إشراف: تامر أفندي
إعداد: أسماء منتصر ومحمد المواردى ومحمد السنوطى وأحمد أبو القاسم ورامى القناوى
تنتظر كل عام، الشوادر لتسكن بها فى جميع أنحاء الجمهورية، تتعدد أشكالها وطرق تصنيعها، ويتصارع أصحاب المحال على عرضها للبيع قبل أيام من المولد النبوى، والمعروف استقبالها للجميع بالبهجة، ولكن فى تلك الأيام، اختلف الوضع بعض الشيء، فالحزن خيم على كل الأسواق، عقب سقوط مئات المصلين عقب صلاة الجمعة في سيناء؛ ليصبح تصنيع العروس يأتى بكل أسى، نظرًا لما وقع من الحادث الأليم، فحركة البيع انخفضت، ونظرات الوجع تنبع من وجهها، وكأنها كائن خرج من دائرة الصمت؛ للتعبير عن مشاعر الحزن، وإعلان الحداد على أرواح الأبرار، لم يكن ارتفاع سعرها أو انخفاضها السبب وراء الحد من الشراء، والاحتفال بها كأحد مظاهر المولد النبوى، ولكن استشهاد أكثر من ٣٠٥ مصلين هو من تسبب فى ذلك.
وأيام قليلة تفصلنا عن احتفالات المولد النبوى، ولكن يستقبلها المواطنون بمظاهر الحداد والأسى، فيقول محمد أحمد، أحد بائعى حلوى المولد: إنه بدأ فى تشييد الشادر منذ أسبوع، وسط سعادة وبهجة من قبل أهالى المنطقة التى يسكن بها فى شبرا الخيمة، إلا أنه فوجئ منذ أيام بوقوع أكثر من ٣٠٠ شهيد فى سيناء، الأمر الذى أدى إلى حالة من الحزن العارم فى المنطقة، ويشير إلى أن حركة البيع تحولت من الانتعاش إلى الإنعاش، حزنًا على ما حدث فى مسجد الروضة بالعريش، بقوله: «ربنا يرحم الجميع ويصبرنا.. مصر هتفضل قوية بينا.. وعرايس المولد أعلنت الحداد».
ويضيف إبراهيم محمود، أحد المواطنين: أنه امتنع عن شراء حلوى المولد، لما حدث في سيناء، وأقنع خطيبته بشراء عروسة المولد، وارتدائها ملابس سوداء بدلا من الأبيض، حدادًا على أرواح الشهداء فى العريش، بقوله: «أنا هشترى عروسة المولد وهلبسها أسود.. وهقدمها لخطيبتى»، ويختتم: «أصعب شيء لما ابنك يروح منك.. واحنا ولادنا راحوا مننا فى لحظة غدر، وربنا قادر يرجع حقوقهم.. ربنا يصبرنا».
أول عروسة مولد كانت زوجة الخليفة الفاطمى
كان قديما حسب ما ذكرته بعض الروايات أن الخليفة الفاطمى كان يشجع الشباب على عقد قرانهم يوم المولد النبوى، ومن هنا جاءت فكرة صنع العرائس كما يقال أن الخليفة الفاطمى كان يحب إحدى زوجاته فأمر بخروجها معه فى يوم المولد النبوى وكانت ترتدى الأبيض وعلى رأسها التاج فقام صناع الحلوى برسم الأميرة زوجته.
السلطان سليمان ينعى «هويام » فى خيمة عم عزت
«الله يجعل مثواك الجنة يا ست الكل...الله وحده بيعلم الحزن الكبير اللى تركه فراقك بقلبى وروحى يا غالية... حتى الجبال البعيدة عم تسمع أنينى.. عم تشاركنى حزنى.. تركتينا بكير كتير.. راح اشتاق لنظرت عيونك الحنونة ولابتسامتك اللى بتعطينى القوة والحنان ولحضنك الدافى.. فراقك قتلنى يا مولاتى.
وكأن الأحداث الإرهابية الأخيرة قد كست كل شىء بالحزن، خفت وهج الاحتفال بالمولد النبوى وتحولت حكايات عرائس المولد إلى رثاء، وبدلا من ترويجها بقصصها السعيدة، بات ترويجها يعتمد على جانب الحزن فيها، حتى أن البائعين باتوا يذكرون ذلك، فأحدهم يدعى عم عزت نادى: «إلحق عروسة المولد سليمان وهويام قبل ما تموت السلطانة.. سليمان وهيام فى يوم الزواج.. الحق افرح بكرة مش عارفين فيه إيه».
