتفال بالمولد النبوى الشريف، معتبرا إياه بدعة جديدة دخلت الدين الإسلامي، لأن الاحتفال بالموالد بصفة عامة وبالمولد النبوى بصفة خاصة يختلط فيه الرجال مع النساء ويقومون بتعاطى المخدرات والخمور على نغمات الموسيقي.
ولم يكتف «الحويني» بهذا القدر من التوبيخ بل قام بتكفير كل من يحتفل بالمولد النبوي، مؤكدا أن كل من يزور أولياء الله الصالحين للاحتفال بالمولد يعتبر «أشرك بالله». 
أما الداعية السلفى محمد حسان، فيعتبر الاحتفال بالمولد النبوى «سهرة»، على حد تعبيره، ويقول: إن حب رسول الله «محمد صلى الله عليه وسلم» يجب أن يكون داخل القلوب، وأن نحتفل به كل يوم ولكن داخل قلوبنا دون أن نبرز هذا الاحتفال للعامة.
اتفق معهم أيضا ناصر رضوان، مؤسس ائتلاف أحفاد الصحابة وآل البيت، مؤكدا أن اختصار محبة النبى صلى الله عليه وسلم، فى حلوى ومنكرات ومخالفات، لا أصل لها فى دين الإسلام، بدعوى الاحتفال بمولده، وهذا يعد تحريفا للشريعة الإسلامية، وتحريفا لمعنى محبة الله ومحبة رسوله، بحسب زعمه. 
وأضاف «رضوان» قائلًا: إن العروسة والحصان ليس لهما علاقة بمولد النبي، لأنها فى الأصل تخاريف شيعية ومن اخترعها هى الدولة الفاطمية، لأن عقيدتهم تقوم على سب ولعن وتكفير الصحابة وأمهات المؤمنين.


أناشيد مدح «الرسول» فى مرمى التكفير 
على الرغم من أنها لمدح الرسول عبر الأناشيد الدينية التى تمتدح فى رسول الله محمد «صلى الله عليه وسلم»، ويعتاد المصريون سماعها فى المناسبات الدينية وتحديدا فى المولد النبوي، كما يحرص التليفزيون المصرى والقنوات الفضائية على بثها فى احتفالات المولد النبوي، إلا أن السلفيين قرروا أيضا تحريمها وتكفير كل من يُغنيها ويسمعها، ومن أبرز تلك الأناشيد: «يا رسول الله أجرنا»، ويعتبر هذا من أشهر الأناشيد الدينية التى تمدح الرسول ويتعمد المتصوفون والمحبون لرسول الله الاستماع له فى الحضرات واحتفالات مولد النبي، خاصة أنها تحظى بانتشار واسع بين المريدين والمحبين لأهل البيت، وكلمات هذا النشيد سهلة للغاية وعلى لحن أغنية «على حزب وداد».
وبالرغم من ذلك يعتبرها السلفيون شركا بالله وجرما لا يمكن غفرانه، مؤكدين أن كل من يستمع لها سيدخل نار جهنم، بحسب زعمهم، وحسب ما جاء فى «موقع ملتقى أهل الحديث» و «موقع منتدى أهل القرآن».
ومن أبرز كلمات الأغنية التى يراها السلفيون حراما: «يا رسول الله أجرنا.. الغوث رسول الله بى وجد لا يدريه.. إلا من يسكن فيه أبديه أو أخفيه.. هو ملك رسول الله أوقفت العمر عليه بمديح بين يديه فوضت الأمر إليه.. فاختر لى رسول الله ومدحت بطيبة طه».
وتعتبر أغنية «عروسة وحصان»، للفنانة والمغنية عفاف راضي، من ضمن أغانى مولد النبى التى يحب المصريون سماعها فى المولد، خاصة أن عفاف غنتها خصيصا من أجل هذه المناسبة، ومدتها أربع دقائق وبالرغم من ذلك يعتبرها التيار السلفى شركا بالله لأنها تمدح الرسول بالموسيقي.
أما أغنية «فى حب رسول الله» للمطربة ياسمين الخيام، والتى تقول فيها «سلام الله يا طه يا سيدى الخلق»، من الأغانى الدينية المقربة لقلوب المصريين فى مناسبة مولد النبي، ومن الأغانى التى يعتبرها السلفيون «حرام» أيضا.
حتى الأغنية التى غنتها الفنانة شادية فى حب الرسول وهى «خد بأيدي» اعتبرها التيار السلفى من المحرمات.
وكذلك أغانى شيخ المداحين محمد الكحلاوى مثل «يا نبي» و«لأجل النبي» و» «عليك سلام الله»، لم تنج من تكفير مشايخ السلفية.