الحاجة زُهرة فقدت أزواجها الخمسةتعد الحاجة زُهرة هى الأكثر انتشارًا ورواجًا، ضمن عرائس المولد؛ لكنها على النصبة بدون أزواجها الخمسة، ظهرت وهى ترتدى الحجاب، فيقف أمامها الزبائن، يتساءلون عن مصير أزواجها، وكيف وصلت بها الحال بعد الجاه والجبروت وتبديل الرجال أن تُعرض كجارية للبيع بـ١٣٠ جنيهًا.
السندريللا ضاع أميرها وحذاؤها
«فتاة صغيرة عاشت رحلة عذاب، فقد ماتت أمها وتزوج أبوها من امرأة أخرى، كانت تعذبها عذابا شديدا، وكان لها شقيقات من الأب، تفضلهن أمهن عليها، وفى يوم من الأيام كن مدعيات لحفل، فتمنت سندريلا أن تذهب معهن، ولكن لم يكن لديها ملابس، فظلت تبكي، وفجأة ظهرت لها ساحرة طيبة ضربت بعصاها الذهبية، فأخرجت لسندريللا فستانا جميلا وحذاء من الزجاج وعربة تجرها الخيول لتذهب إلى حفلة الأمير، وكان شرط الساحرة لها أن تعود بالملابس قبل منتصف الليل، وحينما رأت سندريللا الساعة تدق الثانية عشرة، أسرعت بالرحيل فسقط منها حذاؤها، وأخذه وبحث عنها الأمير كثيرا حتى وجدها وتزوجها وأنقذها من زوجة أبيها»، وهذه حكاية العروس التى أمامكم لكن لا أحد يعرف أين أميرها.. فأقبلوا على شرائها فلربما حققت أمانيكم الساحرة الطيبة.
حسناء كانت سلطانة انتحرت فتحولت إلى عروسة مولد
«أسودت الدنيا بوشى وقلبى ما بقى يتحمل.. ويمكن اشتقت للناس اللى بحبهم واللى رحلوا من هون قبلى.. الحياة بتكون صعبة بدون ناس بنحبهم وبتكون فاضية بعيوننا.. مشان هيك قررت أنى أروح لعند الناس للى كانوا يحبونى.. واللى كنت بحبهم.. لأنى كتير مشتاقة أشوفهم وأحكى معهم.. صدقونى الإنسان كائن كتير ضعيف محكوم برغباته ومحكوم بأمنياته.. بس مصير الإنسان بيكون مكتوب.. مكتوب حته قبل ما يولد.. وبالنهاية كل واحد منا بده يعيش ويشوف ها المصير القاسى».. كلمات قالتها سلطانة قبل أعوام بل قرون نستعيدها الآن ولم يبق من هذه السلطانة سوى عروسة من البلاستيك تجلس على عرش مزين، ثمنها ١٥٠ جنيها، تشترى كهدية من حبيب إلى حبيبته، لكن خلف كل عروسة حكاية، فالأستاذ أحمد عبدالبر، مدرس التاريخ يقول إن هذه السلطانة كان فى زمن ما وكتبت الكلمات أعلاه فى خطاب تركته قبل أن تنتحر، بعدما تركها حبيبها ورحل، ومن هنا جاءت فكرة العروسة التى يهديها الحبيب للحبيبة اعتذارا منه على ما فعله حبيب السلطانة.
حسن المغنواتى قتلوه يا نعيمة
قصة فولكلور شعبى عن أسطورة حب تشكو للسماء من جهل الأهل وضياع الروح، حياة تجلت بكل صورها داخل تفاصيل فى قصة عشق بين حسن المغنواتى والجميلة نعيمة، لكن الأسطورة الشعبية حزينة على غير ما يتردد فى الريف، وما تم تجسيده فى فيلم «حسن ونعيمة»، فالحبيبان لم يتزوجا فى الدنيا غير على فرشة بائع حلاوة المولد، أما الحقيقة أن أهل نعيمة اعترضوا على زواجها من حسن المغنواتى فقتلوه، وألقوا بجثمانه فى النيل، وربما لحقت به نعيمة والتقيا فى عالم آخر، لكن فى هذا العالم بقيا موجودين كعرائس مولد مبهجة تارة وحزينة فى كثير من الأحوال.
عروسة المولد فى مستشفى المنصورة
قام مسئولو قسم الحدائق بمستشفى الأطفال التابعة لجامعة المنصورة بتهنئة المرضى والعاملين والزائرين والشعب الإسلامى بها بمناسبة ذكرى ميلاد النبى محمد صلى الله عليه وسلم، بطريقه مميزة حيث تم تشكيل حديقة المستشفى على هيئة عروسة المولد وكلمة «مولد الهدى»، وذلك بالزرع الموجود بالحديقة.