«الإفتاء» تواجه الفتاوى الشاذة
وفى خضم هذه الحملات التى يطلقها السلفيون، اختارت المؤسسات الدينية الرد على التخاريف والفتاوى الشاذة التى تُحرم الاحتفال بالمولد النبوى الشريف، حيث أكد مرصد الفتاوى الشاذة والتكفيرية التابع لدار الإفتاء المصرية، أن الاحتفال بذكرى مولد النبى محمد «صلى الله عليه وسلم» جائز وشرعى ولا غبار عليه، وهو من أفضل الأعمال وأعظم القربات، لأنه يعد تعبيرا عن فرحة ومحبة المسلمين النبي.
واستند المرصد فى إجازته بالاحتفال بمولد النبي، على قول الله تعالى (وذَكّرهم بأيام الله)، مشيرا إلى أن تلك الآية تؤكد أنه يجوز الاحتفال بالمولد وذلك لنصرة الرسول وأوليائه، وأيام مواليدهم، وللتأكيد أن للرسول قدرا كبيرا ومحبة خاصة.
ومن ضمن الآيات التى استعانت بها دار الإفتاء ومرصدها للتأكيد أن مولد النبى ليس حراما قوله تعالى (قل بفضل اللَه وبرحمته فبذلك فليفرحوا)، وفسرتها أن النبى محمد «صلى الله عليه وسلم» هو الرحمةُ العظمى والكبرى إلى الخلق كلهم. 
كما أكد المرصد فى أحد بياناته، أن أغلب العلماء منذ القرن الرابع الهجرى أجمعوا على مشروعية الاحتفال بالمولد النبوى، وليس هذا فقط لأنهم أوضحوا بالأدلة الصحيحة استحباب هذا العمل الديني، خاصة أن السلف الصالح قديمًا كانوا يقومون بالاحتفال بذكرى المولد النبوى كل عام تعبيرًا عن حبهم له، وكانوا يقومون بإحياء ليلة المولد بمختلف الأنواع من حيث إطعام الفقراء والأقارب وكذلك تلاوة القرآن مع تلاوة الأذكار، بالإضافة إلى الإنشاد والمديح فى رسول الله.
وأشار المرصد، إلى أن كل من ابن الجوزى وابن كثير، والحافظ ابن دِحية الأندلسى، والحافظ ابن حجر، وخاتمة الحفاظ جلال الدين السيوطى، أجازوا الاحتفال بالمولد النبوي، وهؤلاء علماء.
وأضاف المرصد، أن الاحتفال بمولد النبى الشريف هو من قبيل الاحتفاء به، أمر جائز، لأن السنة النبوية ذكرت عددا كثيرا من الأدلة تثبت أن الصحابة كانوا يحتفلون بالنبى «صلى الله عليه وسلم»، مع إقراره لذلك وإذنه فيه، واستدال بهذا الحديث: عن بريدة الأسلمى رضى الله عنه قال: «خرج رسول الله فى بعض مغازيه، فلمَّا انصرف جاءت جاريةٌ سوداء فقالت: يا رسول الله، إنِّى كنت قد نذرت إنْ ردَّكَ الله سالمًا أن أضربَ بينَ يَديْكَ بالدَفِّ وأتغنَّى، فقال لها رسول الله، إن كنت نَذرت فاضربى، وإلا فَلا». 
ونفى المرصد ادعاء السلفية بأن الرسول كان لم يحتفل بمولده، حيث أكد أن الرسول كان يحتفل بميلاده، لأنه كان يصوم يوم الإثنين ويقول «ذلك يوم ولدت فيه» رواه مسلم.


«الأزهر»: السلفيون يكرهون آل البيت 
فى نفس السياق لم يتردد الأزهر عن مواجهة الفتاوى الشاذة للتيار السلفى بشأن تحريم المولد النبوي، حيث قال الشيخ أحمد كريمة، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر: إن المولد النبوى الشريف ليس حراما والاحتفال به جائز، وما يقوم به التيار السلفى ما هو إلا تضليل، لأن ما يرغب فيه هو إثارة الفتن والبلبلة بين الشعب المصري.
وأضاف «كريمة»، أن التيار السلفى بصفة عامة لا يحترم الدستور ولا المؤسسات الدينية المعنية بالأمر مثل الأزهر والأوقاف، لأن تلك المؤسسات هى الجهات الرسمية الوحيدة المخولة للتحدث عن الأمور الدينية فى جمهورية مصر العربية، ولا يجوز لغيرها التحدث فى أمور الدين.
وأشار أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، إلى أن النبى محمد «صلى الله عليه وسلم»، كان يحتفل بيوم مولده، لأنه كان يصوم كل يوم إثنين، وكان يقول إنه ولد يوم الإثنين لذلك يحب صومه، وهذا دليل على أن الاحتفال بالمولد ليس حراما.
وأضاف أنه فيما يخص حلوى المولد وتناولها ليس مُحرما وحلال أكلها احتفالًا بالنبي، خاصة وأن الله عز وجل شرع بعدم منع زينته.
وأوضح «كريمة»، أن التيار السلفى المتواجد فى مصر يحاول تعكير فرحة وصفو المصريين كل عام «بأسطوانة مشروخة»، بحسب تعبيره.
وتابع قائلًا: السلفيون لا يمثلون الإسلام على الإطلاق لأنهم يكرهون جميع آل البيت، لأنهم يحرمون الاحتفال به، وليس هذا فقط لأنهم فى فريضة الحج والعمرة يتعمدون زيارة قبر النبى مرة واحدة فقط. 


«الطرق الصوفية» تتحدى السلفية
بينما اعتبر مشايخ الطرق الصوفية، أتباع التيار السلفى إرهابيين ليس لهم أى علاقة بالدين الإسلام، وأن تحريمهم لاحتفالات المولد النبوى الشريف ليس لها أى أساس من الصحة، وأن جميع مريدى الصوفية سيحتفلون بمولد النبى محمد «صلى الله عليه وسلم» يوم الخميس الموافق ٣٠ نوفمبر. 
وقال علاء أبوالعزائم، شيخ الطريقة العزمية ورئيس الاتحاد العالمى للطرق الصوفية، إن التيار السلفى لا يريد أن يحتفل المسلمون بالمولد النبوى لأنهم دخلاء على الدين الإسلامى وهدفهم الوحيد تشويه الإسلام والتفرقة بين المسلمين، حسب تعبيره.
وأضاف «أبوالعزائم»،أن عددا كبيرا من أعضاء التيار السلفى المتواجدين فى مصر والعالم، يحتفلون بأعياد ميلادهم، لذلك هم متناقضون، وهم لا يريدون أن يحتفل المسلمون بمولد النبى لأنهم لا يرغبون أن يكون هناك قدوة حسنة يقتضى بها المسلمون ويلتف حولها حتى لو كانت تلك الشخصية الرسول، بحسب تعبيره. 
وأشار شيخ الطريقة العزمية، إلى أن الطرق الصوفية المتواجدة فى الولايات المتحدة الأمريكية يحتفلون بمولد الرسول محمد «صلى الله عليه وسلم» يوميًا، ويقومون بإطعام الفقراء احتفالًا بالنبي.
وأضاف، أن مولد النبى الشريف ليس حراما كما يقول السلفيون، لأن النبى نفسه كان يحتفل بيوم مولده وهو يوم الإثنين من خلال صيامه كل إثنين من كل أسبوع، وعندما سأله الناس قال لهم «لأنه يوم ولدت فيه».
ولفت، إلى أن جميع الطرق الصوفية قررت إقامة احتفالية كبرى بمناسبة مولد النبى الشريف فى مسجد الحسين بمصر القديمة وفى جميع أماكن مشايخ الطرق الصوفية، وذلك ردًا على مشايخ التيار السلفي، الذين يحرمون المولد والاحتفال، موضحا أن الاحتفالات ستكون بدون موكب لحفظ سلامة المريدين بعد حادث الهجوم على مسجد الروضة بالعريش فى شمال سيناء فى ٢٤ نوفمبر، والذى استهدف الصوفية الجريرية.
وبدوره قال عبدالخالق الشبراوي، شيخ الطريقة الشبراوية وعضو المجلس الأعلى للطرق الصوفية، إن جميع الطرق الصوفية وجميع مشايخها سيحتفلون بالمولد النبوى الشريف، ولن يسمحوا بأى تجاوز من قبل السلفيين لأنهم دائمًا يحاولون تعكير صفو وفرحة المصريين فى المناسبات الدينية.
وأضاف «الشبراوي»، أن بعض أعضاء التيار السلفى له أفكار متطرفة وهدامة، وتحريمه للمولد النبوى الشريف واحتفالاته واحدة من فتاويه الشاذة والغريبة.
وتابع شيخ الطريقة الشبراوية، أن جميع الطرق الصوفية وجميع مشايخها ومريديها لن يسمحوا لتجاوزات التيار السلفي، وسيحتفلون بمولد النبى محمد «صلى الله عليه وسلم».